إسرائيل تكشف عن 13 قياديا حوثيا وتنشر صورهم ضمن بنك أهدافها.. والمختبئون في الجبال من مقربي عبدالملك الحوثي تحت المراقبة دبلوماسية أمريكية تتحدث عن عملية اغتيالات لقيادات جماعة الحوثي وتكشف عن نقطة ضعف إسرائيل تجاه حوثة اليمن رئيس الأركان يدشن المرحلة النهائية من اختبارات القبول للدفعة 35 بكلية الطيران والدفاع الجوي هكذا تم إحياء الذكرى السنوية ال 17 لرحيل الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر بالعاصمة صنعاء مسيرات الجيش تفتك بقوات الدعم السريع والجيش السوداني يحقق تقدما في أم درمان محمد صلاح في طليعتها.. صفقات مجانية تلوح في أفق الميركاتو الشتوي حلف قبائل حضرموت يتحدى وزارة الدفاع والسلطة المحلية ويقر التجنيد لمليشيا حضرمية خارج سلطة الدولة مصابيح خلف القضبان.... تقرير حقوقي يوثق استهداف الأكاديميين والمعلمين في اليمن الإمارات تعلن تحطم طائرة قرب سواحل رأس الخيمة ومصرع قائدها ومرافقه بينهم صحفي.. أسماء 11 يمنيًا أعلن تنظيم القاعدة الإرهـ.ابي إعدامهم
بدأ مصطلح «الفدرلة» والحكم الذاتي يظهر على الساحة إعلامياً بعد الثورات التي حصلت في عدد من الدول العربية كسوريا والعراق وليبيا واليمن كحل مبدئي لوقف الحروب والصراعات الداخلية بين مكونات تلك البلدان العرقية والمذهبية والدينية. وفدرلة سوريا مثلاً هو سيناريو لإنهاء الحرب السورية. ويعني ذلك، على أوسع نطاق، تحويل الجمهورية العربية السورية المركزية إلى جمهورية فدرالية ذات تقسيمات فرعية مستقلة ذاتياً. وقد نظر العديد من الدول والجهات الفاعلة المشاركة في الحرب الأهلية السورية في فكرة «التقسيم الفدرالي» وليس أقلها روسيا وممثلو الأمم المتحدة والولايات المتحدة. تركيا، على وجه الخصوص، معادية بقوة لفكرة إضفاء الطابع الفدرالي على سوريا لأنها تخشى التداعيات المحتملة على دولتها ذات الطابع المركزي الشديد.
ونظراً لأن الفيدرالية سوف تتبع بشكل أو بآخر خطوط عرقية وربما طائفية أيضاً، فقد تم رفضها كـ«تقسيم للبلاد» و«بلقنة» من جانب خصومها. والمؤسسات الرئيسية للمعارضة السورية رفضت دائما فكرة الفيدرالية، في حين أن الأكراد في سوريا قد روجوا للفكرة. كما تلقى الفكرة رواجاً أيضاً بين أفراد بعض الأقليات في هذا البلد أو ذاك ظناً منها أن الحكم الذاتي يحميها من الأكثرية أو النظام المركزي، بينما ترفضه طبعاً بعض الأقليات المسيطرة كالعلويين في سوريا لأن الفيدرالية ستحرمهم من امتيازات السيطرة على كامل سوريا عسكرياً وأمنياً واقتصادياً وستحصرهم في الساحل السوري فقط.
