آخر الاخبار
معركتنا الكبرى
بقلم/ محمد السياغي
نشر منذ: 15 سنة و شهر و 26 يوماً
السبت 03 أكتوبر-تشرين الأول 2009 09:11 ص

 لاشك أن معركتنا الحقيقية اليوم هي نفس المعركة الحاسمة التي يخوضها رجال قوتنا المسلحة والأمن البواسل في ميادين الشرف والبطولة والفداء دفاعا عن الوطن ووحدته ومكتسباته ضد قوى الرجعية والتخلف والظلام، ودعاة الردة والانفصال، وعناصر التخريب والإجرام، وأمراء الحروب والاقتتال أينما كانوا وفي أي جبهة أو محور يتمترسون سواء أولئك المتمردين الحوثيين في شمال الشمال محافظة صعده وحرف سفيان، أو دعاة الردة والانفصال في الجنوب بقيادة الانفصالي طارق الفضلي .

 إن ما يؤكد حقيقة أن المعركة هي معركتنا جميعا، هو ما يحتمه علينا الواجب الوطني تجاه ما يحاك ضد الوطن من مؤامرات ودسائس، خصوصا بعد أن تساقطت جميع الاقنعة الزائفة التي تتوارى خلفها مثل هذه العصابات المتمردة بدعوى التغيير والتجديد سواء تحت غطاء الدين أو التمترس خلف مطالب انفصالية أقل ما توصف به أنها "فنتازية"و"خرافية"، وهي تنادي بما يعرف ب"بفك الارتباط" أو"التحرر"، و لا ندري ممن ترد التحرر؟ ولا من خول لهم المطالبة بحق تشطير وتقطيع أوصال وطن واحد ظل أبناؤه ردحا من الزمن ينتظرون انصهاره في روح وجسدا واحد!

 بعد مضي عشرون عاما من تحقيق الوحدة اليمنية المباركة، وانصهار أبناء اليمن من أقصاه إلى أقصاه في جسد واحد، وتعميد وحدته بدماء الشهداء من أبناء اليمن.. أتصور -ولا أظنني مبالغا- أنه لا يوجد قوة في الارض يمكن لها أن تعيد تجزئة اليمن وتقسيمه إلى شطرين أو تجعل من مجرد أضغاث أحلام حاقدة مريضة كهذه لاتسكن سوى عقول ونفس اصحابها قابلة لمجرد التفكير فيها!

 صحيح حصلت تجاوزات وأخطاء كثيرة خلال الفترة الماضية من تحقيق الوحدة اليمنية المباركة، والمطالبة بإصلاحها وتصحيحها ومعالجتها -بصورة جذرية وغير سطحية- مطلب وطني يؤيده وينادي به جميع أبناء اليمن بدون استثناء، لكن أن تتحول مثل هذه الاخطاء والتجاوزات إلى مناسبة أو مسوغ يدفع بعض أصحاب النفوس المريضة والحاقدة إلى المطالبة بالانفصال وفك الارتباط والتحريض عليه فهذا ما يجعل في تصوري من قرار الحكومة الاخير القاضي بمواجهة أعمال التمرد والتخريب والفتنه والارهاب التي ينفذها عناصر الاجرام وأصحاب المصالح الضيقة والرخيصة بحق الوطن قرارا وطنيا صائبا يستحق الاحترام والتقدير وطالما انتظرناه كونه يحمل الحكومة على القيام بمهامها ومسئولياتها وواجباتها الوطنية في بسط سيادة النظام والقانون والتصدي لكافه الاعمال الرامية إلى اقلاق وتهديد الامن والسلم الاجتماعي ويحضنا على الالتفاف والاصطفاف حوله ومؤازرته بإرواحنا ودمائنا وأموالنا وجميع ما نملك! 

 صدقوني أن الدعوات الكثيرة التي تنادي بالاصطفاف الوطني لمؤازرة بعضنا البعض (شعب وجيش وقيادة)في معركة التصدي الحاسمة لكل ما يحدق بالوطن ويتهدده من أخطار في مثل هذه المرحلة العصيبة التي يمر بها الوطن على مستوى الداخل السياسي المحتقن، والاقتصادي المتردي، ليس منطلقها التشكيك في قدرة المؤسسة العسكرية الوطنية وخلفها جميع ابناء الوطن على حسم المعركة لصالح الحق الوطني النزيه في أن يعيش الوطن موحدا والامة شامخة رافعة الرأس، كما أن منطلقها ليس عدم اليقين من أن ما يجري في الشمال أو الجنوب لا يعدوا أكثر من فرقعات "كهنوتانفصالية" مرحلية سيتم اجتثاثها وتنتهي بلا عودة عما قريب!

 أن منطلق الدعوة للاصطفاف ليست أكثر من معرفة الاجابة على السؤال الذي يفرض نفسه في هذه المعركة، وهو لماذا اختارت مثل هذه العناصر الرجعية الانفصالية هذا التوقيت بالذات الذي بدأ فيه اليمن يتنفس الصعداء ليتفقوا على الإجهاز علية ويغتالوا أحلام أبناءه البسيطة في التطلع لحياة كريمة وهي ما تزال في المهد ؟ لماذا رغم عدم وجود أتفاق في الرؤى والمرجعيات بين الفصيلين المتباينين نجد الانفصالي الفضلي والرجعي الحوثي قد اتفقا فجأة على تمزيق اليمن وتشطيره وقتل أبناءة والإجهاز عليهم ؟ أليس مشروع الزج بالبلد في أتون حرب أهليه تستهدف تقطيع أوصاله وتشريد أبناؤه هو ذات المشروع الرخيص الذي يسعى لتحقيقه الفصيلين اعداء الامس؟ أليس هذا المشروع هو نفس المشروع الذي يدعونا للاصطفاف والوقوف جنبا إلى جنب في مواجهه دعاته باعتبار قضية كهذه قضيتنا جميعا ؟

