صواريخ تضرب تل أبيب في مدارس الحوثيين.. التعليم يتحول إلى أداة لترسيخ الولاء بالقوة الأمم المتحدة تتحدث عن توقف وصول سفن الوقود إلى ميناء الحديدة فيتو روسي صادم في الأمم المتحدة يشعل غضب الغرب الحوثيون يبدّلون المنازل المستولى عليها إلى مراكز احتجاز بعد اكتظاظ سجونهم بالمعتقلين الحوثيون يبدّلون المنازل المستولى عليها إلى مراكز احتجاز بعد اكتظاظ سجونهم بالمعتقلين المحكمة الجزائية في عدن تصدر حكمها النهائي في المتهمين بتفجارات القائد جواس شهادات مروعة لمعتقلين أفرجت عنهم المليشيات أخيراً وزارة الرياضة التابعة للحوثيين تهدد الأندية.. واتهامات بالتنسيق لتجميد الكرة اليمنية أحمد عايض: ناطقا رسميا باسم مؤتمر مأرب الجامع
في خمسينات وستينات القرن الماضي تحقق الاستقلال الوطني المباشر لشعوب الدول العربية بطرق مختلفة لكن غلب عليه بروز المؤسسات العسكرية والاستقلال بثورات مسلحة من أنظمة مستبدة لأن الأمة كانت تدرك إنها في وضع لا يسكت عليه لهذا اندلعت ثورات واستقلال الشعوب من أقصى المنطقة إلى أقصاها وكل بطريقته ولكن السمة الغالبة التي افرزها الاستقلال الأول ذاك هو انه صدر إلينا قادة شباب معظمهم ضباط او على علاقة بالكفاح المسلح من الجزائر إلى اليمن مرورا بكل المنطقة من مصر وسوريا والعراق وحتى الخليج الذي لم يتشكل بعد آنذاك بدوله القائمة ألان !!
ولكن الوضع برز آنذاك بنخبة الحكم وقادة الثورة بسمات أساسية هامة هي :
- إنهم جميعا شباب وفي مرحلة عمرية شابة انظر إلى كل قادة عمليات التحرر الأولى من القاهرة إلى عدن وحتى الجزائر وسوريا والعراق ستجدهم شبابا يملك الحماس والاندفاع أولا وأخيرا ..كان عبد الناصر في الرابعة والثلاثين وهو رمز الثورة ورأسها ونفس الأمر بالجزائر .. وكل قادة الثورة والاستقلال بعدن والثورة بصنعاء كانوا في العشرينات من العمر وقاد القذافي ليبيا إلى سابع داهية وهو في السابعة والعشرين !!
- معظمهم كان ذو تعليم محدود إلا فيما ندر وباستثناء مصر عبد الناصر ومستوى الحبيب بورقيبة في تونس كمحامي وسياسي كان يتصدر المشهد العربي قادة شباب متحمسين منفعلين رومانسيين لا خبرات سياسية ولا أدارية ولا تعليم قوي – بعض الوزراء تولى الحكومة وهو في العشرينات بمعيار انه مقاتل شجاع ليس أكثر !! ولكن ذلك المعيار كان هو في نظرهم المتاح والمطلوب ! بالمناسبة حتى الذين يقولون بأنهم خريجي كليات عسكرية في اليمن بالستينات والسبعينات يجب ان ندرك أنهم التحقوا بسن صغيرة وتعليم معظمهم دون المتوسط ومدة الكلية كان عام واحد فقط ثم تطور إلى عامين ( ولن نقف كثيرا عند هذه النقطة ولكنها معلومة فقط مع إدراكي أن التعليم العام الآن أكثر تخلفا ورداءة )
- تميز معظمهم إن لم يكن جميعهم بالنقاء الثوري والولاء للأمة ولم يفسد ما نعرفه منهم إلا بعد أن أصبحت السلطة مفسده عفنه وبقي معظمهم على نقائه وبساطته ( انظر إلى قادة اليمن وثورتها خاصة في الجنوب أو السنوات الأولى في الشمال خاصة علي عبدالمغني ورفاقه) سنرى إن البساطة والنقاء الثوري بقي مضرب مثل ومات عبدالناصر في القاهرة وهواري بومدين في الجزائر وابراهيم الحمدي في اليمن محافظين على نقاء صورة الثوري ونظافة اليد.
