الكشف عن القيادي الحوثي المسؤول عن تهريب الأسلحة الإيرانية التحركات واللقاءات العسكرية العليا.. هل قررت الشرعية خوض معركة الحسم مع مليشيا الحوثي؟.. تقرير رفقة محمد بن زايد.. شاهد ثاني ظهور لطارق صالح عقب إصابته بحادث مروري في الساحل الغربي حزب الإصلاح يعلق على إشهار التكتل الوطني للمكونات السياسية تونس تحقق نجاحاً كبيراً في تصدير الذهب الأخضر إسرائيل تدك أكثر من 40 ألف وحدة سكنية في جنوب لبنان وتجعلها ركاما وانقاضا عاجل: أمريكا تحبس أنفاسها وتتحصن مع تفاقم التوترات وترامب يعلن واثق من الفوز وايلون ماسك يحذر من هزيمة المرشح الجمهوري واخر انتخابات في تاريخ أمريكا لأول مرة في تاريخها… التعديلات الدستورية الجديدة في قطر وتجربتها الديمقراطية عثمان مجلي يصارح الخارجية البريطانية: الجميع يدفع ثمن منع الشرعية من تحرير ميناء الحديدة بحضور دبلوماسي ومباركة رئاسية .. عدن تشهد ميلاد أكبر تكتل وطني للمكونات السياسية يضع في طليعة أهدافه استعادة الدولة وإقتلاع الإنقلاب وحل القضية الجنوبية
اتفق فقهاء القانون على أن القضاء نوعان قضاء عادي وقضاء مزدوج، القضاء الواحد أو العادي هو القضاء الذي تمتزج بداخل محاكمه كل تخصصات القضاء من مدني وإداري وشخصي وجنائي وتخضع أحكامه للقوانين النافذة المعتادة ولا مجال للقاضي أن يجتهد في واقعه أحكم ترتيبها القانون بنصوص صريحة مُطلقة، بينما القضاء المزدوج يفصل تماماً بين القضاء العادي بأنواعه المختلفة وبين القضاء الإداري من حيث التبعية والقانون والإجراءات، فالأخير يمتلك جهازاً أعلـى مستقـل عن مجلس القضاء الأعلى ينظم شؤونه ويراقب أحكامه، كما له قانون خاص يرتب مفاصله الإدارية وتكويناته القضائية وطرق تعيين قضاته وعزلهم وتأديبهم، وكذا علاقة هذا النوع بالقضاء الواحد وبسلطات الدولة جميعها.....
للأسف الشديد ومن خلال مراقبة الأصوات المطالبة بالقضاء الإداري والتي ارتفعت مؤخراً زد على ذلك تفاعل بعض الجهـات الرسمية المحسوبة على السلطة القضائية مع هذه الأصـوات كلها صوّرت أن القضاء الإداري ماهو إلا قاضٍ يستأجر له مبنى كمحكمة في أحد زغاطيط العاصمة صنعاء الكثيرة يرأسها ويباشر نظر القضايا الإدارية من خلال صفته هذه، وهذا أمر أعتبره مخجلاً فعلاً، فإذا كنا نعذر بعض الأصوات غير المنتسبة للجهاز العدلي والتي تطالب بإنشاء القضاء الإداري بذلك التصور البسيط لعدم إدراكها لبعد مشاريط تحقيق هذه الدعوة كون تفاصيلها بعيدة تماماً عن تخصص أصحابها، فبالتأكيد لا يمكن أن نعذر أبداً أساتذة القانون أو أحد منتسبي السلطة القضائية على مثل هذه التصورات الخاطئة إذ يـُفترض بهم أن يكونوا الأكثر إدراكاً لما يعنيه مفهوم القضاء الإداري فقهاً وقضاءاً على الأقل بحكم تأهيلهم العالي والمتخصص..........
