الرئيس احمد بن بلة ..«سيرة ذاتية»
بقلم/ مأرب برس - خالد احمد السفياني
نشر منذ: 12 سنة و 8 أشهر و يومين
الخميس 12 إبريل-نيسان 2012 10:19 م

فقدت الجزائر والامة العربية يوم 11/ ابريل / 2012م واحد من ابرز ساستها وقادتها الذين كان لهم دور بارز في فترات زمنية دقيقة من تاريخ الامة العربية وهو الرئيس الجزائري الأسبق احمد بن بلة ، ولتسليط الضوء على حياة هذه الشخصية نقدم سيرته الذاتية .

الرئيس احمد بن بلة : أول رئيس لجمهورية الجزائر بعد الاستقلال .

ولد احمد بن بلة في 25/ديسمبر –كانون الاول /1916م في مدينة\\\" المغنية\\\" ودرس في المدرسة الثانوية بــ(تلمسان) وفي سنة 1937م التحق بالخدمة العسكرية و اثناء الحرب العالمية الثانية تم نقله للعمل في جماعة من قبيلة تقوم بحراسة منطقة شمال افريقيا في عهد الاحتلال الفرنسي برتبة رقيب اول ومن بعدها رقي الى رتبة مساعد ، وعلى الرغم انه كان مصنف من ضمن الرجال الخطرين او ما كان يطلق عليه (خيال القوم ) فقد نال عدد من الاوسمة العسكرية خلال فترة تاديته الخدمة ، ففي عام 1940م عندما كان برتبة رقيب اول في الفرقة الـــ\\\" 14\\\" حصل على (وسام صليب الحرب) لتمكنه من تحطيم( شتوكا ) وهي قاذفة قنابل المانية استعملت في الحرب الثانية ، وفي عام 1944م في الفرقة الخامسة في الجيش المغربي سلمه الرئيس الفرنسي الجنرال شارل ديغول شخصيا وسام ( الميدالية العسكرية) المكرسة لتضحيات الجنود المغاربة في ايطاليا وفي معركة( مونت كاسيو) استطاع ان ينقذ حياة ضابطه \\\"اوفيل فيلو كورت \\\"0 ولكن هذه الحالة لم تستمر طويلا ففي 8/يونيو –حزيران/ 1945م كان منعطفا خطير ا في حياة احمد بن بللا عندما قام الجيش الفرنسي بارتكاب مجزرة رهيبة بحق المتظاهرين في مدينة( قسنطينة) فمنذ ذلك اليوم اعلن الحرب الطويلة ضد فرنسا الاستعمارية ، وفي سنة 1949م أصبح مسئولا عن التنظيم الخاص في\\\" جبهة التحرير الجزائرية\\\" وساهم في الهجوم على موقع بريد مدينة \\\"وهران \\\" برفقة حسين آية احمد ورباح بيطاط في يونيو-حزيران /1950م وتم القاء القبض عليه وحكم عليه بالسجن ثماني سنوات لكنه تمكن من الهرب في ابريل-نيسان من عام 1952م واستطاع الوصول الى (مرسيليا) ومن ثم اختفى في (باريس) في\\\" سقيفة \\\" غرفة الخدم في (شارع روشيشروا) ومن ثم رحل الى سويسرا وبعدها الى ( القاهرة) في مصر حيث التحق بآيت احمد ومحمد خضر ليشكل معهما الوفد الخارجي لجبهة التحرير الوطنية ..

اصبح احمد بن بلة منذ عام 1953م المسئول اللوجيستي للثورة الجزائرية متنقلا بين مصر والمغرب و ايطاليا واسبانيا وعاش معظم سنوات الثورة وراء قضبان السجون الفرنسية اضافة الى كونه اشهر سجين سياسي حيث قضى 23عاما وراء القضبان..،و كان ضمن السجناء من الثوار الجزائريين في فرنسا الى جانب محمد ابو ضياف وحسين آية احمد ومحمد خيضر ورابح بيطاط .

واستطاع النجاة من عدة تفجيرات استهدفته منها قنبلة وضعت في مكتبة بالقاهرة ومحاولة اغتيال في (فندق اكسيلسيور) في طرابلس ،، ،تم القاء القبض عليه بعد (مؤتمر الصومال) بشهرين حيث اختطفت الطائرة وعلى متنها الزعماء الاربعة (احمد بن بللا، حسين ايت احمد، محمد ابو ضياف، محمد خيضر )واعلامي مرافق من اصحاب ابو ضياف هو (مصطفى الشرف ) وفي المرة الثانية في 1956م حيث كان يستقل الطائرة من المغرب الى تونس برفقة بيتات وبو ضياف وايت احمد والشريف . وفي 1957م انزلت الطائرة التي كانت تقله من الرباط الى تونس باوامر من السلطات الفرنسية ليصبح سجينا في جزيرة \\\" اكس \\\"على الشاطئ الاطلسي الفرنسي ومن ثم في \\\"شاتو \\\".

