هروب قادة الدعم السريع من الخرطوم والجيش السوداني يضيق الخناق عليهم في كل الجبهات
تحركات دبلوماسية مصرية لمنع استئناف العدوان الإسرائيلي على غزة
العميد طارق صالح يتفقد مسرح العمليات العسكرية في محور الحديدة
تحضيرات مبكرة لموسم الحج ووكيل قطاع الحج والعمرة يتفقد مخيمات الحجاج ويبحث جهود التنسيق مع ضيوف البيت
شرطة حراسة المنشآت وحماية الشخصيات بمارب تحتفل بتخرج دفعة الشهيد شعلان
عيدروس الزبيدي يجدد تمسكه بخيارات الانفصال ويدعو القوات المسلحة الجنوبية الى رفع الجاهزية
رئيس مجلس الوزراء يناقش معالجة التقلبات السعرية للريال اليمني
إفتتاح مشروع مجمع الأناضول السكني لذوي الاحتياجات الخاص بمحافظة مأرب وبتمويل تركي
إشهار رابطة صُنّاع الرأي – أول كيان إعلامي يجمع الإعلاميين والناشطين بمحافظة مأرب
نصائح لتجنب الصداع و الإعياء في الأيام الأولى في شهر رمضان
من المهم التريث في تناول عصر صالح الذي انقسم إلى مراحل مختلفة امتدت من يوليو ١٩٧٨ إلى ٢١ فبراير ٢٠١٢ ثم يضاف إليها المرحلة التي تلتها وانتهت بقتله على يد ميليشيات الحوثيين في ٢٠١٧؛ لأن المشاعر التي تحيط بظروف أيامه الأخيرة مازالت غامضة تاركة الخيالات تشرح ما جرى حسب هوى كل طرف محبا كان أو حاقدا، ولكن المؤكد أنه سيظل صاحب التأثير الأهم في تاريخ اليمن في مرحلة ما بعد ١٩٦٢ بكل أخطائه وإيجابياته.
سيظل تفسير لغز مقتله غير ممكن الآن، خصوصا أنه جاء بعد أيام قليلة من إعلانه فض الشراكة مع الحوثيين بل والانقلاب على كل التفاهمات التي كانت بينهما، وإن لم تصل إلى حد التحالف، والتي بدأت مع انطلاق عاصفة الحزم، وكان دخوله فيه متناقضا مع عقلية صالح ونفسيته، والأهم متعارضة مع إيمانه بالنظام الجمهوري كواجهة وليس كممارسة، وكان يرى فيه سندا للدفاع عن حكمه ضد من كان يصفهم بالكهنوت ودعاة عودة الإمامة.
جاءت المشاهد التي تعمد الحوثيون تصويرها صادمة إنسانيا، وقاموا بتوزيعها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتصرفوا بخسة غير مسبوقة تعطي صورة جلية لبداية مرحلة من الانتقام والترويع لم تتوقف عند صالح وأقربائه، بل بدأت تطال الكثير من الذين عملوا معه أو كانوا محسوبين عليه، وكان مدهشا حد الفجيعة كيف تصرفت النساء المنتسبات لميليشياته في قمع مسيرة نسائية كانت تطالب بالإفراج فقط عن جثته، فكيف لو كانت تجمعات للمطالبة بحقوق نهبها الحوثيون وبالحريات العامة والخاصة.
سارت علاقة صالح بالحوثيين في منعرجات مختلفة من الكراهية والحرب بين ٢٠٠٤ إلى ٢٠١٠، ثم إلى التفاهم بين ٢١ يناير ٢٠١٥ حتى ٢٦ مارس من ذات العام حين بدأت عاصفة الحزم، بعدها زادت محاولات ردم الفجوة النفسية بينهما إلا أن عوامل الشك كانت عميقة إلى حد لا يمكن تجاوزه، واستبعد الحوثيون صالح وحزبه من المشاركة في صنع القرار، وعزلوا كوادر المؤتمر الشعبي العام من كل المواقع في الدولة إلا من أظهر لهم الولاء والطاعة، بينما كان خصومه يصرون على أنه المدبر والمدير لكل ما يفعله الحوثيون، وفرت أغلب قياداته التي أثرت في عهده خوفا من البطش بهم وهو عمل يمكن تبريره إلا أن الأسوأ كان مشاركتهم في إقناع الإقليم والعالم بأن غياب صالح سينهي المشكلة في اليمن، وعمدوا إلى تشويه سمعته وكل من بقي معه في الداخل. في كل جريمة سياسية لا يكون المنفذ أكثر من أداة طيعة لسيد أغراه بمال أو أقنعه بأحقية ما ارتكب أو معتوه لا يدرك تبعات عمله، وفِي كل الأحوال كان الحوثيون الذين ارتكبوا هذا الفعل البشع مجموعة ظهرت على وجوههم وفِي كلماتهم أنهم قتلة محترفون زينوا جريمتهم بشعارات تفصح عن عملية تعبئة استمرت لسنوات كانوا يتلهفون خلالها لارتكاب فعلتهم التي بينوا فيها احترافية شديدة دون تردد ولا تأنيب ضمير.
قتل صالح، وكثيرون ساهموا في هذه النهاية التراجيدية التي ستجعل الوقت يقصر كثيرا للوصول إلى نهاية للمعارك العسكرية التي لم يرغب بها وكان يستعجل وقفها؛ لأنه يدرك أن نهاية الحوثيين بنهاية الحرب، وربما كان يتصور أنها ستمنحه عمرا سياسيا جديدا.
جاءت نهاية الرجل كمشهد النهاية في روايات أجاثا كريستي حين يكتشف القارئ أن الضحية قتله كثيرون لأسبابهم الخاصة، من الذين رغبوا في الأخذ بالثأر في حالة الحوثي، إلى الطمأنينة عند أعوانه الذين هربوا ولن يشعروا بالحرج بعد اليوم، وكذا خصومه الذين جاءت نهايته بطريقة تشبع قليلا من حقدهم عليه، لكنها منحته قدرا أكبر عند الناس وهبطت بأسهمهم، ويكفي أن نقرأ كيف حرضت داعية سلام الحوثيين لقطع رأس الأفعى فتنتهي في نظرها محنة اليمنيين.