هل أفتى العلماء باستباحة الجنوب
بقلم/ محمد مصطفى العمراني
نشر منذ: 13 سنة و 4 أشهر و 6 أيام
الأربعاء 13 يوليو-تموز 2011 07:08 م

يبدو لي أنه حتى لو أعلن العلامة الدكتور عبد الوهاب الديلمي وزير العدل الأسبق والشخصية العلمية والأكاديمية المعروفة عن استعداده لمناظرة تلفزيونية أو حتى لمباهلة في مكان عام لنفي ما يروجه البعض أنه افتى إبان حرب صيف 1994م باستباحه دماء الجنوبيين وأموالهم في الفتوى المنسوبة إليه زورا والتي يرددها البعض في كل حين فلن يتوقف البعض عن ترديد مثل تلك الإتهامات فهؤلاء ليس مرادهم الحقيقة التأريخية أو الوصول للمعلومة فقد نفى الديلمي هذه الفتوى مئات المرات ولكن بسبب ما لاقاه إخوننا في الجنوب من الظلم على امتداد (16) عاما نهبت أراضيهم وتقاسمها شلة الرئيس وفصل الكثير من وظائفهم وسرحوا من أعمالهم وفقدوا حتى منازلهم في انتهاك مخيف لحقوق الإنسان أصيب البعض منهم بعقدة من كل ما هو شمالي وأقتنع البعض ان علماء الشمال قد أفتوا مثل تلك الفتاوى ورأى البعض ان أن أبناء الشمال خذلوهم ورغم أن أبناء الشمال كانوا يخرجون في مظاهرات حاشدة من أجل إخواننا في الجنوب نصرة لأبناء الجنوب وتناغماً مع الحراك السلمي المتقدم هناك إلا أن هذه السلطة صمت آذانها عن كل تحرك شعبي لدعم أبناء الجنوب وعن كل النصائح والدعوات التي تطالب بإعادة الحقوق لإخواننا في الجنوب قبل تفاقم المشكلة بسبب هذا كله ندم الجنوبيين ولهم الحق على وقوفهم مع مشروع الوحدة فهذه السلطة تعاملت مع البلد بكلها كفيد وكغنيمة حرب وكمزرعة خاصة بصالح وخبرته لقد تحول هؤلاء بعد تصاعد وتيرة الحراك في الجنوب إلى الحديدة غربا فنهبوا خلال عام واحد فقط ما نهبوه من الجنوب في سنوات فاليمن كلها جنوب وكلها منهوبة ولكن بعض وأقول بعض أبناء الجنوب أصيب بعقدة من كل ما هو شمالي ولم يفرق بين سلطة كسلطة صالح وبين شعب هو الآخر ضحية .

تخيلوا معي لو أن هذه السلطة حققت للمواطن في الشمال والجنوب التنمية والرفاهية والحياة الكريمة وطورت البلد وحققت النهضة المطلوبة هل كنا سنسمع مثل هذه الأصوات التي تفتري وتقول الدكتور عبد الوهاب الديلمي أو الشيخ عبد المجيد الزنداني ما لم يقولوا ؟!!

وحتى نضع النقاط على الحروف وحتى نعيد الأمر لأهله سنقتطف من مقابلة الدكتور عبد الوهاب الديلمي مع موقع "مأرب برس " ما اورده الموقع في هذا الخصوص ثم نعلق عليه فيما بعد: نفى الدكتور عبد الوهاب الديلمي ما تردد مؤخراً بشأن الفتوى الصادرة في حرب صيف 94م (استحلال دماء وأموال أبناء المناطق الجنوبية ) وأن تكون قد صدرت منه .

كما نفى الديلمي أن تكون قد صدرت منه الفتوى سواء كان ذلك بطلب من جهة رسمية أو كرد على سؤال عابر مضيفاً في حديثه الذي أدلى به في حوار خاص "بمأرب برس" قائلاً" انه لايوجد جهة رسمية طلبت مني هذه الفتوى المزعومة ولم يتقدم إليَّ أحد بسؤال نتج عنه من إصدار فتوى, كما أنَّ حرب صيف 94م كان قبل أن أتسلم وزارة العدل, فما ينسب إليَّ من الفتوى كان قبل عملي في وزارة العدل, وهذه المعلومات المذكورة في الأسئلة من المعلومات المحبوكة, أو القائمة على جهل وعدم القدرة على حسن ربط الأحداث, مما يدل على التلفيق.

