ما لا يعرفه العرب عن فوائد زيت الزيتون وعجائبه في جسم الإنسان الضالع: وفاة شابة ووالدتها غرقاً في حاجز مائي غلاء عالمي لأسعار الغذاء إلى أعلى مستوى ست مواجهات شرسة ضمن بطولة الدوري الإنجليزي الممتاز إستعدادات كأس الخليج.. لجنة الحكام باتحاد كأس الخليج العربي تجتمع على هامش قرعة خليجي 26 أول رد من المجلس الرئاسي لوزارة الدفاع السعودية بخصوص مقتل وإصابة جنود سعوديين بحضرموت تقرير: مليون يمني ألحقت بهم أمطار هذا العام أضراراً متفاوتة وضاعفت مخاطر الإصابة بالكوليرا ضبط عشرات الجرائم في تعز والضالع خلال أكتوبر حزب الإصلاح يتحدث لمكتب المبعوث الأممي عن مرتكزات وخطوات السلام وأولوية قصوى أكد عليها المسلمون في أميركا صوتوا لمرشح ثالث عقاباً لهاريس وترامب
رسالة إلى السيد جمال بن عمر/ مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن
السيد جمال بن عمر مبعوث الأمين العام إلى اليمن المحترم
تحية الحرية والعدل وحقوق الإنسان والسلام العالمي والمحبة بين بني البشر وبعد
لقد دخل أبناء جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (جنوب اليمن) وأبناء الجمهورية العربية اليمنية (شمال اليمن) في العام 1990م في اتفاق شراكة من خلال مشروع وحدوي قائم على التوافق الوطني والندية والتكافؤ بين دولتين متساويتين في الحقوق والواجبات تجاه المجتمع الدولي والوسط الإقليمي وعضوين في الأمم المتحدة وبقية المنظمات الدولية والإقليمية.
ولقد شهدت الفترة بين 1990 عام إعلان الوحدة و1994م عام الحرب الظالمة على الجنوب جملة من التعقيدات والأزمات كان يمكن التغلب عليها لو أخلص الطرفان للمشروع الأكبر المراد القيام به وهو بناء اليمن الحديث، ولا يخفى هنا أن معظم الأزمات كان سببها استهداف القادة الجنوبيين في الاغتيال أو محاولات الاغتيال وفي هذا السياق ذهب أكثر من 150 شهيد من نشطاء الحزب الاشتراكي (الذي كان يحكم الجنوب قبل إعلان الوحدة) وبقية القوى الوطنية ولم تحرك السلطة ساكنا حتى عندما وصل إطلاق القذائف النارية إلى منزل رئيس مجلس النواب ورئيس الوزراء، واغتيال مستشار وزير الدفاع على أيدي قوات الأمن المركزي ومحاولة اغتيال وزير العدل، وجميعهم محسوبون على الطرف الجنوبي.
وعندما نشبت حرب 1994م، كان الجنوب هو ساحة الحرب، وجرى خلال سنوات ما بعد الحرب الكثير من السياسات أسفرت عن تحويل الجنوب إلى مجرد غنيمة حرب ألحقت بمساحة ومكونات الجمهورية العربية اليمنية، حتى وإن بقي الاحتفاظ باسم الجمهورية اليمنية.
لقد أسفرت هذه الحرب الظالمة على الجنوب عن جملة من النتائج المدمرة تجاه الجنوب كما تجاه المشروع الوحدوي النبيل الذي هرع إليه الجنوبيون أكثر من غيرهم ومن أهم هذه النتائج:
* تدمير بنية دولة الجنوب وتفكيك هيكلة كل أجهزتها وهي وريثة أكثر من 150 سنة من التقاليد والأنظمة والقوانين والتقاليد الإدارية والتنظيمية، واستبدالها بنظام العشائر والمشايخ وعقال الحارات الذي لم يحمل معه إلا التسيب والفوضى والتفكك الاجتماعي والحروب والثارات القبلية.
