من هو الأفضل في 2024 بحسب الأرقام؟ كريستيانو رونالدو أم ليونيل ميسي.. عاجل تحسن هائل في سعر الليرة السورية مقابل الدولار .. اسعار الصرف شاحن هاتف ينهي ويوجع حياة 7 أفراد من نفس العائلة في السعودية توافق دولي عربي على الوضع في سوريا جدل بشأن عودة السوريين اللاجئين في أوروبا إلى بلادهم بعد سقوط الأسد وزير الدفاع التركي يكشف عن عروض عسكرية مغرية قدمتها أنقرة للحكومة السورية الجديدة ماذا طلب الرئيس العليمي من واشنطن خلال اجتماع عقده مع مسئول كبير في مكافحة الإرهاب؟ قرارات واسعة لمجلس القضاء الأعلى القائد أحمد الشرع يتحدث عن ترشحه لرئاسة سوريا أميركا تطلب من عُمان طرد الحوثيين من أراضيها
تعود قضية العدالة الانتقالية إلى الواجهة من جديد لتشكل الملمح الأساسي لسخونة المشهد السياسي اليمني، بعد أن أحال رئيس الجمهورية إلى البرلمان نصا لما سمي بــ"قانون المصالحة الوطنية" غير ذلك الذي ناقشه وأقره مجلس الوزراء تحت مسمى "مشروع قانون العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية " والذي تداولته الوسائل الإعلامية وأغناه العديد من الأخصائيين والإعلاميين والمهتمين بالعديد من الملاحظات والأفكار والتصورات.
ثالثة الأثافي هي ما فعله رئيس مجلس النواب الذي أحال المشروع المقدم بإقراره بــ19 صوت من بين كل الحاضرين في الجلسة التي تليت فيها رسالة رئيس الجمهورية بهذا الصدد، وهي مخالفة دستورية وقانونية تستدعي وحدها التوقف والمناقشة، ولكن ليس في هذه التناولة.
يقف اليمن اليوم أمام خيارين لا ثالث لهما:
الخيار الأول ويتمثل في اجتثاث أسباب الصراعات وذلك من خلال مصالحة وطنية شاملة تتضمن ما يتعارف عليه بالعدالة الانتقالية وتقوم على المقومات الرئيسية التالية:
1. أن تكون شاملة لا تبقي متضررا بعيد عن التعويض ولا تبقي جانيا بعيدا عن المساءلة، وهو ما يضمن لمثل هذه المصالحة إغلاق أسباب الصراع وفتح الأبواب للتسامح والتعايش المستقبلي بين كل أبناء المجتمع.
2.أن تتضمن ما يسمى بـ"جبر الضرر" وهو ما يعني التعويض المادي والمعنوي للمتضررين من مراحل الصراعات السياسية المختلفة ـ تعويضا يزيل عن الضحايا الشعور بالغبن والقهر ويعيد لهم الإحساس بالإنصاف والعدالة ويجعلهم بأنهم شركاء في هذه السياسة وفاعلين فيها وجزء منها وليسوا فقط مجرد متلقين لهذه السياسة ومأمورين بالتقيد بمتطلباتها.
3. إن المصالحة ينبغي أن لا تسقط حق من لا يتقبلها من الضحايا في الاعتراض على إجراءاتها وما يترتب عليها من نتائج واللجوء إلى الوسائل القانونية للحصول على الإنصاف.
4.إن المصالحة لا ينبغي أن تسقط حق المجتمع في استعادة ما نهب من ممتلكاته، وأقصد هنا أن قضايا الفساد ونهب المال العام والاستيلاء على الثروة الوطنية من الأموال والثروات والمنشآت والأراضي وكذا أملاك الأفراد، إن إجراءات العفو عن الجناة لا ينبغي أن تطبق على هذه القضايا باعتبار هذه الأصول قابلة للاستعادة وتعويض المتضررين ومن هنا فإنه سيكون من الحكمة ترك هذه القضايا للقانون الجنائي القائم أو المزمع إقامته لتكون موضوع معالجة .
5.إن أي تشريع يشمل العفو عن أي ممن ارتكبوا الجرائم والجنايات المختلفة يجب أن يتعلق فقط بأولائك الذين سيغادرون الممارسة السياسية وسيتخلون عن كل المناصب التي شغلوها، وأن ذلك العفو يجب أن يسقط بمجرد عودة هؤلاء إلى حلبة السياسية وهو ما يعني حق المتضررين اللجوء إلى القضاء لمحاسبة أولائك المشمولين بالعفو إذا ما قرر هؤلاء العودة إلى الحياة السياسية أو تولي المناصب التنفيذية العامة.
عبر هذا الخيار الذي يقتضي المزيد من المتطلبات يمكن لليمن الخروج من دائرة الحروب والصراعات، والانتقال إلى رحاب التنمية والاستقرار وبناء دولة المواطنة.
الخيار الآخر هو سلق القوانين على عجل وإجبار الناس على تقبلها دونما اعتبار للآثار الاجتماعية والسياسية وما قد يترتب عليها من ردود أفعال وطنية وسياسية تنبع من طبيعة المشكل السياسية المعقدة في اليمن، كما جرى مع مشروع قانون الحصانة ومشروع قانون المصالحة الوطنية الذي قدمه الرئيس هادي مؤخرا إلى مجلس النواب وأقره بأغلبية 19 صوتا من 301 عضر، وهو ما يجعل البلد مفتوحا لتفاعلات وصراعات جديدة مبنية على بقاء الشعور بالغبن والقهر وغياب العدالة وهو ما يعني قابلية اليمن للذهاب نحو أكثر الاحتمالات سوءا مما قد نتصوره وما قد لا نتصروه.
