هاجس الصدمة اليمنية يصيب أمريكا وشركائها بالجنون !
بقلم/ أ د منصور عزيز الزنداني
نشر منذ: 11 شهراً و 9 أيام
الجمعة 12 يناير-كانون الثاني 2024 07:22 م
  

 كثر الحديث عن ضربة عسكرية توجهها أمريكا مع شركائها ضد اليمن في البحر الأحمر ، وذلك كله عبارة عن مكافأة يقدمونها للكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة ، ذلك الكيان المتمرد من تطبيق عشرات القرارات الصادرة من مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة .

إن أمريكا تثبت يوما بعد آخر أنها العدو الأول للأمة العربية والإسلامية ، وهي تعلن ذلك صراحة ، فهي لا تتردد بأفعالها واقوالها الظاهرة والمستترة التي تسلب الشعوب العربية والإسلامية حقهم العيش في سلام ، كل ذلك لخدمة للكيان الصهيوني الغريب عن فلسطين أولا وعن المنطقة العربية ثانيا .

يدور الحديث عن عدوان عسكري على اليمن في ظل تواصل جرائم الإبادة التي يقوم بها الكيان الصهيوني ضد أبناء الشعب الفلسطيني في غزة ولايزال وبمشاركة علنية من حلفائه في جرائم ضد الإنسانية والتطهير العنصري والتهجير القسري للمدنيين في غزة وقتل وجرح أكثر من 70 الف من النساء والأطفال والشيوخ مع المفقودين وجميعهم مدنيين ، حيث تعمل أمريكا على حمايته والتستر عليه وتدافع عن جرائمه التي وصلت الحد الأعلى بالتهديد في ضرب غزة بالقنابل النووية من قبل عضو من أعضاء الحكومة الصهيونية ، وذلك بعد أن عجزت حكومتهم وجيشهم في فرض ارادتهم على أبناء غزة من خلال ما تم ترديده عبر الهجرة الطوعية او القسرية الى خارج فلسطين رغم حجم المعاناة التي تعرضوا لها من هذا العدو العنصري البغيض .

إن أمريكا وبريطانيا هما مركز العالم الرئيسي للصهيونية العالمية وهما من زرع هذا الكيان في فلسطين ، وهما من يضغطان على شركائهم الدوليين لدعمه ، وهما من خططا لقبوله كدولة في ارض فلسطين العربية عام 1947 من خلال قبولهم به كدولة عضو في الأمم المتحدة بحسب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 181 ، وهما من يمدانه اليوم بأسباب الحياة والحماية ، خدمة منهم للصهيونية والماسونية العالميتين اللتان من أهدافهما السيطرة الفعلية ليس على فلسطين بل وعلى كل العالم لخلق ما يسمونه الحكومة العالمية الواحدة للعالم اجمع .

إن جنونهم وعبثهم في العلاقات الدولية والقوانين الدولية ظاهر لكل ذي لب ، ويعلم ذلك دول الغرب ودول الشرق ودول العالم الثالث .

وها هي واشنطن وبمشاركة من لندن يتزعمان بعض الدول مثل ايطاليا والمانيا واليابان واستراليا وفرنسا وغيرهن لتشكيل حلفا عسكريا جديدا في البحر الأحمر بهدف شن حرب على اليمن لحماية اقتصاد الكيان الصهيوني بعد ان سكتوا على جرائمه في فلسطين وسكت معهم العالم وفي مقدمة الجميع الدول العربية والإسلامية .

اليوم يتأكد لنا اكثر من اي وقت مضى اننا في اليمن امام حرب صهيو- صليبية عدوانية قدمت الينا تطلبنا النزال في أرضنا ومياهنا وبحارنا ، بدون أي سبب سوى أن الصهيونية العالمية يرغبون في اجتثاث كل عربي مسلم في فلسطيني إلى الأبد ، وهذا مخططهم المعلن ويعرفه الجميع في مشارق الأرض ومغاربها كما تعرفه كل الدول العربية والإسلامية وشعوب العالم الحرة وان اليمن خرج حرا ابيا مدافعا عن الحق ونصرة للمظلوم وللإنسانية .

