صحيفة أمريكية تتحدث عن تورط دولة كبرى في تهريب قائد في الحرس الثوري من صنعاء أردوغان يكشف ما تخبئه الفترة المقبلة وأين تتجه المنطقة .. عاصفة نارية خطيرة اجتماع حكومي مهم في عدن - تفاصيل بن مبارك يشن هجوما لاذعا على موقف الأمم المتحدة وتعاطيها الداعم للحوثيين وسرحد فتاح يكشف عن نتائج تحركات المستوى الوطني والدولي وزير الدفاع يقدّم تقريرا إلى مجلس الوزراء بشأن مستجدات الأوضاع الميدانية والعسكرية قطر تقدم تجربتها الأمنية في إدارة الجوازات والخبرات والتدريب لوزير الداخلية اليمني إسبانيا تُواجه كارثة هي الاولى من نوعها... حداد وطني وعدد الضحايا في ارتفاع المليشيات تستكمل «حوثنة» الوظيفة العامة بقرارات جديدة لماذا تعرقل إيران انضمام تركيا إلى البريكس؟ إغتصاب الأطفال.. ثقافة انصار الله في اليمن
مأرب برس/ استعراض الدكتور عبد القادر الجنيد
أعد معهد راند لأبحاث الدفاع القومي الأمريكي، دراسة عن الصراع بين الحكومة اليمنية والحوثيين، شمال اليمن، تعرضت لكل عواملها الاجتماعية والثقافية والسياسية والعسكرية.
هذه الدراسة مهمة لمحللي المخابرات، وواضعي الخطط العسكرية المهتمون بأمن الجزيرة العربية واليمن والقرن الأفريقي، وراعي هذه الدراسة هي وكالة الاستخبارات العسكرية الأمريكية، فرع الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
عنوان الدراسة هو «الظاهرة الحوثية.. العلاقة بين مركز نظام الحكم والتخوم في شمال اليمن»، من إعداد « باراك ا. سالموني، برايس لويدولت، مادلين ويلز»..
Regime and Periphery
in Northern Yemen
The Huthi Phenomenon
Barak A. Salmoni, Bryce Loidolt, Madeleine Wells
Review in Arabic by Dr. Abdulkader Alguneid
ملخص الدراسة
بالرغم من استعمال الحكومة اليمنية لكل أساليب القوة العسكرية والوسائل المتاحة لها، فإنها لم تستطع طوال ستة سنوات أن تخضع الحوثيين لسيطرتها. البداية، كانت في صيف 2004، عندما ابتدأت هتافات ضد ألأمريكيين والإسرائيليين، في العاصمة صنعاء، لتدخل بعد ذلك في أطوار متلاحقة من الحروب تخللتها استراحات قصيرة. وبالرغم من كل قوة الحكومة اليمنية العسكرية ٍووساطات الدول الإقليمية، إلا أن الحروب، استمرت طوال الوقت في صعدة، ثم تمددت لاحقا جنوبا.
وفي هذا الصراع الحوثي-الحكومي اليمني، تستعمل القوة العسكرية التقليدية والأسلحة الثقيلة ضد مجموعات صغيرة من المقاتلين المؤقتين، ونتج عن هذا خسائر فادحة لشمال البلاد. الضحايا، تقدر أعدادهم مابين المئات إلى 20.000 ، وأعداد النازحين، تصل إلى 150.000 في مختلف أنحاء البلاد، بينما تم القبض علي 3.000 شخص بتهمة تأييد الحوثيين. وفي نفس الوقت، فان التعتيم علي الأخبار والأنباء، يحجب معرفة مدي وحجم الدمار الذي لحق بمناطق الصراع.
في الأساس، الصراع بين أسرة الحوثي ونظام صالح، ليس بين مجاميع قبلية مختلفة. وبالمثل، فانه في بدايات الصراع، فبالرغم من أن التمرد الحوثي، كان نتيجة عودة الروح إلى الزيدية، وتحت قيادة نخب زيدية كاريزمية، إلا أنها، لم تعلن معارضتها الصريحة وإنكارها لشرعية الحكومة اليمنية. كما أن هذا التمرد الحوثي، لم يكن في بدايته، امتدادا لـ"الهلال الشيعي" العابر للأوطان والحدود.
في الواقع ، فإن هذا الصراع هو نتيجة تقاطع عاملي كل من عدم الرضي عن سوء الأحوال المعيشية ودعاوي الحفاظ علي الهوية الزيدية، مع عاملي أساليب مركز النظام في ممارسة الحكم و ترسيخ شرعيته. وبمرور الأيام، اكتسب الصراع أطيافا جديدة من الألوان وظلال بسبب دخول العامل القبلي وبسبب مرارة الصراع والتحديات المعلنة، الأمر الذي جعل الوصول إلي حل، بعيد الاحتمال.
