نصف عام من قيادة سلطان العرادة .. مأرب .. بين آلام الشدة وآمال الرخاء
بقلم/ كاتب/علي الغليسي
نشر منذ: 12 سنة و شهرين و 24 يوماً
الثلاثاء 02 أكتوبر-تشرين الأول 2012 10:13 م

نصف قرن من عمر ثورة سبتمبر.. ونصف عام من عمر الشيخ / سلطان العرادة كمحافظ لمأرب.. ما الذي تعنية لأبناء محافظة مأرب؟ .. حكاية عقود استحضار الآلآم ، وأشهر انتعاش الآمال .. لن ننقب في تفاصيل الحرمان الذي طال مأرب بفعل سياسات الأنظمة التي تعاقبت على إدارة البلاد ،ولا داعي لتقليب صفحات كتاب الجروح .. من رحم الألم والمعاناة تولد الإنجازات.. وبالتصميم والإرادة يتحقق المستحيل.. الحاضر يطل بثوب مغاير.. وأنامل الجميع من كافة الأطياف السياسية والقبلية تعزف سيمفونيات الفرح لترسم البسمة على وجوه ضاعت ملامحها وسط زحام الفساد والاستبداد .

إنها " مأرب " دفعت باليمن السعيد إلى عمق الحضارات القديمة.. رسمت بريشة الإنسان العملاق اسم "السعيدة" وسط خارطة التاريخ لمزاحمة البابليين والأشوريين والإغريق.. هي صلصال الفكر الأولى، ومهبط الاستثناء الدائم.. شعاع أمل متجدد وفرحة متدفقة بامتداد الوطن.

مأرب .. أكاديمية عشق .. وكتاب من ذاكرة الوقت .. يتوهج الحرف في تتبع تاريخها.. وتتوالد الجمل والحكايات في سرد مناقبها .. نغمات متعة .. ومحطات إثارة .. مهوى القلوب وعشق الأزمنة .. هي محافظة الثروة والحرمان فيها سيد الموقف .

مأرب اليوم .. التاريخ والأصالة ، الإسم الذي يربط الماضي بالحاضر ، مكاناً وزماناً ، تألقاً وجمالاً ، تمنح المحبين لـ " أرض الجنتين " ومضات من إشراقات التاريخ والجغرافيا.. هي الآن تلبس حلة جديدة ، تكتسي ثوب الأماني والمستقبل المشرق ، تدشن انطلاقة جديدة بأساليب متجددة تقفز فوق العوائق وتكسر الحواجز ولا تلتفت إلى الوراء إلا للمراجعة والتقييم .

6/إبريل ..بداية العهد الجديد

السادس من إبريل 2012م تاريخاً استثنائياً سطرته أنامل رئيس الجمهورية المشير عبدربه منصور هادي بتعيينه الشيخ / سلطان العرادة محافظاً لمحافظة مأرب ، الرجل الذي يتفق عليه الجميع ، ولا يستطيع أن يشكك بأحقيته بذلك المنصب،فهو بعيد عن لغة المهاترات ،يعشق " مأرب " بلا حدود ، ويعيش همومها بكافة جوارحه ، هو الجسور المقدام وصاحب السجل النظيف والمشرق نزاهة وشرفاً، قامة بارزة ومسيرة حياة حافلة بالتجارب ومعاصرة الأحداث والمشاركة في صنع التغييرات ورسم مسار تفاعلات الخارطة السياسية والاجتماعية.

عقب صدور ذلك القرار الجمهوري ومباشرة المحافظ الجديد مهام عمله، كتب أبناء مأرب صيغة فريدة للوفاق الوطني بعيداً عن استجواب الشقاق وسرد تفاصيل الصراعات ..الأطياف السياسية والقبلية أكدت مؤازرتها للمحافظ العراده.. الجميع كان يبحث عن إمكانية النهوض بـ"مأرب" وتجاوز تراكمات المراحل السلبية.. منذ الوهلة الأولى لتدشين المرحلة الانتقالية تمت إعادة بناء التفكير الجمعي، وتحديد رؤية واضحة لا تخرج عن مسار "التنمية أولاً" وشرع الكل في تحويل مشاعر الاستياء والسخط إلى مظاهر إلتزام جماعي بالعمل من أجل فتح ثقوب الفرج على جدار الحلموإخراج أحلام المقهورين إلى حيز الوجود.

