يهود اليمن في رمضان
بقلم/ متابعات
نشر منذ: 16 سنة و 3 أشهر و 12 يوماً
الإثنين 08 سبتمبر-أيلول 2008 01:27 م

يعيش أبناء الطائفة اليهودية في اليمن مثل نظرائهم المسلمين اليمنيين، من حيث العادات والتقاليد وإحياء الجو الرمضاني، باستثناء الصيام الذي يقوم به المسلمون، كفريضة دينية، ويتعايش أبناء الطائفتين اجتماعيا بشكل طبيعي لدرجة لا تكاد تذكر الفوارق الدينية بين أبنائها.

النوم حتى الظهيرة في النهار، التأخر حـــتى قرب الفجر في الليل، عدم الأكل أو الشرب أمام الملأ في الشــــوارع و تجنب البذيء من القول هو السمة السائدة لدى اليهود اليمنيين كما المسلمين تماما خلال شهر رمضان، وإن كان بعض اليهود يخزّن (يمضغ) القات في نهار رمضان ولكن في أماكن مغلقة داخل منازلهم.

وذكرت مصادر محلية في مدينة ريده (70 كيلو متر شمال صنعاء) أن التكافل الاجتماعي وتبادل أطباق الطعام بين اليهود والمسلمين، تزداد خلال شهر رمضان، حتى أن نساء اليهود يتفنن في طباخة الأطباق الرمضانية المفضلة لإهدائها إلى جيرانهم ومعارفهم المسلمين.

وذكرت وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) الرسمية في تحقيق لها أمس أن المرء لا يشعر بالفرق بين حارات اليهود والمسلمين خلال شهر رمضان في منطقة ريده بمحافظة عمران، حيث تقطن أغلب الأسر اليهودية. وقالت 'إن بعض منازل اليهود اليمنيين تعد للصائمين المسلمين وجبات الإفطار والبعض الآخر منها ترتب جلسات السمر المسائية التي يتناول خلالها اليهود والمسلمون القات في مقايل جماعية مع الاحتفاظ بخصوصية كل منهم'. ونسبت إلى السيدة اليهودية تركية بنت يحيى هارون (65 عاما) قولها 'أتهيأ كعادتي لاستقبال شهر رمضان من خلال تجهيز (المصلة)، وهي أداة منزلية لصناعة اللحوح (رقائق رمضانية) لتقديمه للمسلمين الصائمين'.وأضافت أنها تربي بقرة في منزلها وتقوم بحلبها وتوزيع قوارير اللبن الرائب على جيرانها الصائمين من المسلمين الذين يستخدمون ذلك في صناعة وجبة الشفوت الرمضانية (فتة من رقائق اللحوح). وأكدت أن النساء اليهوديات والمسلمات يتعاون ويشتركن في الأعمال المنزلية وقالت 'نتبادل المنافع وخصوصا في رمضان ونتعاون في المناسبات في أعمال المنزل والطبخ، ونشترك في صناعة الخبز والعجين وتنقية الحبوب وطحنها'.إلى ذلك قال يهودا سعيد وهو من أبناء الطائفة اليهودية 'نحن اليهود، نحترم رمضان ونمارس فيه أعمالنا بشكل طبيعي، لكننا نحرص على عدم الأكل أو الشرب أو تناول القات خارج بيوتنا احتراما لمشاعر المسلمين الصائمين'. وأوضح 'هذا الاحترام نابع من شعورنا بأهمية رمضان ومكانته عند المسلمين، وكون ذلك متبادلا، فالمسلمون يحترمون شعائرنا الدينية بالذات يوم السبت'. وأضاف يهودا أن اليهود اليمنيين في الغالب يشاركون المسلمين في صوم أيام من رمضان 'سواء التي تتزامن مع أيام الصوم المفروضة علينا حسب طالع الحساب الذي يعتمد على التقويم الميلادي، أو من باب صوم النوافل (التطوع)، وهو ما يقوم به جميع اليهود الذين بلغوا سن الرشد وامتلكوا القدرة على الصوم تقربا إلى الله'.وأكد ماشا الحلا (48 عاما) تأثره وبعض أبناء الطائفة اليهودية بالأجواء الرمضانية في اليمن وخصوصا مواعيد الأكل والنوم، وقال 'خلال رمضان نتأخر في تناول وجبات الأكل وتتعدد الوجبات كون هناك أصناف من الأطعمة لا تتوفر عندنا إلا في رمضان، كما نسهر إلى وقت متأخر من الليل'. وأرجع الحلا ذلك التأثر إلى الأجواء الرمضانية اليمنية التي تقلب الليل نهارا والنهار ليلا في منطقة ريده 'حيث تخلو الشوارع والطرقات من المارة حتى الظهيرة وتزدحم في أوقات المساء خلال رمضان'.

