دار الحديث في دماج من التسامح الزيدي إلى الحصار الحوثي
بقلم/ حسن الحاشدي
نشر منذ: 12 سنة و 11 شهراً و 22 يوماً
الأربعاء 21 ديسمبر-كانون الأول 2011 05:34 م

إهداء إلى غائب حواس .. حتماً ستعود

تقع مدينة صعدة شمال اليمن ، وتبعد عن مدينة صنعاء 242كم شمال غرب صنعاء ، وتعتبر مدينة صعدة تاريخياً عاصمة الزيدية ، ويؤرخ في ذلك من 282هـ ، وهو عام انتقال الإمام الهادي من مكة المكرمة إلى صعدة ....

وتقع قرية دماج في وادٍ جنوب شرق مدينة صعدة بمساحة 2 كم2 ، وعدد سكانها 12000 ألف نسمة ، وتتبع إدارياً مديرية الصفراء في نفس المحافظة ، وتشتهر بالزراعة ، ويعد العنب الدماجي من أشهر منتجاتها ، وله شهرة معروفة ، ويصدّر إلى الداخل وإلى دول الجوار .

شهرة دماج :

في بداية ثمانينيات القرن الماضي عاد إلى مدينة دماج العلامة المحدث الشيخ مقبل بن هادي الوادعي ، قادماً من المملكة العربية السعودية ، بعد أن تلقى الماجستير في الحديث وعلومه ، ويعد الشيخ مقبل من أبناء قبيلة وادعة من قبائل صعدة ، وقد تلقى علومه قبل رحيله إلى السعودية في جامع الإمام الهادي ، فدرس علوم القرآن وتعلم الفقه واللغة العربية ...

وعند عودته استقر به المقام في وادي دماج ، وأسس اللبنات الأولى لمركز الإشعاع العلمي دار الحديث بدماج ، الذي عمت شهرته الآفاق ، وقدم إليه طلاب العلم من الداخل ومن جميع أرجاء المعمورة ، وقد تخرج منه الآلاف من الطلاب ، والذين صار منهم فيما بعد أعلام يشار إليهم بالبنان في بلدانهم ، وفي اليمن خاصة نبغ من طلاب الشيخ مقبل الوادعي : الشيخ الدكتور عقيل المقطري ، والشيخ عبد المجيد الريمي ، والشيخ الدكتور محمد بن موسى العامري ، والشيخ عبد الله الحاشدي ، والشيخ طارق عبد الواسع ، والشيخ محمد الحدأ ، والشيخ عمار بن ناشر العريقي ، والشيخ أبو الحسن المأربي ، والشيخ محمد الإمام ، والشيخ عبد العزيز البرعي وغيرهم .

وقد عرف عن الشيخ مقبل - رحمه الله - زهده واستغناؤه عما في أيدي الناس ، حيث كان يعتمد على ما يُزرع في المزارع التي اشتراها وأحاطت بدار الحديث ، وكان يشتغل بها طلابه ، ويصدرون منتجات الزراعة إلى صعدة وإلى بقية المحافظات .

كما أنه رفض العديد من المناصب التي كانت تعرض عليه حباً في العلم والتدريس ، ولم يكن يقبل أية هبة تصل إلى الدار مقيدة بشروط .

موقفه ممن حوله من الزيدية والهادوية :

كان أول ما قام به الشيخ خلال عودته إلى موطنه في دماج هو دعوة كبار قومه من الأعلام الزيدية ، فتوجه إليهم بالنصائح لاتباع منهج النبي صلى الله عليه وسلم ، في قضايا عدة ، وخصوصاً فيما يتعلق بالقبورية وزيارة قبة المهدي في مدينة صعدة ، وقد دارت بينه وبين العديد من الأعلام الزيدية الهادوية ، مثل مجد الدين المؤيدي وبدر الدين الحوثي مكاتبات وردود طبعت من بعد كإصدارات متداولة .