عرف في حياته كبار الشخصيات السياسية البارزة في القرن الماضي ، كان شديد الاعجاب بالرئيس الراحل جمال عبد الناصر الذي كان له دور كبير وداعم في الثورة الجزائرية ويعتبره من القادة الذين يمثلون\\\" ضمير العالم \\\" وله علاقات مع كثير من زعماء العالم .

في 16 /مارس –اذار /1956م تم تشكيل الحكومة الجزائرية المؤقتة برئاسة عباس فرحات والتي اعترفت بها 14 دولة في خلال شهر واعلن ديغول قبول المفاوضات مع الثورة بتسليم المتمردين السرح ليتم بعد اربع سنوات اجراء استفتاء حق تقرير المصير ،لكن جبهة التحرير الجزائرية قالت ان الاستقلال ينتزع ولا يوهب واعتمدت الكفاح المسلح ، وفي 19 سبتمبر –ايلول /1958م تم اعلان حكومة الجزائر المؤقتة في القاهرة والذي كان له دلالة كبرى واهمية على طريق الثورة الجزائرية التي تمخضت عن ثورة المليون شهيد ، و بعد استفتاء 28سبتمبر- ايلول 1958م اجريت الانتخابات التشريعية في 30 نوفمبر 1958م التي اسفرت عن فوز ( 48 نائبا) ثم الانتخابات البلدية من 19-26 ابريل 1959م التي اسفرت عن مئات النواب البلديين ثم انتخابات مجلس الشيوخ في 31 مايو –ايار 1959م التي اسفرت عن انتخاب 22 عضو مسلما ، ثم الانتخابات الجمهورية في 29 مايو 1960م والتي شكلت مجتمعة المخاض للثورة الجزائرية.

و في20/ مايو-ايار/ 1961م جرت مفاوضات \\\" ايفيان\\\" والتي اقرت وقف اطلاق النار بين فرنسا وجبهة التحرير وانسحاب قواعد فرنسا من الجزائر 0وهي المفاوضات التي مهدت لاستقلال الجزائر بعد احتلال فرنسي دام 132عام بين ( 1830م حتى 1962م) وفي يونيو 1962م تم الاستفتاء على الاستقلال ليعلن الرئيس الفرنسي ديغول استقلال الجزائر وتشكلت اول حكومة جزائرية في يونيو-حزيران 1962م ، وفي 5يوليو-تموز 62م انسحبت القوات الفرنسية من \\\" سيدي فرج\\\" قرب الجزائر وهو نفس المكان الذي دخلت منه وفي نفس يوم دخولها 5 يوليو بعد 132عاما من الاحتلال وتحرك جيش التحرير الجزائري الموجود في المغرب بقيادة هواري بو مدين من وهران الى الجزائر العاصمة .

- و في عام 1962م تم اطلاق سراح ابن بللا مما ا تاح له المشاركة في مؤتمر طرابلس لقيادة الثورة .وفي 15/سبتمبر –يوليو /1963م دخل الجزائر وانتخب اول رئيس للجمهورية في الجزائر بعد الاستقلال في 29/سبتمبر – ايلول /1963م بموجب الاستفتاء في 1/يوليو –تموز / 1962م على ضؤ (معاهدة ايفيان) و( عهد الثوار ) في اول /نوفمبر-تشرين الثاني / 1954م الذي ينص على اقامة الدولة الجزائرية الديمقراطية الاجتماعية ذات السيادة في اطار المبادئ الاسلامية وكانت هذه هي اهم نقاط البيان الذي اعلن ميلاد ثورة شعبية تحريرية شاملة .

