الجيش الوطني خط أحمر
بقلم/ سيف الحاضري
نشر منذ: 3 سنوات و 11 شهراً و يومين
الثلاثاء 12 يناير-كانون الثاني 2021 08:24 م
 

يبدو أن الحكومة تصر على المضي في استخفافها بتضحيات الشعب والجيش الوطني في معركته المقدسة ضد الانقلاب الحوثي المدعوم من إيران..

الحكومات السابقة والحكومة الحالية ومن خلال سياستها تتسبب بإطالة الحرب، وإطالة الحرب تعني مزيداً من الدماء والشهداء والجرحى ونزوح عشرات الآلاف وتعريض ملايين اليمنيين للاستبداد والتنكيل والقتل والتعذيب والخطف والاختفاء القسري على أيدي المليشيات الحوثية الانقلابية. 

ووفقاً لتلك السياسة للحكومات المتعاقبة ووصولاً إلى حكومة «عبدالملك» فإنها كانت أحد أسباب بقاء مليشيات الحوثي وإطالة عمرها وكانت بسياساتها العائق الأبرز في تأخير حسم المعركة.

فلا يمكن لحكومة تتشدق ليل نهار بأن هدفها الاستراتيجي إنهاء الانقلاب واستعادة الدولة ومؤسساتها وصولا إلى تحرير العاصمة صنعاء ونزع سلاح جماعة الحوثي، وهي في ذات الوقت تنهج سياسة لا يمكن قراءتها سوى أنها تهدف إلى محاصرة الجيش الوطني، ففي كل حروب العالم تُولِي الحكومات جُلّ اهتمامها وتضع نفسها وكل إمكانات الدولة لدعم الجيش في خوض حروبها، غير أن الوضع في اليمن يختلف رأساً على عقب، ففي الوقت الذي تخوض الدولة اليمنية "الشرعية" حربها الوجودية والمقدسة ضد انقلاب طائفي ذات نوازع استئصالية لكل مناحي الحياة وشكل الدولة والتاريخ والحاضر والمستقبل من خلال جيشها الذي يعد أهم ركائز وجودية الدولة والهوية.

فبدلاً من أن تسخر كل إمكاناتها لدعم الجيش الوطني انتهجت هذه الحكومات سياسة المماطلة في دفع مرتبات الجيش وتعمد تأخيرها وفقاً لما نراه ظاهراً لما يقارب عاماً كاملا، وما يزيد الطين بلّة فقد ذهبت الحكومات المتعاقبة إلى عدم تحمل مسؤولياتها الدستورية والوطنية في توفير متطلبات المعركة من السلاح والذخيرة، الأمر الذي انعكس سلباً لصالح العدو وكان سبباً رئيسياً في إطالة أمد الحرب ومنح الانقلاب المشؤوم مزيداً من الحياة ليعبث باليمن أرضا وإنساناً.

ومن هذا المنطلق أصبح كل ما صدر عن الحكومات السابقة ويصدر عن الحكومة الحالية من تصريحات، تتوعد من خلالها بإنهاء الانقلاب وتعهد بسحق وجودية مليشيات جماعة الحوثي الانقلابية لا يمكن أن يفهمها أي مراقب سوى أنها تأتي في سياق الاستهلاك الإعلامي..

كيف يمكن لحكومة تدّعي أنها تمنح الجيش أولوية في اهتماماتها بينما هي في الواقع تتعامل مع الجيش بسياسة التفرقة والتمزيق المناطقي، وهذا يعتبر أكبر تهديد يتعرض له الجيش الوطني ككيان يمثل الدرع الأوحد لحماية الدولة اليمنية وشرعيتها وأحزابها وبقايا مؤسساتها الدستورية..

كيف يمكن لحكومة وطنية بامتياز تحمل على كاهلها خوض معركة الانتصار العسكري والسياسي والاقتصادي أن تنتهج ممارسة سياسة تميز من خلالها وحدات عسكرية من الجيش عن وحدات أخرى من حيث صرف الرواتب ودفع النفقات التشغيلية والاهتمام بالجرحى، وهذا ما يمثل تهديداً خطيراً لكيان الجيش ولوجود الدولة الشرعية بما فيها الحكومة نفسها!

 

هل يمكن القبول بأن تقوم الحكومة من خلال مؤسسة البنك المركزي بصرف رواتب وحدات عسكرية بعينها وبعيداً عن وزارة الدفاع المعنية بكل وحدات الجيش، فيما الوحدات الأخرى تعاني من انقطاع الرواتب لقرابة عام كامل؟!!.

