آخر الاخبار

خبراء: تصعيد الحوثيين يخدم أهداف نتنياهو في المنطقة .. واستهداف الحوثيين لإسرائيل جاء بتوجيهات ايرانية عاجل: صورة متداولة للغارات الأمريكية التي تعرضت لها العاصمة صنعاء قبل قليل والموقع المستهدف عاجل.. الرئيس اليمني يكشف أدلة وحقائق عن الحوثيين وإيران وعلاقتهم مع القاعدة ومن أين تأتي الأسلحة المتطورة؟ وما الهدف الذي يسعى إليه عبدالملك بعد مقتل نصر الله؟ أصل العرب للعلماء الموهبين: تُكرم أستاذ الفقه المُقارن بجامعة إقليم سبأ الدكتور حاشد باعلوي الخدمة المدنية تعلن موعد بدء وانتهاء إجازة عيد الفطر غارات امريكية جديدة تستهدف معقل جماعة الحوثي.. والحصيلة حتى يوم الخميس تصل إلى نحو 200 قتيل ومصاب شاهد الصور.. مشهد مهيب للحرم المكي بعد اكتمال التوسعة وزارة الداخلية التركية تصدر بيانا عاجل وجديد بشأن إمام أوغلو عليك اتباعها في آخر أيام رمضان.. 6 عادات غذائية لتنظيف الجهاز التنفسي من السموم عشرات الشهداء وأوامر إخلاء وفقدان طواقم إنقاذ في غزة ..تفاصيل

صباح العيد يا شوقي
بقلم/ نجيب مقبل
نشر منذ: 12 سنة و 4 أشهر و 19 يوماً
الخميس 01 نوفمبر-تشرين الثاني 2012 05:36 م
 

لا أدري لماذا تخونني قدماي من السير إليك لأركض بكامل الروح واللياقة المطلوبتين وأؤدي واجب عيادتك وأطرق الباب الذي طالما قرعته بقبضة السنوات الفائتة وكنت أنت في كل مرة تسبقني بالابتسامة العريضة والدعوة الرحبة بالدخول.

حتى هذه اللحظة لم يحالفني العزم على المجيء إليك وأشهدك على أية حال تكون الآن: إما ممدداً على فراش المرض أو جالساً على كرسي التعافي الصعب أو ما شاء لخيالاتي أن تصور كينونتك الصامدة في هذه اللحظة الصعبة.

كم مرة أخرج عازماً عيادتك، وأقف تحت بلكون شقتك بحي عمر المختار في محاولة لمصافحة مرضك، وأظنها مرات ثلاث فعلتها وقفلت عائداً حاملاً خيبة الرجوع وعجزاً عن مجابهة الحقيقة الغائرة الألم، حقيقة مرضك، وليس ما يحجبني عن الوصول إليك سوى أنني لا أقوى على فعل ذلك.

فمنذ الصدمة الأولى وتشريف عقيلتك لي بوضع سماعة الهاتف لأكون أول المهاتفين لك وأنت تقول: شكراً شكراً يا نجيب وأنا عاجز حتى عن رفع السماعة من جديد ومهاتفتك لمعرفة أخبار عنك فالصدمة الجارحة كانت أقوى من إرادة الاستيعاب.

وأعترف بعد هذه المعاناة العجفاء.. يحق لك ولعائلتك تصنيفي ضمن أولئك الخونة لصداقاتك، ولأيام العمر المشتركة التي قضيناها إخوة في الحياة والشعر، ولهم كامل الحق في الوصول إلى مثل هذه النتيجة المؤلمة.

أصدقك القول: أخاف رؤيتك مريضاً، وأتمناك بل أدعو الله أن يشملك برعايته الإلهية لتصمد في وجه هذه النائبة التي ألمت بك.

تعلم، يا شقيق شعري، كم نحن الشعراء خونة عظام لمبادئ المجاملات ومواقيت الزيارات وديباجة القول المعسول في المواساة، نحن -كما تعلم- جبناء في مواجهة الحقائق الأليمة والاعتراف بوقوعها، رعديدون أمام مشاهدة الألم الكظيم.. وهذا سر قصوري عن مصافحة مرضك، وعيادة روحك الأليمة.

في داخلي تأنيب ضمير عالي الضغط لهذا القصور العظيم. لكنني أحاول الوصول إليك بما أوتيت من قوة روحانية دافعة من خلال هذه الكلمات البائسة القول والهائمة الروح لملاقاتك في هذا الظرف الصعب علها ترمم ما قصرت عنه الأفعال.

الشعراء شجعان فقط في تحرير عوالم الانكسارات ومجابهتها في الحروف والكلمات والنصوص فقط. ألم نكتب معاً النصف الأول من عنوان مجموعتنا المشتركة: "خرائب الأنا" هذه هي واحدة من خرائبنا بوقوعك فريسة هذا المرض الهابط من سماء عثراتنا وهباءاتنا.

خرائبنا - يا شوقي - كثيرة في هذا الزمن الخائب -ألم نقل ذلك في نصنا المشترك، لكننا- وهذه من هفواتنا الرهيفة- لم نتوقع أننا سنأتي على زمن الوقوف على أطلال أرواحنا المتهالكة والمستعدة للانهزام أمام أمراض العصر، وإنها لمشيئة الله تعالى ولا راد لقضائه.

كل تلك الخرائب التي رصدناها في مجموعتنا المشتركة الناصعة بالشعر المتآخي وأخريات لم نرصدها، لم نخطئ أسباب وجودها حين أجملناها في النصف الثاني من عنوان المجموعة: "صلصال الملك" هذا الجامد القلب، الغائب الروح ،المتهاتف على سلطان الحجر والحديد والذهب والفضة، والكرسي المأهول بالسلطة الغاشمة، المناهض لسلطان الكلمة الصادقة، المعادي لحقوق العيش الفاضل في مدينة فاضلة من صنع أيدينا.

فكان لنا أن نهنأ بأثقال الضغط النفسي، والإهلاك الروحي، والحياة المسكونة بقلة الحيلة والعين البصيرة واليد القصيرة، والحظوظ العاثرة، والمصائب المتقاطرة، والهباءات المترامية الأطراف وأخيراً رزمة الأمراض العصرية التي نحملها في أكياس الدواء (ارتفاع الضغط والسكر والكوليسترول والقولون العصبي) وآخرها جلطتك الدماغية المباغتة.

أما بعد..

يسعدني، شوقي ياشقيق شعري، في هذه الأيام العيدية أن أشد على كف مرضك بهذه التحية المسالمة: صباح العيد يا شوقي!! وأذكرك باستعادات عشناها في أزمان خلت وعواصم ومدن يمنية وعربية: صنعاء، تعز، المكلا، بغداد، طرابلس الغرب، بنغازي، عدن ومدن لا تستطيع الذاكرة إحصاءها كانت فيها القهقهة مجلجلة، والصحبة مؤنسة، ودم الشعر حياً في عروقنا، واحتفالات مشعشعة من بنات أفكارنا ومن وحي مجالسنا، ولعل أحد هذه الاحتفالات عيد تأسيسي الـ(........) في بغداد.

يا شقيق شعري، أذكرك بأن عيد تأسيسي المافوق خمسين بعد شهر ونصف وأنا في انتظار حضورك الجسدي والروحي إلى يومه، بإذن الله تعالى.

*هامش:

(خرائب الأنا.. صلصال الملك) مجموعة شعرية مشتركة لكاتب المقال مع الشاعر شوقي شفيق.