حميد الأحمر
بقلم/ نبيل لأسيدي
نشر منذ: 16 سنة و 10 أشهر و 10 أيام
الأربعاء 13 فبراير-شباط 2008 05:50 م

مارب برس – خاص 

• كنت أعتقد أن خبر وفاة والدنا سيشل حركة قلبي.

• لقد نذرنا أنفسنا في المضي فيما سار عليه والدانا الراحل وسنغطي مكانته الاجتماعية والقبلية أولاً.

• لن ننسى العلاقة الطيبة التي ربطت والدنا بالمملكة وسنحافظ عليها وسنكون خير عون لهم لما فيه خير البلدين

• الإرث كبير وألهم أكبر وتحتاج إلى جهود الجميع وليس لأبناء الشيخ عبدالله

• هناك من يأمل إختراقنا وإضعافنا لكن لن يحصل هذا إنشاء الله

• إن خرج المشيخ من أبناء الشيخ عبدالله فلن يكون هناك مشيخ في حاشد

• الهم الوطني يحتم على القبائل أن تتحد وليس مجدياً البحث عن بدائل للكيان القبلي.

• الإصلاح حزب مؤسسي وقادر على تعويض الفقدان الكبير وسأرتضي بالموقع الذي يخدم مصلحة الوطن.

•سنكون ناصحين للرئيس عبر التعاون الصادق وسنحفظ المودة ما استطعنا.

• على المجتمع المدني أن لا يخاف من القبيلة وعلى القبيلة أن تستوعب مقتضيات العصر.

• لو كان الشيخ عبدالله يريد تسليم السلطة لشيخ قبيلة لا ستلمها بنفسه وقد شعر بالندم على تسليمها للعسكر.

• والدنا إعتبر نسفه أخاً لأسرة آل سعود وهم اعتبروه واحداً منهم ونعتبر الأمير سلطان محل ومقام والدنا الراحل.

• الأمير سلطان كان يتابع الحالة الصحية لوالدنا يومياً ولم يألوا جهداً في تقديم النصح حتى للعلاج البديل.

• أفتقدنا أباً جاد علينا بالمحبة والمودة وأماناً كان يمنحنا القوة لخوض مصاعب الحياة.

•أخر رسالة خطها الشيخ عبدالله بيده المرتعشة كانت للشيخ صادق أوصاه بالإنفاق والتصدق في شهر عرفة.

• قريباً سننشى جمعية خيرية باسم الشيخ عبدالله لدعم الفقراء والمحتاجين وسنبدأ في لجنة التصالح وإيقاف الثارات.

منذ أن رحل شيخ السياسة والقبيلة والنضال ـ المغفور له بإذن الله ـ الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر رئيس مجلس النواب وشيخ مشائخ قبيلة حاشد وزعيم حزب الإصلاح الإسلامي المعارض، أكد جميع اليمانيون بإختلاف إنتمائاتهم وأدوارهم سلطة ومعارضة، نخبة عامة، نسيج قبلي، ومجتمع مدني أن تاريخ الـ29من نوفمبر الماضي (يوم وفاة الشيخ عبدالله في الرياض) سيكون بمثابة مرحلة هامة وفارقة في تاريخ اليمن ومستقبلها الحديث .. فقد رحل صانع الرؤساء، ورجل الحكمة والتوازنات، وزعيم القبيلة والدولة مخلفاً وراثة تركة ثقيلة جعلت اليمن تضج بالحديث والتنبؤ والتحليل لمستقبل يمن ما بعد الرحيل المر، لكنهم أجمعوا أيضاً أن استشراف هذه المرحلة الهامة من مستقبل اليمن لن يكشفه ويصنعه سوى الأنجال العشرة للشيخ الراحل عبدالله بن حسين الأحمر ـ رحمه الله ـ

كنت على موعد لإكتشاف مستقبل اليمن مع الشيخ حميد بن عبدالله الأحمر، النجل الثالث للشيخ الراحل، وعضو البرلمان منذ عقد ونصف، والقيادي البارز في تجمع الإصلاح الإسلامي وتكتل أحزاب (المشترك) المعارضة، وصاحب المواقف السياسية والحزبية الجريئة، ظهر بشكل بارز في الحياة السياسية اليمنية خلال العقدين الماضيين، لدرجة وصف معها بأنه حريري اليمن ورجل المعارضة القومي.

