تقاسم الوزارات أم تقاسم الوزر
بقلم/ طارق عثمان
نشر منذ: 13 سنة و أسبوع و يوم واحد
الأحد 04 ديسمبر-كانون الأول 2011 06:01 م

وهكذا وقعت المبادرة الخليجية التي تحل أزمة رئيس مع شعبه ولم تحل أزمات هذا الشعب التي تسبب فيها رئيسه ، بل زادت طينها بلة .

وقعت المبادرة التي تحولت ظاهريا إلى إتفاقية لتقاسم الوزارات وفعليا الى اتفاقية لتقاسم الوزر الذي كان يثقل ظهر صالح وكاد يقصمه فقام حاملي الأثقال من احزاب المشترك برفعها عنه وتحمل كل أوزاره خلال الشهور الماضية بل والسنين الماضية ليتحملوا عبر الوزارات التي سيستلمونها كل إخفاقات بقايا نظام صالح من اللصوص وناهبي المالي العام ومدمري إقتصاد البلد والمنحرفين به عن دروب التنمية .

فكل انفلات أمني سيقوم بقايا هذا النظام المخاتل المراوغ بتحميله للمشترك بعد أن يكونوا هم من يقوم به كعادتهم خلال عقود ، وهاهم يعدون العدة للقيام بثورة مضادة تمول من اموال وزارة المالية التي ستسلم للمشترك دون مال ، ومع كل انطفاء للكهرباء سيلعن الناس ظلام المشترك وسيوقدون نار غضبهم على أدائه وكأنه يقود الوزارة منذ سنين رغم أن تسلمهم للوزارة ربما لم يتعد بعد عملية استلام مكتب الوزير حتى دون مفاتيح الأدراج التي سيبقى الحاكم يراوغ في تسليمها عدة اسابيع تحت ذرائع عدة ربما منها عدم تضمن المبادرة الخليجية لبند ينص صراحةً على تقديم مفاتيح الأدراج هذا إن بقي في الوزارات أدراج أو درج فقد بدأ النهب المنظم كما نهبت وزارتي الإعلام ووزارة الداخلية ليتسلمها المشترك وقد أخلاها المالك السابق كشقق نظيفة تم تشطيبها للتو ليس فيها سوى بلاط وجدران كتب عليها البلاطجة ذكرياتهم .

كما سيتحول كل تأخير للرواتب إلى وقفات احتجاجية ضد المشترك الذي استلم وزارة المالية يصفر في خزائنها الريح ويجلل بنكها المركزي وحشة وظلمة يفوق ما عليه مقبرة خزيمة المجاورة له .

لقد ذهبت مبادرة الخليج منذ زمن بعيد أدراج الرياح ، فأين شرط التنحي الفوري والخروج الآمن وتسليم السلطة وهي مفردات كانت هي جوهر المبادرة الخليجية التي رفضناها جميعا لأنها لم تكن تلبي مطلب سقوط النظام ومحاكمة رموزه التي نهبت البلد عقود وسفكت الدماء في كل مكان ليتم الموافقة على هذه الاتفاقية المشوهة التي تجعلهم شركاء فاعلين مؤثرين يملكون القرار والفعل والتأثير ويتقاسمون الوزر مع سذج المشترك الذين بموافقتهم أعطوا لهذا السلطان السرطان وقتا ليتوسع وينتشر وليجعلوا من الحسم مهمة تزداد صعوبة بعد أن انهك الشعب وبلغت القلوب الحناجر ..

تحركات المشترك الأخيرة كانت لكسب الخارج أكثر من كسب الداخل ، فالداخل بكل فئاته يستعجل الحسم وحكماء المشترك يريدون دولة متصالحه مع محيطها الدولي والأقليمي، وهو توجه نبيل لو كان سيتحقق، لكنهم يتعاملون مع أطراف لا تحترم إلا الاقوياء ، والأقوياء هم الذين فرضوا أنفسهم وفي دول عديدة عبر تلك الجموع الهادرة التي تتحرك كالسيل وليس بأشخاص معدودين يتم إنهاكهم بجولات متتالية من المفاوضات المضنية التي لا تؤدي إلى التقدم في أي مسار غير مسار التنازل المستمر وهو الورقة الوحيدة التي يملكها المشترك بعد أن أحرق أهم أوراقه وهي تلك الساحات المليونية .

سأعيد عبارة سابقة قلتها لكم قبل عدة شهور وهي أن الخارج يعرفون النظام جيدا وهو خيرٌ لهم منكم فكونوا خيرا لأهلكم منهم ، المبادرات ستطول وتطول ، وانتم تخفضون سقف مطالبكم دائما وكلما حاولتم رفع هذا السقف رفع الحاكم هراوته فعدتم مكسوري الخاطر تخفضونها ثانية إلى مستوى يفوق ما يطمع هو به، وهذا ما حدث بالفعل خسارتكم لجماهيركم دائما مردها إلى تنازلاتكم الكثيرة وليس في تصلبكم وتشددكم ، وهي تنازلات لا تؤدي أبدا إلى نتيجة مرضية لا لكم ولا للجماهير ، وتغليبكم للحكمة والإصرار على الحلول المرضية للطرف الأخر تحول إلى مرض جلدي مزمن وقهري ولا إرادي اسمه تغليب الحكة فأنتم تستمرون في الحك حتى تجري الدماء .

يا أحزاب المشترك ، إن ما أقدمتم عليه ليس سوى رمي طوق النجاة لما تبقى من حزب الفساد ليستمر في الحكم ودون أي مسؤوليات أخلاقية أو قانونية عما سيؤول إليه البلد بفعله هو وأعوانه من نهب للأموال العامة وتردي للحالة الأمنية وعبث وفوضى عارمة ودون وجود أي مرجعية لسلطة قوية قادرة على كبح جماحه فلقد وضعتموه في موضع الخصم والحكم .

فاتقوا الله من أنفسكم وتنصلوا من هذه المبادرة التي خرقها الطرف الآخر عشرات المرات خلال أيام إلا إذا كانت المباردة لا تشمل تعز وأرحب ونهم فواصلوا على بركة الله فالثورة مستمرة حتى اسقاط النظام الذي أنتم أصريتم على أن تكونوا نصفه الآن .