مصدر مقيم في واشنطن : وزارة الدفاع الأمريكية أكملت استعداداتها لشن ضربة عسكرية واسعة تستهدف المليشيات في 4 محافظات هل يقلب ترامب الموازين على صقور تل أبيب .. نتنياهو بين الخوف من ترامب والاستبشار بقدومه تطورات مزعجة للحوثيين.. ماذا حدث في معسكراتهم بـ صنعاء ؟ دولة عربية تفرض الحجاب على جميع النساء اعتباراً من الأسبوع المقبل السعودية تعتزم إطلاق مشروع للذكاء الاصطناعي بدعم يصل إلى 100 مليار دولار سعيا لمنافسة دولة خليجية الفائزون في الدوري السعودي ضمن الجولة العاشرة من الدوري السعودي للمحترفين المركز الوطني للأرصاد والإنذار المبكر يكشف عن توقعات الأمطار والأجواء الباردة في اليمن مظاهرات في مارب وتعز تندد بجرائم الاحتلال الإسرائيلي وتدعو الضمير العالمي إلى وقفة شجاعة مع غزة تحركات يمنية لإنقاذ الاقتصاد الوطني وتكليف بوضع خطة التعافي إسقاط مسيرة أمريكية من طراز إم كيو-9 شمال اليمن
مأرب برس – خاص
ارتبطت توقعات العديد من المراقبين والمحللين السياسيين والمتفائلين باحتمال بروز دور سياسي فعال لرجال الأعمال بملامح عديدة بعدما تم تعديل العديد من السياسات والتوجهات باتجاه اقتصاد السوق وبعد ان اعترت أوضاع تلك الفئة في السنوات الاخيرة تحولات تلازمية للانخراط الحزبي والدخول الى المؤسسة التشريعية، حيث نجح رجال اعمال في الاقتراب من المواقع المؤثرة داخل هيكل عملية صنع القرار والتمكن من الحصول على مواقع قيادية اكتساباً لمكانة سياسية متميزة تتيح لهم مزيداً من النفوذ والسلطة من جانب، وتسمح بمزيد من التسهيلات لتحقيق أهدافهم الاقتصادية الخاصة من جانب آخر،
والتاثير
على التوجهات التشريعية وجعلها تنساق مع مصالحهم وهو ما يبرز إلى الوجود طبيعة العلاقة بين الثروة والسلطة، قوامها تحقيق المزاوجة بين ما يتم امتلاكه من ثروة، وما يمكن تحقيقه من سلطة لتتحول تلك العلاقة الى قوة ساندة لتعزيز النفوذ في السوق والسيطرة على آلياته والتاثير على طبيعة التوجهات الحكومية ومساراتها.
وفقا لهذه التحولات بدأت تثور العديد من التساؤلات حول الدور المتصور للقطاع الخاص خاصة مع اتجاه الدولة نحو تحقيق مزيد من الخصخصة والإصلاح الاقتصادي واتجاه رجال الأعمال نحو تحقيق مزيد من التواجد على الساحة السياسية والاقتصادية. كما بدأت تظهر حدود ذلك الدور فى ظل إشكاليتين كبيرتين، ترتبط الأولى بتكوينهم والثانية بتوجهاتهم وانشطتهم، فلا يوجد تجانس أو توافق او حقيقة يمكن القول معها ببساطة بأن هناك قوة سياسية تسمى رجال الأعمال في اليمن او ان تلك الاطراف التي وصلت الى مواقع التاثير وتحقيق التزاوج بين السلطة والثروة يمثلون واجهة حقيقية وفاعلة تعمل لصالح قطاع الاعمال وانما وجودها ونفوذها وعلاقاتها تلك توظفها لمصالحها الخاصة اعتمادا على علاقات مصالح تتسبب من ذلك في الغالب باضرار بقطاع الاعمال وسمعة البلد والتاثير السلبي على الاقتصاد الوطني عندما تتحول مواقف العديد من الاجهزة المسؤولة وتمييز اصحاب القرار لهم بالعلاقات والاستثناءات تجعلهم يصلون الى مستوى الاستيلاء على الدولة وتوجهاتها.
مصطلح رجل أعمال
طوال الفترات الماضية ظل المسمى الذي يسمى به المنتسبون الى القطاع الخاص باسم تاجر وذلك بحكم طبيعة النشاط الذي يغلب على القطاع الخاص في اليمن والمتمثل بالاستيراد ونشاط محدود من الصناعة والخدمات ولم تتطور الأنشطة الخاصة وتتوسع إلا خلال مرحلة سنوات الإصلاحات وحتى التسمية في الجوازات كانت تكتب المهنة تاجر ولم تكن تكتب رجل اعمال إلا خلال السنوات الاخيرة وهذا ما نريد شرحه هنا بعد محاولة اختزال رئيس غرفة أمانة وصف رجال الاعمال بالمنتسبين فقط الى جماعته ومؤيديه ولا يعترف باي طرف اخر مادام يختلف معاه حول ضريبة المبيعات.
