شاهد الأهداف.. مباراة كبيرة لليمن رغم الخسارة من السعودية مصادر بريطانية تكشف كيف تهاوى مخطط تشكيل التوازنات الإقليمية بعد سقوط نظام الأسد وتبخر مشروع ثلاث دول سورية توجيه عاجل من مكتب الصحة بالعاصمة صنعاء برفع جاهزية المستشفيات وبنوك الدم وتجهيز سيارات الإسعاف ما حقيقة خصخصة قطاعات شركة بترومسيلة للاستكشاف النفطية في اليمن أبرز خطوة رسمية لتعزيز الوسطية والاعتدال في الخطاب الديني في اليمن وزير الأوقاف يفتتح أكاديمية الإرشاد مدير عام شرطة مأرب يطالب برفع الجاهزية الأمنية وحسن التعامل مع المواطنين أردوغان في تصريح ناري يحمل الموت والحرب يتوعد أكراد سوريا بدفنهم مع أسلحتهم إذا لم يسلموا السلاح عاجل: محكمة في عدن تبرئ الصحفي أحمد ماهر وتحكم بإطلاق سراحه فوراً الاستهداف الإسرائيلي للبنية التحتية في اليمن يخدم الحوثيين ... الإقتصاديون يكشفون الذرائع الحوثية الإدارة السورية الجديدة توجه أول تحذير لإيران رداً على تصريحات خامنئي.. ماذا قال؟
هذه المرة لم يَطِرْ إلى ألمانيا لإجراء الفحوصات الطبية الدورية التي توصف عادة بـ"الروتينية"، هو لتوه عائد من جولة أوروبية، ولم ينفض عن نفسه غبار رحلة بلا غبار، حتى يدخل في رحلة اوروبية أخرى، لإجراء فحوصات اعتيادية تثير بلبلة في الشارع حول حالته الصحية تنعكس نفسيا على الجميع -وهو ما قد حصل- أكثر مما هو مرجو منها، لذا قرر ان يقوم بهذا الروتين في احد مستشفيات بلاده، خصوصا أنه كان يعتقد بعدم وجود فارق بينها وبين المستشفيات الالمانية.
عاد رئيس الجمهورية إلى المكلا حاضرة حضرموت، وقصد مستشفى ابن سينا بالمدينة، لإجراء الفحوصات الروتينية، لكنه قفل خائبا إذ رأى المستشفى غير صالح لتطبيب الناس فوجه بإعادة اعمار وتأهيل المستشفى بمليار ريال، هو مبلغ محترم يستحق عليه الرئيس الشكر.. ولكن.
لم يقتنع الرئيس بأهلية المستشفى لمعاينته، ولم تورد الصحف الرسمية التي تناقلت الخبر هل اتم فحوصاته هناك، لكن ما هو مؤكد أنه قطع زيارته لحضرموت ليعود صنعاء حيث اكمل الفحوصات لدى طبيبه الخاص او في احد المستشفيات الخاصة (جداً).
وفي المقابل، هناك المئات من أبناء حضرموت من المصابين بالكبد، والسرطان وشتى الأمراض المزمنة، وبعضها سببتها الشركات النفطية. هذا المستشفى يعالج أمراضهم منذ سنوات، ليكتشفوا في النهاية أنه لا يصلح لإجراء فحوصات طبية روتينية لرئيسهم.
بعدها اتجهت الأنظار صوب المستشفى، هو الآن مزار لكبار مسؤولي الدولة الغائبين الا بتوجيهات رئيسهم، فالمحافظ قصد المستشفى والفريق الفني والطبي وصل خلال يومين، وكل الوزارات والمؤسسات يممت وجهها شطر مستشفى ابن سيناء المحظوظ، أصبح خبرا هاما يتصدر الإعلام الرسمي، رغم ان احداً لم يلتفت لوضع عام لا يروق لأبناء الشعب العيش في ظله.
هل يعرف الرئيس أن ذلك ليس وضعا خاصاً بمستشفى ابن سيناء، بل هو قاسم مشترك بين معظم مستشفيات الجمهورية بما فيها المستشفيات الحكومية في أمانة العاصمة، وهل يدرك أن معظم تلك المستشفيات تحولت إلى مسالخ بشرية أفضل ما تقدمه من خدمات هو الموت بالمجان، وبالتأكيد لا يخفى عليه مآسي مستشفى السبعين الاخيرة.
