قصة مأساوية لسائق أجره اختطفته عصابة وأشبعته ضرباً وقيدته في غرفة حراسة وسرقت سيارته.. أمن مأرب بالتعاون مع الشرفاء يلقون القبض على الجناة بعد 4ايام من ارتكابهم للجريمة
بقلم/ مأرب برس
نشر منذ: 15 سنة و 7 أشهر و 20 يوماً
الخميس 07 مايو 2009 06:58 م

" لقد مُت وعدت إلى الحياة " بتلك العبارة اختتم محمد احمد علي صاحب الـ47 خريف قصته المأساوية،

آثار الضرب ظاهرة على وجهه

محمد احمد روى لـ" مأرب برس " تفاصيل الحادثة وأثار الكدمات والجروح لاتزال تُغطي وجهه والدمع لا يبارح محجر عيناه، يتلكم ويتوقف لبرهة ليجفف عيناه وليتذكر مشاهد وأحداث تلك الرحلة المروعة، يتنهد تنهد الموجوع ويقول كنت أتنمى ان أموت بين أولادي و ان لا يحدث لي ما حدث!!. قررت ان لا أسوق سيارتي خارج مدينتي باجل .

محمد احمد علي يعول أسرة كبيرة مكونه من زوجة و7 أبناء 4 منهم ذكور و3 بنات أكبرهم سناً لم يتجاوز الـ15من عمره بالعمل سائق سيارة هيلوكس غمارتين أجره موديل 97 خط باجل- صنعاء – تعز، والسيارة ليست ملكه وإنما هو سائق عليها.

من باجل بدأت المأساة:

لم يخطر على باله وهو يستعد للذهاب إلى بيته عند الساعة 11,30 مساء يوم الخميس الماضي الموافق 21فبراير برفقه أولاده ان القدر يخبئ له مفاجأة، عندما هم بالرجوع الي بيته من فرزة باجل استوقفه 3 أشخاص أعمارهم بين الـ23و31 سنه كانوا يرتدون ثياب بيضاء ويتكلموا بلكنة خليجية طلبوا منه ان يُقلهم الى العاصمة صنعاء على ان يسـتأجروا السيارة – انجيز-. يقول السائق محمد احمد : وافقت على ذلك واتفقت انا وهم على مبلغ 8 ألف ريال يمني، بعدها ودعت أولادي ووعدتهم بأنني سأعود في الغد ولم يدور في خلده ولا للحظة واحده انه كاد ان يكون الوداع الأخير، وعندما ركبوا معي أعطوني 200 ريال سعودي ما يعادل 11 ألف ريال يمني وكانوا يقول لي لا تخاف أحنا سنكرمك بالفلوس. وبسبب الغلاء المعيشي والركود الاقتصادي وصعوبة الحياة في اليمن فلقد وجد السائق محمد احمد في الثلاثة مبتغاة وجعل يرسم في مخيلته بعض الأحلام الجميلة بالعودة الى أولادة بمبلغ مالي محترم يوم الجمعة ليشتري لهم غدا ذلك العيد المصغر والذي يُبشر بتواجد للحم على طاولة الغداء بعد ان أصبح الحصول على كيلو منه أمر لا يقوى عليه غالبية الشعب اليمني الذي يعاني من غلاء غير مسبوق وتدني في دخل الفرد وبطالة بنسبه عاليه.

يواصل السائق محمد احمد حديثة: عندما وصلنا الى العاصمة صنعاء كنا في وقت متأخر من الليل عندها قالوا لي بدل البحث عن سيارة أخرى نحن نريد ان نذهب إلى مأرب لنأخذ زوجة احدنا وبعدها نواصل السفر معك الى منطقة قيفه برداع، وافقت بدون تردد لأنني كنت ابحث عن العمل وفرزة باجل فيها زحمة وركود.