ورغم ذلك كله فقد كانوا جميعاً - وللأمانة - من الرقي ما يجعل كلاً منهم يقدر الآخر ، ورغم تمنطق اليمنيين بالسلاح - كما هو معروف - إلا أن الشيخ مقبل ومن حوله من الأعلام الزيدية الهادوية ، عاشوا جميعاً في جو يسوده التسامح والصفاء ، فكان القلم والحبر يغنيان عن الكلاشنكوف والدبابة .

العلوم التي تُدرس في دار الحديث بدماج :

تُدرس في دار الحديث كافة الفنون الشرعية ، ابتداء بأمهات الكُتب وأشرفها وأعلاها : القرآن الكريم ، حفظاً وتجويداً وتفسيراً ، فيعتنى بتدريس تفسير الحافظ ابن كثير ، ومقدمات في التفسير لشيخ الإسلام ابن تيمية ، والصحيحين (البخاري ومسلم) وبقية أمهات الحديث النبوي الشريف . وفي جانب العقيدة تدرس العقيدة الطحاوية لابن أبي العز الحنفي ، وكتب شيخ الإسلام ابن تيمية ، ومؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب ، وأكثر من 35 كتاباً في العقيدة . وفي جانب الفقه يدّرس العديد من كتب الفقه ، منها : شرح بلوغ المرام ، وعمدة الأحكام ، والدراري المضيئة للشوكاني ، وصفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم للراحل العلامة محمد بن ناصر الدين الألباني ، كما تدرس الفرائض وأصول الفقه ومصطلح الحديث . وفي جانب اللغة العربية يدرس النحو والبلاغة والصرف والعروض والقافية والإملاء والقراءة والكتابة .

منهج الدار في التدريس :

يعتمد الدار في التدريس على طريقة التدرج في التدريس، حيث يتم البدء بتدريس الكتب الصغيرة ثم الكبيرة ، وهناك موجهون ومرشدون يتولون عملية تحديد الدروس المناسبة وبحسب سن الدارس ، كما يتم عمل جدول زمني لترتيب الأوقات ويحدد كل وقت وحصة .

التحول من الزيدية إلى الاثني عشرية :

وتبدأ قصة التحول من المذهب الزيدي إلى الاثني عشري ، وذلك في بداية التسعينيات من القرن الماضي ، حيث تأسست في صعدة منتديات الشباب المؤمن على يد المثقف محمد سالم عزان ، وعبد الكريم جدبان عضو البرلمان اليمني . وقد كانت بداية التأسيس تهدف إلى توعية الشباب وتثقيفهم وتدريسهم أصول العلوم الزيدية حفاظاً على المذهب الزيدي من الانقراض ، وهو ما كان يردد ويحذر منه منذ سنوات أعيان الزيدية وإعلامهم في صعدة وصنعاء وذمار وحجة والجوف .

وفي هذه الأثناء كان حسين بدر الدين الحوثي - الذي كان قد زار إيران مرات عدة - قد بدأ يتحرك في تلك المنتديات واعظاً ومرشداً ، وينتقل من مديرية إلى أخرى ومن مدرسة إلى أخرى ، ملقناً الشباب محاضرات سُجلت في أشرطة كاست ، ومنها : (صرخة في وجه المستكبرين ، وتأملات في سور القرآن الكريم) جُمعت فيما بعد ، وصارت تُعرف (بملازم سيدي حسين).

وقد أحدث ذلك مساجلات واعتراضات على محتوى تلك الملازم ، من قبل مؤسِّسَي تلك المنتديات : محمد سالم عزان ، وعبد الكريم جدبان .. انتهت بانزواء المؤسس ورفيقه وغيابهما عن المشهد برمته ، في حين أصبح لحسين بدر الدين الحوثي من الأتباع والمؤيدين الكثير والكثير ، وأصبح يحاط بهالة من التقديس (سيدي حسين) وأضحت تلك الملازم مرجعاً للتدريس ، ونُحيت كتب الفقه الزيدي كلها جانباً .