واستنكرا الديلمي ما تقوم به بعض المواقع الإخبارية بالترويج لذلك قائلاً " يؤسفني أنَّ بعض المواقع في الإنترنت, ما تزال ترحِّب بالترويج لمثل هذه الافتراءات, وكنتُ أتمنى من كل عاقل أن لا يحاكمني إلى أي إشاعة يسمعها من المغرضين, ولكن يحاكمني إلى ما سمعه مني, أو علم يقينا أنِّي مصدره, حتى لا يشارك في الظلم, واستباحة العِرض, والتقوّل بالباطل, الأمر الذي صار اليوم غائباً عن حسِّ كثير من المحترفين.

مؤكداً " على أن من ينقلون أو يروجون لهذه الشائعة حسب قوله " لم يستندوا في تقولاتهم إلى أي دليل يثبتون به دعواهم, سوى الشائعات المغرضة التي تناقلتها الألسن, والأقلام الأفَّاكة, وهم إلى هذه الساعة لا يملكون أي دليل على ذلك. منوهاً بقوله"انه كان بعض العقلاء الذين يسمعون هذه الإدِّعاءات يأتون إليَّ فيسألونني عن مدى صحَّة ذلك, فأجيب عليهم بالنفي, وأقول لهم ولغيرهم, إنَّ الله تعالى أرشد المسلمين عند سماعهم مثل هذه الأقاويل, بالتثبت, وعدم التسرع في التصديق قبل معرفة الحقيقة.

واعتبر وزير العدل السابق أثناء الحكومة الإئتلافيه " أن من يقومون بترويج ذلك بأنها نفوسٌ طُبعت على حبِّ إثارة الفتنة والوقيعة, ويُقلقها استقرار الأمة, وانتشار المحبة والأمن وروح الأُخوة, فلا يهدأ لها بال إلا إذا رأت النار تشعل هنا وهناك, فهي مليئة بالحقد والكراهية والبغضاء على الشعوب, ولعلها عانت أو تعاني من أزمات حادّة مرت بها, لذلك فهي تحمل روح الانتقام على كل شيء حسن وجميل حسب تعبيره وهذا الرابط لما أورده مأرب برس من حديث الدكتور الديلمي. انتهى حديث الدكتور الديلمي ..

ولم يسلم الشيخ الزنداني هو الآخر من تقويله ما لم يقل فقد نشرت كذلك صحيفة الأيام خبرا عن فتوى له منسوبة باستباحة الجنوب رغم علمهم أن الشيخ الزنداني لم يقل ذلك وقد شارك في حرب صيف 1994م وكان يؤمل ان تشكل الوحدة وسيلة فاعلة لتحقيق الرفاهية والتنمية والنهوض الحضاري لأبناء اليمن قاطبة ولم يعلم الغيب وما ستؤول إليه الأمور ومع هذا لم يسكت على ما يجري في الجنوب يقول الشيخ الزنداني في حوار للجزيرة نت قلت للرئيس قبل سنوات : الناس يضجون في المحافظات الجنوبية ويئنون من مظالم حلت بهم وحقوق تضيع عليهم وفقر نزل بهم وأخشى أن يؤثر هذا على الوحدة وأن يبعث الناس على كراهية الوحدة ويسوقهم إلى الاستجابة لأي خطاب من الداخل أو الخارج يكون في مصلحتهم أو غير مصلحتهم فأرجو إرسال لجان إلى هذه المحافظات لمعرفة هذه المظالم ورد الحقوق إلى أهلها فالناس فصلوا من وظائفهم وسرحوا من أعمالهم والأراضي والبيوت نهبت فرد علي الرئيس أمام الجميع بأن المعلومات التي لدي ليست صحيحة وضيف الشيخ الزنداني وكنت منتظرا من إخواننا الجنوبيين الموجودين في الجلسة أن يؤازروني ويدعمون ما تحدثت به ولكن لم يتكلم منهم أحد.