منظومة المجتمع المأربي متماسكة .. وهي خلية نحل تعمل ليل نهار من أجل الأفضل .. فالطموح لا يتوقف .. وبنك الأهداف المخطط لها لا تنتهي .. والرجال المخلصون في هذه المحافظة معين لا ينضب .. همهم انتعاش المحافظة ومغادرتها غرفة الانعاش!!... ميزة أبناء مأرب أنهم ينسفون الإحباط الذي يحاول أن يتطفل عليهم ، والنزاع الذي قد يؤثر على إخلاصهم لمحافظتهم.. ولا يسمحون لأي توغل في محيطهم لأي شيء من ذلك القبيل.. إنهم بحق يمتلكون ثقافة التعاون والقفز فوق النزاعات !!

ومن يتعامل بهذا الرقي في التعامل مع متطلبات المرحلة ، حتماً سيعانق القمة ،حتى وإن كان زمن ولادة البناء في بدايته ، وزمن عنفوان للتنمية للتو طرق الأبواب ،فالطموحات في طريقها لملامسة الواقع.. من يمتلك رؤية صائبة ولديه مشروع متكامل يحصد الهدف بسهولة.. الإرادة هي التي تنتصر في الأخير.. لن تقف رياح المتاعب وعواصف التخريب عائقاً أمام طموح أبناء مأرب إذا ما تواصلصمودهم في وجع عراقيل البناء دون يأس أو تراجع ، فإصرار المتحاملين على جروحهم والغاضبين من واقعهم المرير ستكون سنداً حقيقياً للغايات النبيلة التي تضحى بالمصالح الشخصية من أجل المصلحة العامة.

كيف يمكن إنجاز ما هو محل إعجاز؟

النهوض بعد السقوط .. تحتله دوافع وطموحات لا تخضع لمعايير منظورة .. ومحافظ مأرب الحالي أكد هذه النظرية .. خلع رداء الأمر الواقع.. وانتفض شاهرا تحديه للعراقيل والصعوبات ..وقدم نموذجاً حياً للقائد الذي يقفز فوق الأشواك .. ويحول دربه من السير على الأشواك .. إلى درب جديد مفروش بالورود نتيجة وجود رؤية ومشروع ..!!

الشيخ / سلطان العرادة المنفتح على الكل والمتحرر من عقد الأيديولوجيات والمتحلل من عصبوية الانتماءات المناطقية والقبلية، يمكن وصفه بالأسرع نمواً ، والأكثر إنجازاً بشهادة من يراقب ويتابع خطواته أولاً بأول، ويقرأ على الدوام تفكيره من واقع تحركاته.. نصف عام فقط احتاجهلتحديد أولويات التنمية والتغلب على المعوقات القائمة..إذ تمكن من الوصول إلى حيث لم يصل غيره شاقاً الطريق الصعبة بقدرة خارقة عجز عنها من عملوا قبله.. إنه داهية وذكي وسياسي محنك، فمعرفته بالمجتمع المأربي ساعدته على فهم طرق التعامل حيث نجح في الاستفادة من القبائل،مواصلاً دربه بالانفتاح على الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني والمكونات الشبابية.. وسرعان ما كسب هذه الفئات المشكلة للقوى الرئيسية ليحصد ثقة أبناء المحافظة ف ي قدرة الرجل على إنجاز ما هو محل إعجاز.. دهاء العرادة يتضح من تكوينه علاقات ودية مع جميع الأقطاب وروابط متبادلة مع كل الأضداد وعلاقة تواصل مع كافة التكوينات.. ليغدو مركزاً مسؤولاً وكلمة مسموعة عند الجميع.. إنه شخصية قوية ورجل قوي قادر على انتزاع الفريسة من مخالب الوحوش.

العرادة يعمل بعيداً عن الأنظار ويراقب الأحداث وتفاعلاتها بعيون ترى ما وراء الظاهر وتستكشف البعيد غير المنظور، ولكنه بالرغم من قائمة إنجازاته الطويلة في الزمن الوجيز مظلوم إعلامياً ، فوسائل الإعلام التي دأبت على إبراز صورة مأرب عند كل انقطاع للكهرباء أو النفط أو الغاز ، تجاهلت عرض الصورة الأخرى بعد أن تم توفير تلك الأشياء واستمراريتها لكل المحافظات، وغضت الطرف عن تقدير تلكالجهود المضنية والعمل الدؤوب لقيادة المحافظة .

