ما لا يعرفه العرب عن فوائد زيت الزيتون وعجائبه في جسم الإنسان الضالع: وفاة شابة ووالدتها غرقاً في حاجز مائي غلاء عالمي لأسعار الغذاء إلى أعلى مستوى ست مواجهات شرسة ضمن بطولة الدوري الإنجليزي الممتاز إستعدادات كأس الخليج.. لجنة الحكام باتحاد كأس الخليج العربي تجتمع على هامش قرعة خليجي 26 أول رد من المجلس الرئاسي لوزارة الدفاع السعودية بخصوص مقتل وإصابة جنود سعوديين بحضرموت تقرير: مليون يمني ألحقت بهم أمطار هذا العام أضراراً متفاوتة وضاعفت مخاطر الإصابة بالكوليرا ضبط عشرات الجرائم في تعز والضالع خلال أكتوبر حزب الإصلاح يتحدث لمكتب المبعوث الأممي عن مرتكزات وخطوات السلام وأولوية قصوى أكد عليها المسلمون في أميركا صوتوا لمرشح ثالث عقاباً لهاريس وترامب
مأرب برس ـ خاص
صدع المسئولون المصريون والعرب رءوسنا بالحديث عن الأمن القومي المصري والعربي ، وكانت أبرز تحفظات القيادة المصرية على ما حدث في غزة في منتصف يونيو 2007 أنه تهديد لأمن مصر القومي. فما هو الأمن القومي المصري الذي تعنيه القيادة المصرية يا ترى ؟
في الحقيقة لا يوجد حاليا شيء اسمه أمن قومي مصري - أو أمن قومي عربي – فالوطن العربي – كما يعرف الجميع - مستباح برا وبحرا وسماء وأرضا ، من شرقة إلى غربه ومن شماله إلى جنوبه ، إنما هناك أمن أنظمة حاكمة مستبدة جاثمة على صدور شعوبها ، أنظمة حاكمة يتمثل كل منها في شخص واحد يحتكر كل شيء في يده وتتجسد الدولة بكل مقدراتها في شخصه ، وكل همه هو البقاء في الحكم بل وتوريثه للخلف بأي ثمن وبأي تنازل للأسياد الأجانب .
وإن الأمن القومي المصري مثلا - من وجهة نظر النظام المصري الحالي – إنما يعني في الأساس الأمن الشخصي للرئيس حسني مبارك – ولولا ذلك لما صار الأمن القومي المصري مرتبطا – بضمان أمن دولة الكيان الصهيوني المغتصبة لأراضي فلسطين العربية والإسلامية ومقدساتها .
ولو كان للنظام المصري أدنى اهتمام أو أي حساسية تجاه الأمن القومي المصري ، بمفهومه الحقيقي لكان مصدر هذه الحساسية من باب أولى هو الكيان الصهيوني ، هذا الكيان الإجرامي الغاصب الذي يتكون من شذاذ الآفاق والمزروع في جسد الأمة والمتاخم للحدود المصرية ، والذي يمتلك ترسانة ضخمة من الأسلحة النووية والبيولوجية والكيمائية والذرية - فضلا عن أحدث الأسلحة التقليدية المدمرة التي سبق له أن غزا بها مصر والعرب وتطاول بها عليها وهجم بواسطتها على شعب المصري المسالم – ولكن الأبي - وأنتهك بها أمن وحرمة مصر ودمر بها مقدراتها ومؤسساتها وبنيتها التحتية مرارا وتكرارا ، وسفك بها دماء الآلاف من خيرة أبناء مصر - ظلما وعدوانا وعتى بها في الأرض علوا وفسادا – ومن ذا ينسى جرائم الحرب المروعة التي ارتكبتها إسرائيل في حق الفلسطينيين والمصريين والعرب والإنسانية جمعاء ؟
هل نسى النظام المصري أن دولة الكيان الصهيوني دولة عنصرية عدوانية مارقة قامت على أشلاء ودماء الضحايا من العزل الأبرياء من أطفال ونساء وشيوخ ؟ كيف ينسى أنها طردت شعبا بأكمله من أرضه وشردته في أقطار الأرض بالقوة والقهر ، ثم حلت محله دون وجه حق من عرف أو قانون أو تشريع ؟ إلا قوانين وشرائع الغاب التي أملتها حكومات الدول الاستعمارية الامبريالية الجائرة على الأمم والشعوب الضعيفة والفقيرة ؟ فأعطت ما لا تملك لمن لا يستحق . والجملة الأخيرة هي أشهر جملة تعلمناها وحفظناها ووعيناها في زمان الصبا ، من المناهج الدراسية خلال المرحلة الابتدائية والإعدادية في النصف من القرن الماضي . وقد تغيرت المناهج الدراسية في عالم اليوم – عما كانت عنه بالأمس – وذلك تبعا لتغير سياسة ومصالح الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية.
