غارات امريكية في الحديدة احزاب تعز تقترح حلا لمواجهة الوضع الاقتصادي المتأزم وتطالب الرئاسة والحكومة بسرعة انقاذ العملة العليمي يبحث مع سفير واشنطن الدعم الإقتصادي المطلوب وموقف اليمن من انتهاكات إسرائيل في فلسطين مسئول كبير في الشرعية يكاشف الجميع حول قضايا وملفات مهمة: سبب التراجع عن قرارات البنك المركزي ومصير التوقيع على خارطة الطريق وخيار الحسم العسكري كوريا الشمالية تختبر صاروخاً باليستياً يمكنه الوصول الى أمريكا الإعلام الأمني ينشر أسماء ضحايا حادث التصادم الأليم في طريق شحن بمحافظة المهرة موسكو هربت قيادي ايراني من ميناء الحديدة.. تورط متزايد لروسيا مع الحوثيين في اليمن وامريكا تدرس كيفية الرد اول دولة عربية تعلن عن تطوير 8 منظومات متكاملة لصناعة الطيران حادث مروري مروع في المهرة يخلف 11 ضحية إعادة فتح طريق مطار عدن بعد سنوات من الإغلاق
الهجمة الإسرائيلية العسكرية الحالية على قطاع غزة، البرية والجوية، وعنوانها "استئصال حركة حماس والقضاء على جناحها العسكري كتائب القسام"، سببها الأساسي ومسوغها الرئيس، وفقا لما أعلنته المحافل السياسية ووزارة الخارجية الإسرائيلية، هو وقف صواريخ القسام التي تتساقط على المستوطنات والتجمعات اليهودية المجاورة لقطاع غزة.
فما هي قصة صواريخ القسام، ومتى بدأت، وما هي آثارها الحقيقية على الإسرائيليين، وأي آفاق قد تسفر عنها الحرب الحالية، وما دور صاروخ القسام فيها؟.
بدايات التصنيع والتطور التدريجي
باستخدامها لصاروخ القسام المصنع محليا، دخلت المقاومة الفلسطينية مرحلة جديدة من المواجهة، حيث استطاعت وقتما تريد تهديد أمن الإسرائيليين من جنود ومستوطنين، وبوقوع عدد من القتلى، ناهيك عن عدد أكبر من الإصابات، جراء سقوط صواريخها على المستوطنات اليهودية والمواقع العسكرية، وفشل كل محاولات جيش الاحتلال لمنعها، دخلت المقاومة مع الاحتلال في معادلة صراع جديدة.
وباعترافات المصادر العسكرية الإسرائيلية ذاتها، شكلت صواريخ القسام التي يقوم الجناح العسكري لحركة حماس بصورة أساسية بإعدادها وتصنيعها، نقلة نوعية إستراتيجية في أداء وتكتيكات المقاومة، فرضت نفسها على الساحتين العسكرية والميدانية، رغم البساطة التي تميز هذا التكتيك، ورغم ما تعانيه القضية الفلسطينية من تأزم لم تشهده منذ عشرات السنين.
وقد خاضت قوى المقاومة غمار أول تجربة لإنتاج صواريخ محلية تهدد المستوطنات داخل قطاع غزة خلال العام الأول لانتفاضة الأقصى وتحديدا أواخر عام 2001، من المواد الأولية، وحرص مهندسوها على تطويرها باستمرار، حيث تم إنتاج أكثر من جيل منها.
وبدأت المراحل الأولى لإنتاج الصاروخ بالبحث عن الوسائل والمواد المتفجرة، وواجهت الكثير من العقبات والصعوبات، تمثلت في عدم توفر المواد اللازمة في الأراضي المحتلة، مما حدا بوحدات الهندسة والتطوير التابعة للأجنحة المسلحة للاعتماد على الذات في صناعة كافة المواد اللازمة لمتطلبات الصاروخ.
