عاجل: غارات جديدة على اليمن المعبقي محافظ البنك المركزي يتحدث عن أهمية الدعم المالي السعودي الأخير للقطاع المصرفي ودفع رواتب الموظفين تعز: مقتل جندي وإصابة آخرين في قصف مدفعي حوثي بجبهة الدفاع الجوي اليمن تبحث عن فوزها الأول في كأس الخليج اليوم أمام البحرين وحكم اماراتي يدير اللقاء المرأة اليمنية.. كيف توفق بين الأدوار الأسرية والمهنية؟ عاجل: تحسن في أسعار الصرف بعد الإعلان عن تحويل نصف مليار دولار كدعم سعودي لليمن ''الأسعار الآن'' واتساب تطلق برنامج وأدوات ذكاء اصطناعي قوية للشركات برنامج الغذاء العالمي يعلن تعليق الرحلات إلى مطار صنعاء واتساب يطلق خدمة جديدة ومذهلة .. إمكانية البحث مباشرةً عن الصور على الويب الفوز مطلب البحرين واليمن.. في مبارة هي الأقوى اليوم
عشتُ في صنعاء أكثر من أسبوع، حينها أضربَ عمال النظافة عن العمل، كان الأسبوع كافياً ليَظهَر لك وجه صنعاء الشاحب، وحقيقتها المؤلمة ويذكرك ببيت للشاعر اليمني عبدالله البردوني حين وصفها بأنها:"ماتت بصندوق وضاح بلا ثمن.."، ميدان التحرير أصبح ميداناً للروائح الكريهة، والأمراض المزمنة، تخرج من مسجد "قبة المتوكل" بعد روحانية العبادة، لتواجهك روائح منتنة تزكم أنفك بعنف، ودون رحمة، فكيف بالشوارع والأزقة المليئة بالقمامات؟ الأوساخ الكريهة تزيد من نتانتها الأمطار الغزيرة، حيث تهطل مدراراً، ظاهرها الرحمة، وباطنها العذاب الوشيك؛ تلامس الواقع المزري، والحال المرهق الذي يعيشه المكان والإنسان !!
فإذا أردت التحرك بين الشوارع الأخرى، فلا تبتعد كثيراً، فأنت على مقربة من "باب اليمن"، حيث المنظر السياحي والتاريخي الذي يفتخر به اليمنيون، لكنه أصبح مكباً للمحلات والدكاكين المتنقلة فهو مكتظ بالبضائع، ربما من ضيق خلقك ومشاعرك المستفزة، لا تفرق بينها وبين القمامات المتناثرة في الشوارع! بل حتى الباعة القائمين عليها لا ترى فيهم أثراً لبائع محترم، ذو هندام مرتب، بل هو أشعث أغبر يحتاج إلى من يغمسه غمسة في حمامات البخار لعله يتنظف من جراء ما ألم به من غدر أهل الزمان خصوصاً الأكابر المستكبرين وأعوانهم المتنفذين، حتى صار تبعاً لا حول له ولا قوة إلا السمع والطاعة التي تعني بكل صورها؛ المهانة والمذلة المتناثرة على أرصفة عاصمة اليمن السياسية صنعاء، ومع ذلك يقولون لا بد من صنعاء وإن طال السفر! لا شك ولا ريب لا مفر أو مهرب من السفر إليها؛ لأن المركزية المحكمة التي طبقتها تلك الطغم الحاكمة وارتضتها المعارضة، ومازالت بعد الثورة الربيعية تضطرك أن تأتي إليها في أبسط المعاملات، حتى وأنت تهمُّ بالخروج من اليمن والاغتراب في دولة مجاورة!
ولا تنس أن تذهب إلى ساحات التغيير والشوارع القريبة منها لتجد الخيام وليتك تجد معها النظام والنظافة بل تجد المنظر الذي يزيد الكآبة في نفسك والحيرة إلى ما وصل إليه الحال، ثم ابحث جيداً في صنعاء عن متنفس تجلس فيه أنت وعائلتك فأوكد لك أن مسعاك وبحثك لن يكلل بالنجاح المأمول؛ فصنعاء ليست محلاً للنزهة وشم الهواء اللطيف، بل هي مكاناً للترقب والحذر وحبس الأنفاس انتظاراً لما ستؤول إليه الأمور.
لا داعي للمجاملة، اسمعوها يا إخواننا الأفاضل؛ صنعاء لا تصلح إلا أن تكون متحفاً أو مزاراً ربما بحكم جوها الطبيعي الرائع وبشرط وجود ركيزة النظافة المهمة معه، لأنه لا يصلح بدونها، فهي لا تصلح البتة أن تكون عاصمة ترتهن لها قرابة عشرين محافظة مع نظام الوحدة، أو حتى مع عشر محافظات بعد "فك الارتباط" أو "الفيدرالية"، هي بلدة، صدق الشاعر الكبير البردوني في كل أوصافه التي أطلقها عليها، لكَ أن ترى فيها الشحوب والوجوم والجذام والبرص وو، ولك أن ترى أصنافاً وأصنافاً من البشر تتساءل كيف يعيشون؟ وعلى أي حال يصبرون؟ لكنها عادة الصبر السلبي التي تنتهي وتختفي معها المشقة المزمنة.
بقي على الساسة، أن يرحموا صنعاء من هذا الحمل الثقيل التي عجزت عن حمله فترات متطاولة، بَيْدَ أن المنتفع من حملها العظيم هم حفنة محددة من البشر ـ للأسف مازالوا بيننا - تسلطوا واستولوا على ثرواتها وأموالها وضرائب تجارها لتُبنى لهم بعد أكثر من عشرين عاماً من عمر الوحدة مؤسسات ضخمة وعمارات فارهة وبطون متخمة واستعباد لبني الإنسان؛ فأصبحت منزوعة الكرامة، مطأطأة الهامة لا صوت يعلو فيها فوق صوت مشايخ القبْيَلة !!!