  يمكن للشيخ حميد أن يبتسم وهو يحدثك بذكاء عن المستقبل السياسي لليمن في غياب والده. وعن مستقبل المشائخ والأنجال وعن العلاقة الطويلة والمتينة مع الرئيس علي عبدالله صالح، والحكيمة مع المملكة العربية السعودية (قيادة وشعباً) ومستقبل العلاقة مع الدولة والقبيلة والمجتمع المدني.

* لكنك سريعا ما تكتشف نقطة ضعف هذا الرجل، حينما تسحبه الى مربع الأبوة التي يفتقدها الآن. حينها فقط سيصمت قليلاً، وسيشيح بوجهه عنم ليخفي حزنه، وسينظر الى أعلى الزاوية المقابلة للغرفة، وتتحرك أصابع يده دون شعور للعبث بتلفونه أو بخيوط "الوسادة" التي يتكئ عليها. وبعد مكابدة يخرج صوته هادئاً، يسيطر عليه حزن فشل بإحتوائه، وهو يقول: "افتقدنا أباً بكل ما تحمله معاني الكلمة.. افتقدنا حنانا وحباً وأماناً كان يمنحنا القوة لخوض مصاعب الحياة.." 

* ليس عليا أن أزيد أكثر من هذا سوى أن أحيلكم الى المقابلة:

ـ لحظات الرحيل ـ

* كيف كان شعورك قبل موت والدك بلحظات وبعد رحيله؟

- (لحظة صمت) أولاً علي أن أحمد الله تعالى أن جعل موت الوالد بهذا الشكل، حين أوصلنا الى قناعة تدريجية بدنوا أجله يوما بعد آخر. كما أحمده على نعمة الوفاء من أصدقائه ومحبيه الذين وقفوا الى جوارنا، ودعوا لنا بالصبر وساعدونا على تحمل الحزن..

في بادئ الأمر كنت أعتقد أن خبر موت والدنا سيعمل على شل حركة قلبي. غير أن لطف الله بنا أن جعل موته بهذا الشكل التدريجي كما أسلفت، وهو ما خفف عنا الصدمة – لم يلغها إنما خففها – الى جانب الدور الذي قام به أصدقائه وأحبائه من العلماء والمشائخ ومن الجميع الذين وقفوا معنا في هذه المحنة وأشعرونا بأبوتهم، ودعوا لنا بالصبر.

ـ إرث ثقيل ـ

* المعلوم أن الشيخ عبد الله الأحمر، كان يمثل ثقلاً سياسياً كبيراً في الدولة، منذ ما بعد قيام الثورة وطوال
عهود الجمهورية، الأمر الذي إنعكس على مستقبل أسرته وأولاده – وأنت واحد منهم -. الآن وبعد وفاة الوالد، كيف يمكن الحديث عن المستقبل؟

- بالنسبة للمستقبل فنحن نؤمن أن لا أحد يعلمه سوى الله. وبالتالي نتركه على الله ونؤمن به كيفما جاء. إنما إذا شئنا أن نتحدث عن المستقبل السياسي لليمن في غياب الشيخ عبد الله فنحن جزء من السياسية. فبالنسبة لأسرة آل الأحمر فقد حضرت في العمل السياسي طيلة القرون الماضية بل وفي الصفوف الأولى منه. فقد كان الشيخ عبدالله - نسأل الله أن يتغمده بواسع الرحمة - بما وفقه الله إليه وما منحه من صفات صانعاً ومؤثراً، بل ورقماً أساسياً في التأثير في السياسة اليمنية خلال العقود الخمسة الماضية. وهذا ما يجعل من الطبيعي أن يتساءل الناس حول ما هو المستقبل السياسي في غياب هذا الركن الأساسي. ومن الطبيعي أيضاً أن يتساءل البعض حول دور أبنائه - بحكم أنهم أقرب الناس - إلى أن يكونوا قادرين على أن يحملوا من إرثه السياسي والاجتماعي ما يستطيعون حمله. غير أننا في هذا المجال، نسأل الله التوفيق والسداد.

* ماذا تقصد بالضبط بإشارتك الى "قدرة أبنائه على حمل إرثه السياسي والاجتماعي؟ وهل أن الإرث السياسي والاجتماعي يورث كالمال والجاه والمكانة؟

 - أعتقد أن والدنا الشيخ عبد الله، ترك وراءه قدرات في أبنائه. وإذا وفق الله يمكن أن تغطي الجزء الكبير مما كان يغطيه.