لست مطبلاً لهذا العرادة الرائع .. ولكن إنجازاته تجبرك على تغليف حروفك بمحبرة الإعجاب .. وترتيب مفرداتك لتوازي نجاحاته.. وإطلاق جملك لتحيط جهوده بأسوار الاحترام والتقدير ..!! وذلك لا يعني أن العرادة يمكن له البقاء فوق النقد أو بمنأى عن أقلام الصحافة وعيون الإعلام.

التنمية.. إنقاذ الحاضر والتخطيط للمستقبل

يدرك كل من يتابع مسيرة العرادة أو يرصد تحركاته ولقاءاته حجم الأعباء الملقاة على عاتقة ، والتحديات التي يواجهها ، والتركة الثقيلة التي خلفتها عقود الحرمان وسنوات البؤس والإقصاء والتهميش .. وبالرغم من كل ذلك يحرص أن يكون واضحاً في تعاملاته بعيداً عن السطحية ، ويسعى للإسراع في الإنجاز بعيداً عن المعالجات الوقتية والحلول الترقيعية لقضية من القضايا ، مع امتلاكه شجاعة عدم الاختفاء وراء طبل البلاغة الفارغة.

يعتبر الشيخ / سلطان العرادة أن المحافظة بحاجة إلى تنمية الإنسان باعتباره غاية التنمية ووسيلتها، ويقول: نحن لا نمتلك عصا سحرية ولا نستطيع في يوم وليلة أن نحقق ما نطمح إليه لكن الألف ميل يبدأ بخطوة إذا وضعنا الخطط السليمة، ويؤكد:منذ وصولي ركزت على إدارة التخطيط لان التخطيط طريق إلى الوصول إلى الأهداف وان تكون الخطط مبنية على أسس علمية والأعمال الارتجالية تؤدي إلى انتكاسة وبهذا نضع أنفسنا أمام مستقبل لا يليق بنا.

حديث المحافظ بمثابة الخطوط العريضة لبرنامجه المستقبلي التي يضاف إليها ما جاء في خطابه بمهرجان الوحدة الذي أقيم في يونيو الماضي حيث وتعهد العرادة بالسعي الجاد لإحداث تنمية شاملة لجميع مديريات المحافظة دون استثناء وفقا للقدرات والموارد المحلية والمركزية المتاحة، وبعيدا عن التأثيرات الحزبية والقبلية، داعيا الجميع إلى أن يكونوا عونا له في أداء مهامه، واستغلال فرصة اهتمام وتوجيه القيادة السياسية ممثلة برئيس الجمهورية، الذى أبدى تفهمه لأوضاع محافظة مأرب الاستثنائية، واستعداده لدعم مشاريع التنمية، نظرا لما يعرف عن المحافظة من الحرمان والمشكلات التي تسببت في أعاقة تنفيذ عدد من المشاريع التي كانت معتمدة في سنوات سابقة ولم تنفذ.

يمكن القول أن المرحلة التي يقودها العرادة في مأرب تعتبر من أصعب المراحل، خصوصاً وأن المحافظة شهدت فراغاً إدارياً استمر لمدة عام كامل ،كما أن الفوضى كانت العنوان السائد للفترة السابقة ، حتى أنه مع كثرة استهداف أنبوب النفط والاعتداء على أبراج الكهرباء صار الناس يتعاملون مع تلك المشكلة على أنها أمر واقع لا فكاك منه، لكن كلمة المحافظ التي دعا خلالها أبناء المحافظة التعاون الجاد والصادق في التصدي للظواهر السلبية والعادات السيئة والتي أضرت بسمعة المحافظة ومكانتها التاريخية، وجدت صداها عند أبناء قبائل مأرب الذين عقدوا العزم على العمل في صف واحد من أجل وقف تلك الاعتداءات ..حيث تمكن المحافظ بتوفيق الله ثم بتعاون المخلصين من إصلاح انبوب النفط الذي كان فيه أكثر من "عشرين خرقاً" وأسفرت تلك الجهود في إعادة ضخ النفط إلى رأس عيسى وانتعاش الصادرات النفطية ، كما أن العرادة استطاع بمختلف الطرق والوسائل الحد من الاعتداء على أبراج الكهرباء ، وتلك أبرز القضايا التي كانت لها انعكاساتها السلبية على الصعيد الوطني ، لكنها لم تجد طريقها إلى وسائل الاعلام بالرغم من دعوة العرادة المبكرة لوسائل الأعلام المختلفة إلى "التركيز على النواحي الإيجابية في المحافظة، كونها أكثر بكثير من السلبيات التي يركز عليها البعض ويتخذون منها عناوين رئيسية للتعريف بالمحافظة وأهلها، مؤكداً في حديث سابق بأن وسائل الإعلام ستكون بتركيزها على النواحي الإيجابية قد أسهمت في تعزيز تلك الإيجابيات وساهمت بشكل أو بآخر في القضاء على تلك الظواهر السلبية"

