لم يفشل الإصلاح ..بل أثبت فشله
بقلم/ بكر احمد
نشر منذ: 17 سنة و 8 أشهر و 18 يوماً
الثلاثاء 27 فبراير-شباط 2007 02:46 م

مأرب برس – خاص

في خطوه قد يجدها البعض مخيبة للآمال نحو إعادة الإصلاح تزكية رئيسه بالإجماع من جديد مخالفين بذلك لائحتهم التنظيمية والتي تنص صراحة بعدم وجوب إعادة التنصيب لأكثر من ثلاث مرات ، وجدتها أنا متلائمة جدا ومتفقة بالمطلق مع فكر وثقافة حزب الإصلاح ، لأنه من الصعب أن نستثني حزب ديني من منهجية التمحور حول شخص والبقاء في ظله أطول فترة ممكنة ، كما أنه أيضا لا يستطيع هذا الحزب أن يضع بين أيادي المتابع أدلة فعلية تنفي ما تراكم عنه تاريخيا ، وربما أول وأهم وأصعب شيء يمكن أن ينفيه حزب ديني سياسي عن نفسه من خلال الممارسة لا التنظير هو التطبيق الحقيقي للديمقراطية والتداول السلمي للسلطة ، وهذا ما لم يحدث في هذه الدورة للإصلاح وربما لن يحدث في القريب المنظور.

كون أن حزب الإصلاح يعاني من تناقضات كبيرة في داخله ومن افتقار حقيقي لنص واضح من خلال مرجعيته الثقافية للمشاكل السياسية وتحديدا للممارسة الديمقراطية ، فهذا في حد ذاته يمكن تفهمه واستيعابه ، إلا أنه من الصعب جدا تفهم أن هذا الحزب هو من يتصدر المشهد السياسي وهو الأبرز بالمطلق وهو الأنشط والأكثر تأثيرا على الشارع اليمني ، بينما باقي الأحزاب القومية واليسارية والتي استطاعت من خلال ممارسة مشهودة من تطبيق مبدأ التداول السلمي للسلطة في دوائرها الداخلية تعمل تحت أبط حزب الإصلاح وبالكاد نستطيع أن نراها ، لأن المتابع للانتخابات الرئاسية السابقة يستطيع أن يلحظ بأن حملة ما يسمى " باللقاء المشترك " هي في حقيقتها حملة حزب الإصلاح فقط ولا أحد غيره ، واجزم بأن الأحزاب القومية واليسارية بدون الإصلاح لن تستطيع أن تفعل شيء رغم منهجيتها الديمقراطية السليمة .

إذا أين المأزق الحقيقي الذي يعانيه الوعي السياسي في اليمن ، ولماذا حزب ديني سياسي كالإصلاح يمارس نوع من أنواع الديكتاتورية أسوة بالحزب الحاكم الذي يمجد زعيمه بشكل صنمي يجد هذه الشعبية وهذا الحضور ومن الغرابة أن هذا الحزب ينتقد الرئيس صالح لأنه يمدد لنفسه كل مرة في حكم اليمن !

لا يستطيع أي حزب معارض أن يكتسب مصداقية ما لم يمارس هو نفسه ما يطالب به الآخرين ، وإلا فأن كل ما سيقوله سيظل مجرد نوع من أنواع الهذيان ولن تقبل أي تبريرات تقع تحت تفسير ( الضرورة - والحاجة - والمرحلة ) ، فكلها كلمات وشعارات استخدمتها الأحزاب والتنظيمات الشمولية التي انتهى وقتها منذ زمن طويل .

لا نستطيع أن نتحدث عن ديمقراطية في بلد يعاني من مثل هذه المشاكل على كل الأصعدة الفردية والمدنية والحزبية السياسية ، لأن ما يدور بالأرجاء يصيب الدماغ بحالة من الارتباك والتردد ، ومن يلقي نظرة سريعة على الساحة اليمنية سيخرج مبدئيا بنظرة عامة بأن الشعب اليمني هو شعب تؤثر به الشعارات أكثر من التطبيق وأنه شعب يمتلك ذاكرة قصيرة لا تمكنه من ربط الأحداث عبر مراحلها المتتالية ، أو أنه لا يهتم كثيرا بالديمقراطية في آلياتها المفصلية المهمة بقدر اهتمامه بتلبية أدنى متطلبات معيشته ، أو أنه شعب لا يربط كثيرا بين ممارسة القائد أو الزعيم وبين برامجه وشعاراته ، أو أنه شعب قد سئم كل ذلك رغم قصر التجربة السياسية .

لكن وبعيدا عن التحليلات الكسولة والمختصرة والتي تلقي عادة باللوم على الشعب ومدى الوعي الذي يمتلكه _ رغم أنه يتحمل جزء مهم من المسئولية _ يبقى العمود الفقري لهذه الانتكاسات هي النخب السياسية والفكرية والتي نراها تقيم الدنيا ولا تقعدها على بقاء صالح مجددا لنفسه الحكم بينما تخلق شتى التبريرات مثلا لما حدث في الإصلاح من تجديد لزعامته بشكل مخالف لقوانينهم ، أو بين التحالفات المتناقضة بين يسار ويمين دون وضع خطوط واضحة يلتزم بها الجميع .

المسئولية ليست على عاتق النظام الذي يفشي ثقافة الجهل والاستبداد وليس على وعي المجتمع الذي هو نتيجة وليس إبداع، بل المسئولية هي على تلك الأحزاب التي اعتقدنا لولهة أنها قد تكون البديل عما هو كائن ألان.

أن بقاء الأحمر على سدة الحكم لا تعني سوى بقاء ذات الانقسام نفسه داخل الحزب فيصير كما كان حزبين داخل حزب واحد يتحدث بلغتين ويتخذ قرارين متناقضين ، والنتيجة تكون هو جمود واضح ومستديم يؤثر على العمل السياسي الحقيقي ، وبما أنه الحزب الرئيسي في المعارضة فهذا يعني تضرر الجزء الأكبر من النضال السلمي الديمقراطي .

في النهاية ما حدث للإصلاح لا يعود بضرره على أعضاء وعمل ومستقبل ومصداقية الحزب وحده ، بل سيشمل هذا الضرر العمل السياسي بشكل عام في البلاد وفي الكثير من طموحاتنا ، كما أنها ستجعل الكثيرين يبحثون عن بديل صادق وجاد يعمل لأجل الوطن وليس كتلك الأحزاب المتخندقة حول رموزها والتي تتبعها حتى وأن سارت بها بطريق لا يتوافق ومع قناعتها .

benziyazan@hotmail.com