وإن نسى النظام المصري والنظام العربي الرسمي مجزرة ديار ياسين ومجزرة صبرا وشاتيلا ومجزرة قانا ومجزرة الأقصى ومجزرة جنين وغير ذلك من جرائم ومجازر الكيان الصهيوني السابقة واللاحقة والمستمرة بشكل يومي ضد الفلسطينيين ؟ وإن نسي مآسي الفلسطينيين الحالية في الضفة والقطاع وداخل الخط الأخضر وفي الشتات والمخيمات ؟ إن نسي كل هذا ؟ هل ينسى جرائم الكيان الصهيوني ضد مصر وشعب مصر ؟ هل ينسى نكبة مصر والعرب في عام 1948 ؟ وهل ينسى العدوان الثلاثي : الصهيوني - البريطاني - الفرنسي الغاشم على مصر وشعب مصر وإرادة مصر في عام 1956 ؟
وإن نسي النظام المصري هذا أو ذاك ، هل يستطيع أن ينسى أو يتناسى عدوان يونيو1967 ؟ ذلك العدوان الهمجي الوحشي الغادر– والذي مرت علينا ذكراه الكئيبة والأليمة ، قبل أسابيع فقط والذي أعاد مصر والأمة العربية للوراء عدة عقود ولا زالت آثاره حتى اليوم .
أم كيف يتسنى للقيادة المصرية الحالية أن تنسى ألاف الجنود والمتطوعين من شباب مصر ومن رجالات مصر المخلصين الأوفياء والذين فتكت بهم القذائف الغادرة للطائرات الحربية الصهيونية خلال الأيام الستة التي استغرقها ذلك العدوان الآثم ، فضلا عن ألاف الجنود الذين تاهوا في دروب ومسالك هذه الصحراء الشاسعة وماتوا عطشا وجوعا ، أو أبتلعتهم الرمال ، بينما كانوا يهربون من جحيم قصف الطائرات الصهيونية التي احتكرت الأجواء المصرية يومئذ
كيف يصير الكيان الصهيوني المجرم ، الذي أرتكب كل هذه الجرائم والكثير الكثير غيرها- هو الحمل الوديع، وتصير حركة حماس وهي الضحية ، هي المهددة للأمن القومي المصري ؟
إنها حقا لمفارقة ، مفارقة من أعظم المفارقات التي يحفل بها هذا الزمن الرديء وهو - بلاشك - زمن المفارقات والعجائب والغرائب ، وزمن الرؤى المقلوبة ، فالمعتدي الآثم المتعطش للدماء والمتغطرس بالقوة صار حمامة سلام ورمزا للأمن ، والأخ الشقيق المسالم صار عنوانا للخطر ورمزا للتهديد ، والظالم صار مظلوما والمظلوم ظالما ، والجلاد صار ضحية والضحية جلادا ، إلى آخر ذلك من المفارقات والمضحكات والمبكيات والتي يوجد منها الكثير والكثير في عالمنا العربي والإسلامي وفي مصر على نحو خاص – لما لها من ثقل سياسي وعسكري ومعنوي كبير في العالم العربي والإسلامي -
قد يقول قائل : أنت تتحدث عن جرائم قديمة أرتكبها الكيان الصهيوني بحق الشعب المصري ، وتلك جرائم قد تجاوزتها الأيام وطوتها اتفاقية كامب ديفيد للسلام في عام 1979 بين مصر واسرائيل .
والجواب أن هذه الاتفاقية المشئومة - على كل حال - لم تكن بردا وسلاما على الأمن القومي المصري والعربي ، والذي هو الشغل الشاغل للقيادة المصرية والقيادات العربية في الوقت الراهن ، فهي أساسا لم توقف جرائم الاحتلال الصهيوني ضد مصر وشعب مصر وأمنها القومي .
وهذه الاتفاقية - والتي أعطت الأولية لأمن ومصالح الكيان الصهيوني - لم تعط المصريين والعرب شيئا يستحق الذكر في موازاة ذلك ، بل أنها فرضت على مصر شروط مجحفة ومخلة بالسيادة الوطنية المصرية وبالأمن القومي المصري ، فبعد مضي حوالي ثلاثة عقود من توقيع هذه الاتفاقية لا تزال سيادة مصر على سيناء منقوصة فالقيادة المصرية بموجب تلك الاتفاقية – على سبيل المثال - لم تستطع أن تحرك أي معدات عسكرية ثقيلة في سيناء لمسافة تمتد لعشرات الكيلومترات من حدود دولة الكيان الصهيوني ، وكل ذلك من أجل خاطر الأمن القومي الحساس لهذا الكيان الغاصب .