... في واقعنا هناك أشخاص يقومون بأعمال عظيمة لا تثير الانتباه، كما لو أنهلا يراد لها أن تصل إلى الناس، أو أن هناك من يرغب في صرف النظر عن أعمالهم،لكنالاستمرار في هكذا وضع من شأنه أن يصيب ذلك الشخص بشرخ عميق في نفسيته، وتصبح مثل صخرة صماء تخلل إليها الماء وأخذ يفتتها من الداخل.

"العرادة" بمثابة مسؤول جدير بمهمته وقف في مواجهة عوائق جمة، كحالة متفردة كان الصمود عنوانا لها، ومما يبعث على الدهشة أن الزمن الذي اختاره لصنع نجاحاته كان الزمن الذي كانت الفوضى والممارسات التخريبية في أعلى مستوياتها، واستطاع أن ينجز ما خطط له في خطوطه العامة، بالرغم من الصعوبات والعوائق.. وكان قد أدركأن ما قام به يشكل في الواقع جوهر حياته الحقيقية، وصار يشعر اليوم أنه أفضل -نوعاً ما-لأن أحلامه التي ارتسمت في مخيلته بالأمس يراها ماثلة للعيان بعد أن كانت هاجساً إضافياً يؤرقه خلال أيام حياته المتألقة.

إنجازات ملموسة في زمن قياسي

استطاع المحافظ في زمن قياسي رسم خارطة جديدة للتنمية الشاملة بمحافظة مأرب ، حيث بدأ بإيجاد حلول لمشكلة الكهرباء لم تقتصر على وضع حجر الأساس للمحطة التحويلية بقدرة100ميجا وات لتغطية المحافظة والمديريات بالطاقة الكهربائية ضمن مشروع المحطة الغازية ، لكنه حصل على توجيهات رئاسية بمنح المحافظة عشرين ميغاوات بصورة مؤقته من الطاقة وإضافة خمسة مليون دولار لتحسين الشبكة الداخلية للمديريات مع إضافة ميجاوات جديدة ضمن الطاقة المشتراة حديثاً من قبل وزارة الكهرباء، وجميع تلك القضايا كانت نتاج متابعة شخصية من قبل المحافظ الذي كان يبتسم من أعماقه وهو يرى المولدات الكهربائية تدخل عاصمة المحافظة، لتتوالى الإجراءات الخاصة بتحسين الخدمة الكهربائية في مديرية الوادي ، وليصل النور مديريتي رغوان ومدغل بعد خمسين عاماً من الثورة والجمهورية عاشتها في الظلام، وتحتفي صرواح بالأضواء التي غيرت لون المساء بتلك المديرية ، أما بقية المديريات فليس من سبب لتأخير إغراقها بالأنوار سوى استكمال التجهيزاتالفنية.