* الملاحظ منذ فترة وحتى الآن أن هناك ثلاثة فقط من أولاد الشيخ عبد الله، يمكن التركيز عليهم كبارزين في الحياة السياسية، وهم: الشيخ صادق والشيخ حسين وأنت.. هل هناك آخرين يمكن أن تشير إليهم كمؤثرين في الأحداث السياسية سواء في السلطة أو المعارضة؟

 - الدور في الحقيقة ليس مقتصراً على الثلاثة الذين ذكرتهم مع أن الشيخ صادق هو الذي يحمل الحمل الأساسي ونحن بجانبه. وكما ذكرت فالأخ حسين أيضاً له حضور وأنشطه سياسية بارزة. وما أريد قوله هنا أن هناك الكثير من أخواننا يقومون بإدوار مختلفة كل بما هو ميسر له.. فالأخ (حميَّر) مثلاً نحن نعتبره بعد الأخ الفاضل صادق، عميدنا في الأسرة ويجمع الكلمة ولديه قدرة كبيرة على بذل الخير للآخرين. وهناك من الشباب أيضاً من قد بدأ. فعلى سبيل المثال الأخ (مذحج) هو الآن عضواً في مجلس النواب، وقد مضى عليه خمس سنوات كعضو برلماني وأصبح له وجود في العمل السياسي، وهناك بقية الأخوة الآخرين الحمد لله كلُ سيكون له دوره. وأبناء الشيخ عبدالله قد نذروا أنفسهم للمضي فيما سار عليه والدهم الشيخ عبد الله خلال سنوات حياته الحافلة (نسأل الله أن يتغمده بواسع المغفرة و الرحمة) وسيغطوا في المقام الأول مكانته الاجتماعية والقبلية التي ظل هو نقطة الارتكاز فيها ونقطة التوازن بين القبيلة والدولة بما عاد بالخير على اليمن واليمنيين.. ومما لا شك فيه أن لنا تواجدنا السياسي القوي في الساحة السياسية كأفراد، وأيضاً بعضنا من خلال تنظيم التجمع اليمني للإصلاح الذي نحن جزء منه. ونفتخر بأن الوالد – عليه رحمة الله – صاغ، وسار، وسخر لنا هذا الخط مع العلماء والصالحين والدعاة.. وبأن نحمل في الهم السياسي النهج الذي أنتهجه من خلال التجمع اليمني للإصلاح. والبعض منا موجودين في التنظيمات السياسية الأخرى، كما أن هناك من له وجوده السياسي المستقل بغض النظر عن انتمائه.

* وهل ستستطيعون جميعاً أن تغطوا جزءاً كبيرا مما كان يغطيه الوالد، كما قلت؟

- سنحاول..مؤملين الخير من الله سبحانه وتعالى والخير من الناس ومن أحباء الشيخ عبد الله أن لا يترك هذا المجال فارغاً.

ـ لن نسى المملكة ـ

* هل يدخل بضمن ذلك العلاقة مع المملكة العربية السعودية..؟

 - هذا الجانب يدخل ضمن المجال السياسي. ونحن لا ننسى ما أنعم الله به على اليمن وعلى المملكة من علاقات طيبة ربطت والدنا الشيخ عبد الله مع الأسرة الكريمة في المملكة والتي نعتبرها منطلق أساسي بالنسبة لنا للحفاظ عليها لما فيها خير البلدين. وهذه أسرة كريمة تسعى في الخير دائماً سواء داخل المملكة أو خارجها..وخاصة لدى الجيران. ونحن نؤمل بالله سبحانه وتعالى الأمل الكبير بالعمل فيما يتعلق بالشأن السياسي في هذا الجانب، وخاصة القضايا خارج إطار الحدود، ونأمل أن يكونوا خير عون لليمن واليمنيين وأن يكونوا أيضاً خير معين لأبناء الشيخ عبدالله لمواصلة دوره.

 

 

* هناك من يراهن على اختلاف طموحات المشائخ من أبناء الشيخ عبد الله،، وأنه يمكن استغلالها من أجل إضعافهم، والحد من نفوذهم وفعالياتهم السياسية والقبلية والحزبية والاجتماعية..!! بمعنى آخر: المراهنة على استغلال تلك الطموحات لاختراق زعامة آل الأحمر التاريخية، وتغييبها..!!