القضاء اليمني قضاءاً عادياً واحداً بنص الدستور وليس مزدوج كالقضاء المصري مثلاً الذي ينقسم إلى قضائين: الأول عادي وهو المدني بتفريعاته،والجنائي بتقسيماته، والشخصي ويتبع وزير العدل ومجلس القضاء الأعلى تقوم أحكامه شكلاً وموضوعاً على تطبيق القوانين الاعتيادية ذات العلاقة، والثاني إداري يتبع مجلس الدولة ليس عليه أي سلطة رقابية أو إشرافية إدارية أو مالية أو قضائية من مجلس القضاء العالى والمحكمة العليا، ويخضع قضائه في أحكامه إلى السوابق القضائية بدرجة أولى ومن ثم إلى اجتهاد القاضي بدرجة ثانية بعيداً عن نصوص القوانين الأخرى حتى وإن كانت صريحة وواضحة، ومن هنا يتـًضح أنه ولكي ننشئ قضاءاً إدارياً في اليمن فإننا أمام مهمة كبيرة لتنفيذها نحتاج إلى نقلة هائلة وضخمة تتأسس على تشريع حُزم قانونية صريحة تتقدمها تعديلات دستورية واجبة يجب أن تـُقر بموافقة ثلاثة أرباع أعضاء مجلس النواب وفقاً لما ذهب إليه الدستور نفسه في ذلك، بما يعني أنها فكرة يجب أن تتفق على تنفيذها الحكومة والمعارضة...
إن الغاية من تنظيم قضاء إداري مستقل إدارة وحكماً عن القضاء العادي هو حماية أحكام ومقررات هذا النوع من القضاء من سلطات الجهات القضائية التي تتبع سلطة رئيس الجمهورية أو وزير العدل بشكل مباشر أو غير مباشر، فقضاء إداري يعين قضاته مثلاً بالنـدب وزيـر العدل لهو إجهاض مبكر لجنين أريد له أن يخرج، فمن المعلوم أن وزير العدل يتبع السلطة التنفيذية بشكل مباشر وهو ذراعها الحديدية التي تلوي به أي توجه قضائي موجّه نحو الحكومة أو بتعبير (ألطف) هو عين الحكومة في السلطة القضائية، وإذا ما أدركنا أن ما يميز الدعوى الإدارية عن غيرها هو أن أحـد أطرافها الحكومة أو إحـدى مؤسساتها وزارة كانت أو هيئة أو مصلحة أو (لجنة!!؟) باعتبارها طرف بعقد إداري معين، فأنـّا لهذا القاضي أن يقضي بشكل قوي ومستقل ضد الإدارة بينما من يندبه لنظر مثل هذه القضايا هي الإدارة نفسها وأنا له أن يقضي كذلك وحقوقه الضرورية والكمالية تـُصرف بشيك يوقـّعه عضو في الحكـومة!!!!
إن الغاية من استقلال القضاء الإداري حـُكماً وإدارة ونظاماً هو مراعاة جانب الاستقلالية الكلية من سلطات الحكومة أو حتى من شبهة تدخل حكومي أياً كانت درجته وهو مــا ليس متوفراً بالقضاء العادي للعلاقة الحتمية الدستورية التي تربط القضاء العادي بالحكومة القائمة أساساً على استحالة التطبيق الكامل لمبداء الفصل بين السلطات.....
حيثُ نصت المادة (150) من الدستور على أن القضاء اليمني قضاء واحـد في مجموعة، وأكدت ذلك بشكل غير مباشر المادتان (152، 153،) فنصوص هذه المواد كلها تقطع الطريق بقوتها الدستورية أمام انشاء قضاء إداري وفقاً للمفهوم المتعارف عليه فقهاً وقضائاً، كما نصت المادة (8) من قانون السلطة القضائية النافـذ أنه لا يجوز إنشاء محاكم استثنائية ومع أنه لا يُعرف للفظ المحاكم الاستثنائية تعريفاً استقر عنده الفقه أو القضاء إلا أن فكرة توظيف المصطلح في القانون اليمني تـُشير إلى محاكم القضاء الذي يخضع في إدارته وقضائه إلى قانون خاص وإدارة خاصة بعيداً عن المنظومة القضائية الواحدة التي تلتقي في مجموعها عند المحكمة العليا قضاءاَ وعند مجلس القضاء إدارةً، وهو ما يعني القضاء الإداري بمفهومه المُتـًفق عليه، ومن هـُنا يجب أولاً تجميد نصوص المواد الدستورية الآنفة الذكر، ومن ثم تغيير المواد القانونية الشارحة لهذه النصوص الدستورية بالتعديل أو الإلغاء، ما يعني أنه يجب القيـام بتعديل دستوري صريح يعدّل التوجه الدستوري الذي شرحته المواد الدستورية السابق بيانها أو يعطّلها بما يسمح بإنشاء القضاء الإداري في اليمن وفقاً لمفهومه المعلوم والمتعارف عليه وبعيداً عن عمليات الترقيع المفضوحة للنصوص الملتوية!!!؟....
