أئمة الزيدية: التقية وسيلة لارتكاب الجرائم والسلب والنهب في اليمن.
بقلم/ د. لمياء الكندي
نشر منذ: 3 أشهر
السبت 21 سبتمبر-أيلول 2024 06:47 م
  

يدرك المتتبع لتاريخ الأئمة الزيدية كم أن ذلك التاريخ مليئ بسلسلة متواصلة من الإجرام الذي مورس ضد اليمنيين كسلوك متوارث تمارسه الأسر الهاشمية المدعية للإمامة جيلا بعد جيل، وكان الضامن الذي يغذي طبيعة صراع هذه الأسر المدعية لأحقيتها في الحكم وفي احتكار التفسير والتشريع على أبنائها كان مرتبطا بمنهج تشريعي عقائدي يخص الشيعة الزيدية الهادوية الحاكمة في اليمن دون غيرها من الفرق والطوائف والمذاهب الإسلامية الأخرى.

 

 لقد ظل المذهب الزيدي بنسخته الجارودية وهويته الهادوية مرتبطا بقاعدة فكرية عقائدية تبرر ارتكاب أئمة المذهب لجرائم القتل وسلب ونهب الاموال والحقوق تحت مسميات تشريعية تجيز لهم ارتكاب تلك الأعمال. 

 

وفي كتابه "عقائد أئمة الزيدية في اليمن المخالفة لعقائد المسلمين"، يوثق لنا الكاتب الدكتور حمود الخرام جملة من عقائد أئمة الزيدية التي شرعت لهم ممارسة تلك الجرائم وجاء المبحث الثالث من هذا الكتاب بعنوان " التقية وما تفرع منها"، ليبين لنا الأثر النفسي والمجتمعي والفكري والسياسي نتيجة اعتناق ائمة الزيدية بل وكل افرادها والمنتمين إليها لمبدأ التقية التي تشرع للنفاق وإضمار السوء، وترصد الإيقاع بالآخر كلما ناهزتهم الفرصة تحقيقا لما خفي من أطماع ورغبات. 

 

و التقية أصل من أصول الإثنا عشرية كما انها أصل من أصول الزيدية وإن حاول بعض أئمة الزيدية التنصل منها وإظهار عدم اعتقادهم بوجوبها كما يقول الكاتب، ليؤكد لنا تحت عنوان "عقيدة التقية عند أئمة الزيدية" في الفصل الأول من المبحث الثالث عددا من الموضوعات المتعلقة بالتقية بداية من تعريفها ومرورا بحكم الشرع منها ليمضي بنا نحو إظهار الأدلة على وجود عقيدة التقية واتباعها عند أئمة الزيدية ومذهبهم في التشريع لها وإثبات جوازها كقول الكاهن القاسم العياني في (مجموعه ص ٤١٩) ، وهو يتكلم عن بيعة علي لأبي بكر " أن علي بن ابي طالب وسعته التقية كما وسعت رسول الله"، وأكد ذلك الرأي الكاهن عبدالله بن حمزة الذي أول مبايعة علي بن ابي طالب للخليفتين ابو بكر وعمر على أنها بيعة مستترة بالتقية ولم تمنعه بيعته ولا صلاته من حقيقة موقفه الرافض للبيعة واكد ذلك بقوله ان الصلاة خلفهما ليست بأعظم من البيعة لهما فلو دلت الصلاة على الترضية لدلت البيعة على الصحة، وعندنا أن البيعة لهما كانت على وجه الإكراه والصلاة خلفهما على وجه التقية. 

 

ويعلق الكاتب بأن هذا القول يحمل اتهام علي بن أبي طالب رضي الله عنه بما هو براء منه حيث استخدم التقية (النفاق)، لمدة ثلاثين عاما. 

