المسيخ الدجال في شارع بغداد!
بقلم/ ناصر يحيى
نشر منذ: 18 سنة و 3 أشهر و 9 أيام
الإثنين 11 سبتمبر-أيلول 2006 11:34 ص

العملية (الديمكراطية) التي تديرها سلطة المؤتمر الشعبي العام هذه الأيام من خلف الواجهة الشهيرة باسم (اللجنة العليا للانتخابات والاستفتاء) تؤكد أنها نتاج عقليات سياسية متخلفة وليس نتاج عقليات علمية.. لأنها لو كانت –أي الديمكراطية المؤتمرية- نتيجة جهود علمية لتم تجريبها على الحيوانات أولا قبل أن (يكعّفوها) الشعب اليمني بهذه الطريقة المذلة التي فاقت في سوئها كل التجارب الماضية!

ومن دهاء السلطة المؤتمرية أنها لا توسّخ يديها بقاذورات إجراء انتخابات مزورة.. ولذلك تحرص على أن يكون لديها (أعور دجال) –أو مجموعة منهم- يشكلون أغلبية تهيمن على (اللجنة العليا للانتخابات والاستفتاء) ليتم على يديها صنع كل ما يخطر على بال الحزب الحاكم من فجائع وخروقات وانتهاكات للدستور والقوانين! والمسألة في غاية البساطة ولا تحتاج إلا إلى اختيار عينات من السياسيين الذين انتهت صلاحياتهم ولم يعد لهم طموح –بعد توظيف أبنائهم وأقاربهم- إلا أن يقضوا بقية حياتهم في وظيفة شرفية!

أداء اللجنة العليا للانتخابات خلال الأسابيع الماضية أكد حقيقة أن أسهل شيء في هذا البلد هو أن (يندع) المسول يمينا مغلظة عند حلف اليمين الدستورية ثم يخرج منديلا ويمسح بها الكف التي وضعها على المصحف وهو يقول في نفسه (ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا)!

والأعور أو المسيخ الدجال كما جاء في الآثار لديه عين واحدة فقط.. قالوا في معناها إنه لا يرى بها إلا إلى جهة واحدة.. والأعور الدجال في اللجنة الانتخابية –ليس شرطاً أن يكون شخصا بعينه- هو هذا الذي لا يرى انتهاكات الحزب الحاكم ومسؤوليه للقانون -وفي مقدمتهم مرشح المؤتمر الشعبي العام للرئاسة-! ولا يرى –أيضاً- كيف تدار الأمور في جهاز الدولة لصالح مرشح الحزب الحاكم! ولا يرى كيف تمارس الانتهاكات في كل مكان جهارا نهاراً! وفي المقابل فإن هذا الأعور أو المسيخ الدجال لديه حاسة خاصة تجاه أي اتهام أو إشاعة يرددها (الأسياد) في الحزب الحاكم ضد المعارضة.. فكلها تتحول إلى حقائق تبني عليها بيانات وتهديدات ضد منافسي ولي الأمر والنعمة!

وفي خبر نشرته الصحافة الحكومية أن اللجنة العليا للانتخابات (تتوعد بإحالة كل من يمارس الدعاية الانتخابية داخل المساجد إلى النيابة العامة وفقا لقانون الانتخابات والاستفتاء) وهذا تهديد يستحق الثناء.. فقد كشف لنا إن (المسيخ الدجال) ما يزال يتذكر أن هناك شيئا اسمه قانون الانتخابات والاستفتاء الذي ظن الشعب من كثرة وضعه تحت الحذاء العسكري أنه قد تم تجميده والعمل بمقتضى قانون (أنا الدولة والدولة أنا)!

 

 

 

 

المسيخ الدجال في شارع بغداد قيل له إن هناك دعاية انتخابية في المساجد وأُمر –وعبده مأمور- أن يصدر تهديدا! ولكن أحدا لم يقل له -مثلا– أن زيارات مرشح المؤتمر الشعبي العام للمديريات والتقائه بالمواطنين ومناقشة احتياجاتهم التنموية وظهور ذلك في التلفاز مخالفة للدستور تستحق منه أن يصدر بيانا ولو كان خاليا من التهديد والوعيد يقول فيه (يا فندم.. يا رمزنا.. يا حبنا.. يا رئيسنا الدائم.. ما بش داعي لمخالفة قانون الانتخابات وإحراجنا قدام المعارضة.. وما فيش داعي تمروا بموكبكم الشريف المعظم على المديريات وتزوروا الشعب في هذه الأوقات لأن قانون الانتخابات الملعون بن المعلون يمنع ذلك! وتقبلوا أنقى ولائنا.. التوقيع خدام موكيت غرفة حارس سكرتيركم!)