لا شك طبعاً أن النظام الفيدرالي يمكن أن يكون حلاً رائعاً لبلداننا، خاصة وأن هناك بلداناً كبيرة ومتقدمة كالولايات المتحدة وألمانيا وسويسرا وماليزيا تتبع النظام الفيدرالي. لكن هل ينفع هذا النظام في كل البلدان يا ترى وخاصة تلك التي تتجذر فيها الانتماءات القبلية والعشائرية والطائفية والمذهبية والدينية كبعض البلدان العربية؟ هل سيكون الحكم الذاتي لهذه الطائفة أو المنطقة أو المذهب أو القبيلة مختلفاً فعلاً عن النظام الديكتاتوري المركزي في بلدان كسوريا وليبيا والعراق واليمن؟
أليست الطوائف والقبائل والعرقيات التي تسعى إلى النظام الفيدرالي في هذا البلد العربي أو ذاك نسخة طبق الأصل عن الأنظمة الديكتاتورية الأقلوية التي ترعرعت فيها؟ ألم تعمل الأنظمة الحاكمة أصلاً كما في سوريا على زرع كل خصال الديكتاتورية والفساد والإفساد في كل مكونات المجتمع العرقية والطائفية والدينية؟ بعبارة أخرى، أليست الثقافة السائدة داخل الأنظمة العفنة كالنظام السوري أو العراقي أو الليبي أو اللبناني أو السوداني أو اليمني متجذرة أيضاً داخل زعيم كل طائفة أو إثنية أو قبيلة؟ هل تختلف عقلية «المواطن» السوري الكردي عن عقلية الدرزي أو العلوي أو الإسماعيلي؟
ألم يعمل نظام الأسد منذ وصوله إلى السلطة على صياغة كل السوريين على شاكلته وعقليته الأقلوية القذرة؟ هل فعلاً لو استقلت الأقليات والمكونات التي تسعى إلى حكم فيدرالي في سوريا مثلاً ستكون أفضل من النظام المركزي في دمشق؟ أم إنها ستنقل كل قذارات وسياسات وعقليات النظام إلى مناطقها وستعمل بها حرفياً؟ ماذا يستفيد أي بلد يسعى بعض مكوناته إلى الحكم الذاتي غير التشظي المناطقي والتقسيم الجغرافي من وراء الفدرلة؟ هل سيكون لدينا فعلاً نظام فيدرالي حديث ومتقدم كما في سويسرا وامريكا وألمانيا أم ستكون لدينا دويلات على أسس طائفية وعرقية ومذهبية متخلفة ربما أكثر من النظام المركزي الديكتاتوري القذر؟ كنا في القذر وربما سنصبح في الأقذر.
هل يا ترى ستتحول هذه الطائفة أو تلك إلى نظام ديمقراطي متحضر بعد أن تستقل فيدرالياً، أم ستكون مجرد ديكتاتورية متخلفة مصغرة؟ انظروا ماذا حدث في العراق بعد تطبيق بعض أنواع الحكم الذاتي في أعقاب سقوط النظام المركزي في بغداد؟ حتى العراقيون أنفسهم يتندرون بالقول: «لقد كان لدينا صدام واحد وعدي واحد وقصي واحد، فصار لدينا الآن ألف صدام وألف عدي وألف قصي. وكذلك في ليبيا وسوريا واليمن. لماذا؟ لأن الذين سعوا إلى حكم ذاتي لا يريدون الديمقراطية أصلاً، بل يريدون تطبيق طبائع وخصائص النظام المركزي القذر على أتباعهم وطوائفهم وقبائلهم لمصلحتهم الخاصة في مناطقهم. هل لاحظتم كيف يتصرف ثورجيو المعارضة السورية مثلاً؟ أليس كل واحد منهم بشاراً؟ هل شاهدتم عدد الديكتاتوريين الجدد الذين ظهروا في صفوف الفصائل؟ هل نحن بحاجة لإقطاعيات وإمارات قبلية ومذهبية وعرقية في سوريا وغيرها؟ أليست سوريا المركزية بعيوبها وقذاراتها أقل ضرراً من الحكم الفصائلي الإقطاعي الذي يرفع شعار الفدرلة زوراً وبهتاناً؟
قبل أن ننتقل إلى الحكم الفيدرالي الحقيقي يجب أن نربي مجتمعات متحضرة ومتنورة غير طائفية وعائلية وقبلية ومذهبية. ولو أخذنا مثلاً بعض مناطق الأقليات التي تحلم بالفيدرالية والحكم الذاتي، هل يا ترى سيكون الحاكم المحلي أفضل من الحاكم المركزي؟ هل ستكون عقليات الإدارات المحلية مختلفة عن عقليات الإدارات والوزارات المركزية؟ أم إن الحاكم المحلي سيكون ديكتاتوراً صغيراً؟ هل سيكون الحكم الذاتي لكل سكان هذه المنطقة أو تلك، أم أن عائلات وعشائر وقبائل بعينها ستتولى السلطة وستعيث فساداً وخراباً في المناطق التي تحكمها ذاتياً كما فعل من قبلها النظام المركزي بعقليته الطائفية أو الأقلوية أو العائلية؟ ما الفائدة من تقسيم الديكتاتورية والفساد والعائلية والأقلوية على كامل البلاد بحجة الحكم الذاتي؟ هل سيحكمنا في هذه المنطقة أو تلك شخص جدير بالحكم، أم شخص ذو توجهات عائلية وعشائرية وقبلية ضيقة وقذرة مثل الحاكم المركزي وربما أقذر؟ ما الفائدة أن نستبدل الحاكم العلوي المركزي بحاكم محلي من طائفة المنطقة؟ ماذا يستفيد سكان مناطق الحكم الذاتي عندما يتسلط عليها حاكم قذر جاهل متخلف فقط لأنه ينتمي إلى هذه العائلة أو القبيلة أو العشيرة ويحتاج عشرين عاماً كي يصبح حماراً. ما الفائدة أن نستبدل هذا الكلب بذاك الجرو؟