سيناريوهات صالح بعد توقيع المبادرة ومصير عبدربه
بقلم/ فؤاد سيف الشرعبي
نشر منذ: 12 سنة و 11 شهراً و 3 أيام
الإثنين 28 نوفمبر-تشرين الثاني 2011 06:10 م

أخيرا وتحت الضغوط الداخلية والخارجية تم زحزحت الصخرة الكؤود , ونزع صالح قفازيه , واستل قلمه , ليمهر توقيعته الخالدة التي تنحيه ولا تبقيه , ويحس من خلالها انتزاع روحه مع آخر نقطة في التوقيع , ليبق طوال 90 يوم يتجرع الموت ولا يكاد يسيغه , يشكو ما حل به من قبل شعبه أو بعض شعبه .

وقع صالح المبادرة وهو يحاول أن يخفي ما يختلج في نفسه من قلق واضطراب , ليعبر عن ذلك في بكائيته بعد التوقيع , فيذكر العالم بحادث النهدين , وبقسوة الفاعلين , ثم يمنح شهادة حسن سيرة وسلوك للعدو الصهيوني , لينسى عبارته التي كان يكررها المتمثلة ب \" الصلف الصهيوني\".

من حق صالح أن يتباكى , ومن حقه أن تظهر عيناه وهما محمرتان دامعتان ,ومن حقه أن يُغالب البكاء بتصنع ابتسامات باهتة , يكاد يتميز من الغيض , ففي توقعيه وضع حد لأحلامه النرجسية في التمديد والتوريث واستكمال مشروع الإفقار العام .

صحيح أن وضع التوقيع كان وضع متوتر على كافة المشاركين في التوقيع على المعاهدة , من النظام أو المعارضة , فالكل رضخ لضغوط داخلية وإقليمية وعالمية , لكن الخاسر الأكبر هو من أرغم على التنحي , ومغادرة المشهد السياسي , وان كانت الضمانات المقدمة لصالح ونظامه محل اختلاف , فان عدالة السماء , والقوانين الوضعية , ومقررات حقوق الإنسان ترفض هذه الضمانات , فلا حصانة لديها لمجرم سفاح .

عقب التوقيع ظن اليمنيون أن صالح سيغادر المشهد السياسي , وانه سيحافظ على ماء وجهه , ويملك ذرات من الحياء, ليرتاح خلال فترة التسعين يوم في دول متعددة في العالم ومنها الولايات المتحدة الأمريكية , كما ورد في إفادة الأمين العام للأمم المتحدة , إلا انه خيب كل تلك التوقعات , ربما حين شعر بأنه ملفوظ مطارد من كافة مطارات العالم , فلم يحس بالدفء والأمان المؤقت إلا في دهاليز الحرس العائلي .

عاد صالح ليرسم سيناريوهات الفترة المقبلة , فهو يحس أن مرور يوم يعني اقتراب موعد لا يبشر بخير , هرم رأسه خوفا منه , ولاحقته الكوابيس في غرفة نومه قبل أن ينتزعه الشعب منها , لذا عكف ويعكف مع دهاقنته على رسم السيناريوهات التي تجعله يتنصل من المبادرة الخليجية دون مقت المجتمع الدولي ومن هذه السيناريوهات المحتملة :

السيناريو الأول : العمل على فك الارتباط بين الأحزاب وبعض شباب الساحات المستقلين من خلال ضخ الساحات بأفراد يتبعون النظام مهمتهم إظهار الحماسة للثورة والتباكي على دماء الشهداء التي فرط فيها المشترك بمجرد التوقيع , وان هذا الفعل يندرج تحت الخيانة , فهم سراق الثورة , ركبوا الموجة ثم تسلقوا على ظهور الشباب ليصلوا إلى الكعكة والغنيمة , ومن يشارك في الاعتصامات و المسيرات يلحظ ذلك جيدا , إلا أن وعي الشعب أقوى من هرطقة الأمن القومي .

