إسرائيل تكثف من استهداف لأبناء قادة حماس في قطاع غزة أول دولة عربية تعلن عن عفو رئاسي يشمل نحو 2.5 ألف محكوم وسجين خليجي 26: البحرين أول المتأهلين بعد فوزها على العراق والمباراة القادمة أمام اليمن فرار عشرات الطلاب من أكاديمية حوثية للتعليم الطائفي في صنعاء .. سقوط بشار يربك محاضن المسيرة الطائفية عاجل: صدور قرار لرئيس مجلس القيادة وكيل أمانة العاصمة يدعو وسائل الإعلام لمواكبة معركة الحسم بروح وطنية موحدة شاهد الأهداف.. مباراة كبيرة لليمن رغم الخسارة من السعودية مصادر بريطانية تكشف كيف تهاوى مخطط تشكيل التوازنات الإقليمية بعد سقوط نظام الأسد وتبخر مشروع ثلاث دول سورية توجيه عاجل من مكتب الصحة بالعاصمة صنعاء برفع جاهزية المستشفيات وبنوك الدم وتجهيز سيارات الإسعاف ما حقيقة خصخصة قطاعات شركة بترومسيلة للاستكشاف النفطية في اليمن
" مأرب برس - متابعات"
قدّم الكاتب الصحافي البريطاني باتريك كوبيرن، مراسل صحيفة «اندبندنت» في العراق والشرق الأوسط، وصفاً مرعباً لكيفية تفكك المجتمع العراقي، واضمحلاله تدريجياً، كأمة عراقية واحدة نتيجة للحرب الأهلية المستشرية في بلاد الرافدين، بتخصيصه فصلاً كاملاً عن هذه الحقيقة في كتابه الجديد «الحرب والمقاومة في العراق»، الذي نزل إلى الأسواق باللغة الإنكليزية الأسبوع الماضي في لندن.يبدأ كوبرن الحديث مستشهداً بكتاب «مذكرات رجل أناني» للروائي الفرنسي الشهير ستاندال، الذي وفقاً للرواية زار مدينة، وحاول التعرف فيها على أجمل عشر فتيات، وأغنى عشرة أشخاص، وأكثر عشرة رجال يمكن أن يوصلوه إلى المقصلة. ويقول كوبرن أن ستاندال ما كان ليقدر على كتابة روايته هذه لو جاء إلى بغداد هذه الأيام، لسبب واحد، هو أن النساء محجبات والأغنياء فروا إلى الخارج، والجميع ليسوا فقط على استعداد لتوصيله إلى المقصلة، بل مستعدون لقتله بأيديهم.ويصف كوبرن بغداد بأنها أخطر مدينة في العالم حالياً، بعد ما كانت النساء فيها يتمتعن بحرية هي الأوسع هامشاً على مستوى العالم الإسلامي، ما عدا تركيا ربما. ويوضح أن هذه الظاهرة بدأت بالانقراض قبل الحرب على العراق، وبالذات في عهد الرئيس المخلوع صدام حسين، لكنها تفاقمت في السنوات الثلاث الأخيرة، خصوصا بعد إقرار الدستور الجديد الذي وضع المرأة في مرتبة أدنى من الرجل، وأفسح في المجال لممارسات إضطهادية ضدها، لدرجة أن غالبية النساء اللواتي يضعن الحجاب يفعلن ذلك خوفاً من الاعتداء عليهن، إما من جانب المتدينين أو المجرمين على أنواعهم. وأشار إلى وجود اعتقاد بأن المجرمين لا يجرؤون على اختطاف البنات أو النساء المحجبات، لاعتقادهم بأنهن يتحدرن من عائلات محافظة، وهذه العائلات تنتمي في العادة إلى قبائل وعشائر كبيرة وقوية مرهوبة الجانب.ويروي كوبرن في هذا الفصل أن صديقاً له شعر بألم في ضرسه، فبدأ بالاتصال مع أطباء الأسنان في بغداد لترتيب موعد للحصول على علاج، لكن الرجل فوجئ بأن جميع الأطباء الذين اتصل بعياداتهم غير موجودين في العراق. ويضيف أن «من يرغب في البحث عن أغنى عشرة أشخاص في العراق يجب أن يبدأ بحثه في الأردن وسورية ومصر»، حيث أن الحي الذي كان يقطنه الأثرياء في بغداد تحول إلى «مدينة أشباح»، لا يقيم فيه سوى حفنة من رجال الأمن الذين أصبحوا يتنعمون بأبنيته الفاخرة، مشيراً إلى أن أسعار العقارات في بغداد انخفضت إلى النصف في المعدل. أما المالكون الذين يبيعون منازلهم فيحاولون إبقاء الأمر سراً، خوفاً من تعرضهم للخطر من جانب اللصوص، ولعمليات سطو، لا يعرف أحدٌ كيف تنتهي.ويؤكد الكاتب أن الأرقام الرسمية عن الجرائم وغيرها من الإحصائيات لم تعد دقيقة، بل أنها بعيدة عن الواقع، نظراً لأن الناس كفوا عن تقديم شكاوى رسمية أو الاتصال بالسلطات المسؤولة لدى تعرضهم لاعتداء، لفقدانهم الثقة بالشرطة والسلطة في شكل عام. بل توجد قناعة بأن هناك وحدة حال بين الشرطة وعصابات الجريمة.