ويرى الشيخ عبد المجيد الزنداني أن العلماء في الشمال والجنوب قاموا بدورهم منذ بداية الأزمة في الجنوب ولقد أخبر الرئيس ونصحه مرارا حدث هذا قبل سنوات في اجتماعات عديدة ومشتركة للهيئة العليا للتجمع اليمني للإصلاح واللجنة العامة للمؤتمر الشعبي العام ولم يجد من الرئيس أي استجابة وهذا حدث قبل ظهور الحراك الجنوبي حيث عقد العلماء في تلك الفترة عددا من الندوات والمؤتمرات حضرها مشايخ البلاد ووجهاؤها وتعرض العلماء لتلك المظالم وقدموا نصائح وأرسلوا وفدين لرئيس الجمهورية ورئيس الوزراء وكرروا هذه الاتصالات بالمسئولين كل هذه كانت محاولات لإصلاح الأوضاع وللوصول إلى حل المشكلات.

وأنا أرى أن هذه الجهود التي بذلت ليست في مستوى ما يطلبه إخواننا في الجنوب فالشيخ الزنداني واجه خذلاناً من المسئولين الجنوبيين في صنعاء ولم يجد مؤازرة كبيرة من النخب العلمية والدعوية والأحزاب للسعي لدعم قضية إخواننا في الجنوب وتكاثرت الالتزامات والمشاكل والمسئوليات على الرجل ومع ذلك فقد قال كلمة الحق ووضح في مواقف عديدة وتصريحاته ومقابلاته وأشرطته موجودة وموثقة لكن الإحباط سرى إلى أبناء الجنوب لأنهم ذاقوا مرارة خذلانهم من إخوانهم في الشمال وفقدوا الثقة في كل أهل الشمال النخبة والعامة وهذا نتيجة ما عانوه ولهم الحق في ذلك.

 

مع اندلاع ثورة التغيير والتي بدأت في الشمال بتظاهرات طلاب جامعة صنعاء وسبقها الحراك الجنوبي (وهو حراك سلمي راقي سبق ثورة الياسمين والثورة المصرية بسنوات) تبلور خطاب جديد للحراك الجنوبي حول الوحدة حتى أن قادة الحراك الجنوبي في الداخل والخارج دعوا أنصار الحراك إلى التوقف عن تلك الشعارات المعادية للوحدة والتوحد مع بقية القوى الوطنية في الشمال والجنوب ليكون الهدف والشعار "الشعب يريد إسقاط النظام" وهذه نبرة وحدوية ورسالة اطمئنان لكل أبناء اليمن بأن الوحدة باقية والنظام راحل ونحن شعب واحد وهذا تطور كبير وتحول رائع وإيجابي في خطاب قيادات الحراك وتوجه أبنائه ومنطق العقل والتأريخ والواقع يقول: نحن شعب واحد ولن تفرقنا سلطة فاسدة كهذه السلطة التي أساءت لأبناء الشمال في الجنوب وأساءت لأبناء اليمن في كل العالم ونحن مع الوحدة حين تخدم الجميع وحين تكون وسيلة لتحقيق الاستقرار والتنمية وليست شماعة تبتز بها الآخرين وتصادر أملاكهم وأراضيهم ووظائفهم كما فعلت السلطة مع أبناء الجنوب عقب حرب صيف 1994م حيث تعاملت مع الجنوب كفيد وغنيمة حرب وهو تصرف يعكس التفكير الضيق والعقلية الحقيقية للحاكم.

ترديد مثل تلك الإتهامات للدكتور الديلمي والشيخ الزنداني يعد من وجهة نظري مناقض للحقيقة التأريخية ونوع من الافتراء الذي أدمنه البعض لأهداف أخرى فقد صار الإفتراء هدفا بحد ذاته ومن كان صادقا فليأت بدليل يثبت ماذهب إليه بدلا من إطلاق العنان لكلام كاذب على عواهنة والدكتور الديلمي حي يرزق ويمشي في الطريق بلا مرافقين ومن كان يريد الحقيقة فليسأله أو يحاوره او يناظره أو يباهله وما بعد الصدق إلا الكذب فغريم الشمال والجنوب هو سلطة صالح التي أفسدت الأوضاع وسممت الأجواء ونهبت الشمال والجنوب.