خلال كل مراحل الصراع، شكلت أسرة الحوثي رأس الحربة لمناوأة السياسات الداخلية والخارجية لنظام صالح، في شمال اليمن، ولهذا، سعت الحكومة إلى القضاء علي الأسرة وتأثيرها في اليمن، كما استهدفت الأفراد والمجاميع والكيانات المتعاطفة معها.
فشلت حكومة اليمن في القضاء علي التهديد الحوثي، لأنها عجزت أن تدرك أنه نتاج نسيج اجتماعي ثقافي غني ومتين القوام، بدرجة أكبر مما هو ظاهر. وهذا النسيج المركب، المتعدد الأبعاد، هو ما يجب دراسته لفهم الصراع بين الحوثيين والحكومة اليمنية:
- البعد الأول هو السياق/ السياق الذي جرت فيه أحداث صعدة:
سياق ثنائية تقنيات وأساليب نظام صالح في ممارسة الحكم، والظروف المحلية.
أساليب نظام صالح:
منذ تولي صالح للحكم في1978، لم يحاول إدخال نفوذ الحكومة إلى صعدة.، ولكن اعتمد سياسة التعايش مع قادة القبائل، التي بموجبها تعتبر السيادة في مناطقهم للدولة، بدون أي نفوذ أو تواجد للحكومة. وبهذا، فان الاستقلال الذاتي النسبي التاريخي لصعدة، امتد حتى العقد الأول من الألفية الجديدة.
الظروف المحلية:
مزيج من شحة في الموارد, وتضاريس جغرافية وعرة. تجمعات سكانية صغيرة متناثرة، معزولة عن بعضها بالصحاري والجبال، تعاني من إعاقة في الحركة ومحجوبة عن التأثير أو الاختراق الخارجي. أي أن البقاء علي قيد الحياة، يعتمد إلى حد ما علي درجة من الاكتفاء الذاتي، بالإضافة إلى الحفاظ علي طرق التجارة بين المناطق.
أيضا، الظروف البيئية، لم تسمح بتراكم الثروة الذي يؤدي إلى التفاوت الطبقي الاقتصادي والاجتماعي.
هذا السياق الجغرافي الطبيعي، ضخم الشعور بالهوية المحلية، وأنتج منظومة القيم، المعروفة بالقبيلة أو القبائلية، التي بموجبها تتفوق اعتبارات الاستقلالية للفرد، والشرف الجمعي للقبيلة علي كل اعتبارات القوانين أو الشرائع الأخرى.
وبموجب الشرف القبلي، يساند الفرد أبناء قبيلته، ويهب لنجدة النساء، أو أي من المجموعات الدنيا التي في حماه، ويحمي ممتلكات وأراضي الفرد أو القبيلة. وللقبيلة شيخ، يقوم بدوره في الوساطة وحل النزاعات بين الأفراد والمجاميع والقبائل الأخرى، كما يحرص علي الحفاظ علي طرق التجارة وأمن الطرق والسفر والانتقال، كما يحافظ علي ممتلكات القبيلة وأراضيها.
المذهب الزيدي:
ثم يأتي في السياق الدين كرابط اجتماعي قائم علي وحدة العقيدة و الممارسات الدينية. شمال اليمن، هو معقل المذهب الزيدي، وصعدة هي قلب هذا المعقل الزيدي. وهم يجلون علي بن أبي طالب وآل البيت، ويعتبرونهم الورثة الشرعيون للحكم والقيادة السياسية (الأئمة) للأمة الإسلامية.
وبالرغم من إن الزيود أقلية بين الشعب اليمني إلا أنهم تاريخيا حكموا اليمن الشمالي. في قمة التراتبية الهرمية الزيدية التقليدية، تأتي طبقة اجتماعية دينية، هم السادة أو الهاشميون الذين ينحدرون من سلالة أسرة النبي(الرسول محمد، صلعم)
- البعد الثاني هو جذور الخلاف، ابتداء من السبعينات إلى أواخر التسعينيات.
في السبعينيات، حدث نمو وتطور في المناطق الغنية بالموارد وأهملت الحكومة تطوير مناطق حجة وعمران وصعدة، واستمر حرمان هذه المناطق إلى الثمانينات وما بعدها.
هبوب رياح التغيير:
الاختلاط داخليا وخارجيا – التراتبية الهرمية – الاختلاط بالنسب بين الطبقات المختلفة – حزب الحق والشباب المؤمن.
شهدت هذه الفترة، أولا، تعرض الشباب الزيود للاختلاط ببعضهم البعض، سواء بذهابهم إلى مدارس خارج مناطقهم، أو بالتجارة وبدؤوا بالشعور بالمأزق إلى تعيشه صعدة ككل، وشمال اليمن ككل، والمذهب الزيدي ككل. وبهذا نشأ نوع من " المجتمع التخيلي" في رؤوسهم، يتجاوز القرية، والمديرية، والمحافظة.
