آخر الاخبار

رسائل دول الخليج من العاصمة دمشق لسوريا وللعرب وللمحور الإيراني المليشيا تجبر طلاب جامعة ذمار على إيقاف الدراسة للإلتحاق بدروات طائفية وعسكرية تشمل التدرب على الأسلحة المتوسطة والثقيلة تعرف على الأموال التي سيجنيها ريال مدريد في حال تتويجه بكأس العالم للأندية 2025؟ أول دولة أوروبية تعلن تقديمها الدعم المالي لسوريا توكل كرمان : الشرع يدير سوريا وفق الشرعية الثورية وتشكيل حكومة شاملة بُعَيْدَ سقوط نظام الأسد نكتة سخيفة خمسون قائداً عسكريًا سوريا ينالون أول ترقيات في الجيش السوري شملت وزير الدفاع.. مأرب برس يعيد نشر أسماء ورتب القيادات العسكرية 1200 شخصية تتحضر للاجتماع في دمشق لصناعة مستقبل سوريا .. تفاصيل عاجل الإنذار الأخير ... واتساب سيتوقف عن العمل على هذه الهواتف نهائياً أجهزة الأمن بمحافظة عدن تلقي القبض على عصابة تورطت بإختطاف النساء ...تفاصيل صحيفة هآرتس: الاتفاق السعودي الحوثي معضلة أمام إسرائيل في حربها ضد الحوثيين ... قراءة تل ابيب لمشهد الحسم العسكري المتأرجح

لا تحزنوا.. فالإنجاز عظيم
بقلم/ عبد الباري عطوان
نشر منذ: 14 سنة و 6 أشهر و 28 يوماً
الثلاثاء 01 يونيو-حزيران 2010 09:43 م

من المؤكد ان بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الاسرائيلي وافراد حكومته اليمينية المتطرفة، لا يتخيلون حجم الانجاز الكبير الذي قدموه الى الشعب الفلسطيني، والامتين العربية والاسلامية باقترافهم مجزرة سفن قافلة الحرية في عرض البحر المتوسط، وقتل حوالي عشرين من المجاهدين على ظهرها واصابة العشرات.

صحيح اننا خسرنا عشرين شهيدا معظمهم من الاتراك، ولكننا كسبنا اكثر من سبعين مليونا من ابناء الشعب التركي الى جانب القضية المركزية الاسلامية الاولى، واصبحوا يقفون بصلابة في الخندق الآخر المقابل لاسرائيل.

الدماء التركية التي تعانقت مع نظيراتها الجزائرية والفلسطينية واكثر من خمسين جنسية اخرى من مختلف الوان الطيف الاسلامي والعالمي، هذه الدماء كانت بمثابة المفجر لصحوة عارمة على طول تركيا وعرضها وقد تدفع بالكثيرين للمطالبة بالثأر لها بالطرق والوسائل كلها.

المجازر التي ترتكبها الحكومات الاسرائيلية سواء على الارض في غزة او في البحر باعتراض سفن الاغاثة تعادل جهد عشرات السنوات ومئات المليارات التي يمكن ان ينفقها العرب والمسلمون لفضح الوجه الدموي البشع للغطرسة والغرور الاسرائيليين على مستوى العالم بأسره.

الفضل كل الفضل يعود الى مجموعة من المجاهدين قرروا ركوب البحر انتصارا للمحاصرين المجوعين في قطاع غزة، فهؤلاء المتطوعون المدنيون الذين يتصدون للظلم الاسرائيلي بصناديق الدواء واكياس الاسمنت، واكياس الدقيق وعلب الزيت، ويرفضون الرضوخ لاوامر القراصنة الاسرائيليين بالعودة الى حيث اتوا، حققوا معجزات لم تحققها جيوش عربية جرى انفاق مئات المليارات من الدولارات على تسليحها وتدريبها وعلفها وتسمينها.

' ' '

قافلة الحرية هذه جاءت هدية من الله لنصرة المحاصرين المجوعين في قطاع غزة، وصاعقة ربانية اصابت اسرائيل وحلفاءها في مقتل.

اولا: فضحت التواطؤ الرسمي العربي مع الحصار المفروض على قطاع غزة، وكسرت كل عمليات التعتيم والتضليل الاعلامي المستمرة، واعادت القضية الفلسطينية كلها، وليس حصار غزة الى صدر الاحداث مجددا.

ثانيا: اظهرت ردود الفعل الدولية المدنية والرافضة لهذا التغول الاسرائيلي في مواجهة اناس عزل ان الحكومات العربية، خاصة تلك التي انخرطت في معاهدات سلام مع اسرائيل غير معنية بمأساة المحاصرين او الشهداء الذين دفعوا حياتهم ثمنا للفت الانظار الى مأساتهم. فالاردن ومصر على سبيل المثال اكتفيا باستدعاء السفير الاسرائيلي في عمان والقاهرة للاحتجاج، تماما مثل السويد والنرويج واسبانيا.

ثالثا: لاول مرة نرى المصالحة الفلسطينية اكثر قربا من اي وقت مضى، فقد ادانت سلطة رام الله المجزرة الاسرائيلية، واعلنت الحداد ثلاثة ايام تضامنا مع ضحاياها، وطالبت بعقد جلسة طارئة لمجلس الجامعة، واخرى لمجلس الامن الدولي. هذا يعني ان المصالحة الحقيقية يمكن ان تتم على ارضية المقاومة، وليس على ارضية المساومة والمفاوضات العبثية.

