الانفجار ألإعلامي
نشر منذ: 17 سنة و 10 أشهر و 17 يوماً
الثلاثاء 23 يناير-كانون الثاني 2007 07:38 ص

مأرب برس - معتصم زكي السنوي

الإعلام ليس في حد ذاته غاية ، بل هو وسيلة ، بل هو مجرد وسيلة لكي يتمكن بها الإنسان المبدع من إقامة نظم جديدة يستعين عليها بالخيال والإلهام ، وأن يكتسب معارف جديدة تجعله قادراً علي خلق الإطار النظري لحياته الخاصة ... إن التقدم الخرافي الذي أحرزته وسائل الإعلام والاتصال، وهو بغير جدال من أعظم ظواهر تاريخ الإنسانية ، قد غير بشكل جذري معالم الحياة الاجتماعية والثقافية والسياسية علي مستوي عالمنا الأرضي كله. وقد تطلب هذا التغير الأساس في وسائل ال
تدريب والمعرفة تحولاً بنفس هذه الدرجة من العمق في كل أبعاد البناء الاجتماعي، وإذا كانت المعرفة بالفعل هي أن يكون للمرء رأيه الخاص، أي أن يكون متفقاً أو مختلفاً، وأن يعرف كيف يختار طريقه - فإن تحصيل المعلومات الملائمة هو في نهاية التحليل عنصر أساس من عناصر الحرية الإنسانية ..

العالم يشهد اليوم نمواً هائلاً في المعلومات المسجلة ولاسيما في ميدان العلم والتكنولوجيا حتي لقد اصطلح علي تسمية هذا النمو " الانفجار الإعلامي" ومع أن هذه الظاهرة اعتبرت بشكل عام مسألة تقليدية متعلقة بالمكتبات ومراكز المعلومات فإنها لم تلبث أن تجاوزت ذلك وتحولت إلي السبب الأساس في صعوبة ملاحظة عالم سريع التطور يزداد تقدمه التكنولوجي كل يوم تعقيداً وتشابكاً ... ويكفي أن نتابع تكاثر المعارف المطبوعة منذ أن أخترع جوتنبرغ Gutenberg الطباعة حتي اليوم ، إذ أنها كانت تتضاعف كل خمس عشرة سنة . أما في القرن العشرين فإن هذه الزيادة وصلت إلي نسب لا يكاد يصدقها العقل .