وشهدت هذه الفترة، ثانيا، خروج أكثر لأبناء صعدة إلى العالم الخارجي، سواء إلى العاصمة صنعاء أو إلى دول الخليج، أو إلى حوض البحر المتوسط سواء للدراسة أو العمل.
التطور الذي حدث لهذا الجيل من الشباب الزيدي، نتيجة التعرض للعالم الخارجي، قدر له أن يتسبب باضطراب المنطقة، ويبذر بذور التمرد في مرحلة لاحقة.
- أولا، بسبب ارتفاع نسبة التعليم، والسفر، والتعرض للعالم الخارجي، جعل هؤلاء الشباب يحسون بالتغييرات السياسية والاجتماعية الجارية التي تؤثر علي بقية المسلمين في سائر الشرق الأوسط. ويشمل هذا ارتفاع توقعاتهم لمستويات الحياة المادية التي يجب أن ينعموا بها، وخيبة أملهم من أداء وسلوك حكامهم العلمانيين، ومشاهدتهم لعودة الروح إلى بعض مناحي و مظاهر الإسلام.
وكان اختراق السلفية الوهابية لمناطق صعدة، في هذه الفترة، وردة الفعل المصاحبة سببا إضافيا لعودة الروح للمذهب الزيدي. وكانت السلفية تتلقي الدعم من اليمنيين العائدين من السعودية، ومن المناطق السنية الشافعية. وكان من اعتنق الوهابية، حديثا، من أنحاء صعدة ينشرون الدعوة لمذهبهم بحماس منقطع النظير. وبقيام الوحدة اليمنية في 1990، تلقت الوهابية المحلية في صعدة الدعم من حزب الإصلاح، شبه الإسلامي، الذي من خلاله، سرب نظام صالح التمويل للسلفية الوهابية ليخدم غرضين: زيادة تأثير ونفوذ نظام صالح في المنطقة، وممالأة السلفيين السنة، في صنعاء، الذين يمكن أن يكونوا سببا للإزعاج.
أي أن عودة الروح للزيدية، كانت رد فعل لتحديات وتهديدات عقائدية، بالإضافة إلى رؤيتهم بأن النظام يعارض الزيدية كمذهب.
– الأمر الثاني، الذي جعل تطور هذا الجيل من الشباب الزيدي، سببا لاضطراب صعدة هو التراتبية الهرمية التقليدية.
فالعديد من شباب الزيود، من أبناء القبيلة، الغير هاشميين، تفوقوا في العلوم الدينية، مما جعلهم يشكلون تحديا لطبقة السادة الهاشميين. وكذلك، فان أبناء الأسر القبلية، لم يعد يعجبهم أن يأتوا في درجة أدني من الهاشميين. وفوق هذا، فان عناصر محلية غير قبلية، في أدني السلم الاجتماعي، اكتسبت من التعليم والثروة، ما جعلها تتطلع إلى ما تستحق من مكانة أرفع. البعض من كل هؤلاء وجد في الوهابية أداة للوقوف ضد هيمنة الطبقة الهاشمية والبعض الآخر، اعتنق الوهابية للتنقيص من قدر القبيلة والمشايخ. ولكن كذلك، انتفض آخرون، كانوا قبائل أو غير قبائل(هجرة)، للدفاع عن المذهب الزيدي وممارساته في مواجهة الهجوم السلفي.
(أي أن الشباب الزيدي الغيور من هاشميين وغيرهم، سخطوا علي تدهور أحوال مذهب الزيدية وهم من كونوا،لاحقا، الشباب المؤمن ، وفي نفس الوقت فأن آخرين من الساخطين علي التراتبية الهرمية، سواء كانت علو شأن السادة الهاشميون، أو مشائخ القبائل على القبيلي العادي أو المواطن "الهجرة" وهؤلاء هم عماد السلفية المحلية، في صعدة. وابتدأ شباب صعدة من الجانبين خصومة، لم ولن تتوقف.)
وفي منتصف التسعينات، نشأ عن هذه التوترات الاجتماعية الاقتصادية المجتمعية العقائدية، عنف بين القبائل والمذاهب. وتوقف العنف في أواخر التسعينات، إلا أنه لم يلتفت أحد إلى بحث دوافعه وفهمه.
- المظهر الثالث في التغييرات الاجتماعية، هو ازدياد الاختلاط بين طبقات المجتمع، وهذا به تناقض مع ما ذكر سابقا. ابتدأ الرجال الهاشميون بالزواج من نساء الأسر البارزة في القبيلة، بمعدلات أكبر.
