المبادرة الخليجية آمال وآلام
بقلم/ يوسف حسين الرخمي
نشر منذ: 12 سنة و 11 شهراً
الخميس 01 ديسمبر-كانون الأول 2011 06:39 م

المبادرة الخليجية فعل سياسي مهما بلغت حساسيته والفعل السياسي عرضة للخطأ والصواب ويجري في مثلها جوانبا من الحق وأخرى من الباطل ويبقى على المطالع أن يحكم لمن الغلبة منهما وأردت في عجالة من أمري أن أُجمل ما أراه فيها من إيجاب وسلب وعلى شكل نقاط سريعة تخفيفا على دماغ القارئ الذي صارت تتزاحم الأطروحات أمامه فلا يدري أيها الأولى بالمطالعة.

مكاسب المبادرة الخليجية كما أرها:

1- جنبتنا الحرب الأهلية والتي كانت ستأكل الأخضر واليابس وستحصد من الأرواح أضعاف أضعاف ما حصدته الثورة الشبابية إلى الآن مع كونها ستستنزفنا ماديا وسياسيا.

2- قطعنا على النظام وبعض الفصائل السياسية التي تفضل الوصول إلى مبتغاها بالحرب الطريق للوصول إلى أغراضهم بالاحتراب وسيطول أمد النظام بسببها أشهرا وربما سنوات فلا نجد بعد ذلك يمنا حتى نبنيه .

3- تم الاعتراف بالمجلس الوطني كممثل وحيد للثورة وتم تجاوز موضوع التصدع في صفوف المعارضة والذي كانت تحرص على إظهاره بعض القوى الرسمية وغيرها.

4- الاعتراف بالثورة الشبابية في الآلية يجعل المبادرة كسبا سياسيا للمعارضة وللشباب في آن واحد ويعطيهما الشرعية الدولية وبتوقيع النظام السابق عليها تكتسب الشرعية الدستورية أيضا.

5- الرعاية الدولية للمبادرة ستساعد على جلب المساعدات والاستثمارات من الخارج ودعم الاقتصاد الوطني حتى يتعافى ويتماثل للشفاء.

6- أعطينا نموذجا لزحزحة الأنظمة الدكتاتورية التي تتمتع بزخم شعبي ولو ظاهرا وتحتكر القوة العسكرية في أشخاص مقربين جدا أو من العائلة الحاكمة ولا يمكن الإطاحة بها عبر الوسائل الثورية السلمية فقط.

7- حافظنا على علاقتنا بالخليج عامة والسعودية خاصة ولا يخفى ما في ذلك من المكاسب الاقتصادية والسياسية وتوفير الاستقرار السياسي في البلد، فحرصهم على نجاح مبادرتهم يدفعهم إلى المساهمة في تحقيق الاستقرار وترك الأجندة الخاصة التي يضمرونها لليمن.

8- الآلية حددت وزمّنت المراحل المستقبلية بعد الثورة وهذا يوفر علينا عناء كبيرا ويضبط سير الإيقاع السياسي للأحزاب في المستقبل.

9- كسرت المبادرة شوكة وهيبة رأس النظام وقلصت الخيارات المتاحة له بينما حافظنا على جملة كبيرة من خياراتنا ومنها خيار المسار الثوري.

10- أضعفنا الروح المعنوية لأنصار الخصم وأعوانه ورفعنا ولو جزئيا الروح المعنوية لأنصار الثورة.

11- بتوقيع المبادرة كسبت المعارضة والشباب فرصة لإعادة هيكلة الصف الداخلي والنظر في تحديات المستقبل بعد تخلصنا من جبهة كانت تؤرق المشروع الوطني الإصلاحي.

12- أنطقنا الفئة الصامتة التي لا تؤمن إلا بسياسة الأمر الواقع ولصالحنا هذه المرة وبنسبة لا بأس بها ، يشهد لذلك الحضور الكبير لمسيراتنا وأنشطتنا الثورية بعد توقيع المبادرة.

13- المبادرة تسقط النظام بالتدريج وهذا هو الحل الأقرب لإسقاطه، فالسقوط السريع والكامل كما وقع في تونس ومصر يبدو بعيد المنال بالنسبة لظروفنا، نظرا لما يمتلكه النظام من قوة عسكرية ومادية ولما يتمتع به من دعم إقليمي ودولي مع الوضع في الاعتبار أن دعم العالم لنا لن يكون بالشكل المطلوب لعدم وجود مصالح خاصة له في اليمن خاصة مع الأزمات التي يواجهها العالم الغربي اقتصادية كانت أو سياسية .

كانت هذه هي المكاسب بحسب وجهة نظري الشخصية وإليك السلبيات التي رصده قلمي :

1- مثل توقيع المبادرة صدمة نفسية لكثير من الشباب الذين كانوا يطمعون في تحقيق نصر كامل غير منقوص.

2- قطعت الطريق أمام محاكمة رأس النظام وأعوانه الذين ولغوا في دماء الشباب .

3- أبقت على رؤوس أموال بقايا النظام والتي يمكن أن يستغلوها في وأد مشروع الثورة والإساءة إلى المعارضة وشراء الولاءات وبالذات إذا وضعنا في الاعتبار ما عرف عن الرئيس السابق من نفسية حقودة لئيمة.

4- مشاركة النظام السابق في الحكومة الائتلافية يمثل مخاطرة كبيرة إذ يمكن استغلال هذا الأمر في تقليص الصلاحيات وبث الإشاعات خاصة مع تولي المعارضة رئاسة بعض الوزارات الخدمية الهامة التي لن تتمكن من إحراز تقدم كبير فيها بسبب ضآلة الزمن الممنوح وثقل التركة.

5- استحقاقنا لمسمى الثورة يشوبه كثير من الغبش ونحن إلى التسوية السياسية أقرب منا إلى الثورة .

6- فترة التسعين يوما الممنوحة للرئيس سيستغلها بشكل كبير في الدس والتفريق وإثارة المنتفعين وتثبيت المناصرين له وربما سير المسيرات وأثار أعمال الشغب ضد حكومة الوفاق بهدف إفشالها.

7- لم تتعرض المبادرة لأبناء الرئيس وأبناء أخيه والقيادة العسكرية للعائلة مع امتلاكهم للترسانة العسكرية ويمكن أن يمثلوا حالة من التمرد سواء على الحكومة ورئيسها أو على اللجنة العسكرية المزمع تشكيلها برئاسة النائب.

8- حجر الزاوية في نجاح المبادرة وآليتها هو نائب الرئيس وهو كما يبدو شخصية ضعيفة وغير قادر على إدارة المرحلة والذي يبدو أنه ألف حياة الظل حتى أصبح لا يستطيع مفارقتها.

هذه خلاصة تأملي .. ودمتم برعاية الله.