على طاول الرئيس هادي
بقلم/ طاهر جمود
نشر منذ: 12 سنة و 8 أشهر و 18 يوماً
السبت 25 فبراير-شباط 2012 06:40 م
عبد ربه منصور هادي رئيسا للجمهورية ولله الحمد أولا وآخرا من قبل ومن بعد، تليها الخطوة الثانية والأهم في إعادة هيكلة الجيش والأمن على أسس وطنية ومعايير مهنية صارمة تعتمد على الكفاءة والخبرة والرؤية الثقافية العميقة بثمرتها الوطنية.

 الجيش والأمن يجب أن يعطيا الأهمية اللازمة من التأهيل التدريبي والتوعية الكافية التي تضمن الوعي القانوني والثقافي اللذان يمكنان الفرد من التصرف أمام واجباته وأعماله بعقلية المفكر والمثقف الواعي وبالروح الوطنية في كافة أعماله والطاعة المبصرة لا الطاعة العمياء، الجيش بوضعه الحالي في حالة مزرية جدا من كافة الجوانب الصحية والتغذوية والنفسية والمادية والأهلية العسكرية في التدريب أو الثقافية والوعي الوطني تلاطفه عناية الله أمام الأقدار والأوضاع الصعبة التي تلاقي الفرد في حياته اليومية فمرتبه الشهري لا يصلح أن يكون مقابل (جعالة) يومية لطفل من أبناء ناهبي المال العام من الدرجة العاشرة.

الظلم الواقع على أفراد الجيش والأمن لوحده يحتاج لثورة من نوع خاص فأكبر بؤرة فساد هي في هاتين المؤسستين فإن كانتا طبقا لمعايير دولية في التكوين لا أعتقد أننا كنا سنكون إلى هذا الوضع وكفاح عام بما حملنا من معاناة وقدمنا من شهداء وجرحي ودماء، من يعي الوضع الذي يعيشه منتسب الأمن أو الجيش يحتقر كل منتسب لهاتين المؤسستين الوطنيتين أنه بليد ولا إحساس له بل أصبحتا عنوان الفشل في الحياة فهو ـ أي رجل الأمن أو العسكري في الجيش ـ إما فاشل في دراسته أو عاطل عن العمل أو كان انتسابه لمعالجة مشاكله مع أسرته والتخلص من شره وسلبيته في المجتمع أو أنه يلحق مراكز قوى يستلم راتبه بدون تواجده في الميدان.

 في الجيش أو الأمن لا تطبق المعايير اللازمة للانتساب من الناحية البنيوية أو الصحية والنفسية، فهناك في الجيش اليمني فاقد للسمع ومن يلتحق في سن متقدم فوق الأربعين وكأننا في دار رعاية اجتماعية لا جيش وطني يستدعي الشبابية والعنفوان والفتوة، أما قصة المفرغين فبالآلاف وعشرات الآلاف تتبع جهات متنفذة باستلام مخصصاتهم المالية ومرتباتهم وإن أعطي الفرد شيء فالفتات (ويحمد الله أن اسمه جار) ومئات الآلاف من الريالات لشيخ أو قبيلي مهمته ابتزاز الدولة والوقوف أمام سلطة القانون.

القادة العسكريين في المعسكرات والألوية والمناطق أصبحوا أكبر من تجار بما يملكون من مشيدات ومزارع وأبنية وأرصدة بنكية، وأبنائهم في أرقى الجامعات وأمراضهم البسيطة إلى أرقى المشافي العالمية...

