الإصلاح السياسي بعد انتخابات سبتمبر 2006
بقلم/ دكتور/عبد الله الفقيه
نشر منذ: 17 سنة و 9 أشهر و 15 يوماً
الخميس 15 مارس - آذار 2007 10:15 م

مأرب برس – الوسط

كانت مؤسسة العفيف موفقة إلى حد كبير في اختيارها مستقبل الإصلاح السياسي بعد الانتخابات الرئاسية والمحلية في الجمهورية اليمنية ليكون باكورة الموضوعات التي تناقشها في عام 2007، وقد دعي للمشاركة في مداخلات الندوة التي عقدت يوم 23 يناير 2007 كل من الناشط الحقوقي والقيادي في حزب اتحاد القوى الشعبية والأستاذ بجامعة صنعاء الدكتور محمد عبدالملك المتوكل، والأستاذ عبدالله احمد غانم عن الحزب الحاكم والذي تخلف عن الندوة بسبب سفره، وكاتب هذه السطور ربما بصفته مستقل أو ربما بسبب اهتمامه لأسباب علمية وعملية بالإصلاح السياسي في الجمهورية اليمنية.

والحديث عن مستقبل الإصلاح السياسي في اليمن لا يمكن ان يكون مفيدا بدون التطرق
إلى التحولات في مفهوم السلطة والمعارضة لمسألة الإصلاح السياسي قبل الانتخابات، أثناء الانتخابات، ثم بعد الانتخابات. ولأهمية الموضوع فان الكاتب يأمل بأن يلتقطه احد طلاب الدارسات العليا في قسم العلوم السياسية ويعمل على تحويله إلى مشروع رسالة ماجستير.

قبل الانتخابات

يتم الحديث هنا عن الإصلاح السياسي المرتبط بالمرحلة التي نعيش فيها وليس عن الإصلاح السياسي كمطلب لقوى المعارضة أو قوى الحكم في المراحل السابقة أو التالية لقيام الثورتين اليمنيتين. ورغم ان مطالب الإصلاح السياسي في اليمن ليست وليدة العقد الحالي أو حتى الذي قبله وإنما ترجع إلى عقود مضت كما أشار إلى ذلك في مداخلته في الندوة الأستاذ قادري احمد حيدر إلا انه ينبغي الإشارة هنا أيضاً إلى ان مطالب الإصلاح في الماضي والحاضر وان اتفقت في العناوين فإنها تختلف في المضامين من مرحلة إلى أخرى وبحيث تعكس السياق العام للواقع الذي تظهر فيه. كما ينبغي الإشارة إلى ان مطالب الإصلاح السياسي هي نتاج طبيعي للتحولات التي تمر بها المجتمعات وهي بالتالي ظاهرة مستمرة ومتجددة وان اختلفت طبيعة المطالب وأهميتها من مرحلة إلى أخرى. هناك فرق كبير مثلاً بين مبادرة اللقاء المشترك للإصلاح السياسي والوطني الشامل وبين وثيقة العهد والاتفاق. ولا ينبغي على اليمنيين سواء أكانوا في السلطة أو خارجها أن يضيقوا بمطالب الإصلاح السياسي لأنها مؤشر هام على تنامي الوعي لدى النخب السياسية اليمنية ودليل على الطابع الحضاري لهذا الشعب والذي لم تستطع قرون من الانحطاط السياسي والتخلف الاقتصادي والهيمنة الأجنبية أن تقضي على ملكاته وأحاسيسه.

وبالنسبة للإصلاح السياسي في المرحلة الحالية والذي يتم الحديث عنه هنا فقد بدأ الخطاب المتصل به يأخذ شكله الحالي بتقديم أحزاب المعارضة اليمنية المنضوية في تكتل «اللقاء المشترك» في نوفمبر 2005 لما أسمته ب"مبادرة الإصلاح السياسي والوطني الشامل» والتي طالبت -إذا ما أراد الإنسان تلخيصها في جملة واحدة- بالانتقال بالبلاد من «الديمقراطية اللفظية» إلى «الديمقراطية الفعلية». وقد ساهم في ظهور حركة المطالبة بالإصلاح السياسي عدة عوامل لعل أبرزها تنامي الفقر والفساد وسد منافذ التغيير وتزايد الأزمات والإنفجارات التي تهدد سلامة المجتمع ووحدة البلاد مثل أحداث صعدة.

وقد تضمنت مبادرة اللقاء المشترك تشخيصا للعلل والأمراض التي أصابت البلاد ووصفت بعض المعالجات التي يمكن ان تكون ناجعة للمشاكل القائمة. وقد ذكرت أحزاب اللقاء المشترك، في جانب التشخيص للمشكلة الجوهرية القائمة، بان الجمهورية اليمنية تعيش حالة تتصف بغياب دولة القانون والمؤسسات، وانعدام المساواة أمام القانون، ووجود جهاز حكومي ضعيف وعاجز. وذهبت المبادرة إلى انه في ظل مثل تلك الأوضاع شهدت البلاد "تعثر عملية التحول الديمقراطي، وصيرورته إلى أداة، لتكريس الحكم الفردي، بانعدام شروط النزاهة والتكافوء في الانتخابات، وإفراغ التعددية الحزبية من مضامينها، وتفكيك أحزاب المعارضة واستنساخ بدائلها وتحريض القوات المسلحة والأمن على أحزاب المعارضة وبصورة شبه دائمة وتسخير المال العام والوظيفة العامة وكل مقدرات الدولة لصالح الحزب الحاكم...» وتحولت العملية السياسية برمتها إلى «مظاهر شكلية تعيد إنتاج الأوضاع القائمة». وكانت النتيجة من وجهة نظر أحزاب اللقاء المشترك هي «تركيز السلطة في يد رأس الدولة، وتهميش المؤسسات، وتحويل الفساد إلى ممارسة منظمة تدار بها البلاد، والى أداة لاحتكار السلطة، وتأمين الاحتفاظ بها، وتملكها، وتوريثها للأبناء فيما بعد... «لقد وضعت المقدرات الوطنية كلها، كما ترى أحزاب اللقاء المشترك، «في خدمة بقاء الفرد على كرسي السلطة بدلا من وضعها في خدمة تطور البلاد وتلبية الاحتياجات الأساسية لأبنائها..».

وفي جانب المعالجات طالبت أحزاب اللقاء المشترك بالعمل على: «ترسيخ النظام الجمهوري، وإقامة حكم ديمقراطي رشيد وعادل يحقق التوازن بين سلطات الدولة، ويطلق الممارسات الديمقراطية ويضمن الحقوق والحريات، ويوسع قاعدة المشاركة السياسية، ويوفر شروط التداول السلمي للسلطة كأساس متين للاستقرار السياسي..» كما طالبت بإصلاح النظام الانتخابي، وضمان حيادية اللجنة العليا للانتخابات والاستفتاءات العامة، واستقلال الإدارة الانتخابية في كل مراحلها، ووضع التشريعات الكفيلة بالحيلولة دون الخلط بين إمكانات وأجهزة الدولة وإمكانات وموارد أي حزب حاكم، وضمان حيادية الوظيفة العامة، وتحريم الانحياز الحزبي للقوات المسلحة والأمن، وضمان حقوق التعبير عن الرأي، التنظيم، التظاهر والاعتصام، امتلاك وإقامة مؤسسات الإعلام المرئية والمسموعة، وضمان حيادية وسائل الإعلام الرسمية. كما طالبت بإصلاحات مؤسسية واسعة أبرزها التحول من النظام الرئاسي إلى البرلماني.

بالنسبة لمفهوم الحزب الحاكم للإصلاح السياسي قبل الانتخابات فقد تبلور في برنامج العمل السياسي الذي اقره في المؤتمر السابع الذي عقد في عدن في ديسمبر 2005 وما نتج عنه من مصفوفات. وقد جاء حديث الحاكم عن الإصلاح السياسي بعد زيارة الرئيس إلى اليابان وفرنسا والولايات المتحدة والضغوط التي مورست عليه هناك لإحداث إصلاح سياسي واسع يؤهل البلاد لتلقي دعم المانحين وتوظيفه التوظيف الأمثل. وقد اتصف برنامج العمل السياسي الذي خرج به المؤتمر حينها بانعدام الوضوح والعمومية الشديدة التي تقول «كل شيء» و «لاشيء». وكانت ابرز الإصلاحات التي أعلن الحزب الحاكم نيته القيام بها هي تحويل مجلس الشورى إلى غرفة ثانية في السلطة التشريعية. وقد احتوت الفكرة في ظاهرها على الديمقراطية والمؤسسية وفي باطنها على الانقضاض على ما تبقى من سلطات دستورية لمجلس النواب وتحويلها إلى مجلس الشورى الذي سيمثل الغرفة الثانية في البرلمان والذي سيتم انتخابه بطريقة غير مباشرة من قبل السلطات المحلية والتي تمثل جزءاً من السلطة التنفيذية. وكان تبلور ذلك التوجه قد نتج عن نجاح مجلس النواب في إبطال ثلاث من اكبر صفقات الفساد في تاريخ البلاد وهي بيع قطاع نفطي بمبلغ يقل عن 5% من إيراده السنوي، والتجديد لشركة هنت النفطية بمبلغ يقل بحوالي 80% عن المبلغ الذي يمكن توريده للخزينة العامة في حالة عدم التجديد ومعارضة اتفاقية الحكومة مع شركة موانئ دبي والتي مثلت تفريطا بالسيادة الوطنية وبالحقوق التي يمكن الحصول عليها. وقد تم على عجل صياغة تعديلات دستورية انتهى بها الأمر إلى التجميد في مجلس النواب.

أثناء الانتخابات

كانت بعض قيادات الحزب الحاكم على الأقل تراهن على ان المعارضة لن تتفق على مرشح وبالتالي لن تنزل مرشحا في مواجهة الرئيس أو ستشارك في أحسن الأحوال بشكل رمزي. وقد ظهر ذلك من خلال الخطاب الإعلامي لتلك القيادات في المرحلة السابقة على الانتخابات. لكن المفاجأة الكبيرة بالنسبة للحزب الحاكم قد تمثلت ليس فقط في اتفاق أحزاب اللقاء المشترك على مرشح ولكن أيضا في اختيارها لمرشح مثل في توجهاته ومواقفه الوطنية إحراجا كبيرا للحزب الحاكم. وفي الوقت الذي لم يتغير فيه مفهوم المعارضة للإصلاح السياسي فاجأ الحاكم القوى السياسية بتبني برنامجا انتخابيا تجاوز في تبنيه للإصلاحات ما خرج به مؤتمر عدن وما جاء بعده من مصفوفات وما يمكن تحقيقه. ويبدو واضحا ان بعض الأطراف في الحزب الحاكم قد أرادت، لأسباب تتصل بطبيعة الصراع داخل السلطة، كتابة برنامج يعد ببعض ما يمكن تحقيقه وبالكثير مما لا يمكن تحقيقه.

ومع ان بعض الوعود يمكن الالتفاف عليها نظرا للطريقة التي صيغت بها الإ ان البعض الآخر يمكن قياس مدى الإيفاء به وبدقة. ومن الوعود التي وردت في البرنامج الانتخابي الذي يمثل عقدا بين الرئيس والناخبين الالتزام بمعايير الكفاءة والنزاهة في اختيار الموظف العام، تدوير الوظيفة العامة في المراكز القيادية، انتخاب المحافظين ومدراء المديريات، إعطاء الناس حق امتلاك المحطات الإذاعية والتلفزيونية، تقليص فجوة التنمية بين الريف والحضر، إنشاء وحدات سكنية لمحدودي الدخل، مكافحة الفساد، توزيع أراضي سكنية وزراعية للشباب ومحدودي الدخل، الحد من الدور الاقتصادي للدولة، تخفيض مدة رئاسة الجمهورية، إنشاء غرفة ثانية في البرلمان اليمني يتم انتخابها بشكل مباشر، مكافحة الفساد، وغير ذلك من مئات الوعود. وقد كان الشيخ حميد الأحمر محقا عندما قال في إحدى اللقاءات ان على المعارضة ان تعمل على مساعدة الرئيس في وضع برنامجه الانتخابي موضع التطبيق. فالبرنامج يحتوي على الكثير من البنود والإلتزامات التي يمكن في حال تنفيذها ان تنعكس إيجابا على الأوضاع الصعبة التي يعيش في ظلها معظم اليمنيين. والمهم هو أن ينفذ الرئيس والحزب الحاكم ما تم الوعد به.

