الجاهلية الآخرة...!
بقلم/ عمار الزريقي
نشر منذ: 12 سنة و شهر و 11 يوماً
الخميس 08 نوفمبر-تشرين الثاني 2012 02:48 م

نشر الرفيق زهير ابن أبي سلمى ذات يوم على حائطه الفيسبوكي منشوراً تأريخياً، فتناقله المفسبكون وما زالوا يتناقلونه ويتشاركونه ويتلقونه بألسنتهم ولابتوباتهم وديسكتوباتهم وجلاكسياتهم وهواتفهم الجوالة وما يسر الله لهم من الوسائط، أحياناً دون وعي بمضمونه. 

منشور الرفيق زهير يتضمن الأبيات التالية:

وما الحرب إلا ما علمتم وذقتمو ** وما هو عنها بالحديث المرجَّمِ

متى تبعثوها تبعثوها ذميمةً ** وتضرَ إذا أضريتموها فتضرمِ

فَتَعْرِكُّمو عرك الرحى بثقالها ** وتلقحْ كشافاً ثم تنتجْ فتتئمِ

فتنتجْ لكم غلمانَ أَشْأَمَ كُلّهم ** كأحمرَ عادٍ ثم ترضعْ فتفطمْ

في الضفة الأخرى من الفيسبوك رأينا ونرى منشورات إصلاحية تهاجم الحوثيين ، ومنشورات حوثية تهاجم الإصلاح. والخافي أعظم.

يكفي أن يكون لديك في قائمة أصدقائك خمسة على الأقل من كلا الجانبين، لتشاهد ساحة المعركة في واجهة الصفحة الرئيسية. وكلما ازداد عدد أصدقائك من الجانبين اتسعت ساحة المواجهة وازدادت سخونة وإثارة.

يمكنك أن تشاهد المعارك الفيسبوكية من برجك العاجي، ويمكنك أيضاً أن تستمتع برصد الأخطاء الإملائية الفظيعة في هذه المنشورات، وما أكثرها، وربما تشعر إزاء هذه الأخطاء الإملائية أنك تقرأ أوراق امتحان لأحد صفوف المرحلة الابتدائية. كل هذا يحدث دون أن يطالبك أو يلزمك أحد بالضرورة أن تضع تعليقك، أو على الأقل أن تشاركه الإعجاب بهذا النوع من المنشورات، لكنك ،بالتأكيد، لن تستطيع مع رفاقك صبراً، لأنك على يقين أن الرفاق ليسوا من عيار صاحب موسى الذي خرق السفينة، بل هم بشر ممن خلق الله، أو أدنى أحياناً.

كنت أظن في البداية أنها شطحات فردية، لكن يبدو أن ظني خاب ، فالوتيرة التي تتكاثر وتفرخ فيها المنشورات ، وتتصاعد فيها الآراء المشحونة، توحي بأن وراءها تنظيم دقيق ومنهجية هرمية وأفقية.

أحد الأصدقاء علق على الموضوع قائلا: الإصلاح والحوثي لديهم أجندة خاصة بالحوار الوطني، تبدأ بالشتائم وتنتهي بالحرب ، لتهلك ما تبقى من هذا الوطن المنكوب..

خيب الله ظنك يا صديقي المتشائم!!! 

وأنتم أيها الرفاق ، حوثيون وإصلاحيون، أما كفاكم طعناً في صدر هذا الوطن الذي يتسع لكم جميعا؟؟!! ما ضاق بكم الوطن ، حاشاه ، بل إن صدوركم هي الضيقة!

ثم لا تنسوا أن هناك شعبا لا حوثيا ولا إصلاحيا ونسبته 90% وهو صاحب المصلحة الأولى وهو الأحق بالحياة الكريمة والآمنة والمستقرة على هذا الوطن، وقد تخسرون مصداقيتكم أمامه بالمكايدات والمناكفات التي تظنون أنها تحقق مكاسب سياسية..

أليس الأولى بكم أيها الرفاق أن تجتهدوا في التقرب من هذا الشعب وهمومه وأن تتنافسوا على تحقيق مصالحه بدلا من إثارة النزاعات والصراعات التي تهلك الحرث والنسل ولا يكسب منها أحد؟ أم أن كليكما لاعب في فريق مختلف وعلى أرضية مختلفة وباتجاه معاكس للآخر تماما؟!

عليكم أيها الرفاق أن تدركوا أن الملعب الذي تتصارعون عليه ليس ملكا لكم بالوراثة، وأن لنا الحق مثلكم تماما، لا أقل ولا أكثر، أن نعترض على ما قد نراه خطأ يضر البلد أو يمس وحدته وأمنه واستقراره، بصرف النظر عن من يكون صاحب هذا الخطأ.

رحمك الله يا ابن أبي سلمى .. كنت حكيماً في زمن الجاهلية الأولى ،فماذا عسى تقول عن الجاهليين في عصر المعرفة والفضاء المفتوح؟!

ما أحوجنا إلى حكيم في الجاهلية الآخرة.. جاهلية الفيسبوك!!

عبد الرزاق الجملربيع أمريكا في اليمن
عبد الرزاق الجمل
مشاهدة المزيد