* نهب أراضي الجنوب حيث جرى السطو على آلاف الكيلو مترات من الأراضي الزراعية والاستثمارية والسكنية بعضها ملك لأفراد وغالبيتها ملك للدولة وقدم كل هذا كمكافآت لمن وقف في صف الطرف المنتصر بينما حرم المواطن الجنوبي من الحصول على قطعة أرض من 100 متر مربع لبناء سكن.
* تسريح عشرات الآلاف من القادة العسكريين والأمنيين والجنود وهؤلاء هم كل جيش اليمن الجنوبي وأجهزته الأمنية وتحولوا إلى مبعدين إجباريا عن أعمالهم تنهب مرتباتهم وجميع مستحقاتهم من قبل القادة العسكريين والأمنيين الذين استولوا على مواقعهم القيادية.
* تسريح عشرات الآلاف من الموظفين الإداريين واستبدالهم بوافدين من المحسوبين على الطرف المنتصر ومعظمهم من خارج محافظات الجنوب.
* تقسيم مصادر الثروة الجنوبية من حقول نفطية ومعدنية ومزارع حكومية وتعاونية بين المنتصرين ومعظمهم من الوافدين من خارج المحافظات الجنوبية.
* تقسيم المياه الإقليمية (مصايد الأسماك) بين المشائخ المنتصرين في 7 يوليو الذين بدورهم شرعوا في بيعها للشركات الأجنبية بلا شروط ونجم عن ذلك تدمير الثروة السمكية وانقراض الكثير من السلالات البحرية النادرة.
* حرمان المواطنين الجنوبيين من الالتحاق بالمدارس والكليات والأكاديميات العسكرية والأمنية.
* مسخ الهوية الجنوبية من خلال إزالة كل المعالم الدالة على اسم وتاريخ الجنوب وتعريض الآثار والمتاحف للنهب وتغيير أسماء الشوارع والمعالم المرتبطة بتاريخ الجنوب واستبدالها بما لا صلة له بهذا التاريخ.
* تزوير التاريخ الجنوبي وطمس الملامح المشرقة من تاريخ الجنوب والاكتفاء باستعراض هذا التاريخ على إنه مجموعة من الأخطاء جاءت حرب يوليو لتصويبها.
ويعلم الجميع أن الحرب على الجنوب قد ترافقت مع إصدار الفتاوى الدينية التي أباحت دماء وأرواح وأعراض وممتلكات الجنوب والجنوبيين باعتبارها دار كفر يحق استحلالها من قبل الفاتحين وهو ما برر تلك السياسات التي أنتجت تلك العواقب المدمرة.
لقد أدى هذا إلى حصول حالة من الاغتراب الداخلي لدى أبنا محافظات الجنوب، فهم من ناحية ضحوا بكل ما كانوا يحصلون عليه إبان ما قبل 1990م من خدمات طبية وتعليمية مجانية ومن فرص عمل للجميع ومن أمن واستقرار وعدل اجتماعي نسبي، دون أن يكسبوا شيئا يستحق كل هذه التضحية بل إنه يرون أراضيهم تنهب وحقوقهم تسلب وحرياتهم تصادر وأبناءهم يقتلون وممتلكاتهم تغتصب وثروات أرضهم يتقاسمها الوافدون من خارج محافظاتهم، ويتفرجون عليهم تفرج الأيتام على موائد اللئام.
ذلك ما دفع المواطنين الجنوبيين للخروج في فعاليات احتجاجية سلمية في مطلع العام 2007م كأول ثورة سلمية في ما سمي لاحقا بالربيع العربي، وقد ووجهت هذه الثورة بالرصاص الحي وسقط خلالها أكثر من 2000 شهيد وأكثر من 5000 جريح كما تعرض للاعتقال في هذه الفعاليات عشرات الآلام قدم العديد منهم لمحاكمات سياسية غير قانونية وحكم على البعض بالسجن لسنوات عدة ولم يكن آخر المعتقلين هو المناضل الثمانيني حسن أحمد باعوم الذي كان لكم الفضل في الإفراج عنه بعد أن قضى ما يقارب السنة معتقلا بدون تهمة أو محاكمة، والذي قابلتموه وربما سمعتم منه الكثير عن مضمون القضية الجنوبية..
