أيها العقلاء.. لا تخدعكم فزاعة القاعدة
بقلم/ حسين علي بدران
نشر منذ: 13 سنة و 5 أشهر و 5 أيام
الأحد 26 يونيو-حزيران 2011 07:09 م

استطاعت المخابرات الأمريكية وتوابعها في الدول العربية أن تجعل اسم القاعدة كالماس الكهربائي يصيب سامعه بالرعشة ، واستطاعت أن تجعل من هذه المجموعة وحشا كاسرا وعدوا ترصد لمكافحته المليارات من الدولارات وشماعة يعلق عليها كل ما يراد تنفيذه ، فما حقيقة هذا التنظيم في العالم بشكل عام واليمن بشكل خاص؟

إني أوجه هذا الكلام إلى العقلاء في جميع أنحاء العالم مسلمين وغير مسلمين ليتدبروا الأمر هل فعلا ما يسمى بتنظيم القاعدة بهذه الخطورة التي تقلق العالم أو بهذا التضخيم المتعمد أم أن الأمر مجرد تحقيق مصالح لمن يرفع شارات الخطر من هذا الاسم في مناسبات معينة وأوقات معلومة وأهداف مرسومة ؟ 

أنا هنا لا أنكر أن هناك مجموعة من الشباب يتبنون فكرة التفجير والتدمير واستخدام العنف باسم الإسلام ، ولكنهم ليسوا بالصورة التي تصورها المخابرات العالمية والإقليمية ، والمتتبع لأخبار هؤلاء الشباب يجد أنهم ينقسمون إلى قسمين : القسم الأول : من له نية طيبة ولكنه مغرر به وينقصه العلم الشرعي والحكمة في توصيل الدعوة إلى الله ولذلك يفكر ويعتقد أن تفجير مبنى أو سيارة أو قتل مجموعة من الناس سواء كانوا كفارا أو مسلمين متعاونين مع الكفار ــ حسب قولهم ــ سوف يقيم دولة الإسلام ، وهذا بلا شك جهل وعدم فقه بهذا الدين العظيم وبالوسائل السليمة لتوعية الناس به ، القسم الثاني : مجند من قبل المخابرات العالمية أو الإقليمية ليحركوا هؤلاء الشباب حسب الطلب ووقت الحاجة ، ليقوموا بالتفجير أو حتى بالتصريح والبيان لخدمة أجندة معينة ، فما معنى بعض التصريحات والبيانات لبعض قادة القاعدة في بعض محن الأمة إلا صرف الأنظار عن هذا الحدث بالإضافة إلى تبني بعض الأعمال التي لا ناقة لهم فيها ولا جمل ، وهذا واضح لكل ذي عين بصيرة وعقل واعٍ .

 والذي يسمع ويقرأ للإعلام الموجه ويقارن بين ما يسمعه ويقرأه وبين الواقع يجد التضليل الواسع والكذب المفضوح ، ولدي ولدى غيري الأدلة والوقائع أن ما يقوم به الإعلام الفاجر إنما هو تضليل للرأي المحلي والدولي لتحقيق مكاسب سياسية ومادية ، فأنا لا أتكلم من فراغ ، ولا أقول كلاما جزافا فالمنطقة التي أنتمي إليها مثلا يصورها نظام علي صالح وإعلامه أنها منطقة للقاعدة فيها موطن قدم ، وهذا لا أساس له ، وكذب وافتراء ويشاطرني أهل المنطقة هذا الرأي ، وأعرف ويعرف غيري أن الأفراد المنتمين إلى ما يسمى بالقاعدة لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة ، وهم مسيرون ــ من حيث يدرون أو لا يدرون ــ من قبل الأمن السياسي والقومي وتحركاتهم مكشوفة ومعروفة لديهم ، وقد تواترت الأخبار أن علي صالح كان يجمع قادة ما يسمى بالقاعدة من كل المناطق في دار الرئاسة ويأخذ عليهم الأيمان المغلظة أن لا يعملوا عملا إلا بإذنه وعلمه ، وهذا ما حصل ويحصل ، فأين هذا التنظيم أيام خليجي عشرين ، لم تطلق رصاصة ، ولم تنفجر قنبلة ، وهذا التنظيم حريص ــ كما صرح بعض أفراده ــ على إفشال هذه البطولة ، خاصة وفيها بعض دول الخليج التي أدخلت المشركين إلى جزيرة العرب وتحتضن قواعد أمريكية كما يقول أفراد هذا التنظيم ، ومن الأدلة كذلك وجودهم في الحرس الخاص كما صرح بذلك اللواء علي محسن ، وقد يقول قائل ألا يوجد لهم صولة وجولة في أبين؟ فالإجابة على ذلك لا تحتاج إلى كثير عناء فهم صناعة علي صالح وأجهزته وهو الذي سلمهم المنطقة كما سارت بذلك الركبان ودلت عليه الشواهد ، فأحد قادتهم في أبين لديه مزرعة معروفة هناك وينتمي إلى الأمن القومي ، وهذا مشهور ومعروف لدى أهل أبين .