 لأن حكومات العرب والمسلمين جميعا قد خذلوا فلسطين ، ظن الأعداء انهم قد انتصروا وحققوا غايتهم في تصفية القضية الفلسطينية ، الا أنهم قد اصيبوا بالذعر حين تحرك اليمن ليصبح المعادلة الأقوى في مواجهة جحافل الصهيونية العالمية وجحافل الصليب الأمريكي الأوروبي مع اعوانهم في المنطقة .

لقد أصيب الغرب وأمريكا والكيان الصهيوني "بهاجس الصدمة اليمنية" وبالموقف اليمني القوي الذي لم يتوقعه أحدا منهم ، وها هم يتخبطون في قراراتهم ويحشدون قواتهم غلى البحر الأحمر ظنا منهم ان ذلك سيخيف ابناء اليمن ، وهذا طبعا هو ظن السوء ، لأننا في اليمن بكل قوانا وقوتنا العسكرية والشعبية نقف صفا واحدا في مواجهة العدو ، فحربنا اليوم غير حرب الماضي التي كانت من اجل السلطة او من اجل من يحكم وكيف يتم ذلك ؟ 

الخرب اليوم مختلفة تماما انها حرب لنصرة غزة والأقصى وحرب من أجل ايصال الماء والغذاء والدواء لأبناء غزة ، كما هي حرب للدفاع عن هويتنا العربية والإسلامية في سائر بلاد العرب والمسلمين ، بعد ان أقبل الأعداء بعدتهم وعتادهم بهدف توسيع المعركة في المنطقة متسلحين بقرار دولي لا وزن له على ارض الواقع ، خاصة وان المعنيين في هذا القرار لم يتم دعوتهم لحضور جلسة المجلس للتوضيح لقد سمعوا من طرف واحد ( أمريكا وحلفائها ) بل انهم تجاهلوا التحالف العربي الذي لم ينسحب من الأراضي اليمنية حتى هذه الساعة . 

لقد اجتمعت دول الاستعمار القديم والاستعمار الجديد في البحر الأحمر تحت حجة ان اليمن في يحاصر سفن الكيان الصهيوني ويهدد السلم والأمن الدوليين ويهدد الملاحة الدولية ، رغم انه بحرا إقليميا مغلقا وليس بحرا دوليا مفتوحا طبيعيا على بحار العالم وفقا لقانون البحار ، والدول التي غابت عن جلسة مجلس الأمن هي الدول المعنية بالبحر الأحمر وهي الدول المطلة علية والبحر بحرها وامنه امنها وسلامته سلامتها . 

إن لم يمنع العالم الغطرسة الأمريكية ودعمها الهمجي اللا محدود للكيان الصهيوني ومشاركتها له في حربه على غزة وقتل الفلسطينيين وتدمير منازلهم ومدارسهم ومستشفياتهم وكل ما يملكون ، وتدخلها في شؤن العالم فإنها ستقود الجميع نحو حرب عالمية لا تبقي ولا تذر .

إننا اليوم نتابع ما يتردد من تهديد للسلم في البحر الأحمر ، كما نتابع تصريحات لمسؤولين أمريكيين وبريطانيين وغيرهم انهم بصدد توجيه ضربات عسكرية على اليمن ، وهذا الأمر لا يخيفنا وكشعب يمني ذلك لا يقلقنا ابدا انما هنا نوضح بعض الحقائق لتدارك ما يمكن تداركه :

