آخر الاخبار

عاجل .. وزير الدفاع يلتقي عددا من السفراء والملحقين العسكريين ويشدد على أهمية بسط القوات المسلحة سيادتها على كافة التراب الوطني استعدادات لإنطلاق مؤتمر الحوار الوطني السوري .. تفاصيل كاملة حركة حماس تعلن عن شروطهما لاستكمال التفاوض وإنهاء الحرب وإسرائيل ترد بشروطها ‫ رئيس الوزراء يطالب ممثل اليونيسيف لدى اليمن بممارسة الضغوط على مليشيا الحوثي وزارة الأوقاف تناقش اعتماد قنوات تحويل آمنة لإعادة مبالغ حجاج موسم العام الماضي 1445هـ عن الخدمات التي تعذر تنفيذها موظفو مطار سقطرى يرفضون تسليم المطار لشركة إماراتية ويذكرون وزير النقل بنصوص القانون اليمني انتصارات جديدة ساحقة للجيش السوداني المجلس الرئاسي يدعو للتوصل إلى ميزانية موحدة للبلاد أردوغان يكشف عن نجاحات اقتصادية عملاقة لحكومات حزبه ويعلن:الدخل القومي تضاعف 6 مرات وتجاوز التريليون دولار في مواجهة نارية المواجهة..برشلونة يتحدى أتلتيكو مدريد والريال في مهمة سهلة أمام سوسيداد بكأس ملك إسبانيا

حسن التعامل
بقلم/ د.عائض القرني
نشر منذ: 16 سنة و 5 أشهر و 8 أيام
الإثنين 15 سبتمبر-أيلول 2008 01:53 م

يقول الشاعر الجاهلي زهير بن أبي سلمى بمنطق التخلف والجفاء والاستبداد:

* وَمَن لم يَذُد عَن حَوضِهِ بِسِلاحِهِ ـ يُهَدَّم وَمَن لا يَظلِمِ الناسَ يُظلَمِ.

ولكن الإسلام ألغى هذه المقالة وشطب على هذا الفهم، قال سبحانه: (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ(، وفي الأثر «إن الله أمرني أن أصل من قطعني وأن أعفو عمّن ظلمني وأن أُعطي من حرمني»، فيا لجمال هذا المبدأ الحق ويا لروعته! فمن ظن أنه إذا رد على قصيدة هجاء بقصيدة أخرى أو نقض مقالة سب بمقالة أخرى قد انتصر فقد وهم وأخطأ، بل أحسن من فعله هذا فعل من عفا وأصلح وتجاوز وسامح، حينها يدافع الله عنه، وتصلي عليه الملائكة، ويثني عليه المؤمنون، وترحب به السماء، وتحتضنه الأرض. إن من يحلم على الناس إنما يسجل براءة اختراع للمثل العليا والمعاني الجليلة، وحقه أن يحشر مع النبيين والصديقين. العمر قصير فلا تقصره بالانتقام، وصنع العداوات، واستجلاب الخصومات. وسامح؛ فليس عندك وقت للثأر، وتجاوز؛ فليس عندك ضمان من الدهر. الحياة أقل وأقصر من أن تحول إلى معركة سخيفة، وحرب تافهة، ومصارعة رخيصة مع أناس ليس عندهم أدب ولا رسالة. وقد أُمرنا بحسن التعامل حتى في مجادلة أهل الكتاب والملحدين؛ فنجادلهم بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم، فأهل الإسلام أولى بأن يراعى في جدالهم بينهم الرفق واللين، وإظهار الرحمة بهم.

على كل حال، فإن حسن التعامل مع الغير قيمة أعلى الإسلام من شأنها، وأكد عليها، وأكثر من الإشارة إليها؛ فهي أحد معايير القرب من الله تعالى. وقد أمر الله تعالى نبييه موسى وهارون عليهما السلام أن يجادلا الطاغية فرعون بالتي هي أحسن، وأن يُلينا له القول، قال تعالى: (فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى(. لأن للرياسة سُكرًا والتغليظ لا يناسب من هو في مثل حاله، وقد بين ربنا تبارك وتعالى هذا القول اللين بقوله: (هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى( فأخرجه مخرج السؤال لا الأمر، وذلك لموضع تجبر فرعون وعتوه.

فإذا كان رب العزة قد أمر بهذا مع من قال: أنا ربكم الأعلى. وما علمت لكم من إله غيري. فكيف هو الحال مع من يقول: لا إله إلا الله، ويقول في سجوده: سبحان ربي الأعلى؟

فمن سامح الناس سامحه الله، ومن أغضى عن معائبهم ومساوئهم ستر الله عليه، فاجعل كبير المسلمين بمنزلة أبيك، وصغيرهم بمنزلة ابنك، ونظيرهم محل أخيك، وتكلم مع كل أحد منهم بما يناسب الحال؛ فمع العلماء بالتعلم، وبالتعليم مع الجهال، ومع الصغار باللطف، ومع الفقراء بالرحمة والعطف، ومع النضراء بالآداب والظرف، (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ(.

وقال صلى الله عليه وسلم: «أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقاً»، فلنرفع شعار التعامل بالخلق الجميل، وبالتواضع للناس في كثير وقليل، ولنعقد قلوبنا عقداً جازماً على محبة جميع المسلمين والتقرب بذلك إلى رب العالمين، ولنجتهد في تحقيقها ودفع ما ينافيها، ولنعمل على كل ما يحققها ويكملها وينميها، فنتخذ المؤمنين إخواناً، وعلى الخير مساعدين وأعواناً. اللهم اقبلنا إخواناً على سرر متقابلين