كما أن أثرياء "الهجرة" ( سكان المنطقة المحليين، المحميون بالقبيلة)، ابتدءوا بالارتقاء في الاقتصاد ومناصب الحكم المحليين، فخلقوا تحالفات مع المشائخ والهاشميين. ونتيجة لهذا، تنوعت الشبكات الاجتماعية، وأصبحت متشابكة الخيوط، فبينما كان الصراع الزيدي- الوهابي، يغطس و يطفو، فأنه، عمليا، أصبحت هذه الشبكات هي أدوات التعبير عن هذا الصراع.
- الأمر الرابع والأخير، في تغيرات الجيل الجديد والصراع العقائدي، تم التعبير عنه سياسيا واجتماعيا في حزب الحق والشباب المؤمن.
* أسس كبار الهاشميين حزب الحق في منتصف التسعينات للتعبير عن مصالح الزيدية، في مواجهة التغييرات الناشئة عن الوحدة اليمنية والتمدد السلفي في معاقلهم.
* والأمر اللافت للنظر أكثر هو أن الشباب الزيود الذين ذكرناهم، المنحدرين من أصل قبلي أو هاشمي، والذين تعرضوا لرياح جديدة واختلطوا مع الآخرين في داخل صعدة، وخارج المحافظة، ابتدءوا بإنشاء شبكات ارتباطات، وأندية رياضية، ومعسكرات صيفية، في مدارس داخلية محلية. وابتدأ تسمية هذه الشبكات بالشباب المؤمن. من ضمن مؤسسيها، كان أبناء بدر الدين الحوثي، وهم سادة هاشميون رفيعي الحسب والنسب.
* ولقد تجسدت في كل من حزب الحق والشباب المؤمن، إعادة التأكيد علي الهوية الزيدية والتعاليم الزيدية. وهم، دافعوا أيضا عن أجندة، ركزت علي حاجات صعدة المادية والسياسية والعقائدية. وحتى نهايات التسيعنات، أعطي نظام صالح بعض المساحة السياسية (الدعم) لحزب الحق، وقدم التمويل للشباب المؤمن كجزء من ترتيبات لاحتواء التأثير الإصلاحي/الوهابي.
* ابتدأ تنظيم الشباب المؤمن، يخبو، بحلول عام 2000. وفي هذا الوقت، تضافرت عدة عوامل للتنقيص من سيطرة الحكومة اليمنية علي المنطقة. هذه العوامل كان من ضمنها: الصراع الديني، المصحوب بشكوك الزيود لمساندة نظام صالح للسلفيين، وعدم الرضا عن عدم اهتمام صنعاء بالاحتياجات المادية لصعدة، والتغيرات التي حدثت للأجيال الجديدة، وتناقص تأثير المشائخ علي قبائلهم، واحتباس المناخ الديمقراطي الذي نشأ بعد حرب 1994. وفي نفس الوقت، قللت هذه التطورات من فاعلية وتأثير أسلوب نظام صالح التقليدي في التعايش مع القبيلة (فرق، تسد والعطايا). وهنا ، قامت مجاميع من الزيود، الذين شعروا أنهم مستهدفين من قبل نظام صالح، بإنعاش الشباب المؤمن، ليصبح بداية نواة الحوثية. وكما تسببت التغييرات الاجتماعية، واتجاهات الشرق الأوسط ألأوسع في عودة الروح إلى الزيدية في أواخر الثمانينات، فأن طبيعة الأحوال والأمور في نهايات التسعينات، ابتدأت تشير وبقوة نحو صراع آت بين النظام والتخوم (الطرف)
- البعد الثالث، الأسباب النهائية أو القريبة التي أدت إلى اندلاع الحرب:
وهي مجموعة الأحداث التي تلت 11 سبتمبر 2001. هنا أدت حسابات النظام وأعمال الحوثيين إلى استفزاز كل منهما للآخر، فمهدا الطريق إلى الأسباب الأخيرة أو القريبة للصراع المسلح، شمال صنعاء.
جهود أبناء بدر الدين الحوثي، لإنعاش شبكة الرفاه الاجتماعية، والنشاط التعليمي للشباب المؤمن، لم يتسامح معها نظام صالح، الذي نظر إلى حسين الحوثي، علي وجه الخصوص، علي أنه تهديد سياسي، وهو احتمال وارد وفي محله، حيث أن نفوذه وهيبته المحلية، تجاوزت ممثلي الحكومة في المحافظة. وأحد الأمثلة علي هذه الهيبة والنفوذ، هو شعبية محاضرات حسين الحوثي وحلقات الدرس في بيته وفي المساجد القريبة بعد صلاة الجمعة.
