رايس موفد حرب
بقلم/ مأرب برس
نشر منذ: 17 سنة و 9 أشهر و 4 أيام
الأحد 25 فبراير-شباط 2007 08:11 م

ترى ما الشيء الخطير الذي تحمله جولة رايس الأخيرة في المنطقة العربية ، لعل إجابة هذا التساؤل الضروري هي التي ستعطي تفسيرا منطقيا للجولة غامضة الأهداف التي أجرتها وزيرة الخارجية الأمريكية في بعض العواصم العربية المهمة ، فاللقاءات كانت أبعد ما يكون عن القنوات الشرعية الدبلوماسية بل كانت أقرب إلى جولات الاستخبارات المكوكية .

 واللقاءات ـ على هذا النحو ـ تشكل سابقة جديدة ــ تنضم إلى باقي السوابق التي باتت تجري على الساحة العربية ــ إذ لم يحدث من قبل هذا التخطي الإستخباراتي للدور الدبلوماسي، في التعامل العربي مع الأمريكيين.. وربما يحمل في طياته بادرة لمستقبل جديد تشهده هذه العلاقات، محوره تخطي كل مقومات الشكل المؤسسي للدولة العربية، مقابل ما تتطلبه مصالح الآخر الخ
ارجي من النظام العربي الحاكم .

 فقد طيرت وكالات الأنباء والمحطات الفضائية خبر اجتماع الدكتورة رايس ــ وزيرة الخارجية الأمريكية ــ الثلاثاء 20/2/2007م، برؤساء مخابرات الدول الأعضاء فيما يعرف بالرباعية العربية (مصر ، والسعودية ، والأردن ، والإمارات) بالإضافة إلى بندر بن سلطان الأمين العام لمجلس الأمن القومي السعودي، في عمان .

 وصفته وسائل الإعلام بـ "اللقاء الغامض" وأحيط اجتماع عمان بسرية تامة، وأعلن أن الهدف منه هو مناقشة القضايا الإسرائيلية الفلسطينية، فيما قالت مصادر صحفية : إن رايس تسعى إلى الحصول على دعم عربي لجهود أمريكية ترمي لإحياء ما يسمى بعملية سلام الشرق الأوسط . حيث نقلت محطة "فوكس نيوز" عن دبلوماسي عربي قوله : "إن رايس وجهت الدعوة إلى مديري الاستخبارات، للتشاور معهم حول كيفية إقناع حماس بالتراجع عن موقفها من القضايا العالقة، وفي مقدمتها مسألة الاعتراف بإسرائيل''.

 والاجتماع ــ بوقته ومكانه والأشخاص الحضور ــ يثير غير قليل من الريبة، ويترك وراءه تساؤلات عديدة، خاصة في ظل وجود الوكيل العربي للسياسة الأمريكية ــ بندر بن سلطان ــ الرجل الذي وقف دائماً وراء معظم المبادرات التي خرجت من جعبة الأمريكيين في المنطقة، حسبما وصفته "الواشنطن بوست" قبل يوم واحد من الاجتماع .

 وفي هذا السياق، رأى محللون أن رايس تراهن على دور الأمير بندر، في إقناع حماس بالتراجع عن موقفها عدم الاعتراف بإسرائيل والجلوس مع الإسرائيليين على مائدة المفاوضات، حيث إنه كان من أبرز من أسهموا في توقيع "اتفاق مكة" ، ومهد الطريق ــ بشكل كبير ــ لحكومة الوحدة الوطنية التي أصبح من الصعب التراجع عنها، وبات محتماً على الإدارة الأمريكية التعامل معها كأمر واقع .

 ويأتي هذا الاجتماع أيضاً، بعد أن تحدث المراقبون عن فشل المسئولة الأمريكية في تحقيق أي اختراق سياسي في ما يسمى بقضية السلام.. وكانت رايس تخشى من العودة إلى واشنطن وجعبتها فارغة، تماماً ، وربما كان يحدوها الأمل في إفشال الأسس التي قام عليها اتفاق مكة، من الأصل .

 وغير بعيد عن هذا الاجتماع دار الحديث عن المبادرة العربية ــ التي كانت الرياض أطلقتها عام 2002 للسلام مع الكيان الصهيوني ــ وكانت تتضمن عرضاً بالاعتراف الدبلوماسي بإسرائيل، في مقابل انسحابها من الأرض التي احتلتها عام 1967. حيث تساءلت رايس أمام الصحفيين، قائلة : "ماذا عن بعض الأفكار التي كانت متضمنة المبادرة العربية.. لماذا لا نطبق بعضاً منها"، ونقلت "رويترز" عن كوندوليزا، قولها للصحفيين الذين رافقوها خلال زيارتها لعمان : "آمل أن تكون الدول العربية على وعي بالدور الذي ينبغي أن تقوم به".

 لم يستبعد المراقبون أن تكون تصريحات الرسميين ــ بشأن حقيقة ما جرى بهذا اللقاء ــ بمثابة غطاء على الموضوع الرئيس، ويلفت هؤلاء المراقبون إلى أن لقاء رايس بمدراء مخابرات (حلف المعتدلين) العرب، ربما لتطلعهم على خطة بوش الجديدة في العراق، أو لأخذ آرائهم حول توجيه الضربات الجوية الأمريكية المتوقعة، للمواقع النووية الإيرانية، مدللين على ذلك بتصريحات بعض الدبلوماسيين الأمريكيين، حول انتهاء الولايات المتحدة من تحديد الأهداف الإيرانية، المتوقع ضربها بواسطة طائرات "إف 18 /الشبح"، مشيرين أيضاً إلى وصول حاملة الطائرات الأمريكية "جون سي ستينيس" إلى بحر عمان، حيث انضمت إلى حاملة الطائرات "دوايت دي ايزنهاور"، وعلى متنها 80 طائرة ومنها طائرات الشبح .

 في الوقت ذاته، لم تستبعد المصادر من أن يكون الهدف هو حشد الأجهزة الأمنية العربية، لحماية المصالح الأمريكية في حال توجيه تلك الضربة، ونفذت إيران تهديداتها، خاصة أن اللقاء جاء عشية انتهاء المهلة التي حددها مجلس الأمن لإيران بشأن برنامجها، وإعلان طهران مجدداً عزمها مواصلة تخصيب اليورانيوم .

 وفي إطار التساؤلات بشأن هذا الاجتماع الاستخبارى العربي مع وزيرة الخارجية الأمريكية، رأى متابعون أن نتائجه لن تعلن كلها، بل ستبقى قضايا خفية تم مناقشتها ــ لاشك ــ خلال اللقاء، لن تظهر اليوم ولا بعد ذلك، وربما بعد عدة سنوات.. وهو يأتي في ظل مخاوف لدى كل من (مصر والسعودية والأردن ودول الخليج) من أن يؤدي تصعيد الملفات المفخخة بالمنطقة إلى إشعال صراع جديد، لن تسلم أنظمتها من آثاره السلبية .

عن / محيط