آخر الاخبار

الدكتوراة للباحث إبراهيم اليمني من كلية الحقوق جامعة بني سويف مع مرتبة الشرف على غرار اقتحامات واتهامات نظام الأسد.. مليشيات الحوثيين تقتحم عمارة سكنية بمحافظة إب بقوة الحديد والنار وتروع سكانها اللواء سلطان العرادة يدعو الحكومة البريطانية الى تفعيل دورها الاستراتيجي في الملف اليمني وحشد المجتمع الدولي للتصدي للدور التخريبي لإيراني .. تفاصيل الاتحاد الدولي للصحفيين يناقش مع صحفيين يمنيين وسبُل محاسبة المتورطين في الانتهاكات التي تطالهم عاجل العميل الإيراني رقم إثنين .. الهدف القادم الذي ينوي الغرب والعرب استهدافه واقتلاعه.. ثلاث خيارات عسكرية ضاربة تنتظرهم ما يجهله اليمنيون والعرب ..لماذا لا يجب ترك شاحن الهاتف موصولاً بالمقبس الكهربائي بشكل دائم؟ من هو الأفضل في 2024 بحسب الأرقام؟ كريستيانو رونالدو أم ليونيل ميسي.. عاجل تحسن هائل في سعر الليرة السورية مقابل الدولار .. اسعار الصرف شاحن هاتف ينهي ويوجع حياة 7 أفراد من نفس العائلة في السعودية توافق دولي عربي على الوضع في سوريا

بؤرة الخلل في الحياة السياسية اليمنية
بقلم/ كاتب/رداد السلامي
نشر منذ: 16 سنة و 8 أشهر و 16 يوماً
الأحد 30 مارس - آذار 2008 01:12 ص

الأساس الذي تنبني عليه انتقالات جديدة ينبع دوما من حاجة ذاتية ملحة لديها وعيا حقيقيا بمدى أهمية التغيير لتجاوز راهنيه المرحلة المحبطة،ولذلك فالعثرات المستدامة التي منشأها عجز واضح في مختلف الأداءات هي نتاج سلوك غير سوي أفرزته رؤى ضبابية ليست راشدة.

اليمن ينطبق عليها هذا التشخيص ،فالنظام السياسي الحاكم نتاج وضع طبيعي لوضع وطني شاذ غائم في الرؤية وعائم في نظرته إلى الدولة كمفهوم حضاري وإنساني قائم على احترام الآخر وخصوصياته وله الحق في ممارسة حياته وفق ما يؤمن به من معتقدات وقيم وخيارات لا تخدش من حقوق الآخر ولا تطغى عليه.

والأحزاب السياسية وإن بدت أنها من حيث الشعارات تنادي بتلك القيم والمفاهيم إلا أنها من حيث التطبيق وفي ميدان الممارسة واقعة في انفصام واضح ،إذ لا يتجلى في الفعل سوى المتخلف وفي السلوك ينفضح ذلك الانفصام وتبدو الهوة بين القول والعمل كبيرة ومتسعة.

ومع ذلك فالإصرار من قبل الكل نظام حاكم ومعارضة على الانفراد بصوابية النظرة والرؤية ولد هذا الفضاء الوطني الغائم وأضحى الحوار فيما بينهما مسبوق بنوايا ملغومة بالتنصل والاختلاف الحاد قبل وقوعه فيولد السلوك سقطا مشوها يلقي بضبابية تربك العقل والوعي العام وتصيبه بالأسى واليأس من أمكانية تجاوز الحاضر المخيف إلى المستقبل الآمن فيزداد الخوف والإحباط ويستشري الصراع الاجتماعي بحدية جارحة ويكون التشتت والتشظي هو الحاصل دوما ,,وتقصف في الذات الوطنية الكثير من آمال الروح..