ومن الأدلة كذلك إخراج مجاميع من هؤلاء الشباب في بداية ثورة الشباب السلمية من سجن الأمن السياسي في صنعاء ليعبثوا بأمن الوطن ، وليحققوا أهدافا لدى النظام اتضح بعضها في أبين ، بالإضافة إلى الهروب ( الخروج ) الجماعي المريب لهؤلاء الشباب ( 23 فردا ) من نفس السجن قبل سنوات عبر نفق تم حفره وهذا لا ينطلي على العقلاء ، فأين التحصينات المعروفة في السجن؟ وأين والحراسات المشددة والجيران المحيطين ، كل هذا يشكل استفهامات عديدة ، إنها لعبة مكشوفة ، ولا زال المسلسل يعرض فهروب ( خروج ) 62 عنصرا من سجن المكلا يؤكد ما أقول ، فهل يعقل أن يحفر نفق طوله 35 مترا دون أن يشعر الحراس أو من في السجن ، هل يعقل أن تحفر هذه المسافة دون أن يلاحظ احد ، أين القائمون على شئونهم بالرعاية من غذاء ودواء ونظافة ؟ أين وضعت كمية التراب الكبيرة المستخرجة ؟ أين الحراس ؟ أسئلة كثيرة تحتاج أجوبة ، ولكنها لعبة أخرى أكدتها قيادة المنطقة الشرقية بقولها أن مدير السجن تم تغييره قبل الحادث ، أضف إلى ذلك تسليم جعار دون مقاومة ثم تسليم عاصمة المحافظة زنجبار بعد انسحاب القوات الأمنية وبعض الوحدات العسكرية ولكن الله فضحهم برفض قيادة اللواء 25ميكا وجنوده البواسل الذين يعرفون معنى الوطنية والقسم الذي أدوه ، وأذكر بحادثة حصلت في مأرب لأربعة شباب ، فبل سنوات ، ثلاثة منهم من مأرب وواحد من الجوف تقول السلطة أنهم ينتمون إلى تنظيم القاعدة استدرجتهم المخابرات عن طريق أحد عناصرها الذي يعيش مع هذه العناصر ويديرها وأخرجهم ليلا إلى منطقة صحراوية بين مأرب والجوف ثم انسحب بحجة أن يأتي لهم بطعام أو ما شابه ذلك ، وعند شروق الشمس وجدوا أنفسهم محاطين بدبابات وأطقم عسكرية ومروحيات وجيش جرار وبدأ الهجوم بكل أنواع الأسلحة وانتصروا على أربعة شباب لا تتجاوز أعمارهم 25 سنة وليس معهم سوى بنادقهم العادية ، وسلموهم لأهلهم أشلاء وتم تصوير المعركة على أنها معركة حامية الوطيس مع مجموعة كبيرة من عناصر القاعدة ليرسلوا رسالة للولايات المتحدة الأمريكية ، وهذا هو بيت القصيد .

هذه بعض الشواهد فقط وما بقي أو خفي كان أعظم ، وإذا كان النظام صادقا في محاربة هذا التنظيم فأين الحرس الجمهوري لا يحسم المعركة وقد تم تدريبه على أعلى المستويات من قبل خبراء أمريكان وتم تسليحه بأحدث الأسلحة من روسيا والولايات المتحدة الأمريكية وغيرهما .

