الاتحاد الدولي للصحفيين يناقش مع صحفيين يمنيين وسبُل محاسبة المتورطين في الانتهاكات التي تطالهم عاجل العميل الإيراني رقم إثنين .. الهدف القادم الذي ينوي الغرب والعرب استهدافه واقتلاعه.. ثلاث خيارات عسكرية ضاربة تنتظرهم ما يجهله اليمنيون والعرب ..لماذا لا يجب ترك شاحن الهاتف موصولاً بالمقبس الكهربائي بشكل دائم؟ من هو الأفضل في 2024 بحسب الأرقام؟ كريستيانو رونالدو أم ليونيل ميسي.. عاجل تحسن هائل في سعر الليرة السورية مقابل الدولار .. اسعار الصرف شاحن هاتف ينهي ويوجع حياة 7 أفراد من نفس العائلة في السعودية توافق دولي عربي على الوضع في سوريا جدل بشأن عودة السوريين اللاجئين في أوروبا إلى بلادهم بعد سقوط الأسد وزير الدفاع التركي يكشف عن عروض عسكرية مغرية قدمتها أنقرة للحكومة السورية الجديدة ماذا طلب الرئيس العليمي من واشنطن خلال اجتماع عقده مع مسئول كبير في مكافحة الإرهاب؟
قبل ثلاثين عاماً كنت أشاهد جو بايدن، وهو يرأس لجنة استماع في مجلس الشيوخ الأمريكي، طرفاها الأمريكيان من أصول أفريقية، كيلارنس توماس، وأنيتا هِل.
خلال عشرة أيام، من جلسات الإستماع الطويلة، التي رأسها بايدن، في سبتمبر 1991 ، بحرفية عالية، قال بايدن في النهاية : نحن أمام إثنين من عباقرة الأفارقة الأمريكيين، وهما خريجا قانون من جامعة ييل، ولَم نستطع أن نخلص إلى نتيجة مفيدة ، ولذلك سنعيد الأمر إلى مجلس الشيوخ كاملاً وهو يقرر ..
وأردف : هذا نظامنا، لا يتصف بالكمال (not perfect ) لكنه يعمل..!
ادهشني، حينها، تعبير بايدن : نظامنا لا يتصف بالكمال، وأنا القادم حينذاك من عالم حيث النواقص بلا حدود، وإدعاءات الكمال فيه بلا حساب، وبلا حدود..
وعلى الرغم من نموذجية النظام الأمريكي، والذي ما يزال يفصلنا عنه سنين طويلة، فهو ليس كاملاً بالفعل، مثل كل التجارب البشرية، لكنه ظل يعمل بنجاح كبير لاكثر من قرنين ..
ويلاحظ أن مفكرين أمريكيين كثر، مثل آلفِن توفلر، وفوكوياما، يشيرون إلى جوانب تدهور وضعف كثيرة، ويتمنون إصلاحات مهمة لم تتأتَ بعد.. وفيما هناك من يتوقع تراجع أمريكا مثل كل الإمبراطوريات السابقة مثل بول كندي في كتابه صعود وهبوط الأمم العظمى، لكن هناك من يرى تمتع أمريكا بجملة خواص تمكنها من التكيف والتغيير والتجدد ، ويرون أن القرن الواحد والعشرين سيكون أيضا أمريكياً..
وقال أستاذ الإقتصاد في MIT ، لستر ثارو، معلقاً حينها على إنهيار الإتحاد السوفيتي، إن قوة نظام أمريكا، وديمومته تكمن في النقاشات أو المناظرات ( debates ) المستمرة، وخاصية المرونة والذرائعية ( pragmatism)التي يتحلى بها النظام الأمريكي، مقارنة بالطقوسية (ritualism) والتصلب الذي كان يتسم بها نظام الاتحاد السوفيتي، وادت إلى انهياره.
لعل انتخاب ترامب يعبر عن خيبة أمل كبيرة في النخبة السياسية الأمريكية والمؤسسة التي ترسخت مصالحها ضداً على المصالح العامة لفئات كثيرة في المجتمع الأمريكي .. وكان انتخاب ترامب يبدو أقرب إلى معاقبة المؤسسة التقليدية الحاكمة وتأديبها..