ثورة الاتصالات الحديثة

تعد الاتصالات من أهم الوسائل التي تمخض عنها العقل البشري لتحقيق تفوقه علي ما حمله من كائنات فبعد أن تعلم الإنسان القديم الكتابة ، وبدأت الخبرات والمهارات تتراكم في حياته ونمت لديه رغبة ملحة في تبادل الأفكار والتواصل مع الآخرين فأوجد أول أنظمة الاتصالات في العالم عبر السعادة ومن ثم باستخدام القرع علي طبول وعبر الإشارات التي تنقل عبر الدخان أو انعكاس الضوء علي قطع المرايا وباستخدام الإعلام . وغيرها من الأساليب البدائية وصولاً إلي البدايات الحقيقية لوسائل الاتصالات الحديثة المتمثلة باختراع جهاز المورس ونظام إشاراته وتطوره لاحقاً إلي الأنظمة السلكية واللاسلكية والضوئية المعروفة حالياً. لذا يذهب عدد من المفكرين إلي أن اختراع الكتابة وتطور أنظمة الاتصالات يعدان منعطفين بارزين في تاريخ تطور العقل البشري ومن ثم انعكاس هذا التطور علي تاريخ البشرية القديم والحديث. فنظرة مجردة لأي متابع لتطور العلوم والتقنيات يمكن أن يلاحظ دون عناء كبير تطوير أنظمة الاتصالات خلال الربع الأخير من القرن العشرين والتأثيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي أفرزها هذا التطور علي حياة البشر علي سطح هذا الكوكب(25) ولكي يكون للدول العربية مكان في ثورة الاتصالات الحديثة بدأ التفكير " عربياً " بـ "أقمار " الاتصال الفضائي في وقت يمكن أن يوصف بأنه كان مناسباً . إلاّ أن الأستعداد " للبث الفضائي " التلفزيوني عبر الأقمار جاء متأخراً قياساً لدول أخري في الشرق الأوسط . لذا يمكن القول أن العرب أحسوا بأنهم يدخلون عصر اتصالات الفضاء دخولهم في صيغة استهلاك أكثر منه صيغة مشاركة فعالة . وقد بدأ العرب استقبال القنوات الفضائية الأجنبية الوافدة، بادئ الأمر، ثم أنشاؤا قنوات فضائية ناطقة بالعربية خارج الوطن العربي عن طريق التمويل العربي ، وأنشاؤا ، بعد ذلك ، قنوات فضائية دولية في أغلب العواصم العربية ... وارتفعت أطباق استقبال الفضائيات فوق كثير من المباني العربية البث الفضائي العربي والأجنبي، كما ظهر استخدام للكابل لاستقبال قنوات بعينها ، وتوافرت فرص لاستقبال بعض القنوات دون استخدام للأطباق وذلك عن طريق قيام بعض الهيئات باستقبال وإعادة توزيع محطات عربية وعالمية داخل هذه المنطقة العربية أو تلك ... وإلي جانب ذلك ، كله ، توجهت قنوات فضائية أجنبية للبث بالعربية إلي الوطن العربي ، إضافة إلي وصول عدد كبير من الفضائيات بلغات أجنبية(26). وهذه المستحدثات أوجدت ظروفاً اتصالية جديدة ليس للمواطن العربي فحسب ، بل لهيئات التلفزيون العربية ، أيضاً ، وهذا ما دعا تلك الهيئات إلي البحث في أمكانات استثمار خدمات الشبكة العالمية للمعلومات المحوسبة " إنترنيت " . وأن الحديث عن " إنترنيت " . أصبح اليوم أمراً مألوفاً لدي مختلف شرائح المجتمع في الوطن العربي وفي العالم . فقد أصبح الشغل الشاغل للعلماء الذين يحتاجون التواصل مع زملائهم العلماء والباحثين داخل وخارج حدودهم الجغرافية والقومية، وتبادل الخبرات والمعلومات البحثية المختلفة معهم . كذلك فأن طلبة الجامعات والمدارس والمعاهد ، بمختلف مستوياتهم التعليمية ، أصبحوا اليوم يتهافتون علي استخدام شبكة المعلومات المحوسبة العالمية هذه في الدول التي يستطيعون استخدامها والوصول إلي معلوماتها المطلوبة ، كما يلجأ الآخرون إلي القراءة عنها وتتبع أخبارها في الدول والمناطق التي لم تحن الفرصة بعد فيها لاستثمار مواردها . كذلك فإن رجال الأعمال والعاملين في المجالات التجارية أصبحوا يلجأون إلي انترنيت للتعرف علي مختلف أنواع الأنشطة الاقتصادية والمصرفية العالمية ، بل وعقد الصفقات التجارية أحياناً ومتابعة كل الجوانب المتعلقة بذلك عبر الشبكة ، فضلاً عن ذلك فإن رجالات الثقافة والإعلام صاروا مهتمين بهذا التحول الجديد في عالم ثورة المعلومات والاتصالات المتمثل بإنترنيت، لتعرض أو لتحمي تراث وثقافات بلدانها، وحمايته من الغزو الثقافي الخارجي ، وكذلك عرض وجهات نظر بلدانها والدفاع عن قضاياها السياسية والاجتماعية ... وتعد (إنترنيت) أكبر شبكة معلومات محوسبة في العالم ، بل إنها أم الشبكات ، أو شبكة الشبكات ، لأنها تضم عدداً كبيراً من شبكات المعلومات المحوسبة المحلية ( LAN ) وتعني " شبكات آلية المكتبة " أو الواسعة ( WAN ) وتعني " شبكة المجال الواسع النطاق " . والموزعة علي مستويات وطنية وإقليمية وعالمية، في مختلف بقاع ومناطق المعمورة ، وتسمح شبكة إنترنيت لهذه لأي حاسوب ، مزود وبمعدات مناسبة سهلة الاستخدام بالاتصال مع أي حاسوب في أي مكان من العالم ، وتبادل المعلومات المتوافرة معه ، مهما كان حجم بياناته ، أو موقعه ، أو برامجياته ، أو ارتباطه(27) .

مزايا إنترنيت وعيوبها

أ- المزايا والفوائد : لقد جاءت شبكة إنترنيت العالمية المحوسبة بمجموعة من الفوائد والمردودات الإيجابية ، بما تقدمه من خدمات وتطبيقات ، وقد عالج الكتّاب والمهتمون أوجهاً عديدة من الفوائد والميزات التي يمكننا أن نحصرها بالآتي(28) :-