من جانبه قال محمد راشد الشعابي (40عاما) وهو مسلم إن 'اليهود اليمنيين يتميزون بالتعامل الأخلاقي والإنساني، وهذا راجع إلى العادات والقيم الاجتماعية للمجتمع اليمني الذي يشكل اليهود جزءا منه'. وأوضح أن 'اليهود في رمضان وخصوصا خلال النهار وفترة الصوم يتأقلمون مع المسلمين، ويحترمون الشعائر الإسلامية، حيث تشاهد اليهودي في السوق أو في أي مكان خارج بيته كأنه صائم، كما أن اليهود يتأثرون بحالة المسلمين في رمضان، فيؤخرون سمراتهم ومقايل تناول القات'. وذكر أمين السريحي أن هناك حالة من التكيُّف بين الشباب اليهود والمسلمين مع الأجواء الرمضانية وقال 'نجتمع مع بعض في مجالس القات خلال ليالي رمضان، حيث تقام هذه الجلسات أحيانا في منازل يهود وأحيانا في منازل مسلمين'. وأشار إلى أنه 'حين نلتقي جميعا في الليل يوحي لأي زائر أن اليهود والمسلمين كانوا صائمين طوال نهار رمضان'.وذكر أحد أبناء الطائفة اليهودية لـ(القدس العربي) أن التعايش الاجتماعي بين اليهود والمسلمين يقوى في بعض الحالات إلى مستوى أفضل من التعايش بين أبناء الطائفة اليهودية نفسها، لأن هناك نزعة عدائية وحساسيات وخلافات مستمرة بين اليهود، لدرجة أصبح كل واحد منهم يعيش في جزيرة مستقلة عن الآخر. وأوضح أن العديد من الشباب اليهود على علاقة وطيدة بالمسلمين ويتمتعون بصداقة وثيقة بهم، تتجاوز في كثير من الأحيان علاقاتهم بأبناء طائفتهم، غير أن فتيات اليهود حبيسات المنازل، خشية نسجهن علاقات غرامية مع الشباب المسلمين، والتي تنتهي بالزواج، كما حدثت العديد من حالات الزواج بين الجانبين خلال الفترة الماضية دون رضا الآباء.

وأضاف أن الآباء اليهود يمنعون بناتهم من الاحتكاك أو الاقتراب من الشباب المسلمين تفاديا لأي نهاية مأساوية في نظرهم، وهي زواج فتياتهم من مسلمين، ويعتبرون أي فتاة يهودية تتزوج من مسلم بأنها في عداد الموتى دينيا، حيث تقوم أسرتها بفتح مأتم في فراقها وتتقبل التعازي في ذلك.

وأشار إلى أن فتـــــيات اليهــــود تستهوي شباب المسلمين نظرا للجمال الذي يتمتعن به، كما أنهن يجتذبن نحو الشباب المسلم لاعـــــتقادهن بأنهم أقدر على العطاء وعلى الحركة والإنتاج في الحياة مقارنة بنظرائهم اليهود الذين يتكلون على ما يحصلون عليه من مساعدات ودعم خارجي من المنظمات اليهودية الدولية.