هؤلاء قتلوا الردفاني في صنعاء.
بقلم/ د.مروان الغفوري
نشر منذ: 12 سنة
الأربعاء 26 ديسمبر-كانون الأول 2012 07:32 م

هناك حلف رباعي يعمل بمسودة مشتركة: الحركة الحوثية، إيران، فلول نظام صالح، جناح علي سالم البيض.

محمد علي أحمد في لقائه الأخير مع العربية تحدث عن جزء من الحلف: صالح، البيض، الحوثيين. قال إن إيران ترعى هذا الحلف. يرتبط كل طرف بالحلف بميكانيزم مختلف كلياً عن بقية الأطراف. لكن "قوى فاندرفالس" الفيزيائية التي تجمعهم على سطح واحد هي: العمل معاً على خلق أكبر فجوة ممكنة في اليمن. كل طرف لديه تصوره الخاص عن كيف يمكنه ملء هذه الفجوة.

في لقاء أجراه مراسل الإندبندنت مع قيادات حراكية في عدن، قبل خمسة أشهر، قالت القيادات الميدانية، المسمى جماجم ومجموعة أخرى التقاهم مراسل الصحيفة في غرفة صغيرة، إنهم سافروا إلى إيران عبر مطار صنعاء بتسهيلات مثيرة. قالوا: زرنا مؤسسات كثيرة لا نعرف بالضبط ماهيتها ولا طبيعة عملها.

في لقاء هاتفي لمراسل الصحيفة البريطانية مع ناشطة حراكية من عدن قالت الأخيرة إنها سافرت إلى طهران لكنها شعرت بالذل والعار هناك. بقية من التقتهم الاندبندنت قالوا إن الإيرانيين أبلغوهم في طهران إن مخازن السلاح والخطط والتمويل ستكون على مدار الوقت لدى الحوثيين. علق قائد ميداني حراكي: نحن نثور ضد الشمال، كيف يريدوننا أن نخضع للشمال مرة أخرى.

الأمر لا يحتاج لأبطال لفهمه. بيان الحوثيين الأخير من مشروع إعادة الهيكلة وإدانته الكاملة له، فضلا عن وصفه بأنه "مشروع أميركي للهيمنة على الجيش اليمني" يشرح معنى اغتيال شخصية عسكرية عملت في مشروع الهيكلة كالشهيد الردفاني. فضلاً عن أنها رسالة في التوقيت المناسب: لتوسيع الفجوة الزمنية بين القرار الرئاسي وبين تطبيقه، ونشر الذعر في قلوب العسكريين اليمنيين المتحمسين لتفعيله على الأرض.

بقية الحلف، مثل البيض وصالح، يهدفون إلى دفع الجنوبيين بعيداً عن الحوار الوطني. كما يخشى الحوثي من الهيكلة لأنها ستضعه في مواجهة كل الجيش اليمني، أي الإجماع الوطني بما يظهره كتمرد يواجه جيش الدولة وليس فرقة علي محسن، فإن البيض يرى في الحوار الجنوبي عملية مباشرة لعزلة عن المشهد الجنوبي وتصفير فرصة.

كان محمد علي أحمد قد أشار في لقائه بالعربية إلى ضرورة وجود دولة حازمة توقف كل العبث. وكان يقصد جماعة البيض، في المقام الأول. محمد علي أحمد هو، بالضرورة، مشروع اغتيال جديد وفقاً لأبجديات هذا التحالف. ما لم يأخذ الحيطة فإنه سيقتل. هذا أمر لا يحتاج لتنجيم. عملية اغتيال الردفاني تأتي في إطار توقعاتنا لردة فعل الحلف الرباعي على قرارات الهيكلة والعمليات الجارية لأجل الحوار الوطني.

إيران، بدورها، تخسر سوريا إلى غير رجعة. لقد أكدت لها روسيا هذا الأمر. القائد العسكري الإيراني المرموق قاسم سليماني حصل على فرصة أخيرة لتصفية الثورة السورية قبل ستة أشهر، كما نقلت وسائل إعلامية بريطانية، إلا أنه فشل تماماً. أصبح عليه أن يقدم هدية أخرى للحرس الثوري. فترتيبات الحرس تقتضي الزج بسليماني لرئاسة الجمهورية الإسلامية خلفاً لنجاد. يحتاج إلى نجاح مدوٍ، صنعاء هي اللعبة الأخيرة لهذا الجنرال المخيف. إيران تحتفظ بلبنان والعراق، وتريد أن تلعب على طريقة الكماشة بالنسبة للجزيرة العربية. اليمن هو أفضل الأماكن على الإطلاق. من يطلع على كتاب "القصة الداخلية للفوضى في العراق" الصادر قبل أشهر قليلة في أميركا سيكون بمقدوره تخيل حجم التدخلات التي خاضتها إيران في العراق للاستحواذ عليه. سيقرأ اعترافات لديفيد بتريوس: لقد هزمتنا إيران وأخرجتنا من العراق. سيقول بتريوس هذه الجملة عبر تنويعات كثيرة من التعابير الأمنية والدبلوماسية. السفير الأميركي في العراق تحدث لوسيلة إعلامية: بالنسبة لسليماني فإن الحرب الإيرانية العراقية لم تنته بعد، إنه يستكمل تلك الحرب حتى الساعة لتصفية العراق والاستحواذ عليه كلياً.

بطريقة رياضية سيكون بمقدور أي محلل عسكري أو سياسي مبتدئ تخيل إلى أي مدى يستطيع الجنرال قاسم سليماني، قائد جيش القدس في الحرس الثوري وهو جيش مهمته العمل في الدول التي تصنفها إيران بأنها تقع ضمن مجالها الحيوي، أن يتداخل مع المشهد اليمني.

أصبح واضحاً، بصورة لا تشويش فيها، أن اليمن تخوض حرباً باردة ودافئة مع إيران. لدى إيران أكثر من بروكسي في اليمن: علي سالم البيض، علي عبد الله صالح، عبد الملك الحوثي. لدى كل طرف من هذه الأطراف جيوش وأدوات وخطط. تختلف المشاريع النهائية لكن الوسيلة الآنية متفق عليها. أما رئيس الجمهورية فيخوض حرباً دون ـ كيشوتية ضد طواحين الهواء، ضد أمراء حرب وتجار خراب معروفين تماماً ومجهولين بصورة عجيبة.