الأحداث العالمية، بعد 11 سبتمبر 2001، خلقت حسابات جديدة في كل من صنعاء وصعدة، أدت بالحوثيين ونظام صالح إلى صراع مفتوح. صالح سوق نفسه، واليمن معه غلي أنه شريك أمريكا، في الحرب العالمية علي الإرهاب، وضد القاعدة. ولقد أدي زيادة المساعدة الأمريكية والتدريب إلى زيادة ثقته بنفسه، مما جعله يعتقد أنه بوسعه إخضاع صعدة بقوة السلاح، لأن هتافاتهم، ومحاضرات حسين الحوثي، أرعبته. و عندما انتقده السلفيين لتقربه من أمريكا ، هدأهم بنفهحم أموالا كبيرة، وميزانيات عسكرية.
- هذه الأبعاد الثلاثة : السياق والجذور والأسباب القريبة، هي محركات الصراع بين النظام والتخوم الشمالية لليمن. عندما حاولت حكومة اليمن إخضاع الحوثيين، فإنها تبنت سياسات تدخل في باب جهود مضادة للتمرد المسلح، الأمر الذي كان له تأثيرات وعواقب بعيدة جدا عن معاقل الحوثية.
هذه الجهود المضادة للتمرد المسلح، غذت الأبعاد الثلاثة المحركة للصراع، واستفزت الآخرين الذين تنطبق عليهم حيثيات الانخراط في التمرد المسلح، مما أدي إلى توسيع دائرة التمرد. أي أن الجهود المضادة للتمرد الحوثي المسلح، شكلت البعد الرابع، وتسلط الضوء علي استمرارية وقوة تحمل الحوثية.
في ردهم، علي جهود الحكومة "المضادة للتمرد المسلح"، اعتمد الحوثيون علي: الروابط الاجتماعية الشرعية بين الأهل (القبائل) وعلي الدين (الزيدية). أيضا، استفادوا من العرف الثقافي السائد الخاص بالعمل الجماعي لخدمة الاستقلال الذاتي لأبناء منطقة ما. وعلي هذا، وبعد خمس سنوات من الصراع ككيان مقاتل، فان الحوثيين مازالوا يبدون بخصائص الكيان الغير صارم في ترابطه، أي أن الخيوط التي تربط مكوناته ليست تحت إمرة قيادة واحدة - بالرغم من أن قادة التمرد قد بدءوا بالتصرف بطرق تدل علي أنهم، قد أصبحوا منظمة منضبطة ومتحدة.، قادرة علي تنفيذ تمرد مسلح له استمرارية. إن رحلة الحوثية من كائن عضوي مقاوم إلى تنظيم تمرد مسلح، سيتشكل من خلال استمرار طرق مقاربة حكومة اليمن للمسألة ومن خلال الظروف والشروط الإقليمية المتعلقة بهذا الصراع في عامي 2010- 2011.
مآل ومصير الصراع:
وقف إطلاق النار، في فبراير 2010، كان مصدرا للفرحة. علي أنه خلال ستة سنوات من الصراع، فان العديد من فترات وقف إطلاق النار كان قد تم كسرها، إما بسبب عدم قدرة أطراف النزاع مقاومة عدم استهداف بعضهما للآخر، أو لأن حكومة اليمن (نظام صالح) استعمل وقف إطلاق النار تكتيكيا، كمساحة لالتقاط الأنفاس، قبل الابتداء بهجوم جديد. وعلي هذا، فمن المنطقي الافتراض أنه في غياب إعادة هيكلة جذرية للعلاقة بين المركز والتخوم (أطراف البلاد)، أو تغيير في حسابات الأطراف المعنية، أو تزايد عظيم في قوة حكومة اليمن، فان هذا الصراع ، سيستمر ويمتد خلال العقد القادم علي هيئة أحد احتمالين:
الاحتمال (السيناريو) الأول، ستواجه فيه حكومة اليمن(نظام صالح)، عنفا علي نار هادئة، عنف متحكم به ولا يستطيع فيه الغير مرغوب بهم من الوصول إلى المنطقة، ويمتص الكثير من الانتباه العسكري، ويؤدي إلى تدمير مضطرد لكل ما يعين علي الحياة محليا. حكومة اليمن (نظام صالح)، قد تري هذا الوضع مقبولا: فالنظام سيتمكن من أن يطلب المساعدة الطارئة من الخارج لمكافحة "الإرهاب الشيعي"، وسيتمكن من تبرير المبالغة في استعمال القوة المفرطة، وسيتمكن من الدخول في سياسات فرق تسد واتفاقات تعايش في المناطق القبلية. وأخيرا، فان صالح، يجهز لانتقال الحكم إلى ابنه في أوقات، انتقلت فيها مشيخات القبائل الكبرى من حلفائه إلى أجيال أصغر سنا، ولم يتم اختبارها، وهذا مع استمرار التمرد الحوثي، قد يكون جامعا لهم في صف صالح. ويمكن أن يسمي هذا السيناريو العنف علي نار هادئة، مع فوضي نافعة لحكم صالح.