بالطبع.. فإن الظلام والجهل والمرض من أبرز أسباب تأخر المجتمعات في عصر السرعة ، وهو الأمر الذي كان ـ كما أعتقد ـ وراء ترتيب أولويات التنمية العاجلة بالنسبة لمحافظ مأرب، حيث كان التركيز في الخطوات العملية على تحسين الوضع الأمني ثم " الكهرباء ، التعليم ، الصحة ".. ولم يكن نور الكهرباء عند " العرادة " أكثر أهمية من نور العلم ، فقد كانت كلية التربية والآداب والعلوم محط اهتمامه المباشر ، كونها الصرح الأكاديمي الوحيد بالمحافظة ، والمؤسسة التعليمية التي ستتسلم مخرجاتها راية المستقبل ومسؤولية بناء الأجيال، وقد تمكن خلال أسابيع معدودة من الوقوف على أبرز احتياجات الكلية من خلال زياراته المفاجئة ولقاءاته المتعددة مع العمادة وهيئة التدريس والطلاب ، بالإضافةإلى قراءة تقارير اللجان التي شكلها لدراسة وضع الكلية بتمعن وجدية أسفرت عن تغيير عميد الكلية ،وإعادة الدكتور القدير/عبدالله النجار لإدارة الكلية بعد أن قادها بجدارة واقتدار في مرحلة التأسيس، وهو الشخصية الأكاديمية التي يعول عليها انتشال الكلية من واقعها الذي لا يليق حتى بمدرسة ثانوية، وقد حصل المحافظ خلال زيارة قام بها وفد من جامعة صنعاء برئاسة نائب رئيس الجامعة للشئون الأكاديمية لحضور افتتاح قاعات جديدة للكلية تم بناؤها بتمويل من شركة صافر مع وضع حجر الأساس لسكن هيئة التدريس ، حصل المحافظ على تعهدات من نائب رئيس جامعة صنعاء باعتماد عشر درجات أكاديمية ومعالجة القضايا المالية والإدارية بالكلية، لكنها لم تعفيه من القيام شخصياً بمتابعة حلول تلك الاشكاليات والتردد على جامعة صنعاء بشكل مستمر أثناء تواجده بالعاصمة خلال شهر سبتمبر.

... السعي إلى انتشال التعليم من واقعه المزري دليل على قناعات الرجل الأول بالمحافظة بأن التعليم أساس النهضة، حيث دفعته تلك القناعات إلى إجراء تغييرات في قيادة مكتب التربية والتعليم، وقام بتعيين الدكتور/علي بن علي العباب مديراً عاماً لمكتب التربية والتعليم ، وهي المرة الأولى في تاريخ المحافظة التي تشهد وصول شخصية أكاديمية بدرجة " دكتوراه " إلى هذا المنصب .

وبينما استبشر أبناء مأرب بنجاح جهود السلطة المحلية المتعلقة بالبحث عن فرص تأهيلية لخريجي الثانوية العامة وإعلان الشركة اليمنية للغاز المسال تقديم(160) منحة دراسية خاصة بمحافظتي مأرب وشبوة، ينتظر أبناء مأرب افتتاح كلية المجتمع واستعادة المعهد الفني والمهني المختطف من قبل مؤسسة الصالح، وتطوير الأداء بالمعهد المهني وكذا المعهد الصحي، والضغط على الشركات العاملة بالمحافظة للقيام بمسؤوليتها الاجتماعية لتأهيل أبناء المحافظة من خلال افتتاح وتمويل مراكز للغات والكمبيوتر وغيرها.

لست ممن يهرول بالمبالغة في محطة المديح.. لكن ما يفعله "سلطان العرادة" المتواضع بإمكاناته الكبير بإنجازاته.. أمر يستحق التوقف عنده.. وتتبع مشهد إخلاصه وسيناريو تفوقه في مدة قصيرة.. إنه عنوان بارز مكتوب بالخط العريض.. لا مستحيل في عالم العظماء..!!

هناك أكثر من جانب تنموي يحتاج إلى مضاعفة الجهود من قبل محافظ مأرب، غير أن إصلاح وضع مستشفى الرئيس العام أولوية عند المواطن البسيط لا تقل أهميتها عن نور العلم وضوء الكهرباء...أبناء المحافظة يحتاجون إلى منشأة صحية تقدم خدمات طبية متميزة تغنيهم عن السفر إلى العاصمة صنعاء .. يأملون في وجود صرح طبي تتوفر فيه كافة المستلزمات وكادر مؤهل ومتمكن وأخصائيين في كافة الأقسام.. وأعتقد أن مستشفى الرئيس بميزانيته الضخمة قادر على تلبية طموحات المواطنين إذا وجدت الإرادة الجادة والإدارة المخلصة ، بالإضافة إلى الاستفادة من البنية التحتية المتوفرة للجانب الصحي في المديريات والعزل والقرى من مستشفيات ومراكز ووحدات صحية والنهوض بها لتؤدي دورها بالشكل المطلوب.