من المضحك ـ المبكي أن اليمن تختزن من الآلام والمظالم ما يقر بها حتى المتسببون بها، وربما تكون القضية الجنوبية هي أكثر القضايا وضوحا للجميع وهي أكبر القضايا التي نالت اعتراف جميع الجناة ناهيك عن المجني عليهم، ووصل صداها إلى والجوار الإقليمي والعربي والدولي، فضلا عن ما عرفته فترة السبعينات والثمانينات من ضحايا للصراعات السياسية في اليمن ومع ذلك يأتي المشروع الجديد لما سمي بقانون "المصالحة الوطنية" ليقفز على كل هذه القضايا ويقتصر على الفترة 2011 ـ 2012م وكان اليمن كانت قبل هذا بلا منازعات ولا صراعات سياسية ولا تكميم أفواه ولا إخفاء قسري للضحايا، أو وكأن الصراعات الدموية التي راح ضحيتها الآلاف من المفقودين والشهداء والمعوقين والمخفيين كانت نزاعا بين تاجرين على صفقة تجارية يمكن إصلاحها بذبح ثورين لدى الطرف المتضرر.
ومن المضحك المبكي أن الجناة حصلوا على حصانة على كل ما ارتكبوه في ثلث قرن من الخطايا والجرائم في حق الشعب اليمني، في حين يستكثر على الضحايا الحصول على الإنصاف لنفس الفترة، وإذا ما سلمنا بوجاهة هذا القانون الأعوج (قانون الحصانة) فإن من المنطقي إنصاف الضحايا لنفس فترة الحصانة وعلى الأقل مساواة الضحية بالجلاد، لا تكريم الجلاد ومعاقبة الضحايا.
يمكن للرئيس هادي وأركان حكمه أن يكونوا جزءا من حل هذه المشكلة التي يتوقف على حلها حلا عادلا وحكيما بقاء اليمنيين أمة واحدة، ويتأتى ذلك من خلال التحرر من الشعور بأنهم كانوا طرفا في حرب 1994م وأنه كان وزير دفاع هذه الحرب ونائب الرئيس لعقدين من الزمن ارتكب فيها أركان النظام أبشع الجرائم والجنايات في حق الشعب اليمني شمالا وجنوبا، وليشعر (الرئيس) بأنه رئيس لكل اليمنيين في الشمال والجنوب وليس مجرد ضيف عند المركز المقدس الذي وإن قبل بحاكم من خارجه إلا إن على هذا الحاكم أن يخضع لمعايير ومتطلبات أصحاب الحل والعقد من هذا المركز، لكن الرئيس يمكن أن يبقى جزءا من المشكلة إذا ما بقي يتصرف تحت شعور نائب الرئيس السابق، وبطل النصر (الزائف) في حرب 1994م هذا النصر الذي لم يبق لليمن أي أفق للعيش بسلام ووئام والتطلع إلى المستقبل.
لا يمكن دفن ملفات الماضي بنص يحصر كل تاريخ الصراعات السياسية في اليمن في عام، ولكي لا يتحول مشروع هذا القانون إلى مزحة سياسية سمجة، يجب سحبه من البرلمان وإخضاعه للتوافق السياسي وجعله معبرا عن اليمنيين جميعهم لا أداة بيد الجلادين وهراوة تلسع ظهور الضحايا.
برقيات:
*تقول الأنباء الواردة من قاعة البرلمان بأن يحيى الراعي رئيس البرلمان تلقى مكالمة هاتفية من الرئيس هادي، أمر بعدها بتمرير المشروع المعروض بأي شكل من الأشكال وهذا يعيدنا إلى زمن الرئيس المخلوع الذي كان فيه رئيس البرلمان يغادر القاعة كلما اشتد عليه الخناق ثم يعود حاملا هاتفه النقال بمقترح يلغي الأغلبية ويمرر فيه كل ما يشاء "الزعيم الرمز".
*لا أدري لماذا هذه الضجة المفتعلة التي تلازمت مع لقاء الأخوين علي سالم البيض وعلي ناصر محمد كقائدين سياسيين، هل قدر لهما أن يظلا متخاصمين في زمن المصالحة والتسامح، أم أن هناك من لا يرضيه إلآ استمرار العداوات والضغائن التي زالت كل مبرراتها منذ أمد بعيد؟
*الحملة العدائية على الكاتبة سامية الأغبري تخفي وراءها ركام كثيف من ثقافة التكفير والتخوين وادعاء احتكار امتلاك الحقيقة والرغبة في الإقصاء والإزالة لكل من لا يرغب عنه أصحابها، . . . ستظل سامية قوية ثابتة سامقة كما عرفناها وسيتوارى أصحاب العقليات الإلغائية كما توارى أسلافهم.
* قال الشاعر العربي الكبير محمود درويش
أخبروا السلطان،
أن الريح لا تجرحها ضربة سيف
وغيوم الصيف لا تسقي على جدرانه أعشاب صيف
وملايينٌ من الأشجار تخضرُّ على راحة حرف
غضب السلطان،
والسلطان في كل الصور
وعلى ظهر بطاقات البريد
كالمزامير نقيٌّ وعلى جبهته وشم العبيد.