لا قطعا.. لا يمكن لخدام خادم الجرافي أن يصنع مثل ذلك.. وإلا فإنه يعرف أن مصيره سيكون أسود من الديمكراطية!

الأعور الدجال الذي يتوعد المساجد لأن بعض الخطباء ينددون بالفساد، ذكي مثل ذلك الجندي في إحدى بلاد الله الذي سمع مواطنا يشتم ويلعن الخيانة واللصوصية والفشل والفساد فألقى القبض عليه بتهمة شتم الحكومة.. وعندما أحتج المواطن بأنه لم يذكر اسما رد عليه (عبدالمأمور) بأنه مذنب لأنه لا يوجد من ينطبق عليه صفات الخيانة واللصوصية والفشل والفساد إلا الحكومة التي تحكمهم!

وهكذا الأمر مع اللجنة العليا للانتخابات فأي حديث عن الفساد والنهب والسرقة يفهمها الأعور الدجال فورا بأن المقصود بها سلطة المؤتمر الشعبي العام ولسان حاله يقول بأنه لا يوجد أفسد ولا أنهب من هذه السلطة!

الأعور الدجال يصدق أن الآخرين يصدقون كلامه عن الحيادية وهم يرون كيف تعرض وسائل الإعلام الرسمية تقاريرها المصورة أو المكتوبة عن مهرجانات المرشحين.. فصورة مرشح المؤتمر الشعبي العام لابد أن تكون كبيرة وواضحة ومعها يظهر جزء من الجماهير المحتشدة بالقوة.. أما بقية المرشحين فصورهم تظهر فقط وكأنها سوف تستخدم في استخراج بطاقة شخصية وفي الفضائية اليمنية.. تطحس الكاميرا من أيدي الممنتجين وتتجول بأريحية في ساحة مهرجان مرشح المؤتمر.. أما في مهرجان مرشح اللقاء المشترك فالكاميرا خجولة أو بالأصح المونتاج لا يرضى أن يستعرض الجماهير إلا بصور خاطفة أو يتم التركيز على جانب واحد من ساحة المهرجان! حتى عناوين الصحف الحكومية التي تضعها للتقارير الإخبارية عن المهرجانات فيها (سادة وعبيد).. فعنوان مهرجان السادة -الحكام مليء بالبشائر والمنجزات والوعود.. أما عناوين مهرجانات الشعب- (العبيد) فمعظمها بلا لون ولا رائحة!

الأعور الدجال في شارع بغداد لا يرى السيارات الحكومية والعسكرية والأمنية وسيارات القمامة وهي تتمخطر في شوارع المدن حاملة صور مرشح المؤتمر الشعبي العام وحده لا شريك له! بل ربما يمتعض وجهه إذا رأى أن الصور صغيرة أو قليلة ولا تليق بالمقام!

الأعور الدجال في اللجنة العليا للانتخابات لم يلاحظ انتهاكات الحزب الحاكم.. حتى السيارات بمكبرات الصوت التي تجوب الشوارع ألهمه الله أنها لا تتناقض مع القانون لأنها تذيع أناشيد وطنية!

تخيلوا صحفيا يسأل الأعور الدجال:

* ما قولكم في تمزيق صور مرشح اللقاء المشترك؟

- الأعمال بالنيات.. والله لا ينظر إلى الصور!

* ما قولكم في فتاوى (المأربي) بأنه لا يجوز منافسة رئيس الجمهورية لأنها حرام؟

- ولي الأمر كان موجودا.. ولا نستطيع الاعتراض لأنه إذا حضر الماء بطل التيمم.. ونحن كما تعلمون لسنا الماء بل الطين اللازب!

* ما قولكم في مشاركة بنك التسليف الزراعي الحكومي في الدعاية لمرشح المؤتمر الشعبي العام؟

- فلوسهم حرام.. وهي تستحق هذا المصير لتطهيرها من الربا.

* ألا يوجد شبهة إكراه في قيام التجار برفع إعلانات باسماء شركاتهم التجارية دعما لمرشح المؤتمر؟

- فيها قولان.. ولكن الراجح عندنا أنه يجوز لأن الله يقول (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها).

* ما قولكم في نشر تهنئة باسم اللجنة العليا للانتخابات لمرشح المؤتمر دعما وتأييدا له؟

- احتياطا للمستقبل وطاعة لقول الرسول صلى الله عليه وسلم الذي يقول (اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا).

* يقال إنكم منزعجون من كثرة الحديث عن الفساد؟

- ألله أمر بالستر (وإذا ابتليتم فاستتروا).

* سؤال أخير.. هل يمكن أن يأتي يوم وتعلن فيه فوز مرشح اللقاء المشترك؟

- أضغاث أحلام.. والله وتالله وبالله لو حصل على 100% فلن ينطق لساني إلا باسم صاحبنا.. قصدي.. مرشحنا.. قصدي...!!