أما في الاحتمال (السيناريو) الثاني، فيتضمن فشل جهود حكومة اليمن المضادة للتمرد المسلح في مجابهة منابع القوة الحقيقية للتمرد الحوثي المسلح، وفي نفس الوقت تتسع الرقعة الجغرافية والقاعدة الاجتماعية المعارضة للنظام. وأيضا، بمرور الوقت، تحصل عناصر الحوثي على أسلحة أكثر تعقيدا، وقدرات على التنسيق والاتصال، بالإضافة إلى قبول وتزايد شرعية في مختلف أنحاء البلاد. وفي هذه الحالة، فان انكماش الاقتصاد اليمني المضطرد – بسبب هبوط أسعار النفط، ونضوب كميات النفط المستخرجة - سيقلل من الموارد المتاحة لحكومة اليمن (نظام صالح) لاستعمال القوة أو اتفاقيات التعايش القبلية.، في الوقت الذي تستمر فيه الدول الأجنبية المانحة في إطلاق النداء تلو النداء إلى أن تنتبه صنعاء إلى تعثر المشروع الديمقراطي في البلاد، والي عدم احترام حقوق الإنسان، والي احتضانها المتزايد للسلفيين المتطرفين.
بالرغم من أن نهاية للصراع قائمة علي عمليات عسكرية حكومية حامية الوطيس أو حل سلمي مبني علي إعادة الأعمار، تظل احتمالات واردة، إلا أن هذا الاحتمال (السيناريو) الثاني الذي يمكن أن يطلق عليه اسم سيناريو استمرارية الحوثي، مع إنهاك حكومة اليمن، يظل هو الأكثر احتمالا. وبإضافة استمرار التوتر في الجنوب ، وتهديد القاعدة ، فان مجموع هذه الأحداث المتلاحقة، سيسلط ضوءا جديدا علي الصراع في صعدة- يساعد علي تطور وارتقاء الحوثية من كائن عضوي إلى منظمة، تنظيم أو منظومة ويمكن أن تهدد، ماديا، قابلية نظام صالح للبقاء علي قيد الحياة علي الأمد الطويل
(أفرد الكتاب مساحات كبيرة لتوضيح الفرق بين "الكائن العضوي" وقيادته الكاريزمية وعدم تجانس المتحدثين باسمه، وعدم وضوح الأهداف والغايات الكبرى وبين "التنظيم" الذي هو مرحلة متقدمة واضحة التراتبية والمكونات والخطاب والأهداف)
ربيع الثورة اليمنية، وصراع صعدة:
( تم وضع الدراسة في أغسطس 2009 ، في الشهر الثاني للحرب السادسة بين نظام صالح والحوثيين. ما آلت إليه الأمور، لم يكن في الحسبان ولم يكن ليخطر علي بال أي شخص. فقد اندلعت ثورة الربيع اليمني، الأمر الذي جعل صالح، يخلي كل تواجد له أو للحكومة اليمنية في صعدة، لتخضع للنفوذ المطلق للحوثيين.
ليس هذا فقط بل ليتمدد الحوثيين سياسيا إلى العاصمة صنعاء وكل المحافظات اليمنية، وينصبون الخيام في كل ساحات الحرية والتغيير حيثما أرادوا في كل اليمن، ويقيموا التحالفات مع الحراك الجنوبي والليبراليين وبعض الاشتراكيين، ويجندوا الأتباع والموالين سواء من داخل مخزونهم الطبيعي المتوقع أو من خارجه.
كما أنه من الواضح أنه أصبحت لهم طموحات عسكرية ورغبات سيطرة في مناطق الجوف وحجة المتاخمة لصعدة
هذا ويرفض الحوثيون الانخراط في العمل السياسي، الذي تقوم به المعارضة اليمنية الممثلة بأحزاب اللقاء المشترك وتحالفاتها العريضة، ويرفض الحوثيون، أيضا، المبادرة الخليجية، وآلية مجلس الأمن ورعاية الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن، والاتحاد الأوروبي، ودول مجلس التعاون الخليجي، ويصمموا علي انجاز أهداف الثورة اليمنية عن طريق العمل الثوري الدءوب، مهما كانت التضحيات)
هيكلة فصول الكتاب والأسئلة الرئيسة التي يحللها:
الجزء الأول: الفصل الأول والثاني ويبحثان: سياق العلاقة بين النظام والتخوم في شمال اليمن
القبيلة:
- كيف مكن النظام القبلي أهالي المنطقة من ممارسة حياتهم، دون الحاجة إلى تواجد مؤثر للدولة؟ من هي قبائل الشمال؟ هويتهم وأماكن حركتهم؟ وكيف أثر توزع القبائل علي الصراع الحوثي؟
- كيف أعطت القبلية الهوية الجمعية لأبناء المنطقة، وشجعت الاستقلال الذاتي؟ ما هي الأعراف القبلية الخاصة بالولاء، وحرمة موطن القبيلة، والأنماط المشروعة للصراع والوساطة.