كما أن تلك الاتفاقية لم توقف جرائم الكيان الصهيوني ضد مصر وضد شعب ، ولم تضع حدا لمؤامرات إسرائيل على مصر وعلى شعب مصر ، وعلى الأمن القومي المصري والعربي
وهذه الاتفاقية لم تكبح جماح ترسانة التسلح الصهيونية أو تحول دون الاستحواذ على المزيد من الأسلحة والمعدات والطائرات الحديثة والمتطورة ، ولم تمنعه من المضي قدما في استكمال بناء مفاعل ديمونة النووي في صحراء النقب غير بعيد عن الحدود المصرية ، وأي خطر أدهى وأشد من هذا على الأمن القومي المصري والأمن القومي العربي برمته ؟
وليس ذلك فحسب بل أن تلك الاتفاقية – والتي قامت نتيجة لها العلاقات الدبلوماسية بين مصر والكيان الصهيوني- قد أفرزت تهديدات جديدة وإضافية للشعب المصري ، وللأمن القومي المصري والعربي عموما ، فانفتحت بذلك بوابات وحدود مصر ليدخلها الصهاينة اللئام بطرق مشروعة ، وليفعلوا ما يحلوا لهم فيها ، وهاهم هؤلاء الملاعين وأذنابهم قد أصبحوا في الوقت الحاضر يعيثون فسادا على أرض الكنانة ، وحدث ولا حرج عن جواسيس إسرائيل في مصر وعن مؤامرات إسرائيل على مصر ، وعلى شعب مصر وعلى خيرات مصر ، وعلى الأمن القومي المصري ، وهذه كلها أشياء معروفة وهي بطبيعة الحال غير خافية على نظام سي حسني مبارك ومع ذلك فلا تهتز له شعرة واحدة وكل هذا حقيقة غيض من فيض وما خفي كان أعظم .
فهل بعد هذا كله أي معنى للحديث عن الأمن القومي المصري والذي تتشدق به السلطات المصرية وتجعله سيفا مصلتا مشهرا ضد حركة حماس في الوقت الحاضر بعد أن دانت لها غزة .
لو أن القيادة المصرية صادقة فيما تقول عن الأمن القومي المصري ، ولو كان لديها أدنى حساسية على أمن مصر القومي الحقيقي ، لكان مصدر هذه الحساسية هو الكيان الصهيوني – كما سبق أن قلت - وليست حركة حماس في غزة ، هذه الحركة الشريفة والنظيفة اليد والتي تجاهد المحتل الغاصب ، والتي هي أساسا درع أمامي وخط دفاع أول للأمن القومي المصري بشكل خاص والعربي والإسلامي بشكل عام ولكن النظام المصري للأسف لا يرى ذلك فهولا يرى في حماس بل وفي أي حركة مناهضة للاحتلال الأجنبي أو شعارها الإسلام سوى أنها عدو متربص لأنه في الواقع لا ينظر للأشياء من حوله بعيون شعبه وأمته إنما ينظر لها بعيون صهيونية أمريكية ثم أي خطر يمكن أن تشكله حركة حماس على الأمن القومي المصري وهي حركة محاصرة من كل اتجاه وقد تنكر لها القريب والبعيد بل والتي لا تجد القوت الضروري لأشباع مليون ونصف مليون فلسطيني يعيشون في أضيق وأفقر بقعة على ظهر الأرض وهي غزة فأي تناقض هذا ؟ وأي منطق في موقف النظام المصري من حماس ؟
وأنا طبعا غير متحامل على النظام المصري ولكن هذا هو الواقع من وجهة نظري ، بل وأن هذا ينطبق على كل الأنظمة العربية الرسمية بلا استثناء . فهي كلها من عجينة واحدة
ويمكن القول في الختام أن الأمن القومي لأي بلد عربي ما هو إلا أكذوبة ترددها القيادات العربية على مسامعنا كلما ترتب عليها استحقاق معين لشعبها أو لأمتها ، أو لتتنصل من خلالها عن مسئولياتها الوطنية القومية أو الدينية ، أو لقمع معارضيها وخصومها ، أولتبرير خنوعها وخضوعها للأطراف الخارجية الفاعلة على المسرح الدولي ، وانحيازها مع الأجنبي ضد الحقوق المشروعة للشعوب الضعيفة والمقهورة .
حسبنا الله ونعم الوكيل.