من خلال ما تم ذكره في الأجزاء الستة السابقة، والتي أوضحنا فيها بتفصيل الأبعاد العميقة لتحركات هذا التيار في الجنوب، مندفعًا مع المشروع الإيراني الفارسي، متناغمًا معه، ومتفاعلاً مع توجهاته، وإن كان يظهر في كثير من فعالياته تأييده الكاذب لعاصفة الحزم المباركة والقيادة السعودية على استحياء.
ما جعلنا نؤكد هذا الطرح هو التحركات والفعاليات السياسية والعسكرية والإعلامية، التي تصب بصورة مروعة ظاهرًا لخدمة الجنوب ودولته، وباطنًا أن تكون هذه الدولة الجنوبية خاضعة كل الخضوع لإيران، ولذلك فجميع دول الخليج لا زالت متحفظة تمامًا عن تأييد مشروعها الإنفصالي، باعتبار أن الإنفصال في الوقت الحالي، معناه عودة إيران من البوابة الخلفية، لأن من يتبنى مشروع الجنوب هو القيادات البارزة المرتبطة بإيران.
وتأكيدًا لذلك نعطي ما يدل على ارتباطهم بهذا المشروع، جاء المهندس/ حيدر العطاس يعرض مقترحات لحل التنافر بين قيادات الحراك حول الصيغة التي يمكن أن يتم تسويقها دوليًا وعربيًا لمعالجة القضية الجنوبية، وزار شخصيًا علي البيض في الإمارات، وطرح له مشروعه الذي استحسنه الكثير من أبناء الجنوب، وفي نفس اليوم اجتمع البيض مع عبد الرحمن الجفري، وإذا بهما يصدران بيانًا مناهضًا لمشروع العطاس، وأصرا على تمريره بالمطالبة بالإستقلال الناجز لدولة الجنوب العربي، والفكرة الأخيرة هي التي تتوافق مع مشروع إيران، بينما الفكرة التي يتبناها العطاس جاءت متسقة نسبيًا مع المشروع الخليجي وعلى رأسها السعودية.
وقد لاحظنا خلال الفترة الماضية بعد تحرير عدن، والمحافظات المجاورة لها أن كل المعطيات على الأرض، ومنها عمليات التجنيد والتعيينات الإدارية في كل المحافظات الجنوبية، تسير بنسق يخدم الحراك المرتبط بإيران، ولا يخدم كل أبناء الجنوب، رغم بلاء غير الحراكيين وقتالهم الشديد ضد مليشيات الحوافيش، وتم تهميشهم في التوظيف والتعييين والتجنيد، وتسير الأمور العسكرية والمدنية بما يخدم توجهات هذا التيار، يهدف من خلالها الى فرض الأمر الواقع، وإبعاد أبناء كل منطقة من تولي أي مناصب أو توظيف أو تجنيد، والإستئثار بها لصالح مناطق أخرى، ومن يقل غير ذلك، فليعطنا جوابًا لماذا يتم إرسال وحدات عسكرية من مناطق الضالع وما جاورها الى حضرموت لحمايتها، وكذلك الى عدن، بينما يعاني أبناء عدن وحضرموت من المماطلة في التجنيد والتوظيف، تحت حجج واهية، لا تستقيم أمام الواقع المرير الذي يمر به الجنوب في الوقت الحالي.
وأخيرًا نؤكد أن إعادة الماضي الى الحاضر صعب المنال، والحقائق الاليمة التي يمر بها الناس كل يوم تزيده ثباتًا أن الظلم لن يستمر مهما طال، وتحقيق المشاريع الخارجية تحت مسميات إعادة دولة الجنوب كإسم بارز يخفي خلفه مشروع إيراني طويل المدى لا يهم أذنابه الذين يروجون له، علاقتهم بأي مبادئ سوى أنهم يريدون دولة، أسقطوها يومًا ما، بارتجالية أحمقهم الذي قادهم نحو وحدة لم يحسب لها حسابًا، سوى هروبه من ضغوطات الرفاق في نهاية الثمانينات، وألقى بالجنوب وشعبه الى أحضان طاهش الحوبان (عفاش)، ولذلك نقول أن من باع الجنوب يومًا ما، لن ينال شرف إعادته، ولن يُسمح لتياره المريض أن يعيدنا الى أحضان إيران مرة أخرى.