|
لأننا شعب الغرائب والمتناقضات ، لاشك سيبقى كل شيء فينا مختلفا (وان شئتم) م . ت . خ . ل . ف . ا ؛ ففي حين خرج الناس للمطالبة بحقهم المشروع في الخلاص من عبث العصابات والانتقال الى حكم الدولة العصرية الحديثة ؛ خرج البعض الآخر للمطالبة بالإبقاء على اللانظام !! فكان أن تبرع العالم واقترح صيغة توافقية تجمع النقيضين ، فتحقق ما تحقق باسم المبادرة الخليجية !
وحين بدأت الحكومة التوافقية مهام عملها فرض على اعضائها التزام الصمت وعدم القيام بأي حركة تغييرية او تصحيحية او حتى مجرد المناقلة في اطار المرفق الواحد حتى لا يغضب البعض من انصار الفساد وجهابذته ، فظهرت التحركات الفئوية هنا وهناك لتقول لا للفاسدين .. ارحلوا جميعا الى الجحيم !!
وكما هو العرف اليمني المتفرد بالغرابة استجاب البعض وقرر صون ما تبقى من ماء الوجه والكرامة وحرر استقالته او انسحب حتى لا تتم تعريته ويظهر قبح ما زرعته يداه خلال السنوات الماضية ، بينما لجأ البعض للاستعانة بمسلحين وعصابات فاجرة من بلاطجة التخريب والقتل وقطع الطرق ، وكأن هذا البعض يرى نفسه اقوى وفوق مستوى من كتب عليه الرحيل تحت وطأة وجبروت طوفان الغضب الشعبي العارم !!
في كل الاحوال انا لا اتفق مع التحركات الفئوية في هذا التوقيت ؛ لما قد يصاحبها من فوضى وعنف وعنف مضاد ، كما حدث مع اعتصام ضباط وافراد أمن محافظة صنعاء وشرطة النجدة . وفي ذات الوقت لا اتفق مع صمت وعدم تحرك الحكومة التوافقية وعدم مسارعتها ومبادرتها مع رئيس الجمهورية بالإنابة لتبني تشكيل مجلس للقضاء من الكفاءات النزيهة غير المنضوية تحت لواء وهيمنة الجهاز الامني - كما هو حال المجلس والنيابات والمحاكم حاليا - ليضطلع هذا الجهاز بمهمة الاشراف والمتابعة والنظر والفصل في ملفات الفساد المكدسة لدى اجهزة الرقابة والمحاسبة وهيئة رصد ومكافأة عتاولة الفساد !
ومن اللاصوب في اعتقادي ان تسارع الحكومة ومجلس النواب - الاطول عمرا في برلمانات العالم - الى تبني تعديل القوانين التي تمنع محاسبة المتورطين في نهب الوطن وخيراته ، اذ لا يعقل ان نتوافق - مكرهين وفي سابقة نوعية كونية - على اعفاء قيادات تاريخية من المحاسبة مقابل قبولهم بتسليم السلطة سلميا ، ونحافظ في ذات الوقت على ابقاء فقرات قانونية تمنع وتعطل اي توجه لمسائلة أو محاكمة المجرمين الذين اوصلوا البلد الى هذا المآل !! وليكن فعل البرلمان على الاقل من باب استشعار جسامة ما ارتكبوه في حق الوطن وهم يصدرون مثل هذه القوانين الآثمة .
فيمن اليوم ينبغي ان يكون غير يمن الامس ، وعلينا ان نحترم قدسية وطهارة دماء الشهداء وتضحياتهم ، علينا ان نقدر معاناة ابناء هذا الشعب ، ونعينه على الانتقال الى طور أجد تتجسد فيه قيم الصدق والعدل والاخلاص .. تعلو فيه قيم الكرامة للإنسان وكفالة حرياته وصون حقوقه ..بعيدا تماما عن مقابر من ماتت ضمائرهم وباعوا انفسهم للشيطان .
خط احمر :
ساءني كثيرا ما سمعته من بعض المعتصمين المطالبين برحيل بعض القيادات داخل وزارة التربية والتعليم حين قالوا : يجب ان يرحل فلانا وعلانا فقط ، كونهما حسب المعتصمين من العناصر الفاسدة . اما الفاسد الاكبر (هبل) فلا . لماذا ؟ لأنه صاحب افضال كبيرة على ابناء محافظته !!
الله المستعان ؛ ماذا يعني هذا ؟؟ هل صرنا عنصريين حتى في صراخنا ضد المجرمين من اللصوص والفاسدين ؟؟
في السبت 31 ديسمبر-كانون الأول 2011 04:27:00 م