كم أنت محزنٌ يا وطني
بقلم/ عبد الرحمن برمان
نشر منذ: 17 سنة و 3 أشهر و 8 أيام
الأحد 05 أغسطس-آب 2007 09:45 م

مأرب برس - خاص  

لم تبق إلا لحظات ويحين وقت الرحيل من ارض الكنانة إلى ارض اليمن كم كنت أتمنى أن تمر هذه اللحظات بسرعة وذلك لشوقي للعودة إلى ارض الوطن ولسوء معاملة موظفي مطار القاهرة للمغادرين ومحاوله ابتزازهم كما حدث معي ولسرقة الحلويات التي أخذتها لأولادي كما عودتهم دائما.

وبعد إنها إجراءات سفرنا وشحن أمتعتنا توجهت إلى صالة المغادرة وهناك في (الكفتيريا) أردت أن اجلس في إحدى الطاولات وفي نفس اللحظة كان شاب يريد ان يجلس على نفس الطاولة فتراجع معتذرا هل تجلسون هنا ؟ آسف،أخبرته بأنه صاحب الأسبقية وأقنعته بالجلوس فجلس ثم طلبت منه ان يسمح لي بالجلوس بجانبه فرحب بي وبدأنا بالتعارف قال أنا اسمي حسين سعودي موظف في وزارة الصحة كانت لهجته قريبة من اللهجة اليمنية فقلت له ظننتك يمني قال أنا من جنوب المملكة وقريب من حدود اليمن.

بدأ حسين يتأسف على اليمن والوضع الاقتصادي والمعيشي الذي يعيشه الناس في اليمن تحدث او كأنه عايش بيننا في الحديدة أوالمحويت عن الفساد والبترول والموارد الطبيعية التي توجد في اليمن وأنا استمع بإنصات واستغراب لتحليلاته لأوضاعنا.

سألته عن سر حماسه واهتمامه بالوضع في اليمن فبداء يسرد لي قصة بل مأساة أسرة يمنية عبرت الحدود مشيا على الإقدام هربا من الجوع- الديون- المشاكل.

واترك القاري الكريم مع حسين ليسرد مأساة هذه الأسرة والتي عايشها مع ابنا قريته.

كان الوقت ليلا وبعد أن خرج الناس من المسجد بعد أداء صلاه العشاء جاء احد ابنا القرية وقال انه شاهد بإحدى العمارات المهجورة ( قيد الإنشاء) أناس أغراب مختبئون فيها.تحركنا نحو صاحب العمارة لنسأله عن الأمر لكنه قال عمارتي مهجورة ولا يمكن لأحد ان يعيش فيها وهي لا تزال (عظم) وفي الدور الثاني أو الثالث هالنا ما رأيناه.

رجل وامرأة مسنين ورجل في منتصف العمر مع امرأتين وأطفال.

عندما رأونا كان الخوف يسيطر عليهم ولم يتمالك احد منهم نفسه بالحديث معنا عندما سألناهم من انتم الأطفال مر تعبون والنساء بداء عليهن الرعشة من شدة الخوف.

أشفقنا لوضعهم فقال احد من كان معنا لا تخافوا نحن إخوانكم ماذا تحتاجون نقدمه لكم كان أول كلمة قال رب الأسرة ((ماء....ماء)) ثم سكت برهة وقال خمسة أيام ونحن نمشي على أقدامنا نفذ كل ما لدينا من ماء وطعام لم نصدق أنناء أحياء .

خرجنا جميعنا وتجمع الناس فقام كبير القرية وذبح خروف وطبخه وجاء الناس بالأكل والثياب والبطانيات والفلوس .

حتى أصبح عندنا أكوام من كل ما ذكرت وقام احد ابنا القرية بإعطائهم منزله المكون من طابقين حيث لم يمض إلا أيام على انتقاله إلى منزله الجديد.

نقلنا هم إلى المنزل الذي ذكرت سابقا وأعطيناهم ما جمعه أبناء القرية وجاء شيخ القرية وقال لهم لا تخافوا لن يؤذيكم احد إذا انتم ضيوفنا وإخواننا وسال رب الأسرة من هؤلاء قال هذا أبي وتلك أمي وهاتين وزوجتي وهؤلاء جميعا أولادي لم نسأله عن شئ آخر إلا انه قال خرجت من بلادي اليمن بعد أن أصابني الفقر والفاقة وكثرة الديون وعندي مشاكل هناك كثيرة عندها قررت أن أغادر مع جميع من أعول فتوجهت إلى السعودية فقطعنا مسافة طويلة لمدة خمسة أيام كدنا نموت من الجوع. قال كبيرنا(شيخ القبيلة) هل عندك حرفة نبحث لك عن عمل قال نعم أنا بناي وأولادي يساعدوني.

يقول حسين هو الآن مرتاح يشتغلل مع أبنائه في البناء لكن شيخ القرية بداء يتعرض لمضايقات بسبب احتفاظه لهذه الأسرة المنكوبة بتوقف حسين عن الحديث ويشرد قليلا ويعود مرة أخرى إلى لحظة دخولهم العمارة المهجورة ورويته لهم فيقول(تخيلتهم أشباح مش بشر تخيل اجتمع عليهم الخوف – الجوع – والتعب – والغربة ) لست ادري هل أنهى حسين هذه المأساة أم أن هناك تفاصل أخرى كان يريد أن يسردها فقد سمعت النداء الأخير للركاب ...المتجهين إلى صنعاء عليهم التوجه إلى البوابة رقم 6.اضطررت أن أودع صديقي الذي أخذ كرتي وقال قريبا أنا سأكون في اليمن هذا الصيف سأتصل بك عندما اصل .

تبددت فرحت العودة إلى الوطن وأنا استمع إلى ماسي أبنائه بسبب ما تعاني من فساد وفوضا كلما زادت الإيرادات – البترول – الضرائب- الرسوم المختلفة- ازددنا فقرا ,... من يوقف هذا التدهور الذي تعيشه البلاد وهذا الاستسلام للواقع المرير وكأنه قدر كتب علينا أن نعيشه ونرضاه.