- هناك من يأمل.. لكن إنشاء الله لن يحصل هذا الشيء نحن مكملون لبعضنا البعض. والشيخ عبد الله كانت فيه صفات فريدة يصعب أن تجتمع في واحد منا. وسنتعاون جميعاً على أن نغطي ما استطعنا من تلك الصفات.. كلُ في مجاله..وإن برز أي منا في مجال فهو عاضد ورافد ومساند للآخر. والإرث كبير، والهم أكبر واليمن تحتاج إلى جهد العشرات و الجميع وليس فقط للعشرة من أبناء الشيخ عبد الله.

ـ مستقبل مشيخ حاشد ـ

* وماذا عن مستقبل المشيخ في حاشد وإمكانية ظهور نزاعات داخلية حولها بعد وفاة الشيخ عبد الله؟

- فيما يتعلق بالمشيخ في حاشد فالوالد - رحمة الله تعالى عليه - قد حسم الأمر بشكل طبيعي.. وهو أن يتولى الأخ الشيخ صادق مشيخ حاشد، وقد بادر إخواننا في حاشد إلى تأييد هذه الرغبة من الشيخ عبدالله - رحمة الله عليه - ووقعوا ورقموا بالمشيخ للشيخ صادق وسنكون بجانبه..

* ماذا تقصد بالرقم؟

 - الرقم هو قاعدة المشيخ.. وقد وقعت وتم الموافقة عليها، ولم يحصل أي اعتراض من قبائل حاشد كافة. وهذا ما كنا نؤمله وهذا ما يعرفه الأخوان في حاشد وهو: إن خرج المشيخ من أبناء الشيخ عبدالله فلن يكون هناك مشيخ في حاشد. وفي اعتقادنا أن الأمر اليوم لم يعد مجدياً للبحث عن بدائل.. بدائل الكيان القبلي أو ضياعه.. وهذا ما يطرحه الجميع، والأقرب إلى بقائه هو الإبقاء على أبناء الشيخ عبدالله قادرين على أن يسدوا مسد أبيهم. وسنكون بإذن الله عوناً له.. سواء (حمير) أو أنا أو الأخ (حسين) ومجلس التضامن الذي اقامه الأخ حسين ووفقه الله فيه سيكون عضوا فاعلاً في العمل للعمل القبلي. وهو شخص بارز في هذا الجانب وسنعينه بالتوجيه وبالرعاية أن يقوم بدور جيد في هذا المجال. وهو يمتلك الوعي الكامل. والأخ الشيخ صادق سيكون راعي للجميع وقد أكرم الله سبحانه تعالى هذه الأسرة بما كان يحمله الشيخ عبدالله من صفات طيبة، بأن هناك الكثير ممن ينظروا إلى الشيخ عبدالله بدون تحرز أنه أب وأخ وشيخ. وهذه قد انعكست في أنه في خلال هذه الفترة وصل حتى الآن العديد من مشائخ القبائل من حاشد ومن خارج إطار حاشد، يؤكدوا على مشيخ الأخ صادق لهم، دون أن ينتقص ذلك من مشيخهم، وإنما هي دلالة على لحمة القبيلة في اليمن وعلى أن الهم الوطني اليوم يحتم على القبيلة أن تتحد فيما بينها البين، وأن الشيخ عبدالله ذلك الرمز الذي صاغ الحياة السياسية والاجتماعية والقبلية طيلة العقود الخمسة الماضية، بصياغة يفتخر كل إنسان يمني وكل قبلي بها. ولذا كان ولا بد أن نحافظ عليها. والحفاظ الأساسي عليها يكون في الحفاظ على كيان هذه الأسرة من خلال رأسها. والأخ الشيخ صادق فيه صفات من حب الخير ومن حب الناس ومن الهمة إنشاء الله، وله مع والدنا الشيخ عبد الله - رحمة الله عليه - الكثير من المواقف التي أكتسب منها خبرة.. وسيكون أخوانه بجانبه، كما سيكون محبيه وجميع مشائخ اليمن الصادقين أيضاً بجانبه حفاظاً على هذا المعنى الأصيل الذي سيعود بالخير على اليمن إنشاء الله.