هل يدرك الرئيس ان قسم القلب في مستشفى يمني كالجمهوري بتعز، على سبيل المثال، لا يقدم لأصحاب الجلطات من دواء، سوى بعض مغذيات وكبسولات أخرى تشترى من الخارج طبعا، اضافة الى مقدرة فائقة لديهم لإقناعك بقضاء الله وقدره، وتختلف درجة العناية بقدر ما تقدمه من خدمات اضافية لمن يملك القرار هناك، او بحسب قدرتك على الهنجمة.
هل وصل الرئيس أنباء مظاهرات مرضى الكلى في مستشفى الثورة، وما دار بين وزير الصحة وشركة ناتكو من تراشقات على خلفية اقرار مناقصة استيراد الادوية على شركة هندية، وتجاوز شركة ناتكو وكيل الدواء السويسري، وهل وجه جهاز الرقابة بعمل تقرير غير ملزم لارشيف مكتبه، حول العلاقة الحميمة بين "سيبلا" الهندية ووزارة الصحة، أم أنه اقتنع أن الأمر خلل في إطار مؤسسات الدولة التي لا تحضر الا وفقا لتوجيهات فخامته.
هل يعرف الرئيس أن معظم المسافرين على الرحلات اليومية الى مصر والاردن على الخطوط المصرية والاردنية واليمنية –ومعظمها يومية- هم من المرضى بأمراض يفترض في كثير منها ان تكون خدمة التطبيب لها متوفرة على مستوى القرية، ما يشوه سمعتنا كيمنيين هو ان لا يجدنا العالم في بلدانهم الا مرضى او متسولين، وليس تناولات الصحافة عن تدهور مريع في مستويات الخدمات الصحية والتعليمية وارتفاع نسبة الفقر والبطالة.
بطبيعة الحال، الرئيس والوزراء والمحافظون وكبار موظفي الدولة، كلهم لا يعرفون مستوى الخدمات الطبية التي تقدم للمواطن، أو يعرفون لكنهم لا يعبأون بمستواها فهم ليسوا من المحتاجين لها، والا لكانوا قد وجهوا بصرف مليارات الريالات لكل مستشفى منذ سنوات، أنّى يتأتى ذلك، وهم وأولادهم يجرون الفحوصات الطبية البسيطة في مستشفيات اوروبا وأميركا، وإن تواضعوا قصدوا كبريات المشافي التي يذرف المواطنون الدمع على ابوابها وهم يدركون انهم لا يجدون ثمن فتح الحساب فيها.
هم لا يختصرون المسافة مثلنا ولا يعرفون حريق الاعصاب الذي يجعل اليمني يلجأ لشراء الادوية مباشرة من الصيدليات مباشرة دون الحاجة لتشخيص طبيب في عيادة، او ابتزاز كثير من المستوصفات الخاصة، أو بهذلة المستشفيات الحكومية.
هم لا يعرفون ان كثيرا من مواطنيهم لا زالوا يتعالجون للملاريا بأكل "الحُمَر"، و"العلفق"، و"العنشط"، وأشجار أخرى ليست مستحضرة حاليا، اشجار الحموضة قاسمها المشترك، يتعالج بها فقراء الناس وإن تحسن مستواهم عصروا الليمون مع الشاي، واكلوا القشر بعد تيبسه وغليه بالماء.
ما هو مؤكد أن جميعهم يدركون أن اليمن تاتي في مؤخرة كل البلدان العربية في الإنفاق على الصحة، فحسب احصائيات عام 2005 هناك طبيب لكل 5000 مواطن تقريبا، في حين هناك طبيب نفسي واحد لكل نصف مليون مواطن، وهي احصائية لا تغني ولا تسمن من جوع، ولا تشفي من سقم، هذا ان صحت.
تحافظ اليمن على ثوابتها واحداها البقاء آخر القائمة، هي بالمناسبة تحتل آخر القائمة في مؤشرات التنمية البشرية اسمعوا: نصيب المواطن اليمني من ميزانية وزارة الصحة هو 4.5 دولار سنوياً(اقل من 900 ريال)، حسب وكيلة الوزارة اروى الربيع، وهو مقتبس من ارشيف تصريحات مسؤولي وزارة الصحة عام 2005. هي اشارت الى اجراءت نوعية في الاعوام القادمة، غير انها تقاعدت ولم يتحسن الوضع وكنا مقتنعين ببقاء الوضع على حاله، وجزاهم الله خيرا.