تتحدث الخدمة المدنية عن الازدواج الوظيفي وتشدد في كذبة البصمة والصورة وأنها الكفيلة بإنهاء الازدواج الوظيفي في كافة أجهزة الدولة إنه التغابي للإستغباء أو الغباء، الفساد ينخر مؤسسات الدولة من خلال عدم الانضباط الوظيفي ولو أنه هناك انضباط وظيفي ما اُحْتيج للبصمة والصورة، فالموظف سيكون حاضرا في وظيفته متغيبا عن الأخرى، وهناك القوانين واللوائح التي تعالج مشاكل الغياب ومدده والإجراءات العقابية التي تصل إلى الفصل وينتهي الازدواج الوظيفي من خلال الانضباط الوظيفي والتواجد كل في وظيفته من أول الدوام وحتى نهايته.

في زمن الخلية والنانو ولا زالت المؤسسات العامة تتعامل في صرف المستحقات المالية عبر نوافذ إفسادية من أمناء الصناديق اللا أمناء والكتاب الماليين في المعسكرات.

البطاقة الشخصية قضية وطنية غاية في الأهمية فهي محور كل التعاملات وأبجد أي معاملة ويرتبط بها كل تعاملات حاملها ومن ذلك الحقوق السياسية في الانتخابات والاستفتاء.

ضبط السجل المدني والحصول على البطاقة الشخصية والضمير الحي والوطني في منحها ومن يعمل في مصلحة الأحوال المدنية والسجل المدني ولأن الأمر غير مضبوط في هذا الجانب فقد واجه المزدوجون وظيفيا كذبة البصمة والصورة من خلال قطع بطائق شخصية بأسمائهم لأناس آخرين غير موظفين فيبرز بطاقته الشخصية المنتحلة بالاسم المزدوج وظيفيا ويبصم بدلا عن صاحب الازدواج في إحدى الوظائف والأخرى يكون الموظف نفسه قد بصم بنفسه عليها.

إلى جانب الضبط في منح البطاقة الشخصية يجب ربط اسم أي مستحق مالي برقم حساب سواء في البريد أو أحد البنوك العاملة في الجغرافية اليمنية بحيث إذا ما ارتبط شخص بمستحق مالي يتم تحويل ماله من مستحق على رقم حسابه فإذا ما رغب بسحب المبلغ سيكون أمام نافذة البريد أو البنك.

وهي وسيلة فعالة للرقابة والتأكد من وجود الموظف بشخصه من خلال إبراز هويته وتناول ما له من مستحقات، وضمان لاسترجاع أي إيرادات إلى خزينة الدولة في حال الغياب على أن تتولى الرفع بالغياب أكثر من جهة ويتطابق الرفع بعدد أيام الغياب من الجهات المختلفة وإلا تعرضوا للمساءلة جميعاً فإن استطاع شراء أحد الرقابيين لن يقدر على آخر وهكذا...

وأمام مثل هذه الآلية قوى نافذة لا تريد لمثل هذه الإجراءات أن تطبق لأن لديها مصالح وعوائد مالية لمنقطعين ووهميين... وغيره، وهذه ليست في القطاع العسكري أو المعلمين ولكنها حتى على عمال البلدية الذين يستلمون الفتات ولا تزال هناك نفوس دنيئة تسقط إلى لقمتهم وتأكل حقوقهم ولا تعطيهم مستحقاتهم وهم العاملون في وضع سيء فلا رواتب مجزية ولا بدل مخاطر، لم يثبَّتوا حتى لا تنكشف الأسماء (المغفرة) كما ذكر أحد عمال البلدية بالأجر اليومي في لقاء مع الفضائية اليمنية وقضيتهم الأخيرة والإضراب الذي عرّف الناس بقيمة موظف/عامل البلدية وأنه شخص مهم لا نستطيع العيش بدونه بينما نعيش بلا دولة طيلة 33سنة لكنها خمسة أيام بلا عامل بلدية في صنعاء أنذرت بكارثة بيئية وصحية...