-عندما تسلم الرئيس احمد بن بللا السلطة كان هواري بو مدين وزيرا للدفاع تحالف الرجلان بعد الاستقلال، وكان الاصل ان يكون تحالفا استراتيجيا فقد كان كلاهما وطنيا مخلصا يحب بلاده وكان كلا منهما متقشفا على المستوى الشخصي وكان بومدين له نفوذه في الجيش فحاول بن بللا تعزيز نفوذه سياسيا فحدثت خلافات برزت فور رفع العلم الوطني و ابرزها خلافات حول واقعية( شعار التطهير) الذي رفعة ابن بللا والذي كان شعارا (رائعا حسب رؤية البعض) من الناحية الاستراتيجية وسيئا من الناحية التكتيكية وهذا مايفسر موقف الرئيس بومدين عندما واجه الرئيس بن بللا في\\\" المؤتمر الرابع للحزب في 1964م \\\"ورد على شعاره بشعار (من يطهر من..؟)

,,, وفي 19 /يونيو-حزيران/ 1965م سقط نظام حكم بن بللا بانقلاب وزير الدفاع هواري بو مدين ، و تم القاء القبض عليه ليلا وهو في ملابس النوم و سجنه في احد اقبية وزارة الدفاع في عزلة تامة طيلة ثمانية اشهر وسرعان مانقل الى قصر هولدن الذي عرف فيه ما اطلق عليه نظام القبور.

عاش بن بلة بين اربعة اخوة واختين وهو اخر من تبقى منهم على قيد الحياة وماتت امه في عمر الـ96عاما وفي 1972م قامت بزيارته في السجن ، وقد تقبلت زوجته( زهرة ) الزواج به في هذا السجن وبقت معه منذ 1971م وحتى 1979م ، ، وبدأت اوضاعه وقد اخذت في التحسن بعد وفاة هواري بومدين في نهاية 1978م وتم اعلان العفو عنه في عام 1980م فأسس في فرنسا \\\"حركة الديمقراطيين في الجزائر\\\" .

وبعد مرور ستة اشهر في ابريل 1981م تم نقله الى منطقة\\\" مسيلا \\\" في الجنوب وامضى فيها 18 شهرا حيث خصص له الرئيس الشاذلي بن جديد راتبا شهريا قدره\\\" 12 الف دينار جزائري\\\" وفيلا في بوليفين في الجزائر ،واسس \\\"اللجنة الاسلامية العالمية لحقوق الانسان\\\" في 1981م وغادر الجزائر الى المغرب في 1985م.

 في الوقت الذي قرر فيه عدم العودة الى الجزائر بدأ في الخروج من الصمت الذي تحلى به سنوات طويلة وبدأ يعطي اراءه عن قضية البلد ، ثم عاد من منفاه في المغرب بعد( 5 سنوات) و في 27/سبتمبر –ايلول /1990م وعقب عودتة بدأ في استئناف العمل السياسي في البلاد ، و وقف ضد النظام العسكري في 1990م ، فمع عودة احمد بن بللا رئيس حزب \\\"الحركة من اجل الديمقراطية \\\" الى الحياة السياسية الجزائرية شارك في (مؤتمر المعارضة بروما) سنة 1995م، وصفت مشاركته هذه بالتآمر ضد الجزائر فقد تمخض عن هذا المؤتمر ( وثيقة العقد الوطني) التي تضم بين ثناياها افكار ومقترحات لحل الازمة الجزائرية المستعصية ووقع على (ندوة روما) في هذا المؤتمر بالاشتراك مع الجبهة الاسلامية للانقاذ و التي طالبت بالمصالحة الوطنية واحترام التنوع الثقافي والتعددية السياسية في البلاد، وشكل داعما لتوجهات الرئيس الحالي عبد العزيز بو تفليقة وخصوصا في مسائل المصالحة مع (الامازيغ ) والحركات والتيارات الاسلامية، وفند ذلك بان ابو تفليقة افضل الموجودين على الساحة لانجاز هذه المهام الوطنية.

يقال ان لاحمد بن بللا دور محوري في اقناع الرئيس عبد العزيز بو تفليقة بالسماح بعودة كبار قيادي جبهة الانقاذ الى البلاد تمخض عنه عودة رابح كبير وعدد من القيادات المعارضة.

-رأس بن بللا لجنة القذافي لحقوق الانسان في\\\" فيينا –سويسرا\\\" كما أسس منتديات عديدة للوقوف ضد الحصار في ليبيا وكوبا والعراق.

–ألّف العديد من المؤلفات والكتيبات منها:-

-خطاب التوجيه 1984م ،حديث معرفي شامل 1987م

-حول الاسلام والنظام العالمي الجديد 1989م ،

-أي دور للاسلام في ولادة العالم الجديد 1989م،

-الاسلام والثورة الجزائرية 1989م ،نسل ملعون 1989م ،

-حوار الشمال –جنوب 1994م ،حول الاقتصاد الحر 1994م

-أي علم لدول الجنوب تعاون أم تصادم 1994م .

*من كتاب "زعماء العرب في القرن العشرين" تحت الطبع ..تأليف/ خالد احمد السفياني..