عبد المجيد الزنداني .. شيخ المتناقضات (2 من 2)
بقلم/ عثمان محمد أحمد
نشر منذ: 17 سنة و 7 أشهر و 4 أيام
الجمعة 27 إبريل-نيسان 2007 06:34 ص

بموجب طلب من الولايات المتحدة تم إدراج اسم الزنداني في قائمة تمويل الإرهاب المنشأة بموجب قرار لمجلس الأمن الدولي ويقضي القراران الأمريكي والدولي باتخاذ عدة إجراءات ضد الزنداني منها تجميد أرصدته وحظر تعاملاته المالية ومنعه من السفر. ولاحقاً أعلنت مصادر حكومية يمنية أن واشنطن طلبت من اليمن في 2005 اعتقال الزنداني. ولكن الحكومة اليمنية رفضت هذا الطلب، وطلبت من الولايات المتحدة تقديم أدلة تدين الزنداني بالتهم المنسوبة إليه.

كانت الاتهامات الأمريكية للزنداني قد بدأت قبل ذلك، على خلفية تفجير المدمرة الأمريكية (كول) في ميناء عدن في أكتوبر 2000. وذُكر حينها اسم الزنداني ضمن آخرين قيل أن واشنطن تطالب بأن تشملهم التحقيقات الجارية حول الحادث. ثم أكدت أنباء لاحقة أن بعض المعتقلين بتهمة المشاركة في الهجوم على (كول) قالوا أنهم نفذوا هجومهم بناءً على فتوى أصدرها الزنداني.

وقد نفى الزنداني حينها هذا الاتهام. ثم نفى الاتهامات الواردة في بيان وزارة الخارجية الأمريكية، وأكد في بيان أصدره بهذا الخصوص في يناير 2004 انه يدين الإرهاب بكل صوره وأشكاله ويعتبره باطلاً. موضحاً بأنه يتبنى تعريف علماء المسلمين للإرهاب، الذي قال انه يتمثل في اتخاذ السلاح خارج الشريعة والقانون.

وأكد الزنداني أكثر من مرة أن ليس له علاقة خاصة بأسامة بن لادن ولم يجمعه معه أي تنظيم واحد. وأوضح أن الأخير كان من ضمن طلاب جامعة الملك عبد العزيز المعجبين بمحاضراته في مجال الإعجاز العلمي. وقال أن لقاءاته معه في أفغانستان كانت لقاءات عادية، وتم فيها مناقشة بعض القضايا العامة مثل أحوال المجاهدين الأفغان.

ويتحاشى الزنداني قول رأيه بصراحة في بن لادن. ويرد على سؤال حول هذا الأمر في حديث معه أذاعته قناة (الجزيرة) الفضائية في فبراير 2007، قائلاً: "لا تسألني عن أوضاع شخص مطارد محارب يخطط مخططات أنا لا أدري ما هي". لكنه يوضح انه وخلال لقاءاته مع زعيم القاعدة كان يشعر أن بن لادن عندما يقول رأيه يقوله باعتزاز وثقة، ولا يُسلّم بشيء إلا إذا اطمأن إليه جدا. ويشهد أن الموجودين في ساحة الجهاد الأفغاني كانوا يحكمون على بن لادن بأنه "رجل شجاع صلب قوي ثابت إذا اقتنع بشيء لا يتنازل عنه بسهولة".

والشيخ الزنداني ورغم مناهضته الشديدة للسياسة الأمريكية في المنطقة العربية والإسلامية، لا يدعو لمحاربة أمريكا وغير المسلمين لأسباب دينية. ويستشهد بموقف النبي محمد (ص) في إقامة عهد مع "كفار قريش" رغم محاربتهم له. ويقول أن "مصالح الأمريكان يجب أن تراعي والاتفاقيات والعهود الموقعة معهم ومع غيرهم يجب أن يتم الوفاء بها. مؤكداً أن هذا هو نهج الإسلام في تعامل المسلمين مع غيرهم.

ومع ذلك فالشيخ الزنداني أعلن من قبل تأييده للعمليات الانتحارية التي ينفذها فلسطينيون ضد إسرائيل. كما أعلن مع عدد من علماء الدين في نوفمبر 2004 تأييده "لمقاومة المحتلين في العراق" معتبراً تلك المقاومة حقاً مشروعاً وواجباً دينياً. وفي 2006 اتخذ الزنداني الموقف الأكثر تشدداً في اليمن ضد الرسوم المسيئة للنبي محمد (ص) في أحدى الصحف الدنمركية، وقام بجمع أموال لانتداب محامين لملاحقة صحف يمنية أعادت نشر بعض تلك الرسوم.

