اللواء العرادة يشدد علي تعزيز التعاون بين اليمن ومصر لتأمين الممرات المائية وأهمية باب المندب بالنسبة لقناة السويس الرئيس العليمي يوجه بصرف علاوات سنوية لكافة منتسبي السلطة القضائية.. تفاصيل اجتماع حضره بن مبارك والمعبقي إسرائيل تكشف طريقة الرد االقاسي ضد الحوثيين في اليمن اختيار السعودية لاستضافة بطولة كأس الخليج القادمة (خليجي27) إيران تتراجع عن تسمية شارع في طهران باسم يحيى السنوار قتلى في كمين نصبه فلول نظام الأسد والادارة السورية الجديدة تعلن تحييد عددا منهم استمرار الأجواء شديدة البرودة على المرتفعات الجبلية ومعتدلة في المناطق الساحلية استبدال عملة السودان.. أهداف اقتصادية ومعوقات سياسية واتساب يطلق ميزة جديدة لمسح المستندات داخل التطبيق مقتل 14 عنصر أمن في كمين لفلول النظام السابق في طرطوس
في القاهرة حيث الحياة تتجدد، وحيث لا مهرب من كتاب ولا ملجأ من زحمة السيارات وصخب الشارع، التقيت بالقائد العسكري (القديم)، والسياسي المخضرم، ورجل الاعمال المعروف اللواء حسين المسوري (رعاه الله)، واهداني كتاب (مذكرات هامة - غير منشورة) للدكتور عدنان ترسيسي ..
الكتاب من الحجم المتوسط، شيق وسهل وممتع، أعده ونقحه وحققه واخرجه للنور المؤرخ الكبير الدكتور حسين بن عبد الله العمري، ضمن انتاجاته الثمينة والغزيرة التي لا تتوقف.
استهل دكتورنا الكتاب بتمهيد حميم لعلاقته الودودة بالدكتور ترسيسي التي بدأت برحلته ضمن اولى البعثات التعليمية اليمنية الى دمشق وبيروت، مرورا بعلاقة العمل، التي ربطتهما في السلك الديبلوماسي، ثم الترابط العلمي الوثيق الذي لم ينقطع بينهما حتى اليوم (بشهادة هذا الكتاب) رغم وفاة الدكتور ترسيسي (رحمة الله تغشاه) في العام 1995.
لا اعتقد ان أحدا من مثقفينا يجهل اسم الدكتور عدنان ترسيسي، عربي لبناني الاصل، يمني الهوية والهوى، عمل لليمن ومع اليمن خبيرا ومستشارا ودبلوماسيا مخلصا وناجحا قبل الثورة وبعدها..
كان ترسيسي يرى في اليمن انسانا يستحق الحياة والنمو والتطور كامتداد طبيعي لتاريخه وحضارته، وكان بالتالي يرى ان التعليم الحديث والمعاصر، هو المدخل العملي لتجاوز سياسة العزلة التي يعيشها اليمنيون، حيث "اقفل الإمام ابواب اليمن اقفالا محكما مما منع دخول الافكار والمفاهيم العصرية".
تبعا لهذه القناعة، خدم الدكتور ترسيسي مسيرة التنوير العلمية والثقافية اليمنية من موقعه كرئيس للجنة الخبراء، التي ابتعثتها الجامعة العربية الى اليمن خلال النصف الثاني من عقد الاربعينات (باشراف الرئيس اللبناني رياض الصلح، الذي انكر على الامام عزلة اليمن وتخلفه)، ثم من مواقعه التي تسنمها كمستشار وديبلوماسي داخل الوطن وخارجه قبل الثورة وبعدها..
منذ لحظة تكليفه بالمهمة الى اليمن كان في اجندته وفقا لما تدارسه ورتبه حينها مع الزعيم اللبناني رياض الصلح (كما يشير) المساعدة في ثلاث:
في صفحات قليلة ومشوقة يعرض الكتاب كما كبيرا من الاحداث والمحطات الهامة من تاريخ اليمن، وبشكل خاص الخطوات الاولى لتشكل علاقة اليمن الخارحية خلال النصف الاول من القرن الماضي التي بدأت مع الايطاليين ثم مع السوفيات، وهولندا وبلجيكا..
يعيدك الكتاب بسلاسة وامتاع واقتضاب الى زمن الإمام يحيى والايام الأولى للثورة.. ويعرض ذكريات وانطباعات عن:
اشياء كثيرة جمعت بين المعلومة وتصوير الحدث.. االكاتب يصور محاكمة الامام للامور من زاويتين هما:
تفاصيل طريفة ومختصرة ضمنها سرقة أحد الامراء من ابنائه مخزن "الزلط" في السمسرة واكياس"الخيش"، وعن حبحب (بطيخ) المزارع التهامي، ورسالة الامام لوزيره الاول "صدرت حبة حبحب من النوع الفاخر مأكول الهناء، احتفظوا بالصيب واعيدوها الينا لزراعتها عافاكم الله"، ثم عن تمثيل الكبسي (الصامت) لليمن في الجامعة العربية، الذي صار مثلا..
يروي دكتور ترسيسي كيف وافق الامام بصعوبة على ارسال أول بعثة طلابية إلى لبنان، وما هي الشروط التي فرضها للموافقة على ارسالها، والمشرف الذي ارسله لمراقبة اعضاء البعثة، ثم كيف تم اقناعه بانضمام اليمن لمنظمة الامم المتحدة، والظروف التي رافقت الخطوة، ثم دور ترسيسي في اعترافها بعد الثورة بالجمهورية والنظام الجديد..
يقول ترسيسي في مذكرات ان الامام "جمع بين سياسة العزلة الرهيبة التي فرضها على نفسه وشعبه، وما ترتب عليها من ركود في الاقتصاد وتخلف شامل في جميع المجالات وبين رغبته في مقاومة الاحتلال في عدن وتهامة وعسير ".
كل ما في الكتاب يستحق القراءة والتأمل.. ذيله الدكتور حسين بقائمة من اعماله في الدراسة والتاليف والبحث والتحقيق، من "الامام الشوكاني رائد عصره"، و"تاريخ اليمن المعاصر"، "سفينة الادب والتاريخ"، و"شمس العلوم" لنشوان الحميري، الذي تشارك في تحقيقه مع مطهر الارياني و د. يوسف محمد عبد الله، الى "مصادر التراث اليمني في المتحف البريطاني"، و"اليمن والغرب"، ومؤلفات اخرى.
ارتبط الدكتور العمري بالتاريخ كارتباطه بالتربة والوطن.. لم تصرفه الوزارة ولا السفارة والمناصب الكثيرة التي تقلدها عن عشقه الذي نشأ وتربى عليه، بل جعل منها جسور تواصل لتحقيق الغاية والهدف، الذي رسمه لنفسه في الدرس والبحث والتحقيق والتوثيق لأمهات كتب التراث والتاريخ اليمني.
الدكتور حسين انموذج متميز بين من ركبوا مهنة الحرف والقلم، وتجاوزوا صعوبة الاختيار، وتماهو في عشق التاريخ وبعث الامل، هو موسوعة في الثقافة والتاريخ..
كلاهما الدكتور العمري (متعه الله بالصحة والعافية) والدكتور ترسيسي (رحمه الله) جديران بالاحتفاء والتكريم ..