فى البداية يمكن القول ان ثمة صعوبة فى تحديد تعريف محدد وواضح عن رجل الإعمال نظراً لأنه مفهوم فضفاض،ودخيل على واقع القطاع الخاص في اليمن الذي اعتبره رئيس الغرفة والكثير من المنتسبين للقطاع الخاص ان رجل الاعمال هو العامل في حقل التجارة كبائع ومشتر ومهرب، وهؤلاء قد يكونون معذورين بسبب ضعف المعرفة وملاحقة التطورات الاقتصادية والمعرفية والفكرية فمفهوم رجل الاعمال اليوم في اطار مفهوم اقتصاد السوق والحرية الاقتصادية مختلف عن تلك المفاهيم التقليدية الموروثة من انظمة الشمولية وعقلية الغرف المظلمة والمفاهيم الاحادية وسياسات الاحتكار التي فرضت طبيعة الانشطة الاقتصادية ومجالاتها ولم تتح للمبادرة ان تنتظم فى السوق من خلال اضافة عناصر التكامل لتشكل حلقة في اطار حلقات النشاط الاقتصادي ومجال الاعمال فالاعمال القائمة على مفاهيم التحرر الاقتصادي والانفتاح.
لكن اليوم وبعد التحرر من سياسات الاسقف والاحتكار والتوجه نحو آليات السوق والحرية الاقتصادية وانهاء سياسة الاسقف والنظم الاحتكارية سواء للاعمال او للمنظمات باعتبار ان فلسفة السوق تقوم على اساس المنافسة السياسة والاقتصادية والمعرفية والتنظيمية ومنع الاحتكار في اي جانب من جوانب الحياة والانشطة فهي تقوم على اساس التعدد والمنافسة كشرط اساسي لها. ووفقا لهذه الفلسفة فان مفهوم الاقتصاد يصبح مجالا واسعا من المبادرات وتصبح مكونات السوق لا تقف عند حد مفهوم السلعة التقليدية المستهلكة المستوردة او المنتجة محليا او المهربة وهذه الاخيرة من يعمل فيها أو يتباهى بانه يتعامل مع المهربين فهؤلاء لاتطلق عليهم صفة رجل الاعمال وقد تطلق عليهم صفة "تاجر رسمي او تاجر تهريب او تاجر محتال ومتهرب" ويصعب اطلاق صفة رجل الاعمال على مثل هؤلاء حتى وان كانوا اعضاء مسجلين في الغرف التجارية.
النظام الاقتصادي اليوم لا يقف عند تلك الفئات التي تعتبر نفسها محور مجال الاعمال فهو يتعداها ليطلق صفة رجال الاعمال على الانشطة المنظمة وتساهم في الدورة الاقتصادية الكلية وتضيف قيمة مضافة للاقتصاد الوطني وهذا لا يتحقق من الانشطة التي تمارسها تلك الفئات في حقل الاستيراد والبيع للسلع المستوردة والمهربة التي اصبحت تشكل عالة وعاهة على الاقتصاد الوطني وبالتالي ليس من المقبول والمنطقي القبول باستمرار الفوضى ورفض العمل بقانون المبيعات الذي سيعمل على تصحيح واقع السوق وكشف المخلين بالنظم التجارية السليمة والوطنية وهؤلاء لا يمكن القبول بهم كرجال اعمال وهو الذي اثار انزعاج رئيس غرفة الامانة عندما ذهب للتهجم علينا وعدم الاعتراف بنا كرجال اعمال في المجلس اليمني لرجال الاعمال وهو لا يدرك مثلا ان هناك فئات عديدة وفقا لقواعد ومعايير الاقتصاد الحر تدخل في مجال الاعمال باعتبار وظيفتها ومسؤوليتها تعتبر من اهم مكونات التطور الاقتصادي وتطور مجالات الاعمال والاستثمار مثل المحاسبين والمبرمجين والاستشاريين والمحامين والخبراء والمهندسين ومدراء الشركات ومنظمات الاعمال، وغيرها من الفئات التي تعمل في مجالات وحقول الاعمال والاستثمار والخدمات هؤلاء يضافون الى مصطلح رجال الاعمال، وبالتالي ليس مفهوم رجل الاعمال محصورا بأصحاب البقالات وتجار المليم والشكلت ومستوردي الباور هورس والمكانس الكهربائية والطمش وغيرهم، لا يطلق عليهم صفة رجل الاعمال ما لم يكونوا على مستوى مهم من التطور الفكري والمعرفي والتنظيم والمسؤولية الضريبية والاجتماعية والاقتصادية التي تتطلبها العملية التجارية التنظيمية ومجالات الاعمال.
