الرابحون والخاسرون من فوز ترامب.. محللون يتحدثون حماس تعلق على فوز ترامب.. وتكشف عن اختبار سيخضع له الرئيس الأمريكي المنتخب هل ستدعم أمريكا عملية عسكرية خاطفة ضد الحوثيين من بوابة الحديدة؟ تقرير اعلان سار للطلاب اليمنيين المبتعثين للدراسة في الخارج بعد صنعاء وإب.. المليشيات الحوثية توسع حجم بطشها بالتجار وبائعي الأرصفة في أسواق هذه المحافظة شركة بريطانية تكتشف ثروة ضخمة في المغرب تقرير أممي مخيف عن انتشار لمرض خطير في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي في اليمن أول موقف أمريكي من إعلان ميلاد التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية، في اليمن تقرير أممي يحذر من طوفان الجراد القادم باتجاه اليمن ويكشف أماكن الانتشار والتكاثر بعد احتجاجات واسعة.. الحكومة تعلن تحويل مستحقات طلاب اليمن المبتعثين للدراسة في الخارج
عظيم أن نتفق، وأعظم من ذلك أن نختلف، فمجرد الاتفاق إنما هو مطلب المراهقين، أما الاختلاف الواعي فمطلب الراشدين. ذلك أن المراهقين فكريا وسياسيا هم من يجزعون من وجود تعددية في الرأي، ومن ثم يسعون إلى عقد الاتفاقات المختلفة لردم الهوة بزعمهم!!
إن تطورنا أو نهضتنا أو حوزتنا على صك الدخول إلى عالم متقدم – كل ذلك لا يقف على اتفاق طوائف ما، أو اختلافها. فما أكثر تلك الاتفاقات التي لم تضف درهما واحدا في قيمتها!!
ليست المشكلة أن نختلف، ولكن المشكلة تكمن في عدم معرفتنا: كيف نختلف؟ وكيف نجعل من اختلافنا عامل قوة لا ضعف؟ وكيف يصبح اختلافنا منبعا ثريا لتنوع الجهود وتكاملها؟
إن ثقافة الاختلاف الشائعة بيننا اليوم تقوم على مجموعة من الأسس، أدت إلى أن يصبح الاختلاف عامل ضعف وتناحر، وهذه الأسس هي:
أولا: مفهوم الآخر، فيقوم الاختلاف على أن هناك آخرين يختلفون معنا، وما داموا آخرين إذن فهم يقفون في مواجهتنا، ويسعون إلى الاصطدام بنا، ويكون ردة الفعل هي إيجاد حدود وهمية، رسمتها تصوراتنا الخاطئة، تفصل بيننا وبين الناس الذين نعتبرهم آخرين!!
ثانيا: الآخر يأكلني ولا يأكل معي، وهذا هو الأساس الثاني لثقافة الاختلاف الشائعة اليوم، حيث ننظر إلى الآخرين على أنهم يسعون إلى افتراسنا، ونهب الفرص للنيل منا، والتربص بنا.
ثالثا: مبدأ إلغاء الآخر، فلا يقف الحد عند تكون مفهوم الآخر، وإنما يتعداه إلى محاولة إلغاء الآخر، والسعي إلى تحطيمه، وربط تقدم (س) ونهضته وبنائه - بهدم (ص) وتحطيمه، وبعثرته. فهنا يتحول المفهوم المجرد إلى ممارسة واقعية.
هذه الأسس الثلاثة – في نظري – تمثل بؤرة أزمة الاختلاف، والخوف منه، ومن ثم محاولة السعي إلى الاتفاق (مطلب المراهقين)، بدلا من السعي إلى تكريس الثقافة الصحيحة للاختلاف (مطلب الراشدين).
أعتقد أننا لسنا بحاجة إلى كثير من الاتفاقات وعقد المحاضر والاجتماعات، لإثبات أننا متفقون، وأننا في طريقنا إلى الشراكة، فالحقيقة أننا بهذا نقدم دليلا ناصعا على أننا ما زلنا في طور المراهقة الوطنية – لا أكثر!
ليس هناك مجتمع تنقصه اتفاقيات ولقاءات بين علية قومه، لينطلق بعدها إلى عالم النهضة والرقي... فالمجتمع بحاجة إلى أعظم من ذلك، إنه بحاجة إلى أناس مخلصين صادقين، يجعلون مصلحته هي الأساس الأول، الذي ينطلقون منه.
إن ثقافة الاختلاف التي نريد أن تشيع فينا، تسمح بتعددية الفكر والرأي، ولكنها لا تسمح بتعددية القيم. تختلف رؤانا، وانتماءاتنا الصغيرة، واتجاهاتنا، ولكن الخطر كل الخطر أن تختلف قيمنا، وتتعدد نظراتنا إليها، فالصدق والإخلاص والثقة ومصلحة الوطن قيم لا تقبل التعددية.
ومن هذه القيم التي لا تقبل التعددية ثقافة الاختلاف، فلا بد من نبذ مفهوم (الآخر) مع ظلاله السلبية، التي تعني اطراحه والسعي إلى إلغائه.
علينا أن نحسن الظن في جميع الشخصيات التي يعرفها المجتمع بأكمله، وأن نظن بأنها تسعى إلى خير البلد، فلا يوجد عاقل يسعى في إيذاء مجتمعه، أو في تجويعه، أو استعباده...إنما الشيء المهم أن يتوفر لها تجسيد عملي لقيم ثقافة الاختلاف، فنرى ذلك واقعا لا مجرد شعارات...
أعود بما بدأت به، فأقول: الاتفاق قد يكون مصدر بوار، كما قد يكون الاختلاف كذلك، ولكن أهم من ذلك كله أن نعرف: كيف نتفق؟ وكيف نختلف؟
abdmajidyemen@hotmail.com