إننا نؤكد أن أي طيران أجنبي يعتدي على اليمن أو على ابناء القوات المسلحة اليمنية المرابطة في سواحل اليمن الغربية والجنوبية أو يخترق أجوائه أو مياهه الإقليمية أو صواريخ تَضرب البر او البحر اليمني ، فالمسؤولية الأولى ستقع على التحالف العربي وفقا لقرارات الأمم المتحدة بهذا الخصوص ، بل إن ذلك يعتبر اعلان الحرب على التحالف العربي وعلى مهمته ، وان لم يشارك هذا التحالف اليمن في الدفاع عن سيادتها ، فإن ذلك يعني انه مشارك في العدوان الدولي على اليمن ، وقد يذهب تفسير صموته تجاه ما يحاك من مؤامرات على مضيق باب المندب والسيادة اليمنية ان دوره قد انتهى وسوف يُعتبر صمته تأييدا لعدوان جديد على اليمن ، ولذلك ما بعده في كافة الحسابات السياسية اليمنية والعربية في المستقبل القريب في المنطقة .

إن أية ضربة عسكرية على اليمن من قبل الولايات المتحدة او بريطانيا او حلفائهم فإن ذلك يعني انهم يعلنون رسميا الحرب على التحالف العربي وعلى اليمن التي من حقها السيادي على بحرها وبرها وجوها أن تدافع عن نفسها وأن تمنع كافة سفنهم الحربية بأنواعها المختلفة من العبور عبر مضيق باب المندب ، لأنها أصبحت دول معتدية ومحاربة لليمن وهذا هو منطوق القانون الدولي .

إن لليمن الحق ايضا منع السفن المدنية التجارية للعدو من الملاحة عبر مضيق باب المندب ان رأت انها تُستخدم لأغراضهم العسكرية ، وهذا يعني ان عدوانهم على اليمن سيسبب في توقف الملاحة عبر البحر الأحمر بشكل عام ليس ذلك فحسب ، بل ان من حق اليمن ان تمنع الطيران المدني والحربي من الطيران في أجواء مضيق باب المندب واجواء مياهها الإقليمية وكذلك اجواء اليمن بشكل عام والتحالف العربي هو المسؤول عن ذلك واي اختراق لهذه القاعدة سيتحمل التحالف العربي نتائجها .

إن اسهل الطرق لحل المشكلة في المنطقة ليس التحشيد العسكري وتبني حروب وازمات اقليمية ودولية جديدة ، فعلى مجلس الأمن الدولي وأمريكا وبريطانيا وكل المحبين للسلام ان يوقفوا العدوان على غزة ورفع الحصار عنها وذلك هو الإجراء الأسهل للعالم والمنطقة ، لان اي عدوان جديد على اليمن سيتسع حينها ليشمل الجزيرة العربية بكل دولها وسيشمل دول القرن الأفريقي وسيُغلق البحر الأحمر وتُخنق الأردن وقناة السويس ، وذلك كله من أجل غرور امريكا والعدو الصهيوني ولن تنجحوا الا في خلق المزيد من الازمات والتشريد والتهجير لشعوب المنطقة .

وعليه يجب أن تدرك أمريكا أن حماسها الذي ليس له حدود في دعم العدو الصهيوني ان ذلك يعني خروجها من المنطقة مع العدو الصهيوني إلى غير رجعة .

 

وختاما : ستبقى فلسطين ، وسيعود شعبهم إلى ارضهم وستعلن دولة فلسطين الحرة العربية ، وسوف يعود المجتمع الصهيوني كل منهم الى وطنه ، وسيبقى اليمن حرا ابيا في أرضه وفي بحره العربي الأحمر ، وسيبقى مضيق باب المندب يمنيا ، وسترحل امريكا وبريطانيا والمانيا وايطاليا واستراليا وكندا ومن يقف معهم سيرحلون جميعا بما في ذلك اليابان التي نشفق عليها ، سيرحلون جميعا وهم الخاسرون ولهم في التأريخ عبرة ، هم المعتدون ونحن ندافع عن حقوقنا وسيادتنا وذلك شرف رفيع لنا وخزي وعار وذل لإمبرياليتهم العالمية بكل ابعادها السياسية والعسكرية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية .

 

* عضو مجلس النواب اليمني ـ أستاذ العلاقات الدولية ـ جامعة صنعاء.

مشاهدة المزيد