إذا لم أحترق أنا أو أنت فمن سينير الطريق؟
بقلم/ د.سيد محمد ولد ابهادي
نشر منذ: 13 سنة و 10 أشهر و 8 أيام
الخميس 20 يناير-كانون الثاني 2011 07:22 م

اذا الشعب يوما اراد الحياة   فلا بد ان يستجيب القدر

ولا بد لليل أن ينجلي    ولا بد للقيد أن ينكسر

لحن خالد اطلقه ابو القاسم الشابي، وهاهو شعبه التونسي البطل يرقص على ذلك اللحن ويرسم لوحة بالغة التعبير، تتجلى فيها التضحية والبسالة في سبيل الوطن وفي سبيل حرية ابنائه، سنين عديدة قضاها النظام التونسي يسوم اهلنا بتونس سوء العذاب على غرار اترابه من الأنظمة الحاكمة في الوطن العربي كله، عذاب نال كل شخص منه نصيبه، حتى طفح الكيل، وبلغ السيل الزبى، فكان لابد من منقذ، ويبدو أنه كتب علينا ان ننتظر كل هذه السنين حتى يأتي البوعزيزي المخلص، ليحرق نفسه فداء لكل الأبرياء والمحرومين، وتذكيرا بالوضع الحقيقي الذي تعيشه تونس بعيدا عن الجنان الخضراء، والمنتجعاة السياحية، وبحبوحة العيش، التي طالما تغنى بها ازلام النظام التونسي، اليوم فقط انقلب السحر على الساحر، وفاضت شوارع توس بالمحتجين والثوار الأحرار، فقد انفجروا من شدة الكبت، كسروا كل القيود، وفرضوا كلمتهم على الحاكمين، وثاروا "ثورة قوية كالفولاذ، حمراء كالجمر، باقية كالسنديان، عميقة كحبنا الوحشي للوطن، فاضت على جنباتها الدماء، وقدم فيها الشبان الثائرون أنفسهم على أكفهم "لا يهمهم اين و متى سيموتون بقدر ما يهمهم ان يموتوا ويحى الوطن".

كم انتظرنا هذه اللحظة طويلا فقد اكتملت كل شروط الثورة، اكتظت السجون...خنقت الحريات....انتهكت الأعراض....واستبيح حمى الوطن والمواطن، اكتملت شروطها في كل قطر من اقطار وطننا العربي المكلوم، لكن الشرط الأخير تحقق فقط في تونس العظيمة، شرط التضحية، و الفداء، وتقديم الدماء الزكية فداء للوطن، تلك ضريبة الثوراة وذلك ناموس من وحيها الخالد.

 أرى خلل الرماد وميض نار@ ويوشك ان يكون لها ضرام

فإن النار بالعودين تذكى@ والحرب مبدؤها الكلام

أيها الخالد العظيم لقد اشعلت ثورة عربية، في زمن عز فيه الثوار، وتكاثر فيه الخامدون واستكان فيه الناس الى موت سريري بفعل أجهزة القمع والقبضة الحديدية التي سلطت وتسلط على رقاب المواطنين، إن الثورة القائمة الآن بتونس ماهي إلا بداية الثورة الحقيقية التي ستعم الوطن العربي من المحيط إلى الخليج، انطلقت من تونس، وستحرق كل طغاتها، وتمر بليبيا الجريحة، والجزائر، وموريتانيا إلى ان تسحق كل الطغاة الجاثمين على صدورنا.

غير أنه على الثوار والمحررين التونسيين، أن يكونوا يقظين حتى لا تسرق ثورتهم، وتطفأ جذوتهم، فليبقوا قابضين على الجمر إلى أن تتحقق مطالبهم كل مطالبهم، سياسية، واقتصادية، واجتماعية.

لا تصالح ولو منحوك الذهب...لا تصالح ....لا تصالح...

إنه ليوم جديد من أيام العرب حلمنا به كثيرا وهاهو يتحقق، هروب الطاغة بن علي إلى وجهة غير معروفة، تماما كما قاد تونس طيلة عقدين من الزمن إلى وجهة غير معروفة، غير مأسوف عليك يا بن على ورحمة الله عليك يابوعزيزي... ترى أيهما أشرف ميتة؟ الهارب من ميدان معركة الحرية بن علي؟ أم مفجر موقعة الحرية هذه الخالد بوعزيزي.

كان الثائر آرنستو تشي جيفارا يقول: " إن الطريق مظلم وحالك فإذا لم نحترق انا وانت فمن سينير الطريق"

احترق البوعزيزي، وأحرق معه النظام التونسي القمعي البغيض، أنار لكل العرب المخنوقين، الطريق، وغدا سيشعل ثائر آخرشمعة حرية، ومشعل أمل.

تحية إجلال وتقدير للشهيد البوعزيزي

تحية إكبار وإاحترام للشعب التونسي الثائر

تصبحون على الثورة

*كاتب موريتاني مقيم بالصين

Sidi-med@hotmail.com