ويمضي الكاتب في استعراض عددا من الاراء والمواقف الفقهية الزيدية المؤكدة لعقيدة التقية في ميزان التشريع السلوكي الباطني لأئمة الزيدية الواردة في امهات كتبهم. ومنها قول الكاهن يحيى بن الحسين الرسي " والتقية جائزة فيما حمل الناس عليه وهم له كارهون". وعلى هذا النهج مضى أئمة واعيان واعلام الزيدية اليوم المناصرون للحوثيين اثناء حروب الدولة الست حيث استخدموا التقية واظهروا موالاتهم للدولة في الوقت الذي كانوا لا يألون جهدا في محاولة إسقاطها، فقد انتهج أئمة الزيدية التقية في حال ضعفهم وهذا ما اكد عليه الكاتب اثناء عرضه لهذه العقيدة وتتبعه سياسات وأنشطة ما يعرف اليوم بـ (الهاشمية السياسية )، وكثير من الاسر الهاشمية المنتمية إلى المذهب الزيدي الذين كانوا يظهرون للدولة ولاءهم وللشعب تقاربهم وتعايشهم تقية فتقلدوا المناصب السيادية وتمكنوا من الوصول إلى هرم السلطة وكل مفاصل الدولة بينما كانوا في الوقت ذاته يخططون ويحضرون للانقلاب على الجمهورية والتهيئة لإعادة الإمامة حسب ما ذهب اليه الكاتب. 

 

ولما كانت التقية في جوهرها تنم على النفاق وتشرع له كسلوك عقائدي وصولي فقد ذهب الكاتب الدكتور الخرام إلى تأكيد ذلك عبر سرده لنماذج من النفاق ومفهومه عند أئمة الزيدية مستعرضا العديد من نماذج لذلك النفاق ليحيى بن الحسين وابن حريوه ومحمد عبدالعظيم الحوثي وغيرهم. 

 

يذهب الكاتب اللواء الدكتور حمود الخرام في كتابه هذا ليؤكد لنا في الفصل الثالث على "عقيدة أئمة الزيدية في الغدر والخيانة ونقض العهود والمواثيق"، وهي في مجملها سلوكيات سيئة ومحرمة تجاوزت من كونها سلوك فردي او جماعي مذموم الى جعلها عقيدة متوارثة ومثبته من عقائد الوصولية الإمامية التي أفرزتها عقائدهم الباطلة كالتقية التي بنيت على أساسها هذه العقائد. 

 ويسرد لنا الكاتب نماذج من عقيدة الغدر والخيانة ونقل العهود والمواثيق لأئمة الزيدية وذكر لنا من ذلك الحسين بن القاسم العياني حيث كان يقتل بعض حلفائه وجلسائه بالشك ويزعم ان وحيا يوحى إليه في ذلك، ونماذج من غدر وخيانات عبدالله بن حمزة ويحيى بن الحسين الذي كان يأمر بقتل من يتصالحون معه من قبائل اليمن بعد ان يعطيهم العهد والأمان. 

 

وغدر المنصور محمد بن حميد الدين بالشيخ علي بن قاسم الأحمر حيث قتله في خيمة كان قد استضافه فيها.

وغدر الكاهن أحمد بن حميد الدين بأهل صنعاء التي اباحها للقبائل ونهبها وقتل أهلها عقب فشل ثورة ١٩٤٨م، وهي نفس العقيدة والسياسة المتبعة من قبل الحوثيين اليوم ليورد لنا الكاتب نماذج من غدرهم ونقضهم العهود كغدرهم بأهل دماج بعد الاتفاقية الأولى التي تمت عام ١٤٣٣هجرية، ونصت على عدم تعرض الحوثيين لطلاب المراكز في الطرقات والاسواق ثم نكدوا بذلك، ومن ذلك أيضا نقضهم لاتفاقية السلم والشراكة ودخولهم بيوت حلفائهم وشركائهم والأدلة على ذلك كثيرة. 

 

وينتقل بنا الكاتب في الفصل الرابع للحديث حول "منهج الغلو عند أئمة الزيدية وما ينتج عنه "، ليناقش لنا عدة من تناقضات الزيدية وغلوها ومنها غلوهم في علي بن ابي طالب وطعنهم فيه في الوقت ذاته ليجمعوا من مواقفهم تلك جملة من التناقضات التي بني عليها الفكر الزيدي رغم عقيدتهم بأن الله تعالى اختص عليا بالإمامة والوصاية والخلافة من بعد النبي صلى الله عليه وسلم ومن ذلك أيضا تناقضات الزيدية في فاطمة رضي الله عنها غلوا وطعنا، وما تعلق بها من روايات.

 

وناقش الفصل الرابع من المبحث الثالث في هذا الكتاب "غلو الزيدية في الحسنين ( الحسن والحسين رضي الله عنهما في عقيدة أئمة الزيدية بين الغلو والذم ) وما تعلق بذلك الغلو من خرافات لا يصدقها العقل.