نظام الحكم:
- كيف كانت صنعاء، تقليديا، تحاول ممارسة تأثيرها علي مناطق أطراف البلاد؟ كيف أثر استعمال صالح "التعايش" الاجتماعي، والصراع مع الخصوم بالنيابة، وحدود البلاد المثقوبة غير المحكومة، والوساطات لحل الصراعات خارج إطار الدولة علي الطريقة والرؤية التي يتعامل فيها مركز الحكم مع التخوم، وعلي المفاهيم المحلية والأعراف لما هو مشروع عند التعامل مع الحكومة؟
دور الدين والمذهب الزيدي:
- ما هو الفريد في المذهب الزيدي بين مذاهب الإسلام المختلفة، وما المفهوم العام عند الزيود للدين والشرعية السياسية للحاكم؟ ما هي العلاقة التاريخية بين الزيدية واليمن، وكيف تفاعلت الزيدية، تقليديا، مع السنية الشافعية؟
- كيف ارتقت وتطورت الزيدية كتركيبة اجتماعية، خلال الأجيال القليلة الماضية، وماذا كانت الطريقة التي أدرك بها النظام الجمهوري هذا التطور؟
- الجزء الثاني: من التوتر إلى الصراع: التغيرات الاجتماعية وبروز الحوثية، 1980- 2004 ..
- تواجدت أسرة الحوثي لأجيال عديدة، وحكم صالح لثلاثين سنة، فلماذا اندلع الصراع بين النظام والحوثي، فقط في عام 2004.
الفصل الثالث يحلل الأسئلة التالية:
- كيف أثرت الزيادة في وسائل الاتصال والسفر والانتقال إلى البلاد العربية الأخرى علي رؤية وتوقعات شباب شمال اليمن؟
- ماذا كان وقع تعرض الشباب الزيدي لأفكار السلفية في السعودية، وما هي التوترات التي نتجت عند عودتهم إلى صعدة؟
- كيف نشأ الصراع الزيدي السلفي في صعدة في أواخر الثمانينات؟ وماذا كانت مصلحة واهتمامات صالح؟
- ما هي الاستجابات الزيدية الدينية للاختراق السلفي، وكيف كانت صورة الشخصيات الحوثية التي ظهرت لاحقا فيها؟
- ماذا كان يمثل حزب الحق، وكيف كان لمساهماته دور في تنشيط وتفعيل الهوية الزيدية، وكيف حاول نظام صالح استغلاله؟
- كيف، ولماذا بزغ الشباب المؤمن؟ ما هي المخاوف التي حاولوا أن يردوا عليها؟ كيف تفاعلوا مع التغيرات الأوسع التي حدثت للأجيال الجديدة والعلاقة بين الهاشمية والقبلية؟
- ماذا كان دور أسرة الحوثي في الشباب المؤمن؟ وكيف بحث حسين الحوثي عن مبادرات تفجر طاقات تعيد ذكري الشباب المؤمن في الألفية الجديدة؟
الفصل الرابع، يبحث تطور الأمور بين الحوثيين ونظام صالح في الفترة ما بين 2001 و 2004:
- ما هي طبيعة عدم الرضا المستدام في صعدة من أواخر التسعينات حتى 2004 ؟
- ماذا كانت أجندة حسين الحوثي؟ كيف حاول تحريك مؤيديه؟ ماذا كانت رسائله الرئيسية بالنسبة للعلاقة بين الإسلام وعلاقة اليمن بأمريكا والإقليم ؟ و ما كان وقع كل هذا في أسماع الزيود المحليين وطريقة رؤية كل اليمن للأمور؟
- كيف كان تقييم صالح لعلاقته الجديدة بأمريكا، فيما يخص قدرته علي تعديل طريقة التعامل بين مركز النظام والتخوم؟ كيف عرضت طريقة التعامل هذه نظام صالح للانتقادات المحلية؟ ماذا كان إدراك صالح للتهديد الحوثي؟
الجزء الثالث: حروب صعدة الستة
الصراع المفتوح بين النظام، اندلع في يونيو 2004.