1- لقد جمعت شبكة إنترنيت بين مختلف أنواع تكنولوجيا المعلومات الاتصالات التي يحتاجها الإنسان ، وتحتاجها المؤسسات والمراكز التي تخدم الإنسان . وقد أصبحت إنترنيت قمة التطور لمختلف أنواع الاكتشافات والتكنولوجيات التي ظهرت في ربع القرن الماضي، ويزيد عن ذلك. فقد أصبح الإنسان المعاصر يستخدم محطته الحاسوبية الواحدة كجهاز للبحث الآلي المباشر ، والبحث بالأقراص المكتنزة والوسائط المتعددة عن بعد، وإرسال واستقبال الرسائل والوثائق بشكل يطابق الأصل كما هو الحال في استخدام جهاز الناسوخ عن بعد(الفاكسملي)، وكذلك في تعويض هذه الشبكة الجديدة عن خدمات أنظمة بنوك الاتصال المتلفزة (الفديوتكس) . إضافة إلي المحاولات الجارية لاستخدام تسهيلات الشبكة للاتصالات الهاتفية والبث التسجيلي (الفيديوي) ، وحتي البث التلفزيوني المباشر.

2-تشتمل شبكة إنترنيت علي كمية كبيرة جداً من الوثائق والمعلومات المتوفرة في حواسيب الشبكات المحلية والإقليمية المشاركة في إنترنيت . وهي مصنفة ومبوبة بشكل يسهل إليها . علي الرغم من أنها مخزونة في عشرات الألوف من الحواسيب الموزعة في عدد كبير من الدول والأقاليم الجغرافية. وعلي هذا الأساس فأن المعلومات والوثائق التي توفرها الشبكة لا يمكن أن توفرها أية مكتبة أو مركز للمعلومات ، مهما كانت إمكانياته.

3-يمكن أن تكون هذه الشبكة أداة فعاله في رفع المستوي العلمي والثقافي لمجتمعات المستفيدين، في مختلف دول ومناطق العالم، بما توفره من معلومات في مختلف الموضوعات والمجالات .

4- تستطيع شبكة إنترنيت . وبما توفره من تسهيلات تكنولوجية نشر الوعي المعلوماتي وكسر حواجز ما يطلق عليه بالأمية التكنولوجية التي هي عائق كبير يقف وجه الملايين من الناس الذين يحتاجون إلي استثمار خدمات وتطبيقات هذه الشبكة ، سواء كان ذلك بالنسبة للدول والمؤسسات التي وصلت إليها خدمات الشبكة ، أو الدول والمؤسسات التي تنتظر دورها في استخدامها.

5-لقد حولت الشبكة العالم إلي قرية صغيرة ، ينظر إليها من خلال شاشة الحاسوب ، لأنها تمثل اختراقاً طبيعياً للحواجز والحدود الجغرافية والسياسية للدول والأقاليم.

6-تؤمن الشبكة اتصالاً آلياً وفورياً ومباشراً بالنصوص والأصوات والصور الثابتة والمتحركة، عن طريق حواسيب في مواقع وشبكات مختلفة، وبتكلفة مالية أقل بكثير من الطرق والوسائل الأخري المعروفة. فتكلفة البحث المباشر بقواعد وبنوك المعلومات في شبكة إنترنيت هي أقل من البحث بالاتصال المباشر( Search Online ) . وكذلك رسائل الناسوخ عن بعد (الفاكسملي) ، وكذلك الاتصالات الهاتفية المباشرة ومختلف أنواع الخدمات والتطبيقات الأخري .

7-كذلك فإن الشبكة تحدد، وبشكل كفؤ الوثائق أو الملفات المطلوبة والحصول عليها ، عن طريق ما يسمي بتقنية الفحص المتشعب أو الترابط ( Hypertext ) . حيث يستطيع المستخدم ، بوساطة روابط تشعبية ذات طبيعة دلالية الوصول إلي الوثائق والمعلومات المطلوبة والموجودة في مختلف المجاميع والمناطق.

8-توفر أدوات ومستلزمات الارتباط العادية والفنية ، كالحواسيب بمختلف أنواعها وملحقاتها المطلوبة في الأسواق المحلية، وبتكلفة ليست مرتفعة ، قياساً علي ما يحصل عليه الفرد وما تحصل عليه المؤسسات من معلومات وفيرة وتسهيلات ، كذلك توفر مزودي الخدمة المحليين ، كدوائر الهاتف الوطنية ، الذين يضطلعون بمسؤولية الربط الهاتفي عن بعد.

9- توفر مختلف أنواع البرامجيات والبروتوكولات وسهولة استخدامها من قبل الأفراد الذين لا يحتاجون إلي مهارات حاسوبية عالية، كما وتتوفر العديد عن الأدلة الإرشادية المطبوعة المساعدة والتعليمات التفصيلية عن استخدام الشبكة وتسهيلاتها . وباللغات المختلفة ومنها اللغـــــــــــة العربية.