 

فيما ذهب الكاتب في الفصل الخامس الى الحديث عن تقديس الزيدية لأئمتها وزعمها ان لهم كرامات ومعجزات كالانبياء على اعتبار انهم يقومون مقامهم، بل ان الغلو لدى أئمة الزيدية قد ذهب ببعضهم الى جعل أنفسهم أربابا من دون الله تعالى فيشرعوا لهم ما لم يشرعه الله كتقديس الأئمة والطواف حول قبورهم والاعتقاد بعصمتهم وان في يدهم النفع والضر وهذا ما ذهب إليه الكاتب في الفصل السادس. 

 

وفي الفصل السابع يعرض لنا الكاتب بعض تناقضات أئمة الزيدية المتقدمين والمتأخرين ومنها تناقضاتهم في ان علي بن ابي طالب يعلم الغيب وفي صحة اسلامه وهو صبي، وتناقضهم في مسألة حصر الإمامة، وتناقضهم في تاريخ فرض الإمامة وفي زهد ومعجزات الكاهن يحيى بن الحسين الرسي، وتناقضهم في إثبات وجود الفرق الزيدية وفي غيرها من المسائل التي أوردها الكاتب وعلق عليها بردوده التي تحمل نقض هذه العقائد وتثبت كذبها. 

وكما اعتمد أئمة الزيدية منهج الغلو في إظهار محبتهم لمن يوالونه أظهروا أيضا منهج الغلو في البغض، ويذكر لنا الكاتب نماذج من عقيدة أئمة الزيدية وقذفهم وتكفيرهم لبعض امهات المؤمنين، بل لقد ذهب بهم الأمر الى طعونهم في نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ومنها اتهامه عليه الصلاة والسلام بكتمان الحق وتأخير البيان عن وقت حاجته، ويقصدون بذلك ان رسول الله اخر تبليغ ولاية علي بن ابي طالب للمسلمين الى قبل وفاته.

الى غير ذلك من الافتراءات على رسول الله ووصفه ببعض الصفات غير المحمودة، فينسبون إليه عليه أفضل الصلاة والسلام ما ينزهون به انفسهم، بل لقد ذهب بعض أئمة الزيدية الى ما يستوجب الطعن والإلحاد بالذات الإلهية كنسبة الهالك حسين بن بدر الدين الحوثي في ملزمة " وأقيموا الصلاة"، إن كل شيء يحصل في الدنيا قضاه الله وقدره فالباطل وجميع أنواع الفواحش هي من الله. 

 

كما ناقش الكاتب عقيدة أئمة الزيدية في إنكار القضاء والقدر وفي تعطيل أسماء الله وصفاته، و عقيدة أئمة الزيدية في وراثة الإسلام واخصيتهم بتفسير القرآن دون غيرهم. حيث طعنوا بالقرآن والنصوص النبوية من وجوه عدة منها تصويرهم للإسلام بأنه دين أسري يتوارثونه بينهم، كما تعتقد أئمة الزيدية أنهم ورثة القرآن دون غيرهم وأنه لا يجوز لأحد من المسلمين شرح القرآن او تفسيره فهم كما يدعون تراجع القرآن وقرناؤه وهم من خصهم الله لفهم اسراره ومعانيه. 

 

كما ناقش الفصل الثاني عشر من المبحث الثالث افتراء أئمة الزيدية أن في القرآن الكريم زيادة ونقصان، وناقش الفصل الثالث عشر عقيدة أئمة الزيدية في وراثة العلم عن رسول الله وحصره في سلالتهم، ليذهب بنا الكاتب في الفصل الرابع عشر إلى الحديث عن كون تفسير أئمة الزيدية للقرآن تفسيرا باطنيا على أهوائهم، اضافة الى قيام أئمة الزيدية على بتر وتحريف النصوص الشرعية وتدليس وقلب الحقائق لتأييد عقائدهم وإثبات مشروعية آرائهم، ومنها انتهاجهم للتكفير واعتقادهم أنهم وردوا الجنة من الله تعالى وأنهم يتصرفون فيها كما يشاءون وهو ماذهب الكاتب الى ايضاحه و الحديث عنه في الفصل السادس عشر. 

يتبع