صدق التوجه الوطني من كل حر فردا أو جماعة فلا من كان مع الثورة ملكاً مطهر ولا من بقي في صف العائلة شيطان رجيم فمن بقي مع العائلة كان لهم مبرراتهم في وجود فساد في أوساط أفراد وقيادات من صفوف المعارضة أو شخصيات منضمة للثورة وإن كان ذلك لا يعد مبررا كاف للبقاء مع العهد الإفسادي لكن واجب الجميع اليوم وبعد نجاح الثورة هو أن تجتمع تلك القناعات الصادقة والوطنية وتعد ملفا بالفساد في صفوف من أنتسب إلى الثورة وتقديمه بين يدي الحكومة ورئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي وبالمثل تفعل الثورة على نفس النمط فيدرس الملفين من قبل رئيس الجمهورية بطريقته الخاصة يعاونه من يرى حياديته وتتخذ القرارات اللازمة بشأن ذلك تحت نظر الشعب وثورة الشباب فلن تستطيع أي قوة مهما كانت أن تقف في وجه العدل والحقيقة بشفافيتها، ومن هنا يكون التنافس للإصلاح الحقيقي والكشف عن بؤر الفساد والقبض على المفسدين واتخاذ الإجراءات الرادعة لهم والعبرة للآخرين. 

التوعية لتعزيز سلطة الدولة فهي المعنية بحقوق المواطن وتوفيرها من الأمن والاستقرار وخدمات الصحة والتعليم والطريق والكهرباء والمياه ...إلخ ولها على المواطن من الواجبات المتوجبة السداد والانصياع لسلطة النظام والقانون.

ضرورة تمتع الكادر الوظيفي والعامل في الجهاز الإداري للدولة بالإحساس والشعور بالمسئولية الوطنية في تأدية عمله لتعزيز ثقة المواطن بالدولة حتى يسحب البساط من تحت أقدام الجيوب الجاهضة لمشروع الدولة وواجباتها تجاه المواطن فعندما يشعر المواطن أنه أكثر كرامة وأمن عند تعامله مع الجهات الحكومية في الحصول على حقوقه ويدفع ما عليه من واجبات بطيب خاطر ويرى ذلك عين العدل لن يقبل من أي جهة أن تستخدمه ـ ومنها الشيخ ـ بمهانة في تأدية دور رخيص يصب في مصلحة شخص ـ الشيخ ـ يبتز الدولة والمواطن ومستقبل الوطن.

التوعية والتربية الوطنية تصل بنا إلى حد التسابق والتفاني في تأدية الواجبات ومن يقصر تلحقه اللعنات والنظرات المحرقة تزدريه وتمقته قبل أن تطاله سلطة القانون، وهذا يحتاج إلى قوة مسئولة تكسر عضد من تركن إليه مثل تلك النفوس المريضة فهي عندما لا تؤدي واجباتها الاجتماعية لديها شعور بالتعالي، وتكبر وتتوسع مثل هذه الظاهرة عندما لا يوجد عدل وسلطة ضبط وثواب وعقاب.

فالتوعية مطلب وطني في هذا الاتجاه لا تضطلع به الجهات الحكومية والمسئولة فحسب بل واجب النخب ومنابر التوعوية من صحافة وكافة وسائل الاتصال التوعوية والرسالة الإعلامية.

ورحم الله الشعر اليمني الأستاذ عبد الله البردوني إذ يقول:

أفقْنَا على فجرِ يومٍ صبي

فيا صحـوات المنُىَ أطربي

أتدرين يا شمس ماذا جرىِ؟

سلبنا الدجى فجْرنا المُختبي

وكان النعاسُ على مقلتيكِ

يوسوسُ كالطائر الأزغـب

أتدرينَ أنَّا سبقـنا الربـيعَ

نبــشّرُ بالموسـمِ الطيـبِ

وسرْنا حشوداً تطيرُ الدروبُ

بأفـواج ميـلادنـا الأنجـبِ

وشعباً يدَّوي: هي المعجزاتُ

مهودي وسـيفُ «المثـنَّى» أبي

غربتُ زماناً غروبَ النـهارِ

وعدتُ، يقود الضحى موكبي