ـ مستقبل زعامة الإصلاح ـ

* بالنسبة لك أنت شيخ حميد..بدأ الحديث عن مستقبل علاقتك بحزب التجمع اليمني للإصلاح الذي كان والدكم الشيخ عبد الله يرأس هيئته العليا.. من حيث احتمالية خلافته في زعامة الحزب.. كيف تنظر الى مثل هذا الأمر؟

- هو بعد أن ينتقل الواحد من المربع القبلي، يأتي إلى المربع الحزبي الى جانب التجمع اليمني للإصلاح (كزعامة للشيخ عبد الله) انطلقت من قناعتي بهذا النهج والحمد لله أبناء الشيخ عبدالله جميعهم مقتنعون بنهج الصالحين والسير فيه. وقد أراد الله سبحانه وتعالى أن يكون لي في ذلك دور قد يكون أكثر من بعض إخواني الآخرين دون أن ينتقص ذلك من دورهم، والمودة قائمة وبادية والإصلاح فيه بعض من خيرة رجال اليمن. وهذه الخيرية تنعكس على الوفاء بإذن الله لزعيمهم الذي ظل سنداً قوياً لهم طيلة السنوات السابقة، ونحن على تفاهم كامل مع إخواننا في الإصلاح. والموقع الذي يخدم نهج وقوة التجمع اليمني للإصلاح على المدى المنظور سنكون فيه. والإصلاح - الى جانب أنه يؤمن بقضاء الله وقدره ويعد نفسه لرحيل الكل وليس لرحيل البعض - هو حزب مؤسسي وقادر على أن يعوض هذا الفقدان الكبير. غير أن مما لا شك فيه أن غياب الشيخ عبدالله سيكون مؤلماً على كل نفوس اليمنيين والصالحين، ويترك حملاً ثقيلاً على كل من يحمل هذا الهم من ورائه.. إنما نسأل الله أن يوفقنا جميعاً. وعموماً: نحن في الإصلاح وسنظل في صفوفه ونرتضي الموقع الذي يخدم مصلحته ومصلحة الوطن. وأنا أؤمن أن زعامة الإصلاح هي تكليف سنتعاون جميعاً عليه. وليس بالضرورة ولا يشترط أن يكون أحد أبناء الشيخ عبدالله هو في موقع الرأس، وإن تم هذا الاختيار لما فيه مصلحة اليمن ومصلحة الإصلاح، فهذا الموقع لن يكون إلا موقع يعضده كل قيادات الإصلاح الأخرى فالعمل في الإصلاح لن يكون في يوم من الأيام فردي، ولن يكون في يوم من الأيام فردي وهو بحاجة إلى تواصل جهود الجميع.

ـ العلاقة مع الرئيس ـ

* ننتقل الى الحديث عن علاقة المشائخ (أبناء الشيخ) بالرئيس علي عبد الله صالح وأسرته وأقاربه، وعلاقتهم بمراكز القوى والنفوذ في السلطة والدولة.. كيف تنظر الى مستقبل تلك العلاقة في ظل غياب الوالد الشيخ عبد الله وهو كان معروفاً بعلاقته القوية مع الرئيس؟

- علاقتنا بالرئيس ستكون كعلاقة الوالد به عبر التعاون الصادق بما يحقق مصلحة اليمن. وسنبر بمن بر بوالدنا ووقف الى جانبه في محنته ومرضه.. وسنعمل للحفاظ على علاقة الود مع جميع الأطراف السياسية في اليمن. وسنبذل جهودنا – كما فعل الوالد - في تحسين بيئة الحياة السياسية اليمنية ما أمكن. وفيما يتعلق بالأخ الرئيس فقد ربطته بالشيخ عبد الله علاقة ود كبيرة، منذ بداية عهده بالرئاسة. وقد قام بزيارته الى لندن أثناء فترة مرضه في أيامه الأخيرة. كما قام أيضاً بالواجب بالجنازة الرسمية وإتاحة الفرصة لنا ولمحبي الشيخ عبدالله أن يقوموا بتشييع تلك الجنازة الشعبية التي حضرها محبي الوالد من الخارج والداخل. وبالنسبة لنا فقد أقرينا على أنفسنا أن نكون ناصحين له وناصحين للدولة ما قبلت الدولة منا النصح. وأن نقوم بدور الشيخ عبدالله في النصح والنصيحة وفي الحفاظ على مصالح الناس. وسنحافظ على المودة ما استطعنا –بإذن الله - دون أن نتخلى عن قضايا الناس.