في هذه الأثناء حدث حراك داخلي زيدي ، أصبح يرى أنه لا ينبغي السكوت عما يحدث ، وخصوصاً أن الفكر الذي يعتنقه حسين بدر الدين الحوثي ، هو فكر غريب على الزيدية ، ولا يمت لها بصلة ، وأصبح حسين الحوثي وأتباعه يدّعون أنهم زيدية مضطهدون ، وذلك ما يسوّق له في وجه الخصوم الذين ينعتونه بأنه ذو توجه رافضي اثني عشري .

وفي أوائل شهر يونيو 2004م ، وذلك قبل الحرب الأولى ، والتي اندلعت شرارتها بين الحكومة اليمنية وجماعة حسين بدر الدين الحوثي في 18 يونيو 2004م - أصدر علماء الزيدية بياناً يتبرأون فيه من أفكار حسين بدر الدين الحوثي ، ويفندون نماذج مما جاء في ملازمه ، وأنه لاعلاقة لها بالإرث الفقهي للزيدية ؛ ولأهمية الفتوى فإننا نوردها هنا :

بسم الله الرحمن الرحيم

بيان من علماء الزيدية

(هَـذَا بَلاَغٌ لِّلنَّاسِ وَلِيُنذَرُواْ بِهِ)

إلى كافة أبناء المذهب الزيدي وغيرهم من أبناء الأمة الإسلامية ، وفقنا الله وإياكم لأمر الله في قوله جل جلاله : (وَإِذَ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ) ، وقوله : (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَـئِكَ يَلعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ) ، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم : «من انتهر صاحب بدعة ملأ الله قلبه أمناً وإيماناً» ولقوله صلى الله عليه وآله وسلم : «إذا ظهرت البدع ولم يُظهر العالم علمه ، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين».

ولما ظهر في الملازم التي يقوم بنشرها وتوزيعها حسين بدر الدين وأتباعه ، التي يصرح فيها بالتحذير من قراءة كتب أئمة العترة ، وكتب علماء الأمة عموماً ، وعلى وجه الخصوص كتب أصول الدين ، وأصول الفقه ، وإليكم بعض نصوصه من ذلك .

1- ما ذكره في ملزمة تسمى (معرفة الله ووعده ووعيده) الدرس الخامس عشر ص 37 ، السطر العاشر ، قال في سياق كلام له : «ثم وجدنا أنفسنا في الأخير إذا بنا كنا نقطع أيامنا مع كتب وإذا هي ضلال كلها ، من أولها إلى آخرها ، ككتب أصول الفقه بقواعده ، وإذا هي وراء كل ضلال نحن عليه ، وراء قعود الزيدية ، وراء ضرب الزيدية ، وراء هذه الروحية المتدنية لدى الزيدية ، التي تختلف اختلافاً كلياً عما كان عليه السابقون من أهل البيت وشيعتهم ، وهي التي نسهر ونراجع الدروس فيها ، وهي هي من نحملها إلى المساجد وما أبعدها عن واقع المساجد ... إلخ كلامه».

2- ما ذكره في ملزمة تسمى (مسؤولية طلاب العلم الدينية) ص 16 السطر الثامن عشر ، قال فيها : «أنا أشعر من خلال تأملي للقرآن الكريم ، ومن خلال تأملي للواقع وقد أكون مخطئاً عند الكثير أن الزيدية تعيش حالة من الذلة أسوأ من التي ضربت بني إسرائيل . علماؤنا وطلاب علمنا ومجتمعنا كله ، نعيش في حالة من المسكنة أسوأ من التي ضربت على بني إسرائيل ... إلخ كلامه».

3- قال في نفس الملزمة ص 17 السطر الثاني عشر : «أنا شخصياً أعتقد أن أسوأ ما ضرّبنا وأبعدنا عن كتاب الله ، وأبعدنا عن دين الله ، عن النظرة الصحيحة للحياة وللدين ، وأبعدنا عن الله سبحانه وتعالى هو علم أصول الفقه . بصراحة أقولها : إن فن أصول الفقه هو من أسوأ الفنون ، وإن علم الكلام الذي جاء به المعتزلة هو من أسوأ الأسباب التي أدت بنا إلى هذا الواقع السيئ ، أبعدتنا عن الله ، أبعدتنا عن رسول الله ، عن أنبيائه ... إلخ».