- اكتشفنا معهم بعد سنوات أن الكثير منهم وليس الكل عمل على تحويل الشعوب إلى فئران تجارب وإنهم أزاحوا أنظمة محل أنظمة وطردوا الاستعمار العسكري ولم يتحقق الاستقلال بمفهومه الشامل وان صفات النقاء والشباب والعنفوان وحدها لا تبني دول قوية ومستقلة لهذا مات الشباب وراح الأنقياء وفسد الوضع وعاد الاستعمار مقرون بالعبث والاستبداد الوطني ! وهنا تفجر الوضع ورأينا الناس يصنعون استقلالهم الثاني بالأشهر الماضية
- هذا الربيع العربي الذي لم يكتمل هو محاولة لإنقاذ الاستقلال الأول وهو مطلب الأمة بالاستقلال الثاني فهل يتم ؟؟؟
إن المؤشرات تقول أن الربيع يتحول إلى خريف باكر !
بسبب إننا وجدنا أنفسنا بدائرة يتصدر مشهدها من يريد أن يقود هذه البلدان ببعض الشعارات المتحمسة التي تعيد للذاكرة حماس الخمسينات والستينات- دون رؤية جديدة ولا روح - حتى انه أعاد إلى الأذهان نفس الأغاني وانظروا كيف في كل لحظة لشد الجماهير ورفع وتيرة حماسها لم نجد إلا تراث الاستقلال الأول من قصيدة أبو القاسم الشابي – إذا الشعب يوما أراد الحياة - في تونس إلى أغاني شادية الوطنية وحماسة عبد الحليم حافظ في مصر والى أغاني المقاومة اللبنانية الفلسطينية.
ولكن السؤال الصعب والمؤلم هو - : هل يحمل من هم في صدارة المشهد الآن نفس النقاء والحماس ام فقط يحملون معهم انعدام الخبرة وانعدام التعليم بحيث ستتكرر تجربة الاستقلال الأول التي تحولت إلى الاستبداد وفشل ذريع للدول ؟!
الخشية ان الأمر أصعب ؟ لأن المؤشرات تقول ان الخبرة ببناء الدول معدومة فعلا وان ما يتم هو إزاحة أنظمة ولكن لا مؤشر في بناء دول ؟ بل إقامة أنظمة وبناء جماعات بدلا عن الدول !
وان الجهل ليس فقدان التعليم العالي الذي يمتلكه البعض ولكنه حاضر بانعدام القدرات الذاتية الواضحة حيث نجد أن الكثيرين ممن يتصدرون المشهد العربي الجديد يفتقدون لهذه القدرات الفردية الفذة المطلوبة بهذه المرحلة ( رغم الشهادات الجامعية واللغات الأجنبية ) – ويمكن لنا ان نورد أمثلة عدة حاضرة في أكثر من بلد –
والأخطر انعدام الرؤية الإستراتيجية ومشروع بناء الأمة مع فقدان للنقاء الثوري بل ورث معظم هؤلاء من أنظمة الاستبداد التي ( نثور عليها ) وأقول نثور ولا أقول ثرنا لأن الثورة مستمرة ورث معظم هؤلاء من هذه الأنظمة أسوأ ما فيها وهما - فساد الذمة وتضخم الذات المريضة -
لهذا فان الاستقلال الثاني الذي يصنع الآن هو مشهد لم يكتمل بعد ...
وان هذا التكالب الدولي والتعاضد الإقليمي ضد كل تغيير حقيقي في المنطقة وفي كل بلد ( والتدخل والعرقلة للتغيير الحقيقي من قبل القوى التقليدية والأجنبية يتمان حسب خصوصية كل بلد ) هو تأكيد على أن هذه الأمة وفي كل بلد لابد أن تدرك أن ما يجري يتجاوز مجرد إسقاط نخبة حاكمة فاسدة واستبدال نظام بأخر إلى تحقيق
استقلال ثاني للشعوب يقوم على بناء الدولة واستنهاض مشروع بناء الأمة بقيم متكاملة وليس بخطاب إعلامي استهلاكي لهذا فأن ما يجري محتاج إلى نفس طويل وقادة استثنائيين وعمل دؤوب ولكنه بدأ والسهم انطلق من مكمنه
علينا أن ندرك أننا نصوغ استقلالنا وتحررنا على مستوى النظم المستبدة وعلى مستوى العقل والانتماء إلى العصر قبل إي شيء آخر لهذا الأمور ليست هينة ولا عابرة.