وأورد كوبرن قصة سمعها من رجل أعمال عراقي في بغداد احتفظ باسمه لأسباب أمنية، أن شقيق رجل الأعمال اختطف منذ بضعة أشهر. وفيما كانت العائلة تفكر في الأمر تلقى رجل الأعمال مكالمة هاتفية من الشرطة تسأل عما إذا كانت العائلة ترغب بمساعدة الشرطة. فأبلغهم رجل الأعمال أنه يفضل عدم تدخل الشرطة وأنه سيتولى شخصياً البحث عن أخيه. وبعد قليل تلقى رجل الأعمال مكالمة هاتفية من أحد أفراد العصابة التي اختطفت شقيقه الذي طلب فدية مالية كبيرة لقاء إطلاق الرهينة، وأضاف ممتدحاً رجل الأعمال بقوله «حسناً فعلت برفضك تدخل الشرطة في الأمر»، ما يؤكد أن الخاطفين كانوا على اتصال بالشرطة ويعملون بالتنسيق فيما بينهم.ولدى زيارته المكان الذي يتم الاحتفاظ فيه بجثث القتلى في بغداد، وجد كوبرن أن القتلى هناك خليط من المواطنين الذين تعرضوا للقتل على أيدي جهات مختلفة: منها الجيش الأميركي، والمتمردين والجيش العراقي، والشرطة، ورجال العصابات والخاطفين واللصوص وقطاع الطرق، إضافة إلى أناس عاديين حاولوا تحصيل ديونهم أو حقوقهم بالقوة من الضحايا.وروى الكاتب قصة فتى كان يسير في الشارع وهو يجري مكالمة هاتفية من جهاز نقال كان بيده. فتوقفت بقربه سيارة وطلب السائق منه أن يعطيه الجهاز حالاً. تردد الفتى لحظة، لكن السائق عاجله برصاصة من مسدسه استقرت في عنقه وأردته قتيلاً في الحال. فيما كان فتى آخر محظوظاً عندما اختطفته عصابة مجرمين، وطلبت من أهله دفع فدية قدرها 60 ألف دولار، فقال والد الفتى للخاطفين أنه لا يملك شيئاً، حتى أن منزله احترق قبل بضعة أسابيع ولا يملك ما يكفي لإصلاحه، وفوجئت العائلة بأن الخاطفين اتصلوا بالعائلة ثانية وأبلغوها أنهم زاروا الحي وتأكدوا من أن المنزل محروق فعلاً واعتذروا لها عن خطف ابنها، وقالوا أنهم أخطأوا كونهم كانوا يقصدون خطف فتى لعائلة غنية، فلما علمت العائلة التي تقيم بجوارها بالأمر وكانت ميسورة بعض الشيء وهي من أصل كردي، سارعت إلى الهرب من بغداد نحو المناطق الكردية.وأشار الكاتب إلى سلسلة طويلة من عمليات القتل التي وقع ضحيتها أناس أبرياء وجرت فقط بسبب حال الفوضى المنتشرة في العراق. وقال أن القائد العام للشرطة العراقية قتل حتى برصاص الجنود الأميركيين الذين اعتقدوا خطأ أنه لص، فيما اضطر رئيس التشريفات في القصر الرئاسي للبقاء في بغداد راقداً في احدى المستشفيات بدلاً من مرافقة الرئيس جلال طالباني خلال زيارته الأخيرة لواشنطن، بعد أن دهسته سيارة «هامفي» عسكرية أميركية عن طريق الخطأ. أما الدكتور باسل عبّاس حسن، أكبر خبير جراحة دماغ في العراق، فقتل أثناء توجهه بسيارته إلى العمل برصاص جنود أميركيين ظنوا أنه أحد الانتحاريين، ولم يشارك في جنازته سوى عدد قليل من الناس لأن غالبية أصدقائه والذين عملوا معه سنين طويلة، هربوا من العراق قبل الحادث بوقت طويل.ومن الغرابة أن كوبرن وجد خلال بحثه في ملفات القضاء عن القضايا التي جرت فيها محاكمة المجرمين في بغداد، أنه رغم الارتفاع المذهل لمعدلات الجريمة في العراق بعد الحرب تكاد تخلو المحاكم من ملفات لمحاكمة المجرمين. ونقل عن شاهد هو الطبيب الاختصاصي الدكتور تامر علي القيسي صورة عن كيفية عمل رجال العصابات، حيث كان الطبيب تعرّض للاختطاف، لكن الخاطفين وصلوا بالصدفة إلى حاجز أقامته الشرطة فحاولوا الفرار، لكن الشرطة فتحت النار عليهم وجرت معركة بين الطرفين تمكن الطبيب خلالها لحسن حظه من الفرار. وقال الطبيب أن الخاطفين كانوا يتمتعون بثقة عالية بالنفس ولم يتصرفوا كلصوص خائفين. وألقي القبض على مجموعة منهم، تبين أن أحدهم ضابط في الشرطة يدعى محمد نجم عبدالله الدوري، وبرفقته شخص آخر يدعى عدنان عاشور علي الجبوري.ووجد الكاتب أن السجل الموجود في مركز الشرطة الذي نُقل الخاطفان إليه جرى فيه تدوين أن الخاطفين تم تسليمهما إلى الأميركيين في معسكر كيرفو، لكن لسبب ما تم إطلاقهما. وعندما توجه الكاتب إلى قيادة المعسكر طالباً تزويده بمعلومات عن الخاطفين وجد أن سجلات المعسكر خالية من أي معلومات عنهما، الأمر الذي دفع كوبرن إلى القول أن الأميركيين يساعدون على تفكك المجتمع العراقي.ولم تنته القصة عند هذا الحد، إذ في المقابل زار ممثلون عن عائلتي الخاطفين منزل الطبيب وطلبوا منه بلهجة تهديدية أن يسحب شكواه ضد ابنيهما. فقرر الطبيب الهرب من العراق واستقر حالياً في القاهرة.