وغير ذلك من الأقوال التي تصرح بتضليل أئمة أهل البيت عليهم السلام ، من لدن أمير المؤمنين علي عليه السلام ، ومروراً بأئمة أهل البيت ، وإلى عصرنا هذا ، والتي يتهجم فيها على علماء الإسلام عموماً ، وعلى علماء الزيدية خصوصاً وفيما يذكره من الأقوال المبطنة من الضلالات التي تنافي الآيات القرآنية الواردة بالثناء على أهل البيت المطهرين ، وتنافي حديث الثقلين المتواتر ، وحديث «لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين» ، فمن أثنى عليه الله ورسوله لا يكون ضالاً ، بل الضال من خالف الله ورسوله وإجماع الأمة .

فبناءً على ما تقدم ، رأى علماء الزيدية الموقعون على البيان ، التحذير من ضلالات المذكور وأتباعه ، وعدم الاغترار بأقواله وأفعاله التي لا تمت إلى أهل البيت وإلى المذهب الزيدي بصلة ، وأنه لا يجوز الإصغاء إلى تلك البدع والضلالات ولا التأييد لها ، ولا الرضا بها (وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ) وهذا براءة للذمة ، وتخلص أمام الله من واجب التبليغ . والله الموفق.

الموقعون على البيان :

1- العلامة محمد بن محمد المنصور .

2- القاضي أحمد محمد الشامي .

3- العلامة حمود عباس المؤيد .

4- صلاح بن أحمد فليته .

5- حسن محمد زيد .

6- إسماعيل عبد الكريم شرف الدين .

7- محمد علي العجري .

8- حسن أحمد أبو علي .

9- محمد حسن الحمزي .

10- محمد حسن عبد الله الهادي .

فقدان البوصلة :

وتعد تلك الفتوى بمثابة الضربة القاصمة التي وجهت للحوثية . وبمقتل حسين بدر الدين الحوثي في 10 / 9 / 2004م دخلت الجماعة في شتات ، فقد فُقد أصل مذهبها وفقدت مرجعيتها (سيدي حسين) فأصبح أتباعها - بفقدان الهوية الحقيقية وحتى الهوية الدخيلة - يفتقدون إلى الغذاء الروحي الذي يُعد الأساس لحياة الإنسان ، واستمرت في حروبها مع الحكومة في ستة حروب طاحنة ، ابتدأت 2004م - أهلكت فيه الحرث والنسل وتسببت مع الحكومة اليمنية بمقتل 30000 شخص ، وشردت الآلاف من منازلهم ، وهدمت المباني والمزارع ، وصارت مدينة صعدة مأوى للأشباح .

ولعل اللافت أنه خلال تلك المعارك وتلك السنوات لم يعرف للجماعة مرجعية تحتكم إليه سوى الاحتكام إلى الشاب عبد الملك الحوثي ، والذي أيضاً يحاط بهالة من القداسة ، وغلب عليها في أدائها الطابع العدواني المسلح، بمعنى تحولت بالتقادم الزمني من الشباب المؤمن إلى الشباب المقاتل ، وأضحت تتعلق بشعار وهمي خادع (الموت لأمريكا الموت لإسرائيل) وأضحى ذلك الشعار رمزاً لابتزاز الناس يعلق في جدران صعدة وضواحيها ، ويعلق في نقاط تفتيش لمحاربة الخلق في أنفسهم وفي أرزاقهم .

صراع البيت من الداخل في صعدة :

وعلى المستوى الداخلي استمر الصدام بين الحوثيين وبقية الأعلام الزيدية في صعدة ، ودارت معارك بين الطرفين وصلت إلى حد الملاحقات والقتل ، ويتجلى ذلك بوضوح في نص المقابلة التي أجرتها صحيفة الأهالي اليمنية يوم 7 / 12 / 2010م مع العلم الزيدي محمد عبدالعظيم الحوثي ، وهي المقابلة التي أُوضِحَ فيها أمور هامة تمثلت في الصراع حول الإمامة والرئاسة والشباب المؤمن والحوثيين وغيرها من القضايا ، ولأهمية تلك المقابلة نقتطف منها ما يخص حديثنا عن الحوثية :

* بداية يلحظ مسيرة مستمرة من الصراع ما بينكم وما بين الحوثيين متواصلة حتى اللحظة في سفيان ومناطق أخرى .. ما هي الأسباب ؟

- الأسباب كثيرة لها نحو عشرين عاماً ، وهي أن هؤلاء الشباب ، ما يسمى الآن في المصطلح الساري يُعرف المتمردين ، وفيما سبق اسمهم الشباب المؤمن والشباب المفتون ولهم عدة أسماء .

* حسين بدر الدين خرج على الرئيس عام 2004م ولا زالت جماعته تعلن الجهاد حتى الساعة ويدعون إليه .

- لا ليس خروجاً على الرئيس ، بل هو خروج على الزيدية ، وهو لم يقاتل الحكومة ، الحكومة قاتلته ، لكن حسين بدر الدين الحوثي خرج على الزيدية هو ومن معه ، والرئيس خاف على الحكم فدافع عن الحكم صيانة للحكم وكعملية وقائية وإجراء وقائي فقط .

* سبق أن اطلعت على تصريح لكم نشر في صحيفة الجيش (26 سبتمبر) ، قلتم فيه إن الحوثيين لا يمثلون المذهب الزيدي ، وإنما يمثلون مذهباً غريباً يسمى المذهب الاثني عشري .. ما حقيقة ذلك .

- هذا هو يمثلوه من الناحية العسكرية فقط ، أما المذهب لا أتهمهم بأنهم اثني عشرية ، لا ولا هم زيدية ، إنما هم مارقون خرجوا عن الدين كله ، ما هم زيدية ولا جعفرية ولا شافعية ولا معهم مذهب من المذاهب ، والدليل على ذلك استباحتهم لأموال المسلمين ودمائهم بغير الحق ، وهذا ما هو مذهب أحد ، ولا هو مذهب الجعفرية ولا الشافعية ولا مذهب الزيدية ، فالشباب المفتون هم أعداء الإسلام كله وأعداء الدين وأعداء المؤمنين .

حصار دماج ومراحله :

لابد من التنبيه إلى أن وسائل الإعلام عندما تتحدث عن دماج وحصارها ، فإنها تشير وتبرز دار الحديث في دماج ، والصواب هو أن دماج منطقة محاصرة بكاملها بمساحة 2كم2 وعدد سكانها (12000) نسمة ، ودار الحديث جزء من كل .

وقد فرض الحوثيون على دماج حصاراً مطبقاً قاتلاً ، ويؤرخ من يوم الخميس 12 ذو القعدة 1432هـ ، حيث ابتدأ بمنع حجاج بيت الله الحرام من الخروج من دماج، مروراً بمراحل هي كالتالي :

المرحلة الأولى : مضايقة الحوثيين طلاب العلم في الطرقات ، بالتفتيش الدقيق إلى حد إخراج ثياب النساء الخاصة ، وإنزال جميع الأثاث من فوق الباصات .

المرحلة الثانية : السب والشتم والكلام القاسي على طلاب العلم مع عدم الرد من قبل الطلاب .

المرحلة الثالثة : أخذ بعض الطلاب وهم عابرو سبيل وأخذ أموالهم وأمتعتهم وتجريدهم من بعض ثيابهم .

المرحلة الرابعة : نهب سيارات الطلاب وأخذ كتبهم وإحراقها .

المرحلة الخامسة : حصار قرية دماج صعدة ، بداية من الثاني والعشرين من شهر ذي القعدة لعام 1432هـ ، حيث قطع عليهم الحوثيون الطريق ومنعوا دخول الغذاء والوقود ، من بترول وديزل وجاز وغاز ، ومنعوا دخول الأدوية ، وقد تأثر أناس بهذا الحصار ، حيث كان سبباً في موت بعض الأطفال بالجفاف ، وموت امرأة حاملٍ في الشهر الخامس ، كذلك اشتداد مرض المرضى بالسكر وغيره لعدم وجود الأدوية .

المرحلة السادسة : إطلاق الحوثيين النار على أهالي دماج في الأشهر الحرم ، بداية من الثامن من ذي الحجة 1432هـ وقتل الأبرياء ، ثم استمروا في قنص الرجال والنساء والأطفال والصغار والكبار .

المرحلة السابعة : قيام الحوثيين في يوم السبت الأول من شهر الله المحرم 1432هـ بالضرب العنيف على قرية دماج وبالخصوص على جبل البراقة ، الذي يتواجد فيه السلفيون من أجل حراسة البيوت ، لأن البيوت تحت الجبل مباشرة ، واستخدموا جميع الأسلحة الثقيلة من مدافع (هاون) ودبابات ومدافع ميدانية وأنواع الرشاشات (12/7) ،(14 ونصف) ومضاد الطيران (23 و 37) , وصواريخ الكتف ؛ وبحسب إحصاءات أمنية فقد وصل عدد القتلى إلى 30 وأكثر من 60 جريحاً بينهم نساء وأطفال .

المرحلة الثامنة : رفْض الحوثيين الصلح عدة مرات ، والذي أتى به الواسطة ، فردوا الصلح الأول والثاني والثالث والرابع والخامس ، وأثناء وجود الواسطات تقع هدنة لوقف إطلاق النار ثم إذا بهم يخرقون الهدنة ويقنصون الطلاب ، فقد قتلوا وجرحوا العشرات والطلاب صابرون .

التقرير الطبي حول الوضع الصحي في منطقة دماج أثناء الحصار :

وفيما يخص الجانب الطبي الحياتي ، فقد صدر تقرير طبي من مدير مركز دماج الطبي أحمد صالح الشبان ، الذي جاء فيه :

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين ، وبعد .. فهذا تقرير مختصر عن الأضرار الصحية الناجمة من حصار دماج من قبل الحوثيين منذ قرابة شهر ونصف :

1- فقد انتشر كثير من الأمراض المعدية ، وخاصة بين الأطفال ، كالإسهال والحصبة والتهابات الجهاز التنفسي.

2- انقطاع أدوية الأمراض المزمنة كالسكري والسل والربو والقلب ، وكذلك أدوية المرضى الذين كانت لديهم مواعيد في المستشفيات .

3- إجهاض كثير من حالات الحمل .

4- موت كثير من الأطفال المواليد ، وولادة أطفال ناقصي الوزن .

5- فشل برنامج علاج سوء التغذية ، والذي كان عدد حالاته 400 حالة .

6- انتشار أمراض سوء التغذية بين الأطفال لانقطاع الحليب ، وكذلك بين جميع الفئات العمرية .

7- فشل برنامج التطعيم الروتيني في المنطقة .

8- تعطيل خدمة المركز الصحي الذي كان يخدم أكثر من عشرين ألف نسمة .

هذا بالإضافة إلى ما يترتب على ذلك من الجراحات والأضرار الناجمة عن القصف بالسلاح الثقيل والخفيف للمنطقة .

ويستمر الحصار المطبق على مرآي ومسمع من العالم ولولا أن سلط عليه الضوء إعلاميا وحقوقيا مجموعة من الشباب الإعلاميين والحقوقيين وبجهود ذاتية الذين قرروا التحقق مما يصدر من دماج من نداءات واستغاثات وصرخات وشدوا رحالهم صوب دماج وكانت شهاداتهم وتوثيقهم فاجعة لليمنيين وللعالم أجمع فقد فتح أولئك الشباب على الحوثيين أبواب الجحيم ليس بالرشاش والقاذفات ولكن بالقلم والصورة والتوثيق .

* عضو المركز الصحفي للثورة

 مسئول البرامج ومنسق الأنشطة للجنة الشعبية لفك الحصار عن دماج في صنعاء .