المعروف العلاقة بين السلطة والمعارضة تعبر.. في كل مكان وزمان.. عن مستوى الحياة السياسية وعن خصائص المجال السياسي للمجتمع المعني.. ومن ثم عن درجة تقدمه وارتقائه. فالتخارج والعداء الذي نلحظه بين السلطة والمعارضة.. كما هي الحال عندنا.. ينم على مجال سياسي مغلق.. أو نسق مغلق.. تتطابق حدوده مع حدود السلطة المجال السياسي المفتوح يتوفر على توازن فعال بين القوى الجاذبة إلى المركز والقوى النابذة عنه، وهذه القوى تشبه في فعلها القوى المتعاكسة التي تبقي وتر القوس مشدوداً؛ لأن كلاً منها جاذبة ونابذة في الوقت ذاته، في حين يتسم المجال السياسي المغلق باختلال التوازن الفعال. أيضاً، بين هذه القوى.. فإما أن تغلب فيه عوامل الجذب إلى المركز فيمتص قوة المجتمع ويكثفها في بؤرة معتمة فتتحول إلى ما يشبه الثقب الأسود في فضاء السياسة.. وإما أن تغلب فيه عوامل النبذ فيتشظى ويتناثر مبدداً ما امتصه من قوة المجتمع وطاقته. ذلك لأن القوى المتعارضة أو المتعاكسة تغدو وحيدة الاتجاه وعديمة الوزن. وهذا ما يفسر شلل الحياة ،. ويلقي الضوء أيضاً على آليات الاستقطابات المختلفة، ومن ثم فإن أهم ما يسم المجتمعات والدول ذات المجال السياسي المغلق هو التبعية أو عدم الاستقلال.ولذلك تفشت الخطابات المغلقة والتصريحات والتلميحات العدائية فالأنساق السياسية المغلقة تنتج خطابات سياسية مغلقة ولا عقلانية بالضرورة، خطابات تجافي العقل والمنطق وتقف دوماً على طرفي نقيض: التصديق التام والتكذيب التام. الحقيقة الكلية الناجزة والباطل المحض.. الولاء المطلق والعداوة المطلقة.. الرفض المطلق والقبول المطلق، وليس ثمة مساحة للاختيار والاختيار من أهم صور الحرية. الرفض المطلق تعبير سلبي عن الحرية. والاختيار تعبير إيجابي عنها هذه الخطابات المغلقة تنظر إلى السياسة ذاتها على أنها حرب تحكمها قاعدة الولاء والعداوة. السلطة ترى في المعارضة عدواً يجب الإجهاز عليه وأخذه دوماً على حين غرة، ولا مكان له عندها إلا القبر أو السجن أو المنفى. بل تذهب إلى أن كل من لا يواليها هو عدو محتمل.. فتتسم علاقتها بالشعب بالريبة والتوجس. والمعارضة لا ترى في السلطة سوى شر يجب استئصاله. وكلاهما : خطاب السلطة وخطاب المعارضة متواطئان، موضوعياً، على بقاء الوضع كما هو عليه. إذ إن القول بأن النظام كله سليم مثل القول بأن النظام كله فاسد. ومشكلة هذين الخطابين الضدين لا تكمن في عدم إمكانية التقاء القائلين بهما وفي عدم إمكانية الحوار بينهم.. لأنهم على طرفي نقيض فقط.. بل تكمن أساساً في أن أصحاب القول الأول لا يرون في النظام شيئاً يحتاج إلى إصلاح.. وأصحاب القول الثاني لا يرون فيه شيئاً يمكن أن يصلح.. وكل بما لديهم قانعون. أولئك غارقون في إيجابية خالصة قطعت كل علاقة بين النسبي والمطلق وأقامت نسبيها مطلقاً، وهؤلاء غارقون في سلبية خالصة، والإيجابية الخالصة سلبية خالصة؛ فالطرفان معاً سلبيان إزاء الإصلاح الديموقراطي الممكن والواجب. وهذه السلبية عقبة أساسية في طريق التحسن والتقدم. هذه الخطابات المتضادة أو المتناقضة تعادمياً تفصح عن ثلاث حقائق أساسية: أولاها أنها نتاج مجال سياسي مغلق. والثانية أنها نتاج مجال سياسي متشظ ومتناثر لا مركز له ولا نقطة توازن. والثالثة أنها نتاج رؤية مملوكية إلى السياسة وإلى المجتمع والدولة والإنسان. والوقائع التي تشير إليها هذه الحقائق هي تخارج السلطة والمعارضة، وشلل الحياة السياسية، وإمكانية استيلاد العنف والعنف المضاد في كل حين. وفي ضوء ما سبق يمكن القول إن وحدة قوى المعارضة ومن ثم وحدة السلطة والمعارضة شرطان ضروريان لإصلاح الأوضاع القائمة وتجاوزها ولا سيما على صعد الاقتصاد والثقافة والسياسة. فقد بات على السلطة أن تعترف بفساد الأوضاع القائمة وبمسؤليتها الأولى عن هذا الفساد، وبات على المعارضة أن تتوقف عن الرفض وتعمد إلى الاختيار، وتكف عن النظر إلى الفساد القائم على أنه وحده أحد مسوغات معارضتها وعلى أنه ضروري لخطابها. فالمعارضة والسلطة معاً في خطر..لأن مصدر قوتهما ومشروعيتهما ومسوغ وجودهما قد بات في خطر، أعني الوطن ووحدته ودستوره واستقراره.