ويرى الزنداني أن هناك خياراً واحداً لإصلاح حال أمته، يتمثل في إيجاد إتحاد عربي وإسلامي على غرار الاتحاد الأوروبي. ويقول أن هذا الاتحاد إذا قام فسيضم 57 دولة وسيكون من أقوى دول العالم.

وعلى بعد عن السياسة صدر عن الزنداني في سنة 2004 ما عرف بفتوى "الزواج فرند".. وهي فتوى قال انه أطلقها لمعالجة مشكلات الشباب المسلم في الدول الغربية. ومفادها أن أولئك الشباب وبدلاً أن "يقعوا في الحرام"، يمكنهم عقد قرانهم، بطريقة شرعية سليمة، مع من يحبون من الجنس الأخر، ثم يعاشرون بعضهم جنسياً بنفس طرق علاقات الصداقة السائدة في المجتمعات الغربية، حتى يستطيعوا توفير بيت للزوجية.

وقد أثارت هذه الفتوى ثائرة الكثيرين من علماء الدين الإسلامي، وحتى ثائرة المسلمين العاديين، الذين رأوا أنها لا تحقق المقاصد الشرعية للزواج، وتهدم مفهوم الأسرة. ومع ذلك فقد انتصر مجمع الفقه الإسلامي لفتوى الزنداني عندما أجازها في 2006.

والزنداني يرفض بشدة إعطاء النساء الحق في "الولاية العامة". ويؤكد أن وظيفة المرآة الأساسية هي الزواج وإنجاب الأطفال وإرضاعهم وتربيتهم. ويرى أن الآية القرآنية {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} تعني أن الرجال "قوّامون في كل شؤون الحياة". وهو يبيح للمرأة الحق في ممارسة الدور التشريعي والرقابي في المجتمع، ولكنه يعتقد أن الدور التنفيذي ليس من اختصاصها ويعبر عن ذلك بقوله: للمرأة أن تبدي رأيها في الشأن السياسي، وأمور العلم والفتوى، ولكن "منصب القيادة لا يصح أن يسند للمرأة، لا في البيت ولا في المجتمع" (جريدة "الأيام" اليمنية 20/5/2003).

وللشيخ الزنداني عدة كتب مطبوعة هي: (علم الإيمان)، و(طريق الإيمان)، و(نحو الإيمان)، و (التوحيد). إضافة لعدد من الكتيبات، والبحوث في مجال الإعجاز العلمي للقرآن الكريم والسنة النبوية.

ولعل أكثر ما شغل الناس حول الزنداني في الفترة منذ 2005 هو إعلانه انه اكتشف علاجاً عشبياً رخيصاً لمرض الإيدز، وتأكيده أن علاجه المكتشف اثبت نجاحه بنسبة مئة بالمئة لدى الغالبية العظمى من المصابين الذين خضعوا لهذا العلاج. لكن الزنداني يرفض الإفصاح عن تفاصيل هذا العلاج الذي يقول أنه توصل إليه من خلال فهمه لبعض الأحاديث النبوية للنبي محمد (ص). ويرفض حتى الإفصاح عن هذه الأحاديث خوفا من سرقة اكتشافه العلمي. ويقول أنه في انتظار نيل براءة هذه الاكتشاف وتسجيله عالمياً قبل أن يكشف عن تفاصيله.

وفي حين شككت أوساط علمية في ادعاءات الزنداني حول علاجه للإيدز، فإن الكثيرين من المصابين بالمرض بدأوا يتوافدون على الشيخ من عدة دول تعلقاً بقشة خلاصهم من هذا المرض. ومعهم آخرون مصابون بأمراض مستعصية أخرى أعلن الزنداني قدرته على علاجها، من بينها السرطان.

وفي حين ينشغل الكثيرون في العالم بالزنداني، الذي عٌزل في شهر فبراير 2007 عن منصبة كرئيس لمجلس شورى حزب التجمع اليمني للإصلاح في اليمن.. يبدو الزنداني مشغولا بسلامته الشخصية في موجهة أعداء كثيرين، وقال أنه تعرض في سنة 2006م لمحاولتي اغتيال تمتا من خلال إحداث عطب في عجلات سيارته. لكن التحقيقات الرسمية لم تثبت ذلك. ويتهم الزنداني من يصفهم بأنهم معادون لدينه ومواقفه السياسية، بالوقوف خلف محاولات اغتياله

المصدر / إذاعة هولندا