وعند الوصول الى مفرق الجوف مع الساعات الأولى من الفجر قمنا بالتزود بالوقود وواصلنا السفر إلى مأرب، كانت الساعة الثامنة صباحاً وعندها أحسست بالجوع طلبت منهم ان نتناول الإفطار فقال لي الكبير منهم: سوف نصبحك على طلي – كبش -!!، قمنا بعدة مشاوير في مدينة مأرب وبعدها انطلقنا الى السد وعند عودتنا من السد والساعة كانت تقارب الـ12,20 دقيقة ظهراً وبينما كان تقام صلاة الجمعة طلبوا مني العدول إلى طريق فرعي من اجل ان نقوم بأخذ زوجة كبيرهم بل زعيمهم.

ويتابع: وصلنا الى منطقة السد التحويلي 10 كم من - مدينة مأرب -وقالوا لي توقف هنا حتى يذهب احدهم يأتي بالمرأة المزعومة وأدخلوني الى غرفة الحراسة من اجل ان انتظارها، وعندما دخلت قام احدهم بإمساكي من الخلف والآخر انهال علي بالضرب في رأسي بواسطة حجر لفت داخل قطعة قماش، حاولت ان أقاوم ولكنهم كانوا ثلاثة كنت اقول لهم يا أنذال اتركوني وحاولت أتوسل إليهم ولكن توسلاتي كانت تذهب سدى بل صرخاتي المتهالكة لم تُبارح مكانها، ولأننا في منطقة خالية من السكان لم يسمع صوتي ، قاموا بربط يدي الى الخلف وواصلوا ضربي وركلي في اسفل البطن وفي منطقة حساسة وقام احدهم بإطلاق الرصاص على من مسدس ولكن رصاصته وقعت بين رجلي ولم تصبني، عندها فقدت الوعي من شدة ما تعرضت له من ضرب ودخلت في غيبوبة لم أفق منها الا عند الساعة 12 مساء من نفس الليلة وأنا في المستشفى.

طريقة العثور عليه :

يحكي لنا احد أقاربه المقيمين في مأرب قصة العثور على الضحية يقول: بعد ان لاذت العصابة بالفرار سمعت عجوز كانت ترعى الغنم صوت الرصاصة فبحثت عن مصدرها وتوجهت الى الغرفة التي قيد فيها الضحية وعندما شاهدته مغمي عليه والدماء تسيل منه بشكل غزير أيقنت انه ميت وذهبت الى احد المواطنين القريبين من المنزل وأخبرته بما شاهدته فهب مسرعاً الى هناك ووجد السائق لا يزال علي قيد الحياة فقام بإسعافه الى المستشفى العسكري بمدينة مأرب.

وبعد ان فاق من الغيبوبة تذكر ما حدث له وقص على الامن والمواطنين الحاضرين قصته وكيف انه اخذ ثلاثة من الذين يزعمون انهم مغتربين في السعودية من باجل الى مأرب وهم في الحقيقة كانوا مرحلين من الأراضي السعودية .

بجهود الشرفاء من أبناء مأرب والأمن تم القبض على الجناة:

قد تكون العملية الأسرع في مثل هذه الحالات والتي أفضت الى معرفة هوية الجناة ، هذه الحادثة التي استنكرتها جميع شرائح المجتمع المأربي المحافظ والذي يعدها من اشد أنواع العيب والغدر ، فهبت القبائل تبحث وتتقصى عن من يقف وراء تلك الحادثة المروعة والتي انعدم في مرتكبيها ادني درجات الإنسانية وهم يمثلون انفسهم ولا يمثلون سواهم، وقد أثمرت جهود المواطنين من معرفتهم ومعرفة هويتهم خصوصاً بعد ان وصف السائق إشكال الجناة ،أضافه الى ان اثنين منهم هم اشقاء ومعروف عنهم سوء سلوك ولديهم سوابق كثيرةا ضطرت قبيلتهم الى التبرئ منهم وقطعهم قبلياً بحيث لا ينتمون الى أي قبيلة، وقد شوهدوا الاثنين ومعهم سيارة بنفس المواصفات، وبعد التحري تأكدت الجهات الأمنية من أنهم هم المطلوبين وكذلك من مكان تواجدهم، حيث كانوا متواجدين في منزلهم بمديرية حريب، وفي اليوم الثالث من الحادثة وعندما أحس الجناة أنهم انكشفوا قام زعيمهم بأخذ السيارة الى محافظة شبوة بعد ان نزع لوحاتها وباعها هناك في محاولة يأسه منه لإبعاد الشكوك التي تحوم من حوله.