دروس الانتخابات

كانت انتخابات سبتمبر تجربة قاسية لليمن واليمنيين. ومن الصعب الحكم على آثارها على الحياة السياسية في الوقت الحاضر. الشيء الواضح هو ان الانتخابات أفرزت بعض النتائج الهامة المتعلقة بالإصلاح السياسي للسلطة والمعارضة على السواء. بالنسبة للحزب الحاكم فقد كشفت الانتخابات عن الأزمة الكبيرة التي تمر بها البلاد وعن حجم التذمر وعدم الرضا عن أدائه وعن المخاطر التي تحيط بمستقبله ان لم يبادر إلى تبني الإصلاحات المطلوبة على كافة الصعد وفي مقدمتها الصعيد السياسي. ومع التسليم بأهمية الجوانب الاقتصادية وأسبقيتها على الجوانب السياسية الإ انه قد يكون من الصعب ان لم يكن من المستحيل تحقيق تحول اقتصادي (وبالتالي اجتماعي) بدون إصلاحات سياسية عميقة سابقة، متزامنة، ولاحقة للإصلاح الاقتصادي.

فتحسين الأحوال الاقتصادية للبلاد لن يتحقق الا بزيادة النمو الاقتصادي وخلق الآلاف من فرص العمل للعاطلين. ولن تتحقق الزيادة في النمو الاقتصادي كما يقول الوزير العسلي في إحدى دراساته قبل هجرته إلى السلطة الإ عن طريق زيادة إنتاجية الموارد القائمة أو باستقطاب موارد جديدة. وتتطلب عملية زيادة إنتاجية الموارد القائمة أو استقطاب موارد جديدة الانتقال بالنظام من حكم «الأسرة» إلى حكم «الدولة» ومن تعيين «النسب» إلى تعيين «الأنسب» ومن رابطة العشيرة والقبيلة والمنطقة إلى رابطة «المواطنة». كما يتطلب ذلك إرادة سياسية حقيقية تسعى إلى محاربة الفساد بصدق وبناء الدولة وتوزيع السلطة بين المؤسسات المختلفة بدلا من تركيزها بيد الفرد. هناك العديد من التحولات المطلوب تحقيقها والتي لا يمكن الإيفاء بها ما دام المسئولون هم المقاولون وهم التجار وما دامت الدولة التي ما تزال في طور التكوين قد تركت وظائفها التقليدية وتحولت إلى تاجر ومستثمر ومنافس في السوق.

 لقد وضع
احد خبرا البنك الدولي رموز النظام القائم في اليمن في رأس القائمة بين العوائق التي تقف حجر عثرة بين الشعب اليمني وبين النمو الاقتصادي.

بالنسبة للمعارضة فقد أكدت مجريات الانتخابات بان تشخيصها للأوضاع في اليمن والوارد في
مبادرتها للإصلاح السياسي والوطني الشامل قد كان دقيقا إلى حد كبير. كما أكدت نتائج الانتخابات بان رهان المعارضة على التغيير عن طريق الصندوق قد لا يكون رهانا واقعيا وخصوصا في ظل قيام الحزب الحاكم وفي انتهاك واضح للدستور والقانون بتوظيف موارد الدولة وأجهزتها في الترغيب والترهيب وفي إيصال الناس إلى وضع أشبه ما يكون بالاستيلاء على السلطة منه إلى «تولي السلطة». ولم يجانب المهندس فيصل بن شملان الحقيقة عندما وصف ما حدث في سبتمبر 2006 في أكثر من مناسبة بأنه اغتصاب للسلطة. لكن الكاتب يعتقد انه ليس من مصلحة اليمنيين نزع ورقة الشرعية عن النظام القائم. وعليهم بدلا عن ذلك ان يرغموه على اكتساب الشرعية عن طريق تنفيذ برنامجه الذي وعد الناس به.

تفاؤل حذر

ليس من مصلحة الكاتب هنا دعوة الناس إلى تفاؤل تثبت الأيام سذاجته..بل يدعوهم إلى تفاؤل حذر وخصوصا في ظل النزيف الخطر الذي تشهده البلاد في شمالها الغربي والذي يضعف باستمراره قدرة النظام على الحركة وقدرة البلاد على اكتساب ثقة المجتمع الدولي واجتذاب المستثمرين والسواح. هناك مؤشرات كثيرة على ان الحزب الحاكم ماض في سياساته القديمة وعلى ان الطبع غلب التطبع. لكن هناك في المقابل مؤشرات تدل على أن الحزب الحاكم يقدر خطورة أوضاع البلاد. لقد حفلت انتخابات سبتمبر 2006 بالدروس البليغة للسلطة والمعارضة على حد سواء. وقد تأخذ بعض الأطراف السياسية بعض الوقت لاستيعاب تلك الدروس لكن المفترض هو ان الحزب الحاكم سيبدأ بتنفيذ برنامج الرئيس بسرعة ودون تأخير لان التباطوء في بدء عملية التحول يخلق الكثير من المصاعب ويضعف من الهمة والعزيمة التي خلقتها حمى المنافسة الانتخابية ويدفع بالناس إلى حافة اليأس.