ـ مخاوف المجتمع المدني مع القبيلة ـ

* طوع الشيخ عبد الله القبيلة لسلطة الدولة، وأسهم بإدماحها في مؤسساتها المختلفة.. الآن وبعد رحيل الشيخ عبد الله، ما هي نظرتكم لمستقبل العلاقة المتداخلة بين القبيلة والدولة؟ وما مدى إمكانية قيام المشائخ من أبناء الشيخ بنفس الدور، سيما وقد أشيعت أحاديث عن ظهور من ينافس أسرة آل الأحمر على ريادة القبيلة بشكل عام، وفي قبيلة حاشد بشكل خاص؟

- أنا شخصياً قد سبق وأن تحدثت عن هذا الأمر، من زاوية كوني من دعاة المجتمع المدني. وقلت أن المجتمع المدني لا يجب أن يثير المخاوف من القبيلة، كما وأن القبيلة لا يجب أن تثير المخاوف عند المجتمع المدني. فالقبيلة كما وأنها جزء من تركيب الدولة فهي أيضا جزء من تركيب المجتمع المدني. وفي الوقت الذي يجب فيه على الأخوة المثقفين أن لا يعادوا القبيلة، فإنه وبالمقابل من الواجب على القبيلة أن تستوعب مقتضيات العصر، وأن تعرف أن أبنائها يشكلون جزء هام جداً من النسيج الاجتماعي. وبالتالي فعليهم أن يكونوا مساندين ومساعدين في التطور وفي النماء الاجتماعي والانتقال بالدولة من وضع إلى وضع أفضل. وهذا لا يعني أبداً أن تنتهي القبيلة. وفي اعتقادي أن هناك دعوات فيها نوع من المغالاة حين ينظر إلى القبيلة أنها العائق أو المانع. وفي نفس الوقت لا يمكن أن تقوم الدول المدنية إذا لم نصل إلى الحالة الوسطية. وقد سبقنا غيرنا.. نحن نستطيع أن نحافظ على القبيلة وقيمها وفي نفس الوقت نبني المجتمع المدني، وكله في إطار الأسس الدستورية والقانونية التي تعامل أبناء الشعب - كأفراد وكجماعات - المعاملة الصحيحة وتحافظ على الموروث وتتطلع إلى المستقبل ويسود فيها القانون كمرجعية للجميع. ومن الظلم القول أن القبائل تحصل على حصة أكبر مما يحصل عليها الغير. هم في مقدمة الجياع وهم في مقدمة الذين يعانون، وهم الذين يحصل عليهم القتل والضيم.. وإذا كان المدني يقتل في مدينة كل(كذا) سنوات، فيقتل من القبائل يومياً في الريف على يد الدولة وعلى يد غيرها، وهم أول الضحايا وهم أول التواقون لدولة المجتمع المدني ودولة النظام والقانون. وإنشاء الله نواصل نهج الشيخ عبدالله، فهو في أكثر من مقابلة طرح أنه كان يرغب بأن يتسلم السلطة في اليمن مدني، وقال بأنه شعر بالندم على تسلم العسكر للسلطة في اليمن. وما قال أنه كان يريد أن يسلم السلطة لشيخ قبيلة وإلا كان أستلمها هو بنفسه..!! وهذا نهج إن لم يفهمه المثقفون فلقصور في الفهم لديهم. لكننا سنعمم هذا إنشاء الله، وسنسعى لإشراك القبيلة في البناء الوطني الاجتماعي لدولة النظام والقانون.. الدولة المدنية التي يكون القبائل عنصر هام فيها إنشاء الله.

ـ دعوة لُلتصالح ووقف الثأر ـ

* ربما نفهم أن الكلمة التي ألقيتها يوم تشييع جنازة الوالد الشيخ عبد الله، ودعوت فيها القبائل الى التصالح والتسامح والتوقف عن الثارات، أنها تدخل ضمن هذا السعي؟