وأؤكد هنا أن القاعدة في اليمن من صناعة علي عبد الله صالح ليخوف بها دول الجوار التي اكتوت بطيش هذه العناصر ، ويخوف كذلك الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية ، كما يريد خلق رأي عام عالمي أن السلم والأمن العالميين في خطر ، لكي يحصل على مليارات الدولارات من تلك الدول ، ولذلك ينشط أفراد هذه العناصر ويختفون حسب الحاجة ، وهذا ما يفسره انسحاب قوات الأمن من بعض مناطق في أبين لمجموعة من المسلحين ، وكذلك خروج مجموعة من سجن المكلا عند قدوم مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية فيلتمان ــ كما تم ذكره ــ ولا تكاد توجد حادثة تنسب لهذه العناصر إلا ووراءها قصة ومسلسل .

وفي هذا القدر من الأدلة والحقائق كفاية ، ولكن قبل أن أختم أنادي هؤلاء الشباب أصحاب النوايا الطيبة وأقول لهم لقد أرهبتم المسلمين قبل أن ترهبوا أعداء الله ، فالخائفون من أعمالكم هم المسلمين أما الكفار فيسرحون ويمرحون وينفذون مخططاتهم بدعم من أعمالكم ، فضاعت أفغانستان والعراق بعد تفجير سفارة الولايات المتحدة الأمريكية في نيروبي وتفجير برجي التجارة العالمية ، وستضيع الجزيرة بسبب تهوركم إذا لم تعقلوا ، واعلموا أن أسلوب التفجير والتدمير ليس الوسيلة الصحيحة لنشر الإسلام ونصرته ولم ولن يتضرر من أعمالكم سوى المسلمين ، وأدعوكم إلى اتخاذ النضال السلمي والثورة السلمية طريقا لكم فهي التي أسقطت علي عبدالله صالح وليس العنف ومهاجمة بعض المناطق ؛ بل العكس كان لذلك مردود سلبي وتحرك إقليمي ودولي ضد اليمن ، فاتقوا الله اذا كنتم تخافونه ، فما ذهب من أنفس تتحملون وزرها ، فلا يجوز قتل المسلمين وترويعهم ورميهم في البحار أو تقطيع أعضائهم وأوصالهم وهم أحياء باسم محاربة الفساد والمنكر أو محاربة الكفار والمتعاونين معهم ، أما المجندين مع المخابرات فأقول لهم لقد بعتم دينكم بدنيا غيركم وخنتم أماناتكم ووطنكم من أجل أفراد لن ينفعونكم يوم القيامة وبذلك أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا ، فاتقوا الله إذا بقي لديكم مثقال حبة من إيمان أو شيء من وازع دين أو الضمير .

وأخاطب أولياء أمور هؤلاء الشباب والعقلاء في المناطق أن يأخذوا على أيدي هؤلاء الشباب ويبصروهم بعيوبهم وبالمنكر الذي يقومون به والجرم الذي يقترفونه في حق دينهم ووطنهم وان ينتبهوا ممن يحقق بهم أهدافه ؛ حتى لاتصل اليمن إلى وضع لا تحسد عليه فالأعداء يتربصون بنا .

وأخاطب العقلاء من الجيران والأشقاء ومن الدول الغربية وأقول لهم هذه هي الحقيقة إذا أردتم معرفتها ، وهذه بضاعة نظام علي صالح وكل عقلاء اليمن مجمعون على ذلك ، فإذا ذهب سوف تذهب كل التوترات بإذن الله ، فهو رأس كل مصيبة ومشكلة في اليمن ، فإذا كنتم تريدون الخير لليمن فتعاونوا مع العقلاء فيه لإنهاء هذا النظام الفاسد الذي فرخت في عهده كل المصائب ، وإذا كانت لديكم أجندة أخرى فالله خير حافظا وهو أرحم الراحمين ، وهو حسبنا ونعم الوكيل .