وسيكون من الصعب الحديث عن البدء بالإصلاحات، وخصوصا بعد ان انقضت حوالي خمسة أشهر، دون تشكيل حكومة جديدة. ومع ان الكاتب يتفق مع الأستاذ الدكتور محمد عبدالملك المتوكل فيما ذهب إليه خلال ندوة «العفيف» من ان الرهان على تغيير الأشخاص هو رهان غير واقعي في ظل الظروف الحالية إلا ان الكاتب يعتقد ان تغيير الأشخاص يظل مؤشرا هاما على التوجهات المستقبلية للحزب الحاكم. لقد مل الناس شكاوي الرئيس من الحكومة وشكاوي رؤوسا الحكومات المتعاقبة من هيمنة الرئيس على السلطة وعدم إعطاء رؤوسا الحكومات الاختصاصات التي تمكنهم من النجاح.

تحية لهم

تمكن خالد العلواني، عادل أمين، رياض السامعي، عبدالله مصلح، وعبدالملك شمسان والذين يعملون
في هيئة تحرير صحيفة العاصمة الصادرة عن فرع التجمع اليمني للإصلاح بالعاصمة صنعاء، ورغم الظروف الصعبة التي يعملون فيها، من إخراج كتاب أشبه ما يكون بمجلد حول الانتخابات الرئاسية الأخيرة بعنوان «الانتخابات الرئاسية في الجمهورية اليمنية 2006،.. السلطة على محك التداول». ويضم الكتاب 635 صفحة من الرصد والتحليل والتوثيق موزعة على سبعة أبواب. وقد خصص الباب الأول لاستيعاب جدل السلطة والمعارضة حول الشروط التي ينبغي توفرها لعقد انتخابات حرة. وخصصت الأبواب الثاني والثالث على التوالي للحوارات الصحفية والتلفزيونية، والمهرجانات الانتخابية، لكل من مرشح الحزب الحاكم ومرشح اللقاء المشترك. وخصص الباب الرابع لحوارات وكلمات الشيخ حميد الأحمر الذي أضاف حضوره القوي زخما كبيرا للانتخابات. وخصص البابان الخامس والسادس بالترتيب للمؤتمرات الصحفية لأحزاب اللقاء المشترك وللتحليلات المتصلة بنتائج الانتخابات. واحتوى الباب السابع على مجموعة من الوثائق أهمها البرامج الانتخابية لمرشح الحزب الحاكم ومرشح اللقاء المشترك، مبادرة اللقاء المشترك للإصلاح السياسي والوطني الشامل، نتائج الانتخابات، والتقرير النهائي لبعثة الإتحاد الأوروبي.

ولعل أجمل ما في الكتاب هو انه لم يركز على برنامج وخطابات ومهرجانات ومقابلات ووجهات نظر اللقاء المشترك ومرشحه فقط ولكنه عرض أيضا برنامج مرشح الحزب الحاكم وخطاباته ومقابلاته ومؤتمراته الصحفية وبطريقة تعطي القارئ صورة واضحة عن السياق العام للانتخابات وتؤسس تقليدا جميلا في الحياة السياسية اليمنية يقوم على الاعتراف بالآخر وايلائه ما يستحقه. ويمثل الكتاب، الذي تم انجازه في زمن قياسي، بما احتوى عليه من مواد ووثائق مرجعا هاما لكل الهيئات الحزبية في البلاد ونشطاء الأحزاب بشكل عام والباحثين والكتاب والصحفيين والمهتمين بالشأن اليمني. ومع ان الكتاب يباع بسعر رمزي وهو 1000 ريال الإ ان التكلفة الحقيقية للكتاب هي أعلى من ذلك بكثير.

استاذ العلوم السياسية- جامعة صنعاء

DRALFAQIH@YAHOO.COM