المشاركة المجتمعية في التنمية المحلية

ثمة صحراء قاحلة بدأت تتحول إلى مزارع وحدائقغناء.. مأرب قدتتلألأ التنمية فيهابأنوار تبدد عتمة الليل.. ليتحول ليلها نهاراً مشمساً يطل على أهلها بابتسامة لا تعرف " العبوس "!!.. كل ما حصلت عليه حاضرة سبأ حتى اللحظة، جميل!! لكنه غير كاف بالنسبة لمحافظة النفط والغاز، باعتبار أن بنيتها التحتية لا زالت دون المستوى ولا توازي نسبة بسيطة من مخزون المحافظة وما تجود به لخزينة الدولة، وذلك الأمر يتطلب من رئيس الجمهورية المشير/ عبدربه منصور هادي اعتماد مبالغ إضافية لميزانية مأرب، والإيفاء بالتزاماته وتوجيهاته الخطية السابقة عندما كان " نائباً " بمنح المحافظة عشرة مليار ريال لصالح المشاريع التنموية... كما أنالمهمتكاتف الجميع للدفع بمسيرة التنمية إلى الأمام ،والأهم المساندة الفعلية لقيادة المحافظة في المرحلة القادمة...وتتحمل ( إذاعة مأرب) التي بدأت تدشين بثها التجريبي مطلع سبتمبر ـ بعد أن ظلت ست سنوات حبيسة بدروم مبنى المجمع الحكومي ـ مسؤولية تعزيز التواصل بين المحافظ وأبناء المحافظة ،وتفعيل المشاركة المجتمعية في التنمية المحلية من خلال خطة برامجية تستهدف توعية المواطنين بكون التنمية مسؤولية الجميع، وتعمل على ردم الفجوة والهوة الواسعة في العلاقة بين المجتمع والسلطة المحلية، والتعرف على مشاكل أبناء المحافظة في مختلف المديريات ونقل همومهم ،وإبرازها بالشكل الذي يولد الشعور بأن قيادة المحافظة أقرب إليهم من موجات الأثير.

بصراحة.. أبناء مأرب لم يختبروا في زمن البناء والتنمية ، لم يمروا من هذا الطريق إلا في مواسم انتخابية تروج للوهم ، كانوا يسيرون في طرق وعرة، لم يعرفوا لغة الأمل ، ولم يسكنوا حارات الرخاء والازدهار، ويبدو أن هذه المرحلة اختبار حقيقي لكافة أبناء المحافظة.. ما هو الدور الذي ستضطلع به الأحزاب السياسية لصالح التنمية؟ ما هي المبادرات التنموية التي يمكن أن تنفذها منظمات المجتمع المدني؟!، دعونا نعاهد أنفسنا .. أن لا نجعل للمنهزمين داخل ذواتهم التأثير علينا.. دعونا نطلق العنان للأمل ونمزق القيود التي تعيقنا عن ممارسة لغة التفاؤل!! ابتعدوا عن لغة السواد في اليوم الأبيض .. لا تحولوا أفراحنا لمحطة نمارس فيها الضجر ..والتوغل في نفق الأسى والاكتئاب..!!

أتفق معكم جميعاً.. أن الرجل المناسب أصبح عملة نادرة .. لكنه موجود يتحرك في محافظتنا ..لا أعرف سبباً واحداًيجعلنا نضع أصابعنا على أعيننا .. ومن ثم نصرخ بأعلى الصوت أننا لا نرى الأشياء كما هي.. ولا أدري لماذا ننصتلصدى اليأس والتشاؤم.. ونحن مصدر الاطمئنان والاستقرار ..!!

( سلطان العرادة) و (قيادة محافظة مأرب) .. رواية تكتب بفصول درامية شيقة .. لكنها مع كثرة فصولها وعناوينها وإنجازاتها ترفض أن تكون لها نهاية محددة المعالم .. فمع كل منجز لأحدهما .. تفتح صفحة جديدة من التحدي .. فهل سيكون أبناء مأرب أوفياء لمحافظتهم؟ ..أم سيتنصلون عن واجباتهم ويتهربون من مواجهة استحقاقات التنمية.. تاركين " المحافظ العرادة " يواجه الصعاب وحده ..! ، هذا ما ستجيب عنه الأيام القادمة!!