- أنا استغليت فرصة وجود الجمع الذي قدر بين المليون والمليونين في ميدان السبعين بالعاصمة صنعاء، الذين أتوا بقلوب ومشاعر فياضة لتوديع أب وأخ ظل سند لكل القيم وسند لجميع اليمنيين (وأنا أعرفه كما يعرفه غيري ساعياً في الخير وداعياً للصلح).. استغليت ذلك في دعوة قبائل اليمن إلى صلح عام بمدة لا تقل عن سنة، نستطيع من خلالها أن نتيح الفرصة للدولة وللصالحين والمصلحين أن يسعوا في حل مشاكل اليمن ما أمكن. ومثلاً عندما تتكلم الدولة عن موضوع حمل السلاح..أنا أعتقد أن النقطة الأساسية في تخفيف حمل السلاح، هو: أن نبدأ بحل مشاكل الناس فيما بينهم. والدرجة الأولى في حل هذه المشاكل أن نتيح الفرصة لمن يسعى في الخير بين الناس ولا يمكن أن تتاح الفرصة والبندقية مشحونة. وتأمين الناس في حياتهم – في نظري - أهم من أي مشروع للماء أو للكهرباء أو غيره.. أن يعيش.. أن يحيى.. أن يأمن على نفسه. وإنشاء الله بالنسبة لنا فقد وجدنا أصداء طيبة لهذه الدعوة.. وسنسير في محاولة عقد الصلح بين اليمنيين ما استطعنا. وبإذن الله تكون الدولة مساندة لنا، لأن هذا فيه صلاح البلاد والعباد، وفيه صلاح للدولة، ويمكنها من تنفيذ مشاريعها في إصلاح ذات البين الذي دعت إليه. وغياب الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر من الساحة لا شك أنه سيترك فاجعة في قلوب الكثيرين خاصة فيما يتعلق بالصلح لأنه كان مرجع للمتخاصمين. ونحن نريد أن نخفف عنهم وإيصال رسالة مفادها: أنه إن غاب، فقد بقت مبادئه.. إن غاب سرنا في نهجه، وغطينا ما استطعنا أن نغطي وهناك إنشاء الله من الرجال الصالحين ومن المصلحين ومن رجال الخير من مشائخ القبائل وقادة الرأي من يمكنهم أن يساهموا معنا في هذا.

* وبالنسبة لما قيل عن ظهور من ينافس أسرة آل الأحمر على زعامة القبيلة بشكل عام، وحاشد بشكل خاص؟

- لا يوجد أي منافسة.. نحن علاقتنا بمشائخ حاشد علاقة ممتازة وقديمة، ترتبط بعلاقتهم وحبهم لوالدنا الشيخ عبد الله - عليه رحمة الله - وهذا لا يعني إطلاقاً إلغاء مشيخة الآخرين ولكل مكانته ولكل مقداره وكلُ شيخ في منطقته. والشيخ عبد الله لم يزاحم شيخ من مشائخ حاشد في مشيخه، وإنما كان أقوى أخ لهم جميعاً وبالتالي سمي شيخ مشائخ حاشد، لم يسمى شيخ القبيلة الفلانية. بقاء مشيخ أبناء الشيخ عبدالله ممثلين بالشيخ صادق في حاشد هو يعني أهمية أن يبقى مشيخ كل شيخ من مشائخ حاشد في منطقته، وسنسعى وسندعم وسنرفد إخواننا مشائخ حاشد لبقاء مشيخهم وتقوية عودهم وصلابة وجودهم، كلَّ في قبيلته، لأنه من خلالهم نستطيع أن نشيخ قبيلة حاشد في الخير. لا توجد مزاحمة بيننا، وهذا كلام إعلام لا يوجد له في الحقيقة أي ظهور أو أي وجود. وقبيلة حاشد قبيلة متحدة وهذا ما ميزها عن غيرها، ومشائخ حاشد نحن نقدرهم ونحن نسعى لتثبيت وجودهم لكي يكونوا عضد ورافد للأخ الشيخ صادق في مشيخ حاشد وقيادته للخير إن شاء الله تعالى.

ـ سنحافظ على المودة مع المملكة ـ

* كنت قد تحدثت مسبقاً في هذا اللقاء عن أهمية العلاقة مع المملكة العربية السعودية..كيف تنظرون الى مستقبل هذه العلاقة من بعد رحيل والدكم الشيخ عبد الله؟