هذا التوجه الخطير يجب الوقوف أمامه بمسؤولية من قبل الجميع، لا يمكن القبول بسياسة التميز تحت أي مبرر كان داخل المؤسسة العسكرية وبين وحداتها، حيث يتم وبصورة انتقائية صرف رواتب وحدات الجيش في المنطقة الرابعة والتي توازي من حيث قوامها أكثر من نصف الجيش بكل مناطقه السبع، حتى شهر سبتمبر من العام الماضي إضافة إلى جميع المصاريف التشغيلية، في حين يمنع الراتب الأساسي على الوحدات الأخرى، وهي الأولى والثانية والثالثة والخامسة والسادسة والسابعة.

يقول وزير المالية وبشكل واضح بأن تعزيزات رواتب الجيش سلمت للبنك المركزي حتى شهر ديسمبر من العام الماضي وأن لا مشكلة لدى وزارة المالية.

ليتم حصر المشكلة في إحدى زوايا البنك المركزي، وليت الأمر بقي على حاله هذا، بل ذهب إلى ما هو أشد وجعاً وإيلاماً حين تجد البنك المركزي يتجاوز صلاحياته كبنك مصرفي إلى تقمص دور السلطة التنفيذية بل ويتجاوز دور الحكومة وبعض الوزارات.

والشاهد هنا والمبكي والمخجل في حق قيادةً الدولة بدءاً بالرئيس ونائبه ورئيس الوزراء وجميع الوزراء، قيام البنك المركزي بالتصرف بكل التعزيزات الخاصة بوزارة الدفاع ليقوم ومن تلقاء نفسه - هذا إن أحسنّا الظن بقيادة الدولة - بصرف رواتب وحدات معينة من الجيش دون الرجوع إلى وزير الدفاع ورئيس الأركان والشؤون المالية ومنها رواتب المنطقة العسكرية الرابعة ..

هذا التجاوز السافر الذي يهدد كيان الدولة ويهدد وحدة الجيش الوطني ويزرع بوادر فتن كارثية من قبل البنك المركزي لم يقتصر على ذلك، بل وصل إلى الرفض القطعي لصرف رواتب المناطق العسكرية الأخرى وفقاً لذات التعزيزات المالية..

وهنا نقولها بكل وضوح، تجاوز الحاقدون على الجيش الوطني داخل هذه الحكومة والبنك المركزي كل حدود الممكن قبوله، وباتوا يدفعون الوضع لمالات غير محسوبة، كما أن عدم تدخل الرئاسة صاحبة الفصل والأمر القاطع يثير كثيراً من التساؤلات، غير أن المسؤولية الأكثر إثارة لعلامات الاستفهام هي عدم تدخل دولة رئيس الوزراء وبصورة مباشرة لوقف هذه السياسية العبثية والخطيرة، التي تهدد أهم مؤسسة سيادية وهي مؤسسة الجيش الوطني «المؤسسة العسكرية»..

يؤكد دولة رئيس الوزراء أنه بصدد حل أزمة مرتبات الجيش الوطني، منذ ما يقارب العام ونحن مازلنا نمنحه مساحة من الثقة، ونقول له الأمر لا يحتاج سوى لإرادة صادقة وتوجيه صريح، وقبله الرفض بالزج بالجيش الوطني في سياق دوائر حسابات سياسية خطيرة، تكلف اليمن أرضاً وإنساناً خسائر فادحة في الأرواح وكل مناحي الحياة..

وفي حال افتراض أن أطرافاً في التحالف أو شياطين داخل الشرعية والحكومة تقف وراء هذه المأساة الكارثية فإن انصياع الحكومة لها خيانة، إن جاز التعبير، فترك الأبطال في الجبهات دون سلاح وذخيرة ومرتبات (عمداً) لا يمكن أن يوصف سوى أنه خيانة.

  

لم يعد هناك مجال لمزيد من اختبار الصبر لدى هذا الشعب، فما تعتقدون أنه عقاب يُفرض على الجيش الوطني هو في الواقع عقاب تفرضونه على الشعب بكامله، فكل ما من شأنه تأخير حسم المعركة المقدسة والوطنية مع جماعة الحوثي الانقلابية، يمثل عقاباً على الشعب وتهديداً لحاضره ومستقبله.

إن طريق الخلاص لليمن وللجوار وخاصة الشقيقة السعودية هي واحدة، ومسار واحد واتجاه واحد، وهو دعم الجيش الوطني وتوفير متطلبات المعركة «ليقتلع الأبطال هذه الجماعة الحوثية الإيرانية من جذورها»..

حريتنا تأتي من فوهة «مدافع الجيش وبندقية الأبطال» وليس من مكان آخر.