منذ فترة وهناك تأكيدات لحاجة أمريكا لقيادة استثنائية، ليس من نوع ترامب بالطبع، ولكن من مستوى فرانكلين روزفلت، تكون قادرة على إحداث تغييرات وإصلاحات واسعة وعميقة، لكن ذلك لم يحدث منذ فترة ريجان الذي أجرى إصلاحات معظمها في اتجاه معاكس لإصلاحات روزفلت الذي انتخبه الأمريكيون أربع مرات، وعاصر الحرب العالمية الثانية، وتوفي بعد انتخابه للمرة الرابعة، وترتب على ذلك إجراء تعديل دستوري بعد وفاته، يقصر الرئاسة على فترتين فقط، وكان الأمر من قبل مجرد إحترام لعرف كان سارياً، منذ تخلى جورج واشنطن أول رئيس، عن الترشح للرئاسة، مكتفياً بفترتين كل منهما أربع سنوات، واستمرت مراعاة ذلك العرف أكثر من مائة وثلاثين عاماً.
كان ترشح ترامب في البداية يثير التندر والسخرية، وكان صعوده غير متوقع، لكن بعد فوزه بترشيح الحزب الجمهوري تعاطى معه قادة الحزب وتبعوه ، وكأنه رئيس طبيعي، وهو ليس كذلك في الحقيقة، وعند فوزه بالرئاسة ، تعامل الديمقراطيون معه، وفقاً للقواعد والعرف والدستور ، وسُلمت له الرئاسة ، كما جرت العادة وكما يقضي الدستور ، وارتكب ترامب بعد ذلك أخطاء كبرى، جرى بسبب بعضها محاكمته في مجلس النواب الذي أقر بعزله ، لكنه لَم يُعزل لأن حزبه الجمهوري، كان مسيطرا على مجلس الشيوخ وصوت ضد العزل .. وعندما هُزم ترامب الآن ، لصالح بايدن، ورفض التسليم بالنتائج، جاراه الكثير من قيادات حزبه، وهم يدركون أنه مخطئ تماما.. وحتى بعد اقتحام الكونجرس، من قبل مؤيديه وبتحريض واضح منه، صوت أكثر من نصف أعضاء مجلس النواب الجمهوريين( 138 عضواً) ضد إقرار نتيجة فوز بايدن خوفاً، كما يبدو، من تأثير ترامب على قواعدهم الانتخابية، وهو يهددهم ويبتزهم ضمناً وعلناً، مثلما جرى لسكرتير ولاية جورجيا الجمهوري المحافظ .. ويلفت النظر ستيف كورناكي في كتابه Red and Blue ، أو أحمر وأزرق، في أشارة إلى لوني الحزبين الجمهوري والديمقراطي، وهو يتحدث عن نشوء القبائلية السياسية في أمريكا منذ التسعينات، ويشبه الحزبين، بقبيلتين، بما يعنيه ذلك من عصبيات وتبعات..
وفِي حين أن هناك شعوراً واستحقاقاً بوجوب عزل ترامب الآن، وقد تخلى عنه بعض قادة حزبه وعدد من كبار مساعديه ، غير أن هناك مخاوف من تعميق الإنقسام في المجتمع الأمريكي لو حدث العزل ، وما قد يترتب على ذلك من فوضى وعنف، من قبل مؤيديه، الذين يستخدمهم بأنانية مدمرة.وهذا ما حدا بنانسي بلوسي، رئيسة مجلس النواب، إلى التردد كثيرا في المضي قدماً في إجراءات عزل ترامب، عندما طُرحت للمرة الأولى .
غير أن غياب المساءلة والمحاسبة والعقاب لما جرى من اقتحام للكونجرس، ووصفه كثيرون بالتمرد، أو محاولة إنقلاب، وقبله ما حدث مع سكرتير ولاية جورجيا من فضيحة طلب تغيير نتائج الإنتخابات بما يمكن ترامب من الفوز ؛ قد يدفع إلى ما هو أخطر وقد يتكرر ما حدث وأكثر ، وحينذاك، قد يدرك الرئيس بايدن أن النظام الذي قال عنه قبل ثلاثة عقود إنه لا يتصف بالكمال ( not perfect ) لكنه يعمل، لم يعد يعمل بكفاءة مناسبة تجعله يستمر .. وهذا ما لا يرغبه أحد لأمة عظيمة إختلفنا كثيرا مع سياسات قادتها ، لكنها ظلت تشكل نموذجا ومثالا يحتذى في التبادل السلمي للسلطة منذ أكثر من قرنين من الزمن..
وقد أحسن الحزب الجمهوري باختياره مايك بنس نائباً لترامب، فلولا رجاحة عقل بنس، وتخليه عن ترامب في آخر لحظة مع صعوبة ذلك ، والتزامه بالقواعد، وهو المحافظ الملتزم ، كان يصعب تصور تطورات أمس على أمريكا والعالم ..