10-لا تقتصر خدمات وتطبيقات شبكة الشبكات إنترنيت علي شريحة محددة واحدة من شـــــــرائح المجتمع، بل جميعها تقريباً(29).

ب-العيوب والسلبيات : لقد تطرقنا في السطور السابقة إلي مجموعة مغرية من المزايا والإيجابيات التي تحمسنا إلي هذا الاكتشاف التكنولوجي والحضاري المهم ، واستخدام تسهيلاته وتطبيقاته وخدماته المتنوعة ، ولكن ذلك لا يمنعنا من التطرق إلي مجموعة أخري من العيوب والسلبيات التي أشار إليها بعض الكتّاب ، علي المستويين العربي والعالمي ، والتي يمكن أن نلخصها بالآتي(30):-

1- أن الإدارة الأمريكية هي وراء مشروع إنترنيت منذ بدايته . وهو مشروع استراتيجي عملاق ، لذا فإنه قد تكون لمؤسسات معينة في تلك الإدارة نية حرية الإطلاع علي معلومات قد ترقي إلي مستوي الأسرار اليومية السياسية والشخصية، وحتي التجارية ، ومن ثم استغلالها.

2- قد تحجب بعض من خدمات ومعلومات الشبكة عن الدول التي تخالف آراء ومصالح الإدارة الأمريكية.

3- قد يكون هنالك مجال للعبث والتشويه لبعض من المعلومات الموجودة ، التي تخص دولاً وشخصيات ، في الحواسيب المشاركة، عن طريق تغيير بعض الحقائق وتزوير بعض المعلومات بأسلوب يشبه القرصنة التي تمارس علي أجهزة الحواسيب .

4-يمكن بث الآراء والأفكار المتطرفة ونشرها. من خلال تطبيقات وخدمات الشبكة ، وخاصة ماله علاقة بخدمة مجموعة الأخبار أو مجموعة المستخدمين ( Group Use ) وقد تكون مثل تلك الأفكار المتطرفة دينية أو سياسية أو عنصرية.

5-يعتقد الكثير من المستخدمين أن التعامل التجاري والمالي عبر شبكة إنترنيت في موقف محرج، لعدد من الأسباب أهمها عدم كفاية الأمان . فقد أشارت دراسة أجريت في جامعة متشجين الأمريكية والتي شكلت عينة من (2300) مستخدم ، إلي أن الأمان ، أي عدم وجود أمان كافٍ ، هو أحدي العقبات الرئيسة لعدم الشراء والتبضع عبر الشبكة . وقد أصبح هؤلاء أقل حماساً في إرسال تفاصيل بطاقاتهم الائتمانية علي الشبكة .

6-المشاكل والمعاكسات الأخلاقية . تتضمن شبكة إنترنيت حوالي مليون صورة أو رواية خليعة جنسياً . كما وأن هنالك معلومات تعطي بعض المستخدمين عن عناوين بيوت الدعارة في العديد من مدن العالم. والأكثر من ذلك وجود أحاديث هاتفية جنسية حية تؤديها بعض الفتيات المدربات تقدمها بعض المؤسسات المشتركة في الشبكة.

7-تعرض البريد الإلكتروني ، والذي يعتبر من أوسع وأهم الخدمات التي تقدمها الشبكة إلي أختراق ومضايقات ورسائل غير مرغوب بها.

8-هنالك بعض التطبيقات التي يعتقد بأنها تساعد علي العنف والإجرام، فهنالك جنحة صحفية أثبرت في ولاية أركنساس الأمريكية حول طفل في العاشرة من عمره كان يحاول صنع قنبلة، من خلال المعلومات التي حصل عليها عبر الشبكة، فانفجرت فيه وقتلته . وهنالك كتاب بالإنكليزية عنوانه "إرشاد الإرهابيين" موجود نصه علي شبكة إنترنيت تم الربط بين معلوماته وبين حادثة تفجير المبني الحكومي في ولاية اوكلاهوما، من قبل أعضاء الكونغرس المعروفين.

9- قد يوظف بعض الأحداث واللصوص ، من ذوي القدرات المعلوماتية العالية ، معلومات إنترنيت نحو ابتزاز أو أفساد متعمد لأنظمة معلومات الغير ، أو الحصول علي بضائع وأموال وخدمات من دون سداد لأثمانها أو رصيد بالمقابل. إضافة إلي احتمالات استخدامهم للتهديد والتخويف وسرقة الأسرار، علي غرار جرائم الحواسيب التي تكلف الولايات المتحدة الأمريكية وحدها حوالي خمسة مليارات سنوياً.