النموذج المصري للقضاء الإداري حي يـُرزق ولو قلبنا صفحاته لوجـدنا أنه اعتمد في أساسه على مبادئ القضاء الإداري الفرنسي الذي رغم بدايته المتعثرة إلا أنه تحوّل إلى نموذج لأكثر الأنظمة القانونية خاصة تلك التي يتبع نظامها القانوني النظام الفرنكفوني المليئ بالتقسيمات والتفريعات العديدة في كل شيئ، وفيه يطلق على القضاء الإداري بقضاء الإلغاء.
لا يُمكن أن ننظر إلى القضاء الإداري على أنه مجرد قرار يصدر من مجلس القضاء بموجب اقتراح من وزير العدل بتعيين قاضي تـُحال إليه ملفات قضايا طرفها الدولة فحسب، فنحن بهذا نسحب من حيث لا نعلم المفهوم السامي والقانوني والفقهي للقضاء الإداري، كما أننا كذلك بهذا نحكم على أمـل مشروع لضحايا النظام الإداري السيئ وعناصره الفاشلة بالموت المبكّر، وحتى لا نتفائل أكثر يجب الإشارة إلى أن القضاء الإداري بمفهومة الفقهي المتعارف عليه ليس قادراً على إنصاف أولائك المتضررون من قرارات الإدارة وتعنّتها بصورة دائمة، فالنموذج المصري وبحسب ما نقله لي محامي مصري يحكي بصراحة أن الكثير من أحكام هـذا القضاء مجرّد حبر على ورق بفعل امتناع الحكومة عن تنفيذها، إلى هنا اعتقد أن الفكرة اتـّضحت من أن القضاء الإداري ليس بذلك المفهوم البسيط الذي يصوره البعض من الناس أو يتصوره البعض الأخر هنا أو هناك، كما أن القضاء الإداري من كونه منقذ ومنصف وملجئ للطرف الأخر (غير الدولة) في العقد الإداري يظل مجرد كاركاتور حال ما ترفض الحكومه تنفيذ أحكامه ولا يمكـن لأحد أن يجبرها على ذلك سوى الضمير القانوني المترسّخ في نفس الإدارة وهو ما يخضع في مده وجزره إلى اعتبارات سياسية أكثـر من أن تُحصر.... هذا والله من وراء القصد وهو حسبُنا ونعم الوكيـل...،،،
محطات عـدلية.......
*الحركة القضائية الأخيــرة مقبولة نوعاً ما بحسب المقدرات الحقيقية للقضاء اليمني وإن تمنى كثيرون أن تكون أوسع مما هي عليه، ولأن الشيئ بالشيئ يُذكر هل يبداءَ مجلس القضاء بنفسه في تطبيق قراره بنقـل جميع مساعدي النيابة إلى هيئة النيابة العامة موضوع نتركه على طاولات فضيلة رئيس المجلس ومعالي وزيـر العــدل، ومعالـي النـائب العـام ننتـظر ونترقب...
*القضاء التجاري (الحكومي) وهـم كبير لا يسوّق إلا في اليمن موضوع قادم إن شاء الله تعالى.
- لمراسلة الكاتب ومناقشته حول ماجاء في هذا وكذا حول تفاصيل أخرى عن السلطة القضائية باليمن يمكن مراسلته ومحادثته عبر البريد الألكتروني: khaledalj@hotmail.com