رابعا: هبطت المجزرة والقرصنة الاسرائيليتان باسرائيل الى مستوى القراصنة، مع فارق اساسي وهو ان القراصنة في اعالي البحار لا يمثلون حكومة تدعي انها الديمقراطية الوحيدة في المنطقة، ورسول قيم الحضارة الغربية، والاكثر من ذلك ان هؤلاء القراصنة تعرضوا هم انفسهم للقتل وفي افضل الاحوال للمثول امام محاكم غربية كمجرمين، ونأمل ان يواجه الاسرائيليون، وخاصة ايهود باراك الذي خطط لها، ونتنياهو الذي اقرها وباركها المصير نفسه، اي المثول امام المحاكم الدولية كمجرمي حرب.

خامسا: جاءت هذه العملية الاجرامية الدموية الاسرائيلية بمثابة عجلة انقاذ لايران ولرئيسها احمدي نجاد، فقد اظهرت للعالم باسره ان اسرائيل وليس ايران التي تهدد الامن والسلام العالميين وترتكب جرائم ضد الانسانية الواحدة تلو الاخرى.

سادسا: كان رد فعل الحكومتين البريطانية والامريكية مخجلا للغاية، ويشكل وصمة عار في تاريخهما، ويهدد فعلا ارواح جنودهما في العراق وافغانستان لانحيازهما الفاضح للمجازر الاسرائيلية، فحكومة بريطانيا التزمت الصمت بينما اكتفت ادارة الرئيس اوباما، التي ترعى العملية السلمية، بالتعبير عن الاسف لسقوط قتلى وجرحى، وقالت انها تعمل لمعرفة 'الملابسات' المحيطة بهذه المأساة.

سابعا: المتطوعون الذين كانوا على ظهر السفينة 'مرمرة' التركية ومعظمهم من النواب والسياسيين واعضاء منظمات انسانية، اظهروا شجاعة نادرة يستحقون عليها التهنئة، عندما رفضوا الاستسلام لقوات الكوماندوز الاسرائيلية التي اقتحمت سفينتهم واعتدت عليهم، وقاوموها برجولة تحسب لهم. فقد كانوا يدافعون عن انفسهم وكرامتهم، ويتطلعون الى الشهادة وهم واقفون مثل الرماح.

' ' '

دروس كثيرة مستفادة من هذه الواقعة المجيدة، ابرزها ان الارادة اقوى من كل الاسلحة الحديثة المتقدمة، والمقاومة باشكالها كافة في مواجهة عدو متغطرس لا يحترم مواثيق او قوانين هي الطريق الامثل لتحقيق الاهداف المنشودة في الحرية والاستقلال والعدالة.

هذه المجموعة المجاهدة المؤمنة بقيم العدالة المنتصرة للضعفاء المحاصرين المجوعين، قدمت نموذجا مشرفا للعالم باسره باصرارها على المضي قدما في مسيرتها رغم الصعوبات العديدة، ورفضت كل التهديدات وعمليات الترهيب والارهاب.

المجزرة الدموية الاسرائيلية هذه التي استهدفت القافلة وابطالها، تؤرخ لبدء العد التنازلي لانهيار النظام العنصري الاسرائيلي البغيض، مثلما تؤرخ لنشوء قوة شعبية عربية واسلامية تتجاوز انظمة التواطؤ والعجز المفتعل وترسخ لوحدة الشعوب جميعها خلف قضايا الحق والعدل.

نقول شكرا للشعب التركي وقواه الحية، وشكرا ايضا للحكومة التركية بقيادة رجب طيب اردوغان ورفيق دربه عبدالله غول على تبنيها لقوافل كسر الحصار، وتسخير موانئها كنقطة انطلاق لها، وهي خطوة لم تقدم عليها الغالبية الساحقة من الحكومات العربية، والكبرى منها على وجه الخصوص.

واخيرا لا يمكن ان ننسى او نتناسى الشيخ الرائد رائد صلاح والمطران كبوجي وكل الشرفاء الآخرين، الذين واجهوا الرصاص الاسرائيلي بصدورهم العامرة بالايمان ولم ترهبهم الطائرات والقنابل والرصاص الحي، فهؤلاء رموز الانسانية قبل ان يكونوا رموز الامة، ونأمل ان يكونوا بخير لكي يواصلوا المسيرة ويعيدون الكرة مرة اخرى.

ابناء غزة المحاصرون، الذين ابتدعوا القنابل البشرية، وصنّعوا الصواريخ، ودخلوا التاريخ بهندسة الانفاق لكسر الحاصر، والوصول الى قلب المستوطنات والقواعد العسكرية الاسرائيلية، هؤلاء الذين اصطفوا على طول الشاطئ لاستقبال ابطال القافلة وسفنهم سيزدادون ايمانا بعدالة قضيتهم التي ليست كسر الحصار فقط، وانما العودة الى حيفا ويافا والمجدل والبطاني وعكا والفالوجة والقدس وكل بقعة في فلسطين، هؤلاء ادركوا انهم لا يقفون وحدهم، وان حلمهم هذا بات تحقيقه وشيكا جدا.

*عن القدس العربي