أن القضية الجنوبية ليست قضية مصطنعة اخترعها أحد ما للمماحكة السياسية مع أحد ما، بل إنها قضية دولة دمرت وحقوق اغتصبت وأرض نهبت وثروة سلبت وتاريخ زور وهوية مسخت ودماء سالت وأرواح أزهقت، وهي بذلك تستحق من كل أنصار حقوق الإنسان الالتفات لها فالجنوبيون لا يطلبون أي طلبات تعجيزية بل يطلبون استعادة ما أخذ منهم، وهو حقهم في الشراكة الوطنية في السلطة والثروة وصناعة القرار السياسي وصياغة المستقبل مع شركائهم في المشروع الوحدوي
كما إن المطالبة بفك الارتباط لم تأت من فراغ بل هي نتيجة معاناة دامت ما يقارب عقدين من الزمن من الإقصاء والاستبعاد والتهميش واستباحة الحقوق، حتى بلغ الأمر بالناس درجة اليأس من الرهان على مشروع وحدوي يستولي فيه أحد الشركاء على كل شيء بينما يضحي فيه الشريك الآخر بكل شيء دونما الحصول على ما يقابل هذه التضحية.
إن الحديث عن القضية يمكن أن يتسع أكثر لكن هذا هو استعراض لأهم مكونات القضية وقد وددنا لفت نظركم إلى أن جهدكم المشكور في الوصول إلى اتفاق نقل السلطة، وإن لم يحل كل المشكلات المتعلقة بمطالب الثوار، قد شكل نقلة طيبة في اتجاه تحقيق حلم اليمنيين في بناء الدولة المدنية العصرية التي حرموا منها طويلا، لكن هذا الجهد لا يمكن أن يؤتي أكله في ظل بقاء القضية الجنوبية دونما معالجة.
إن بقاء منظومة الدولة البسيطة في اليمن قد ولد ما شهدته اليمن من انفجار شعبي جماهيري شمل الشمال والجنوب وإذا كان للجنوب شرف السبق في ثورته السلمية من مطالع العام 2007م إلا إن هذه الثورة لم تنل حقها من المتابعة الدولية والتغطية الإعلامية والإنصاف العالمي، ومن هنا فإن الكثير من الناشطين والمحللين السياسيين في الجنوب يرون أن بقاء هذه المنظومة كما هي عليه اليوم لا يمكن أن يبقي اليمن آمنا وبلا توترات مدمرة حتى وإن لبيت جميع مطالب الثوار، دون حل القضية الجنوبية
ونرى أن قيام دولة اتحادية بإقليمين وبرلمانين محليين وحكومتين، مع برلمان وحكومة مركزيين ورئيس للدولة الاتحادية، يمكن أن يعيد التوازن إلى المشروع اليمني الوحدوي ويجنب اليمن العودة إلى زمن الصراعات والحروب والتفكك، ويكفل قيام مشروع حداثي حقيقي يحقق التنمية المنشود والتطور والاستقرار والدولة المدنية المنشودة، وهذا بأي حال من الأحوال لا يلغي وجهات نظر أخرى ترى مخارج أخرى للقضية الجنوبية يمكن لأصحابها تناولها وشرحها لكم بالتفصيل إذا ما قدر لكم الاستماع لهم، ولكل وجهة نظر أنصارها ومؤيدوها من المواطنين الجنوبيين.
إننا ننتظر منكم ومن منظمتكم المحترمة موقفا منصفا لمعاناة المواطنين في الجنوب، خاصة وإن هناك قرارين قد اتخذتهما المنظمة الدولية برقمي (924) و (931) ويقضيان بعدم جواز فرض الوحدة بالقوة، وضرورة معالجة المشكلة عن طريق الحوار بين طرفي القضية، بدلا من الاحتراب وهو ما لم يلتزم به الطرف المنتصر بكل أسف، ويمكنكم في هذا الإطار المساهمة في توفي البيئة المناسبة لقراري مجلس الأمن المشار إليهما أعلاه، حتى لا يتوقف جهدكم عند جزء من المشكلة اليمنية وإبقاء الجزء الآخر دونما معالجة.
والله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل.