أول دولة عربية تعلن عن عفو رئاسي يشمل نحو 2.5 ألف محكوم وسجين خليجي 26: البحرين أول المتأهلين بعد فوزها على العراق والمباراة القادمة أمام اليمن فرار عشرات الطلاب من أكاديمية حوثية للتعليم الطائفي في صنعاء .. سقوط بشار يربك محاضن المسيرة الطائفية عاجل: صدور قرار لرئيس مجلس القيادة وكيل أمانة العاصمة يدعو وسائل الإعلام لمواكبة معركة الحسم بروح وطنية موحدة شاهد الأهداف.. مباراة كبيرة لليمن رغم الخسارة من السعودية مصادر بريطانية تكشف كيف تهاوى مخطط تشكيل التوازنات الإقليمية بعد سقوط نظام الأسد وتبخر مشروع ثلاث دول سورية توجيه عاجل من مكتب الصحة بالعاصمة صنعاء برفع جاهزية المستشفيات وبنوك الدم وتجهيز سيارات الإسعاف ما حقيقة خصخصة قطاعات شركة بترومسيلة للاستكشاف النفطية في اليمن أبرز خطوة رسمية لتعزيز الوسطية والاعتدال في الخطاب الديني في اليمن وزير الأوقاف يفتتح أكاديمية الإرشاد
من المؤكد بان الاوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشها اليمن في الوقت الحاضر ليست ناتجة من شحة الموارد و انما ناتجة من سوء الادارة الاقتصادية النابعة من التشوهات السياسية. و بالتالي فان ربط الاصلاح الاقتصادي بمعالجة الاوضاع السياسية لن يعمل الا على تفاقم الاوضاع الاقتصادية و السياسية معا.
ان ذلك يتطلب ان يكون الاصلاح الاقتصادي لو بحده الادنى اولوية من اولويات المرحلة الانتقالية. المقصود بالحد الادنى من الاصلاحات الاقتصادية هو ذلك القدر الذي يمكنها من استغلال موارده غير المستغلة. فاليمن بصفة عامة لديه ثلاث موارد هامة غير مستغلة و هي قوة العمل الشابة و الموقع الاستراتيجي و المناخ المتميز على مستوى المنطقة. و بالتالي فانه يحتاج الى تدريب هذه القوى البشرية لتكون قادرة على استغلال الموقع من خلال تجارة اعادة التصدير و استغلال المناخ من خلال السياحة.
و لن يتحقق ذلك الا اذا تم توفير الحوافز الضرورية و البنية التحتية الاساسية لاستغلال هذه الموارد. و في هذه الحالة ستختفي البطالة و سيزيد الدخل الحقيقي و ستسقر الاسعار وسيتطور اليمن اقتصاديا و سياسيا و اجتماعيا. ان ذلك يعني انه بإمكان اليمن تحسين اوضاعه الاقتصادية من خلال استغلال الموارد المتاحة له و التي هي في الوقت الحاضر.
تتمثل الحوافز الضرورية في نقل الاقتصاد اليمني من حالة الجمود الى حالة التنافسية. تتطلب التنافسية وضع قواعد واضحة تمنع الاحتكار و تسمح بحرية الدخول و الخروج و توفير المعلومات الاساسية. و يتحقق ذلك من خلال تعريف حقوق الملكية الخاصة و العامة و حمايتها بشكل كامل. ان ذلك ضروري لإتاحة الفرصة المناسبة للفاعلين الاقتصادين ( عاملين, اصحاب اعمال و مؤسسات حكومية) للتفاوض و التعاقد الحر. و من خلال ذلك تتمكن المؤسسات الاقتصادية ( شركات) من اختيار حجمها الاقتصادي المناسب و تتمكن الحكومة من الاشراف عليها بطريقة سهلة و مفيدة للجميع وفقا للقوانين و المعاير المتعارف عليها عالميا. و لا شك ان من اهم ما يجب ان تقوم به الحكومة في هذا المجال هو المساعدة على تحديد اطار التعاقدات بشكل واضح و عادل للطرفين. و بعد ذلك فان عليها ان تطبق هذه التعاقدات بسرعة و حيادية و صرامة.
و من اجل ضمان استمرارية النمو الاقتصادي فانه لا بد و ان تقوم عملية التنمية الاقتصادية على مبدا العدالة. ينبع مفهوم العدالة من مقابلة الواجبات بالحقوق لكل مكونات المجتمع. و على وجه التحديد فانه لا بد من ضمان تساوي الفرص لكل الافراد و المؤسسات في المجتمع. فأي حوافز تعطى لرجال الاعمال فإنها يجب ان تكون متاحة لكل من تنطبق عليه شروطها. فعلى سيبل المثال فان مناقصات الدولة و مشترياتها يجب ان تكون متاحة لكل من يرغب في التنافس عليها وفقا للشروط المعلنة.