الفصل الخامس: يفحص تواريخ الصراع، وتقدمه:
- ما لذي جعل النظام يتحرك ضد أسرة الحوثي في 2004 ؟ لماذا رفض النظام طرق وساطات الصلح التقليدية بين المتنازعين؟ كيف كانت أعمال النظام في 2004 سببا في توسيع الصراع المسلح، بدلا من الحل الحاسم؟
- ماذا كان التمدد الجغرافي لساحة الصراع عبر الوقت؟ كيف كان لجغرافية الصراع علاقة بمناطق سكني أسرة الحوثي التقليدية، وأماكن تركز مؤيدي الحوثي المسلحين، ومواقع الزيدية المقدسة؟
- ما هي العلاقة بين جغرافية الصراع وجغرافية القبائل؟ أي القبائل التي تعاطفت مع الحوثي، وأيها التي تعاطفت مع نظام صالح؟
الفصل السادس: حملة حكومة اليمن لمكافحة التمرد المسلح: العمليات وأهدافها:
- ما هي الأهداف المعلنة لحكومة اليمن، وما وسائل تحقيقها ؟
- كيف حاول النظام اليمني التعايش مع أبناء المنطقة، وكيف جندت عناصر من خارج المنطقة ليحاربوا بالنيابة عنها، مشعلين بذلك الطبيعة القبلية والمناطقية للصراع، وبهذا أطالت مدته؟
- الفصل السابع: معارضة المنطقة للحكومة، ومفهوم الحوثية، وردود أفعالهم علي الدولة.
- ما هو قلب معقل الحوثية، وما هي المجاميع الديموغرافية السكانية التي تزوده بالمقاتلين، وما علقة هذه الديموغرافية بالدوائر التي أتي منها الشباب المؤمن؟
- وخارج معاقل الحوثية، ما هي الدوائر المحيطة بالمعقل، كقشرة البصل،- التي تشمل المؤيدين، والذين يوافقون علي أعمالهم، والزيود المتعاطفين في المجتمع- والتي انساقت الكتلة الكبرى المؤيدة للحوثيين؟ وكيف نفسر استعداد الجموع التي لا علاقة لها بالحوثي، للعمل ضد النظام، أو ضد خصومهم المحليين، باسم الحوثيين؟
- ماذا كانت طبيعة الرد الحوثي علي حملة مكافحة التمرد المسلح الحكومية ؟ من يتحدث باسم الحوثيينن وما الذي تطور في أهداف الحوثية- وكيف تواصلوا مع الناس في الداخل والخارج لشرح هذا التطور؟
- كيف تطور الحوثيون عسكريا؟ ما هي نوعية تسليحهم وما هي مصادرها، وما هي وسائل تنقلهم؟ وكيف نقيم اشتباكاتهم مع القوات الحكومية اليمنية، من ناحية حجمها ونتائجها؟ كيف كانت مفاهيم القيادة والسيطرة والاتصالات منسوجة بأحكام في القماش الثقافي الاجتماعي المحلي(أي ليست غريبة عما هو مألوف)؟
- كيف نقيم الصلابة التنظيمية للحوثيين، مقارنة بالمجاميع المسلحة الأخرى في الشرق الأوسط- مثل حزب الله، حماس، الخ.- في نقاط مختلفة علي مدي تطورات مسارهم؟
- الفصل الثامن: التكاليف الاجتماعية الاقتصادية الإنسانية، التي نجمت عن الصراع الحوثي مع النظام.
- ماذا كلن حجم الدمار الذي لحق الأنسان والاقتصاد والبيئة، وما هي الخسائر في الأرواح في مناطق الصراع؟
- ما هي الأنماط المتكررة لمخالفات حقوق الإنسان، والمخالفة للقيم الثقافية المحلية، وكيف اجتمع كل هذا لإطالة أمد الصراع ، وتضخيمه، بغرض إفشال الأنماط التقليدية للوساطة في الصراعات المسلحة؟
خرائط، وصور توضيحية، وصور فوتوغرافية في الكتاب:
يحتوي الكتاب (الدراسة) علي خرائط كثيرة بها الكثير من المعلومات عن صعدة، وعدد السكان في كل مديرية، والأماكن قليلة السكان، وطرق المواصلات، وشبكات التبادل الاقتصادي، والحدود القبلية لمجاميع خولان بني عامر وبكيل وحاشد داخل وخارج صعدة، وأماكن تجمعات السكان "الهجرة"، وخرائط ذكية بها إحصائيات ومعلومات غزيرة عن كل حروب صعدة الستة.
كما يوجد الكثير من الرسوم التوضيحية للكثير من المعلومات، حتى عن زيجات وأنساب كل بيت الحوثي.
يعتقد واضعو هذه الدراسة أن الصراع بين حكومة اليمن والحوثيين له التأثيرات التالية:
- الصراع، يشكل خطرا، ليس فقط علي نظام صالح، ولكن علي استقرار اليمن وبقائها دولة موحدة.
- الصراع، يعيق قدرة حكومة اليمن علي القيام بوظيفة شريك الولايات المتحدة في أمن المنطقة، والاستقرار، وفي مكافحة الإرهاب.
- الصراع، جر رجل المملكة السعودية إلى ساحات القتال في صعدة، وبهذا أصبح، عابرا للحدود والأوطان، وهذا يحمل في ثناياه مخاطر جلب المزيد من الدول الأجنبية، مثل إيران.