يمكن ان يطلق على تلك الفئات الرافضة لآليات التنظيم فئات تتاجر بالتهريب وتمارس التهربات الضريبية ولذلك اصبح عيبا على الحكومة واجهزتها ان تتعامل مع فئات لا تقبل تلك المنظومة من الاصلاحات وتمانع الالتزام بالقوانين الحديثة للضرائب مثل ضريبة القيمة المضافة فهى بمواقفها الرافضة للالية انما تعطي صورة سلبية عن جديتها ومصداقيتها في مواقفها التي لا تعبر عن ثقافة رجال الاعمال فمفهوم رجل الاعمال يقوم اليوم على مفهوم التنظيم والتطور المعرفي باعتباره جزء من طبيعة التطور والنهوض والشراكة مع الدولة والمجتمع وليس رجل الاعمال هو من "لقط او نهب" الفلوس واحتال على الناس والدولة ودلس على المجتمع ونهب حقوق الشركاء دولة ومساهمين، وليس كل من له مال هو رجل اعمال، وليس كل صاحب مال راسمالي او رجل اعمال فرجل الاعمال والمستثمر قد يكون راسماله فكره وعقله فأهم رجل اعمال في العالم (بلجيت) بنى امبراطوريته من خلال فكره وعقله ومعرفته وليس من خلال المال والتهريب والبيع بالباولة والعانة، وكثير من الشركات الصغيرة والمحدودة ترتفع الى السماء من خلال فكرة او اختراع وتصبح اسهمها بالمليارات بعد ان كانت بالالاف اوالملايين ومثل هؤلاء حكمتهم قاعد تنظيم الاعمال التي تشكل اساس مفهوم الاقتصاد الحديث والحر.
فئات وليس مجتمعا
مصطلح رجال الاعمال تزايد وجوده فى فترة التسعينات والسنوات الاخيرة ارتباطا مع سياسات التحولات الاقتصادية للدولة اليمنية ومازال طبيعة المعرفة والفهم له محدود عند الغالبية من المنتسبين للقطاع الخاص والصحفيين والسياسيين في بلادنا وحقيقة يدين المصطلح بوجوده لسياسة الانفتاح الرأسمالى التى اتبعتها الحكومة اليمنية خلال العشر السنوات الاخيرة ونتج عن هذا التوجه تياران: تيار تقليدي محافظ يرفض سياسة التحول والانفتاح ويعمل جاهدا على حماية مصالح تلك الفئات التقليدية في الاسواق والوكالات والتنظيمات التقليدية (الغرف والاتحاد) وتيار اخر يشجع الانفتاح وانهاء سياسة الاحتكار والاسقف وتعزيز قواعد المنافسة وكسر الاحتكارات ويدفع بعلاقة شراكة وتفاهم مع الحكومة ودفعها لاكمال الاصلاحات ويمثله المجلس اليمني لرجال الاعمال والمستثمرين ويلقى هذا الاطار حربا قوية تحاول الفئات الاخرى اقصاءة من ساحة اللعبة ومحاولة احتكار تمثيل القطاع الخاص ومجالات الاعمال وفقا لرؤية تحيزية لمصالح الفئات التقليدية.ولا يقف اليوم تمثيل القطاع الخاص في اطارالشكلين المذكورين فهناك العديد من المنظمات الاخرى تمثل قطاعات الاعمال المتعددة ولم يعد هناك الشكل التقليدي (الغرف والاتحاد) حتى يتم القول ان الاتحاد هو الممثل الشرعي والقانوني للقطاع الخاص وهذا القول يمثل مشكلة فكرية ومنهجية لدى اصحابه وهو استجرار ثقافة الهيمنة والشمولية والاحتكار التي لم تعد مقبولة اليوم في ظل سياسة الاسواق المفتوحة والحرية الاقتصادية والتنظيمية التي تتبناها الدولة اليمنية، وبالتالي يصبح مثل هذا القول مسيئاً ومناقضاً للنظام العام وطبيعته القائمة في البلد وثقافة احتواء ومصادرة حقوق المجتمع والفئات الاجتماعية وبالتالي يجب وضع حد لمثل ذلك والزام الجهات الحكومية وخاصة وزارة الصناعة ان تستوعب هذه المهام والمسؤولية وترجمة طبيعة التوجهات للدولة باعتبار أي توجهات احادية لا تخدم الواقع الاقتصادي للبلد.
