الثورة في مخيمات الحجاج اليمنيين
بقلم/ م. عبدالرحمن العوذلي
نشر منذ: 12 سنة و 11 شهراً و 25 يوماً
الخميس 10 نوفمبر-تشرين الثاني 2011 07:42 م

جاء موسم الحج بعد طول إنتظار وتأهب الحاج اليمني كغيره من الحجاج في أصقاع المعمورة للإنطلاق إلى رحلة العمر المنتظرة عله أن يحظى بأيام ولو كانت قليلة تنسيه ما يعايشه في واقعه المرير ويتفرغ للعبادة والذكر ويعيش أيام إيمانية مغمورة بأجواء روحانية في الأراضي المقدسة الطاهرة ، إنها الأيام التي يريد الحاج أن ينسى فيها كل شي خلفه حتى يؤدي هذا الركن العظيم بكل طمأنينة ويسر .

كنت مع مجموعه من الشباب في موسم الحج ورأينا ولمسنا كيف أن كل دولة بالفعل تعمل على إسعاد الحجيج من مواطنيها وإدخال الطمأنينة والسرور إلى قلوبهم بتوفير كل ما يتطلبونه من مسكن ومأكل ومشرب ووسائل نقل وغيرها من الخدمات التي وفرتها هذه البعثات لهم في هذه المشاعر ،بعد رؤية هذه الاستعدادات والتجهيزات توجهنا إلى المخيمات اليمنية التي فوجئنا بأنها في أطراف منى واعتقد أنها بالفعل كانت أبعد المخيمات إلى مبنى الجمرات ،من جهة أخرى كانت هذه المخيمات في أعلى أحد جبال منى وبالكاد استطعنا الوصول إلى نهاية الطريق في أعلى الجبل لكي نجد أخيرا المخيمات اليمنية ،فكرت في الأمهات والإباء الكبار في السن كيف سيستطيعون الوصول إلى هذا المكان المرتفع وكلي أمل أن تكون وسائل النقل متوفرة لهم في أسوأ الأحوال.

أستطيع القول بأن المخيمات اليمنية في حقيقتها تعكس واقع المجتمع اليمني والخلل في الترتيب والتجهيز والخدمات هي إنعكاس واضح جدا للبلد ، لا توجد مقارنة إطلاقا بين المخيمات التي رأيناها وبين المخيم اليمني وكأنا بالفعل خرجنا إلى مكان آخر ومجتمع آخر وبعيد مع إن المكان هو نفس المكان ،رأينا الفوضى تجتاح المخيمات اليمنية في كل مكان ،لم نلمس آثار للنظافة والخدمات الأساسية والضرورية فضلا عن وسائل الراحة ،رأينا الزحام الشديد بداخل المخيمات إلى درجة كبيرة جدا ،أما الزحام على دورات المياه فلم أرى له مثيل في أي مكان ،حتى في صعيد عرفات عندما يجتمع الملايين في وقت واحد ومكان واحد لم يكن الزحام على دورات المياه يصل إلى المستوى اللذي رأيناه في المخيم اليمني ، الكل كان يشتكي نقص الخدمات الأساسية والضرورية، الكل متذمر ومستاء من الحال ، ما أن تتجول بين المخيمات حتى تدرك حجم المأساة التي يعيشها الحاج اليمني حيث أن أحدهم اخبرني بأنه يقف منتظرا أمام دورات المياه لأكثر من ساعة ونصف حتى يأتيه الدور .

هذا الواقع المرير في المخيمات أجبر الحجيج اليمنيين أن يفتشوا في الأسباب الحقيقية وراء هذا الانحطاط في الخدمات العامة في المخيمات مع أن الحاج اليمني كغيره دفع الكثير من المال حتى ينال خدمة جيدة ، الكل يتكلم والبعض عاد إلى أن السبب الحقيقي وراء عدم وجود الخدمات هو الفساد في النظام والحل يكمن في الثورة والتخلص من هذا النظام الفاسد اللذي انتشر حتى وصل إلى المشاعر المقدسة وبالتأكيد البعض عارض هذا الطرح واتهم الثوار بالتخريب ، سجالات النقاش تسمع مدوية في كل مكان في المخيم اليمني ،رأيت بعض النقاشات الحادة في بعض المخيمات ورأيتها على أبواب دورات المياه أثناء طوابير الوضوء ، وكالعادة تصل النقاشات إلى ما يسمى بالنقاش العقيم وتخرج عن إطارها إلى الملاسنة والشتم وأحيانا الاشتباكات والاتهامات ثم ترى التدخل من بعض العقلاء بالقول دعونا من السياسة "فلا رفث ولا فسوق ولا دال في الحج " وتنتهي عند حج يا حاج .

تجولت وصديق في السوق المجاور للمخيم اليمني ورأيت البعض من الشخصيات الإعلامية المؤيدة والمعارضة وكل يوثق ويصور ما يناسبه ،أثيرت حفيظة الكثير من الحجاج عندما وجدوا الإعلام الرسمي يصور المخيمات اليمنية في أرقى صورها مما أستدعى أن يتوجهوا إلى الإعلام المعارض اللذي كان بدوره حاضرا ويبرز الوجه الآخر للمخيمات ، حج سياسي بامتياز لدى الحجيج اليمنيين اللذين هربوا من السياسية فأبت السياسة إلا أن تطاردهم إلى الأماكن المقدسة ،أصبحت السياسة جزء لا يتجزأ من حياة اليمني هنا أستطيع القول لولا إن فترة الحج قليلة جدا ولا تتعدى الأسبوع ولذلك نجد التحمل والصبر عند الحجيج اليمنيين وإلا فسنرى ثورة من نوع جديد بداخل المخيمات اليمنية وحج يا حاج.

Eng.Abdulrahmann@gmail.com