 ألن نكون نحن أول ضحايا مثل هذا المشروع الدامي؟ وبالتالي مهما اختلفنا في تقديرنا للأهداف غير النبيلة التي تقف وراء هذا المشروع، فأن اختلافنا ليس بالضرورة أن يعمي صوابنا وبصيرتنا بحيث لا نكون قادرين على تحديد أعداء الوطن وما يحاك ضده من مؤامرات ؟

 ربما قد اتفق مع الكثيرين بان الرئيس علي عبد الله صالح كرئيس لليمن قد أنهى بالفترة التي أمضاها في كرسي الحكم أكثر من الفترة التي كان من المفترض أن يمضيها، وبالتالي لم يعد هناك لزوما لبقاء مثل هذا الرجل في كرسي الحكم، ما لم يعمل خلال الفترة القادمة على التمهيد لرجل غيره عملا بمبداء التداول السلمي للسلطة الذي طالما سمعناه ولم نراه حتى الان!

 لكن إذا كانت أعمال التمرد والتخريب والإرهاب الجارية في شمال البلاد وجنوبه، وهي أعمال لا يستهدف محركوها من وراءها سوى التسابق على كرسي الحكم لا أكثر ولا أقل، والشاهد نزعة الحكم التي تتملك طرفا معادلة أثارة الفتن والزوبعات (الفضلي و الحوثي) بحكم اعتقاداتهما الراسخة بما جعلها دافعهما إلى فعل ما يفعلانه بالبلاد والعباد من قتل وتشريد.. فأنني أتصور أنه ليس بالضرورة أن يقال علي عبد الله صالح بمثل هذه الأعمال التخريبية الاجرامية الخارجة عن النظام والقانون، حيث يمكن أقالته عبر صناديق الاقتراع كوسيلة حضارية معاصرة أما عبر أعمال التمرد والاجرام فأعتقد أن الجميع يوافقني الرأي بأنها وسيلة لا يلجأ لها سوى ضعفاء النفوس!

 أمر آخر.. إذا لم يكن كرسي الحكم الذي يعتقد قياديي مشروع تمزيق الوطن أنه حق لهما بدون منازع وفق ما تمليه عليهما مرجعياتهما الفكرية ونزعاتهما السلاطينية المستوطنة، وكانت مصلحة البلد هي فعلا ما يهمهما.. فهل من مصلحة البلد تشطيره وتمزيقه وإقحام أبناءه في غمار صراع وحمام من الدماء لا ناقة لهم ولا جمل فيه ولا يعلمون لمصلحة من يتم ذلك؟

 ثم بالمناسبة أنني استغرب من تلك الأصوات النشاز التي يتم استضافتها في شاشات التلفزة و الفضائيات تحت مسميات عده "كمحللين ومراقبين ومهتمين بشئون اليمن" وخصوصا من يترك منهم الباب مفتوحا على مصراعية أمام سيل من الاحتمالات والتنبؤات والتكهنات وكيل الاتهامات للنظام ومستقبل اليمن الايل للسقوط ودخول البلد في أتون صراع مذهبي وطائفي.. ألخ..لماذا لا يقدمون لنا البديل لهذا النظام؟ إلا إذا كانوا يعتبرون أنفسهم والاحزاب السياسة الحالية –التي لا يعدوا كل من فيها سوى موظفو معارضة- البديل الأمثل لقيادة دفة البلد؟ ثم من أعطاهم هذا الحق في الحديث عن اليمن والتنبؤ بمستقبلة وتحديد مصيره بينما هم في بلدان المهجر، وفي الوقت الذي لا يربطهم بالوطن سوى بضع ذكريات كان النظام-حليف الامس- ربما وراء تحقيق حلمهم في الخروج إلى حيث هم قبل أن ينقلبوا عليه ويناصبونه العداء!

 

 أن مثل هذه النماذج التي يتم استدعاءها من (الجحور والاوكار والدكاكين)عبر شاشات التلفزه أو تلك التي تطل علينا برؤوسها عبر بعض الصحف والاذاعات المشبوهة لتستعرض عضلاتها اللغوية والفكرية والفلكية بصورة مشمئزة تكشف حقيقة أن أصحابها ليسوا أكثر من مجرد منجمين وأن تنبؤاتهم ليست أكثر من أكاذيب باطله!!

 والواقع على افترض أن مثل هذه النماذج التي يتم استدعاءها لو كانت قادرة على تحديد مصير الوطن والتنبؤ والتكهن بمستقبلة لكانت تكهنت بمصيرها في بلاد المهجر بدلا مما هي تائهة على أبواب الحانات والمراقص تقتات على عطايا ومكرمات بعض أسيادها! كما أن من اعتاد على أن يقتات على العطايا والمكرمات التي تصله من مصادر ملوثة أو عميله لا يمكن أن يرجى منه خير لبلده وأهله!

 صدقوني لن أكون مبالغا أن قلت أن المعجزة الحقيقية التي سيعيشها جميعنا- ونحن نعيش جزءا من تفاصيلها اليوم- هي عندما يكتمل الجزء الثاني من المعركة ونشهد جميعنا قصة انتصار الحق والعدل والسلام والمحبة على قوى الظلم والعداء والردة والانفصال وانصار المشاريع الرخيصة، وحينما يؤيد الله جنوده بنصر من عنده بفضل دعواتكم ومؤازرتكم أيها القراء و أصحاب الكلمة الشريفة ، ونحتفل بالعيش في وطن واحد موحد لا هدف لأبنائه أبعد من حمايته وبناءه وتنميته وتحقيق أماله وأحلامه، وتشييد أمجاده وانتصاراته .