- أرتبط الوالد رحمة الله عليه بعلاقة مودة صادقة مع المملكة الشقيقة. وأعتبر نفسه أخ لأسرة آل سعود وهم اعتبروه واحداً منهم. أولاً جلالة الملك المرحوم فهد بن عبدالعزيز طيب الله ثراه وجلالة الملك عبد الله من بعده، وسمو ولي العهد الأمير سلطان الذي تربطه بالوالد علاقة خاصة، ونحن نعتبره محل ومقام الوالد عبد الله بن حسين الأحمر.. هذا بالإضافة إلى العلاقة الحميمة مع جميع أفراد الأسرة. وقد كان الوالد – عليه رحمة الله - محل تقدير لهم. وقد لمسنا هذا التقدير عند أفراد الشعب السعودي وليس فقط عند القيادة. وفي أثناء مرضه لم يطمئن ولم يرى أن المكان الطبيعي الذي يتلقى فيه العلاج غير المملكة الشقيقة، مع إمكانية أنه نقضي كل تلك الفترة على نفقتنا في أوروبا أو في أمريكا، إلا أنه وجد أن هذا المكان هو الذي سيبذل من خلاله الجهد الأفضل. وفعلاً كان سمو الأمير سلطان يتابع الحالة الصحية للوالد بنفسه بشكل يومي وأسبوعي ولم يألوا جهداً في تقديم النصح حتى للعلاج البديل. فجزائهم الله خير فقد اهتموا به في حياته واهتموا به عند مماته. وعندما شعر بدنو الأجل ونحن في بريطانيا قال أعيدوني إلى بلد الحرمين الشريفين. فإن وافتني المنية فتكون الى جوار إخوة وجوار الحرمين، ولم يكن ذلك في اليمن لعدم توفر الإمكانيات الطبية، وكان بحاجة إلى رعاية في الأسابيع الأخيرة وكان أن أختار ذلك المكان في المملكة دون غيرها. ونحن نشعر برضى كبير جداً وصدق وتقدير لما قاموا به إخواننا وآبائنا في الأسرة الكريمة من رعاية لوالدنا الشيخ عبد الله، وسنظل محافظين على هذه المودة.. وكما أستخدمها الوالد في السابق لخير الشعب اليمني والشعب السعودي، فنتمنى أن نواصل نهجه في ذلك. وبراً بوالدنا سنبر بهم وسنحافظ على العلاقة القوية بهم وسنستخدمها بإذن الله في خير اليمن والمملكة. فهي أسرة خير ونحن إنشاء الله وسائل خير.

* ما الذي افتقده المشائخ ابناء الشيخ عبد الله، جراء رحيل الشيخ الجليل على المستوى الأسري؟

- (لحظات صمت حزينة كان يحدق فيها الشيخ حميد الى زاوية المنزل العليا، وبهدوء حزين أجاب) لقد افتقدنا أباً بكل ما تعنيه الكلمة. جاد علينا بالمحبة والمودة، فما وجدناه دائماً إلا باسماً وذو صدر رحب.. افتقدنا أماناً كان يمنحنا القوه لخوض مصاعب الحياة مهما كانت في كافة المجالات السياسية أو الاجتماعية.. شخص لن يعوضه الزمن. إنما هذا قضاء الله وهذا قدر الله ولا نقول إلا "إنا لله وإنا إليه راجعون" وإن لله ما أعطى ولله ما أخذ. (بصوت ملئ والألم واصل الشيخ حميد الحديث عن والده الشيخ عبد الله كأب) كان الشيخ عبد الله في منزله مع أسرته وأولاده أباً عطوفا وحنوناً خلافاً لدوره الاجتماعي والقبلي والسياسي والإسلامي والوطني.. ونسأل الله أن يتغمده بواسع الرحمة وأن يصبرنا على رحيله وأن يجمعنا معاً في مستقر رحمته.

* سؤال أخير : شيخ حميد كنت أنت أحد أولاد الشيخ الذين رافقوه في لحظاته ألأخيرة.. ما هي التوصيات التي أوصى بها الشيخ في تلك اللحظات؟

لم يكن والدنا الشيخ عبد الله – عليه رحمة الله - بحاجة الى توصيتنا كثيراً.. فقد كان مطمئنا من هذه الناحية، إذ غرس فينا المبادئ في حياته. وفي الحقيقة لم يكن يحتاج - هو ويلفظ أنفاسه ألأخيرة – أن يقول لأبنائه أعملوا هذا أو أتركوا ذاك.. هو غرسها فينا طوال حياته. هناك شيء واحد فقط أراد والدنا الشيخ أن يؤكد عليها، كانت عبارة عن أخر رسالة خطها بيده المرتعشة وهي موجودة عندي. ووجهها للأخ الشيخ صادق أوصته على صرف مصارف شهر (عرفة) التي تعود أن يصرفها بنفسه في حياته. أوصاه: ما الذي ينفقه وما الذي يتصدق به. كانت تلك هي أخر رسالة خطها الشيخ عبد الله ويده ترتعش الى الولد الشيخ صادق يوصيه أن لا تنسى كذا وأن لا ينسى فلان وفلان من الناس.. أوصاه بالإنفاق والصرف والتصدق. ونحن قررنا - بإذن الله – خلال الأيام القادمة أن ننشئ جمعية خيرية باسم الوالد الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر، لدعم الفقراء والمحتاجين.