السيناريو الثاني : إظهار المعارضة بمظهر عدم الالتزام بكافة بنود المبادرة والآلية التنفيذية , وقد لمح صالح إلى ذلك من خلال أول خطاب له بعد التوقيع على المبادرة والعودة إلى اليمن , حيث أشار إلى ضرورة رفع الإعتصامات وتوقيف المسيرات لنية خبيثة مبيته في نفسه , وهي من قِبل حسن النوايا التي أشار إليها مرارا .

السيناريو الثالث : تفجير الوضع الأمني والعسكري , وتفعيل عميلة الاغتيالات , وخلط الأوراق , وجر حماة الثورة إلى مربع العنف , ورد الفعل , ليظهر عدم جدوى المبادرة في وضع كهذا , ليساوي بين الضحية والجلاد في نظرة الأمم المتحدة للوضع .

السيناريو الرابع : عرقلة تشكيل حكومة الإنقاذ من خلال إضاعة الجهد في قبول ورفض بعض شاغلي الحقائب الوزارية لكسب مزيد من الوقت .

السيناريو الخامس : إظهار عجز الحكومة المقبلة , ووضع كافة العراقيل أمام أدائها , ليظهر السخط الشعبي والثوري ضدها , ولا مانع حينها من اعتصام الموالين للنظام مع الشباب في الساحات لإسقاط الحكومة سلطة ومعارضة , وهذا سيناريو وهدف يكاد أن يكون على قائمة الأولوية .

السيناريو السادس : عرقلة أداء اللجنة العسكرية المنوط بها إعادة هيكلة الجيش ويمكن أن يتم تأخير ذلك , حتى تمر فترة التسعين يوم وكأنك يا أبو زيد ما غزيت .

السيناريو السابع : قيام النتوآت التي صنعها صالح لعرقلة تنحيه , وما تقوم به جماعة الحوثي هذه الأيام من تمدد وتوسع في حجة وغيرها من المدن, وحصار إخوتنا في دماج , وإزهاق الدماء البريئة بخبث طائفي ارعن بدعم من النجل الأكبر لصالح , وهو مكافأة لدعاة السلفية التي لم تألوا جهدا في دعم النظام والتمسح بقدم صالح الذي رمى بهم إلى وجه المد الفارسي , وكذلك يلوح في الأفق بوادر تسليم عدن والبيضاء لما يسمى بالقاعدة والمجاميع المسلحة , إضافة إلى رفع إعلام الانفصال بدعم رسمي هادف .

السيناريو الثامن : قطب الرحى في المبادرة مرتبط باللواء عبدربه منصور هادي , فان لم تنجح السيناريوهات السابقة , فلن يتورع رأس النظام من تصفيته واغتياله بطريقة بشعة مرتبة تشير أصبع الاتهام فيها نحو المعارضة , خصوصا وان منزله يقع في نطاق حماية الفرقة , لتنتهي المبادرة إلى الأبد , وهذا اقرب طريق إلى روما .

هذه السيناريوهات السبع المحتملة , ولن يعدم النظام حيلة فيها وفي غيرها ستتحطم بإذن الله على عتبات الدماء المطهرة التي أهرقها صالح , فأذنت بنهاية تناسب قبح جرمه .

وستتحطم أيضا بفضل وعي الشباب في الساحات ,سواء كانوا حزبيين أو مستقلين , والأحزاب التي وقعت على المبادرة في الوقت الذي أوعزت إلى كافة منتسبيها ألا يألو جهد في التصعيد الثوري , وفي حماية مسيرة هذه الثورة الشبابية الشعبية السلمية , وهو تكتيك بارع , وخبرة في التعامل مع صالح , تلك الخبرة التي كسبتها المعارضة لطول العهد المضني معه , وهي الحسنة الوحيدة التي تعد لصالح والتي أوقعت به , بعد أن ألقى حباله وعصية , وقال بعزته انه الأكثر مالا وتسليحا , ليلقي الشباب عصا الثورة التي ستلقف أفك صالح ونظامه المترهل .