ولان دعوت المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب فقد أتي المتهم الأول وزعيمه (س – ع) بكلتا قدميه إلى مدينة مأرب وعندها تم القبض عليه من الأمن بعد ان قام المواطنين الشرفاء من ابناء القبائل سواء في حريب او مأرب برصد تحركاته وأودع السجن وبنفس الليلة تم القبض على المتهم الثاني (ش - ك)، فيما لا يزال المتهم الثالث وشقيق المتهم الأول يلوذ بالفرار.

وفي ختام حديث قال السائق الضحية محمد احمد لـ" مأرب برس " وعيناه تذرف بالدموع: لن اكرر خطئي ولمن اخرج من مدينتي الى أي مكان آخر ولن اعود للعمل ليلاً ولأولادي رب سيرزقهم ، لم أتوقع ان اعود الى الحياة لاني كنت اتوقع عندما صوب احدهم المسدس تجاهي سأصبح في عداد الموتى، ولم تخيل يوماً ماء ان هناك وحوش في صورة انسان لقد خدعوني بكلامهم المعسول وكانوا يتودد الي ويعاملوني معاملة راقية ولكن صورتهم الحقيقية ووحشيتهم انكشفت عند السد، .

وناشد السائق محمد احمد وزير الداخلية ومحافظ مأرب ومدير أمنها بأن يطبقوا حد الله الحرابة في هؤلاء المجرمين ، وبسرعة عودة السيارة والتي هي ليست ملكه وانما هو عامل عليها لان صاحبها هدده بأنها ان لم تعود فسيبيع منزله والذي لايمك هو وأبنائه غيره، وتقدم بالشكر لجهود الجهات الأمنية متمثله بمدير الأمن بمأرب العميد محمد الغدرا وكذلك لجميع القبائل والمواطنين الشرفاء والذين اظهروا وجه مأرب الحقيقي والذي يحاول تشويهه بعض الشواذ الخارجين عن عادة وتقاليد المجتمع والاسلام الحنيف.

هذا وقت تم القبض علي السيارة المنهوبة بشبوة بعد تعاون امني مشترك بين محافظة مأرب وشبوة ولكنها لازلت لدى امن شبوة مما يثير الاستغراب لتأخرها حتى اللحظة وعدم وصولها الى مأرب لتسلم الى صاحبها.

وفي نفس السياق ندد الشريف سالم بن سعود رئيس جمعية المستقبل للتنمية والسلم الاجتماعي بمأرب في تصريح لـ" مأرب برس" بالعملية معتبرها عملية إجرامية تسيء الى مأرب والذين هم بريئون من مرتكبيها المجرمين، مذكراً ان المارقين عن المتجمع ليس لتواجدهم حدود ولا يأخذ بقية المتجمع بأفعالهم الشاذة، وان مثل هذا المجرمين متواجدين في كل مكان وزمان ولا يخلوا منهم أي مجتمع.

هذا وناشد عدد من أبناء مأرب في اتصالات هاتفية مع الموقع الجهات الأمينة ان تقوم بواجبها وتقبض على الجاني الثاني وتقدمهم الى القضاء ليصدر بحقهم حكم الله والذي يعرفه الجميع، محملين تلك الجهات مسئولية التخاذل او التقاعس في تنفيذ ما يوجبه عليهم الدستور والقانون.

مشددين على ان هؤلاء يمثلون أنفسهم ومأرب وأبنائها بريئة منهم لان مأرب يعرف لجميع عن قبائلها وأبنائها عادتهم وتقاليدهم الأصيلة والتي تتوافق مع جميع ما جاء في الشرائع السماوية من تعاليم، .