10-احتمالات تجاوز حقوق النشر ، سواء ما يتعلق منها بالوثائق والمطبوعات الإلكترونية المستنسخة من قبل الحواسيب المشاركة، وكذلك برامج الحواسيب المختلفة المتوفرة علي الشبكة.

11- هنالك استجابات بطيئة أحياناً لبعض الخدمات والوثائق ، اعتماداً علي أوقات الاتصال ، وأماكن وجود الوثائق في شبكات بعيدة، عبر رحلات عديدة.

12-إن الوصول إلي المعلومات والمعارف أصبح سهلاً عن طريق إنترنيت، ولا يحتاج إلي جهد عقلي أو أبداع . لذا يعتقد البعض أن ذلك يدعو إلي تسطيح وتهميش دور العقل والجهد العقلي للإنسان.

13-لقد أتضح مؤخراً أن الشبكة العالمية إنترنيت تستخدم كأداة لتهريب الأموال المجمع من تجارة المخدرات ، والتي يطلق عليها أسم الأموال القذرة ويشير تقرير أعدته منظمة الأمم المتحدة وصندوق النقد الدولي أن(28.5) مليار دولار من الأموال القذرة هذه تهرب سنوياً ، إلكترونياً عبر شبكة إنترنيت، لتخترق وتورط (67) دولة من دولة العالم، بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية . وقد تعرضت هذه الدول إلي انتقادات حادة من قبل الهيئة الدولية لمكافحة الجرائم الاقتصادية.

14-نظراً لأن العرب غير منتجين للمعلومات والمعارف المتوفرة علي الشبكة ، كذلك فهم ليسوا مسيطرين عليها، لذا فإن موضوع الغزو الثقافي والإعلامي سيهدد الثقافة العربية والتراث العربي الإسلامي.

وبعد تشخيص عدداً من الملاحظات الأساسية لشبكة المعلومات العالمية المحوسبة" إنترنيت" التي تعكس مجموعة من النتائج المستنبطة من الدراسة، وكذلك مجموعة أخري من المقترحات المبنية علي تلك النتائج ، وهي كالآتي :-

1- أن شبكة إنترنيت ، مثلها مثل أي اكتشافات وتكنولوجيات جديدة ، تجلب معها بعض المظاهر السلبية إلي جانب المظاهر الإيجابية . ويفرض معالجة مثل تلك السلبيات والعيوب، التي مر ذكرها ، ويقترح الآتي:-

أ- التركيز في استخدامات الشبكة علي التطبقيات العلمية والبحثية الأكاديمية منها وغير الأكاديمية.

ب- وضع ضوابط للاستخدامات الأخري ، بالنسبة للمؤسسات التي تحتاج وتطلب الاشتراك في خدمات وتطبيقات الشبكة الأخري.

2- علي الرغم من وجود بعض المؤشرات التي تحاول أن تعطي صورة عن استقلالية شبكة إنترنيت وعدم خضوعها إلي دولة معينة ، إلا أن العديد من الظواهر العملية لا تزال تشير إلي هيمنة الولايات المتحدة الأمريكية علي معظم معلوماتها .قد يدفع ذلك إلي قيامها بحجب المعلومات عن بعض الدول التي تعدها معارضة لخطها السياسي الإقليمي الدولي. وعلي هذا الأساس فإن التحري عن بدائل في تكنولوجيات تخزين واسترجاع المعلومات ، الأقراص الليزرية المكتنزة ( CD-ROM ) والوسائط المتعددة ( MULTIMEDIA ) ، إلي جانب الشبكة نفسها، أمر ضروري ومهم.

3- إن مستلزمات الارتباط بالشبكة لا يحتاج إلي حواسيب شخصية ( PC ) أو مايكروية( MICROCOMPUTER ) مزودة بمعدل أو مودوم ( MODEM ) إضافة إلي الخط الهاتفي المحلي المرتبط بالخط الخارجي لمزود الخدمة( Service Provder ) وهذا الأخير غالباً ما يكون مؤسسة رسمية في الدول النامية، مثل دائرة البريد والهاتف ، وكل ذلك من الأمور التي يمكن تحقيقها في بعض البلدان العربية.

4- هناك الكثير من خدمات المعلومات المجانية التي يمكن أن تحصل عليها مراكز البحوث والمعلومات ، وعدد آخر من الخدمات التي تقدم لقاء أجور موضحة في أدلة الاستخدام الإلكترونية أو التقليدية الورقية، لذا فإن المؤسسات المعنية باستخدام إنترنيت واستثمار موارده تستطيع أن تحدد خيارتها من تلك الخدمات بضوء إمكانياتها.

المصدر الزمان