حقيقة التباين القائم بين الاتجاه التقليدي والاتجاه الانفتاحي يتمثل بطبيعة المستوى الفكري والمؤسسي بين الطرفين بين طرف يندفع وبقوة لاستخدام وسائل الارباك والضغوط لابقاء واقع فوضى السوق وعدم تنظيمه كالحالة التي يمثلها ويعبر عنها الاتحاد والغرف التجارية ويتمثل هذا الموقف مثلا في رفض تطبيق نظام قانون القيمة المضافة التي تلزم المكلفين بقواعد الافصاح والشفافية او انهاء احتكار الوكالات بينما المجلس اليمني لرجال الاعمال رويته تقوم على اساس القبول بفكرة تطبيق اليات تنظيم السوق والعمل بالشفافية والافصاح وتعزيز قواعد المنافسة وانهاء احتكار السوق والوكالات ويرفض اللجوء الى مشارعة الدولة واستخدام وسائل الضغط مثل الاضرابات والمضاهرات التي تم استخدامها من قبل الغرف التجارية فالمجلس يرى ان الشراكة مع الحكومة يجب ان تقوم على اساس الحوار وفقا للقواعد المؤسسية والتنظيمية ونضوج الطرح والرؤية لكي تتطور قواعد الثقة بين الدولة والقطاع الخاص وهذه اهم مقتضيات العلاقة التكاملية بين الطرفين.اما استخدام وسائل الضغط وانتهازالفرص واصطناع البطولات عبر الغوغاء والفوضى لا يمكن ان تجسر العلاقة بين الدولة والقطاع الخاص فيتسبب ذلك في إلحاق الضرر بقطاعات الاعمال والاستثمار والتجارة في البلد نتيجة تلك التصرفات غير المسئولة.
وفقا لهذا الواقع يتشكل واقع التباينات بين فئات القطاع الخاص فمثلا المجلس اليمني لرجال الاعمال والمستثمرين له رؤية للعديد من القضايا والاصلاحات ومنها على سبيل المثال قانون ضريبة المبيعات فرؤيته مختلفة عن موقف اتحاد الغرف التجارية والاطراف المتحكمة فيه والتي لا تريد الا ابقاء الواقع دون تغيير او تحديث او تطوير ولا يريدون تنفيذ وتطبيق هذا القانون بآليته التي تحقق شروط الافصاح والشفافية وتنظيم السوق. ومثال آخر المجلس اليمني يرفض فكرة الالتجاء للاضرابات والمضاهرات كوسيلة للتعبير والضغط لاسقاط القانون عكس الاتحاد وتوابعه الذي التجا للاضرابات والمضاهرات واعتبار ذلك حقاً دستورياً كما يدعون وهنا سنوضح حالة التناقض والانفصام في الشخصية فهم يرفضون رفضا قويا اعطاء هذا الحق الدستوري للعمال والموظفين في المصانع والشركات بتكوين نقابات تدافع عنهم وعن حقوقهم خوفا من استخدام الاضرابات فكيف نفسر الموقف الا أنه يعبر عن حالة انفصام فهم يعتبرون الاضرابات حقوقاً دستورية لهم لكن للعمال والموظفين محرمة.
ولذلك فان الباحثين والاقتصاديين يفضلون استخدام مصطلح فئة لوصف مجتمع رجال الأعمال فى واقع مثل اليمن وخاصة داخل مجلس النواب بحكم طبيعة الواقع الذي لا يعبر عن مفهوم التكتل والتجانس والتضامن وتمثيل مصالح القطاع الخاص باختلاف مجالاته وتخصصاته وانما تتكرس المواقف تعبيرا عن فئات وليس عن مجتمع رجال الاعمال ومن هنا نوجه هذا الطرح لاولئك الذين يصنفون واقع القطاع الخاص وفقا للرؤية الشمولية التي تريد اختزال قطاعات الاعمال في اطار التبعية لتلك الفئات التي ليس لديها رؤية أو وضوح سوى الدفع بالقطاع الخاص الى التمرد على القوانين التي ترى انها ستكشف الكثير من الحقائق والاشكاليات المعيقة للتطور والانضباط بدفع حقوق الدولة من الضرائب وهي بذلك انما تمارس ادوارا لا ترقى الى مستوى المسؤولية وخاصة عندما لا تطلق صفة رجل الاعمال الا على الذين ينتسبون اليها ويرفضون قوانين نافذة لا يقبل التمرد عليها تحت أي مبرر او حجة ولذلك نحن في مجلس الاعمال نحاول تصحيح هذه الصورة من خلال تحفيز رجال الاعمال لتشكيل مجتمع رجال الاعمال وتجاوز مفهوم الفئات حتى وهم في اطار التنوع والمنافسة والتعدد التنظيمي ليتحقق من ذلك الدور الاساس والمطلوب للقطاع الخاص كقاطرة للنمو والنهوض الاقتصادي.
a-salam1964@hotmail.com