تقول الاحصائيات أيضاً أن الملاريا التي تخلصت كثير من دول العالم منها قبل عقود تحصد سنويا في اليمن اكثر من 20 الف انسان، بالتأكيد لا يدخل كثير من اطفال القرى المنسية ضمن الاحصائية، ولدوا وماتوا دون ان يحسبوا مواطنين يمنيين، هو لا يعرف ان ساكني الارياف من المزارعين ورعاة الغنم هم من الذين لا يرقون ولا يسترقون وعلى ربهم يتوكلون، ولا يعرفون بوابة مستشفى اهلي ولا حكومي مذ عرفوا انفسهم، رغم امراض بعضهم الدورية، واذا مرضوا مرضا يقعدهم عن المسجد والجبل او الوادي، بسط سجادته بجانبه في بيته واكتفوا بحليب الغنم علاجا في دولة المنجزات، وإذا مر أحدهم امام مستشفى حكومي -كمستشفى ماويه مثلا- الذي يرتقي على تبة مرتفعة في قرية ماويه دعا له: "الحمدلله الذي عافاني مما ابتلاك به"، المرض المزمن في مثل تلك المستشفيات هو حمى التسابق على المخصصات.
بالمناسبة قرابة 900 الف مواطن يمني اصيبوا بالملاريا عام 2006، ومُؤملٌ ان تعلن وزارة الدكتور عبدالكريم راصع تحسنا ملحوظاً في عدد الاصابات عام 2007، أي في ظل يمن ما بعد الانتخابات الرئاسية.
من يريد ان يعرف اكثر عليه ان يقرأ: يبلغ معدل وفيات الأطفال تحت سن الخامسة 100 حالة لكل ألف طفل وهو يعد من أعلى المعدلات في العالم، في حين يبلغ معدل وفيات حديثي الولادة 38 مولود في كل ألف حالة ولادة حية، أي بمعدل 40 % من نسبة وفيات الرضع، وتصل نسبة وفيات الأمهات أثناء الحمل إلى 18 % و10 % أثناء الولادة أي ما يقارب وفاة 8 أمهات يومياً اثناء الولادة, وأن 72 % تكون بعد الولادة، بالاضافة الى ذلك يموت سنويا 60% من المصابين بمرض السرطان، والاحصاءات تلك رسمية او دولية وليست من احصاءات المعارضة.
يوصي البنك الدولي الحكومة اليمنية بتخفيض موازنتها العسكرية واعطاء الجانب التعليمي والصحي حصة اكبر مما هي عليه الان حيث تصل موازنة الانفاق العسكري بحسب البنك الدولي إلى أكثر من 39% من حجم الموازنة العامة للدولة، عام 2005، يقابله 1.5 % للانفاق الصحي ذات العام، فاليمن هي الثالثة عربيا في الانفاق العسكري.
في ظل كل تلك المعطيات الضئيلة، المشار اليها أعلاه على عجل، وفي ظل وجود حكومة لا تحكم وسلطة محلية بلا صلاحية، ووزراء "اكواز في طاقة"، وبقاء عمليات الاصلاح ومعالجة الاختلالات بيد الرئيس، وممارسات تقضي على أوهام نظرية دولة المؤسسات، فإن الرئيس سيكون مدعوا من قبل كافة المرضى والاصحاء في مختلف محافظات ومديريات وقرى الجمهورية لزيارة كافة المستشفيات والوحدات الصحية، حتى يرى مستواها ليرى اهي صالحة لاستقبال بني الانسان اليمني.
طالما والاوضاع لا يمكن ان تستقيم الا بعد ان يطلع الرئيس عن كثب على حقيقتها، فهو مدعو لزيارة الجمهورية اليمنية (الشقيقة) ليرى حال أهلها، وليعيد تأهيل بلد لم يعد صالحا لعيش أبنائه الذين لا يجدون في الصيدليات كبسولات "تنمية"، أو حقن "منجزات"، توزع بالمجان وتشفي مريضا يحتضر، يوشك الوطن ان يلحق به.
نقلا عن صحيفة المصدر