و في نفس السياق فان ما تقدمه الحكومة من خدمات و على وجه الخصوص التعليم الفني و المهني و الرعاية الصحية لمواطنيها يجب ان تكون متاحة للجميع و بنفس الشروط و في نفس النوع و الجودة. فعلى سبيل المثال فان اي دعم يقدم للمواطنين يجب ان يستفيد منها كل من يستهدفه. و مقابل تشجيع رجال الاعمال فانه لا بد من حماية المستهلكين. و في حال ارتكاب اي مخالفات فانه يجب ان يعاقب كل مرتكبيها بنفس العقوبات التي يحددها القانون.
اما ما يخص البنية التحتية فالي جانب البنية التحتية الصلبة فانه يجب التركيز ايضا على البنية التحتية المرنة. تتمثل البنية التحتية الصلبة في الطرق و المطارات و الموانئ و الاتصالات و المباني و غيرها من المجالات التي لها وجود مادي. و في هذه الحالة فان ما تقوم به الدولة من استثمارات في هذا المجال يجب ان يكون مرتبطا اما بمساعدة رجال الاعمال على الاستثمار و اما في مساعدة الفقراء على التخلص من اسر الفقر. و فيما يخص هذا الاخير فانه يجب العمل على اجتثاث مسببات الفقر اي الجهل و المرض و التميز و الاستغلال وتوفير متطلبات الحياة الكريمة لمن وقعوا في براثن الفقر.
و في هذا الاطار فانه لا بد من العمل على صلاح نظام الضمان الاجتماعي في اليمن بهدف زيادة تأثيره و توسيعه. فما يقدم اليوم للمنضوين لها قليل جدا و اذا تم اخذ تكاليف ذلك سواء من قبل الحكومة او المستفيدين فان صافي ذلك قد يقرب من الصفر. و لذلك فان المساعدات المالية او العينية التي تقدم للفقراء لا بد و ان تكون كافية حتى تمكنهم من الحصول على حياة كريمة.
و يجب كذلك توسيعها لتشمل عملية التدريب و التأهيل و تقديم الحد الادنى من راس المال لمن هو قادر على العمل و بالتالي الخروج من دائرة الفقر. فما يقوم به كل من صندوق التنمية الاجتماعية و مشاريع الاشغال العامة من انشطة في هذا المجال يعمل على تعميق الفقر بدلا من محاربته. ان هذين المؤسستين تقومان في الغالب بما كان يجب على اجهزة الحكومة القيام به مثل بناء المدارس و المشاريع الاخرى و التي يستفيد منها بشكل كبير غير الفقراء. و لذلك فان عليهما ان يعيدا النظر بأنشطتها بحيث تكون موجهة في الغالب الى الفئات الاكثر فقرا.
اما فيما يخص البنية التحتية المرنة فإنها تعني في الاساس الادارة الكفاءة للاقتصاد. و في هذا الاطار فانه ينبغي الحديث عن ثلاث مكونات اساسية هي تنظيم الاقتصادي و اصلاح المالية العامة و اصلاح القطاع النقدي.
و ينبغي ان ننبه هنا ان تنظيم الاقتصاد يجب ان يحظى بأهمية قصوى نظرا لتأثيره على كل من اصلاح المالية العامة و اصلاح القطاع النقدي و المصرفي. فتنظيم الاقتصادي يعني اصلاح العلاقة بين اجهزة الدولة المختلفة ذات العلاقة بالأنشطة الاقتصادية لتكون قادرة على التنسيق فيما بينها و حتى لا تكرر نفسها او تعرقل عمل بعضها البعض.
ففي الوقت الحاضر فانهاك تداخل بين كل من السلطة التشريعية و السلطة التنفيذية. و في نفس الوقت فان هناك تداخلا بين مسئولية رئيس الجمهورية و رئيس الحكومة. و ايضا هناك تداخلا بين مسئولية رئيس الحكومة و الوزراء. بالاضافة الى ذلك فان هناك تداخلا بين الوزارات و بعضها البعض و بين الوزارات و الجهات و المؤسسات التابعة لها.
و لقد ترتب على ذلك وجود تناقضات و تعارضات بين القوانين و اللوائح المنظمة لعمل مؤسسات الدولة المختلفة. و كذلك لقد ترتب على ذلك تصادم بين السياسات التي تتبناها مؤسسات الدولة المختلفة. و لا شك ان ذلك قد ترتب في سوء الادارة الاقتصادية و التي عبر عنها عدم التناسق بين مكونات برامج الاصلاح الاقتصادي و كثرة العقبات التي منعت من تنفيذها.
و لذلك فانه لا بد من اعطاء هذا الموضوع الاهمية التي يستحقها بهدف تحقيق الانسجام الممكن بين مؤسسات الدولة المختلفة مما قد يمكنها من تحسن عملية تصميم السياسات و تنفيذها و تقيمها و تخفيض تكاليف العمليات لكل من القطاع العام و الخاص.
ان النجاح في ذلك سيسهل عملية اصلاح المالية العامة و الذي تعثر كثيرا. و نتيجة لذلك فقد زاد عجز الموازنة ووصل الى نسب تهدد الاستقرار الاقتصادي. و قد ترافق ذلك مع تضخم الدين العام الداخلي و الخارجي و خدمته الى درجة لا يمكن للاقتصاد ان يتحمل عبء ذلك مما يضعف من مصداقية الاقتصاد اليمني و يوفر مناخا خصبا للتوقعات غير المنضبطة.
و من اجل التغلب على ذلك فانه لا بد من اعادة النظر بتركيبات كل من الموارد العامة و النفقات العامة بما يعمل على زيادة الثقة في الاقتصاد اليمني و بالتالي زيادة النشاط الاقتصادي بهدف زيادة معدل النمو الاقتصادي و زيادة معدل التشغيل.
ففيما يخص الموارد العامة فان هناك ما لا يقل عن عشرة انواع من الدعومات غير الظاهرة و التي تعمل على تآكل الموارد العامة. و تتمثل هذه الدعومات في اعتبار الوظيفة العامة كنوع من الرعاية الاجتماعية و لكنها رعاية اجتماعية للمتنفذين مما ادى الى تضخم عدد العاملين في الخدمة العامة المدنية و العسكرية. و نتيجة لذلك فقد زادت فاتورة الاجور ووصلت الى معدلات تفوق المعدلات المقبولة عالميا. و من ذلك ان اراضي الدولة و الاصول العامة تباع او تاجر بأسعار متدنية جدا مقارنة بمثيلتها الخاصة مما جعلها مرتعا خاصا للفساد. و من ذلك دعم الريال و الذي يصل سنويا الى اكثر من مائة و خمسين مليار ريال. و من ذلك التهرب الجمركي و التهرب الضريبي و الاعفاءات الجمركية و الضريبية.
اما فيما يخص جانب النفقات فان هناك تشوهات تتمثل في دعم المشتقات النفطية و في اختلال العلاقة بين نفقات المرتبات و الاجور و نفقات التشغيل و بين النفقات الجارية و النفقات التشغيلية و بين النفقات التي يتم الالتزام بها و النفقات التي يتم تخصيص موارد لها و بين النفقات التي تحتاجها المشاريع العامة و النفقات المتاحة لها.
يجب ان يحظى التعليم بشكل عام و التعليم الفني و المهني بأعلى نسبة من الموازنة العامة و في المرتبة الثانية يجب ان تأتي نفقات توفير الامن و خصوصا الامن الداخلي.
اما فيما يخص اصلاح القطاع النقدي المصرفي فانه ضروري لوضع الاقتصاد اليمني على طريق النمو المستدام. فمن الواضح ان العملة اليمنية هي من اكثر عملات العالم تذبذبا. و في نفس الوقت فان القطاع المصرفي اليمني يعتبر من اكثر القطاعات المصرفية جمودا و انغلاقا على مستوى العالم. و لا شك انه قد ترتب على ذلك ان الاقتصاد اليمني لا يستفيد من موارده المالية المتاحة سواء من خلال المدخرات الداخلية او القروض و المساعدات و الاستثمارات الخارجية. و من يشك في ذلك فما عليه الا ان يقارن بين مؤشرات القطاع المصرفي في اليمن و مؤشراته في اي دولة اخرى حتى في دولة مثل الصومال.
و من اجل تطوير القطاع المصرفي اليمني فانه لا بد من البدء فورا في اصلاح عملية ادارة العملة اليمنية. و في هذا الاطار فانه يجب على البنك المركزي ان يركز على ادارة النقود اي التساوي بين العرض النقدي و الطلب عليه سواء في الوقت القصير او المتوسط على الاقل اكثر من تركيزه على سعر الفائدة او سعر الصرف او حجم الاحتياطي. و لذلك فانه لا بد من تطوير اصول مالية قابلة للتسييل بوقت و تكلفة اقل.
ان تطوير اصول مالية جديد تتمتع بهذه الصفات يجب ان يكون هو المدخل لإصلاح النظام المصرفي في اليمن. فمن الواضح ان البنك المركزي قد ارتكب خطاء فادحا عندما طبق قواعد بازل على البنوك اليمنية. ذلك ان هذه البنوك تعاني من مشاكل مختلفة عن مشاكل البنوك في العالم. فمشكلتها ليست في كثرة توظيفاتها للودائع و رائس المال و انما في تجميد قدر كبير من السيولة بدون استغلال و من ثم فالا معنى لإجبارها على رفع راس مالها او تكوين مخصصات للديون كبيرة و خصوصا في ظل انخفاض اسعار الفائدة التي تتقاضها نتيجة لتحكم البنك المركزي في ذلك.
و في الختام فان احذر ان عدم الاسراع في تطبق هذه الاصلاحات الاقتصادية كحد ادنى فان الاقتصاد اليمني سينهار و بالتالي فان ذلك سيتسبب لليمنين بكوارث لا تحمد عقباها الا هي المجاعة المقيتة.
آلا هل بلغت اللهم فاشهد!