وبحسب بيانات لكتائب القسام فإن أول صاروخ أنتجه مهندسوها بلغ طوله 70 سم، وقطره 8 سم، وتراوح مداه بين 2-3 كم، وحمل في مقدمته رأساً متفجراً يحوي 600 غرام من مادة الـ( TNT ) شديدة الانفجار، ويتم إطلاقه بواسطة قاذف.
وفي البدايات الأولى لتصنيعه افتقد الصاروخ دقة التصويب نحو الأهداف، مما شكل حافزا للاستمرار في تطويره والتخلص من العيوب التي ظهرت فيه، ولم يمضِ وقت طويل حتى أعلن تطويره، وإنتاج طراز جديد منه هو "قسام 2"، بعد تعديلات جذرية أهمها المدى الذي يمكنه من الوصول إلى داخل التجمعات الإسرائيلية.
وبلغ طوله 180 سم، وزاد مداه ليبلغ ما بين 9-12 كم، وازدادت حمولة رأسه من المتفجرات لتصل 6 كجم من المواد شديدة الانفجار، فيما بلغ قطره 12 سم.
وجاء هذا التطور النوعي للمقاومة، ليسلط المزيد من الأضواء عليها بالمزيد من التحليل العسكري لطبيعتها وقوتها، ووفقا لما ذكره "شلومو غازيت" رئيس الاستخبارات العسكرية السابق، فإن لصاروخ القسام مميزات عدة أهمها بدائية التصنيع، سهولة الإنتاج، رخص التكلفة.
ولم يطرأ تعديل جذري في طريقة إطلاق الصاروخ سوى ملاءمة القاذف ليكون مناسباً للحجم، وبالتالي لم يتم التحكم فيه عن بعد، وأظهر عدد من شرائط الفيديو التي وزعت على وسائل الإعلام طريقة نصب وإطلاق الصواريخ.
حيث يتم إيقافه بشكل مائل على حامل ذي ثلاثة أرجل، ويقوم عناصر القسام بوضع جهاز يشبه البوصلة على هيكله الخارجي، وتعديله بناءً عليها، بحيث غدت تشكل أسلوبا عسكريا حقق نجاحات على مختلف الأصعدة.
ووفقا لمعطيات جيش الاحتلال، أطلقت المقاومة منذ الانسحاب من غزة في سبتمبر/أيلول 2005 وحتى كتابة هذه السطور، ما يقرب من 1000 قذيفة صاروخية.
علما بأن أهم البلدات التي استهدفتها صواريخ القسام هي: سديروت، كيبوتس يئيري، كفار سعد، كفار عزة، نحال عوز، عليت، كيسوفيم، نتيف عتسرا، معبر كارني، فيكيم، نير عام، كيرم شالوم، نتيفوت.
وفي سابقة هي الأولى من نوعها، سقط صاروخ القسام على مدينة عسقلان الساحلية، وإن لم تنجم عن سقوطه أي إصابات تذكر، إلا أنه شكل إنذاراً ساخناً للدوائر الأمنية التي تصف المدينة بـ"الإستراتيجية" لاحتوائها على أكبر محطة توليد طاقة تابعة لشركة الكهرباء، ومحطة "كتسا" التي يخزن فيها الوقود والغاز.
آثار الصواريخ على الجبهة الداخلية للاحتلال
بعد التطور الحاصل في طبيعة صواريخ القسام، وطريقة إطلاقها، أصبحت لا تخطئ أهدافها، بل بات من النادر تعرض المستوطنات للقصف دون وقوع إصابات أو أضرار.
ويشار إلى أن وسائل الإعلام الإسرائيلية كانت تحصي في بادئ الأمر تعرض منزل أو سيارة للمستوطنين أو الجيش لأضرار، وتصفها بـ"الطفيفة"، لكن بعد أن أصبحت الصواريخ تصيب أهدافها، بدأ الإعلام يتحدث عن تعرض "عدد" من المنازل والمباني والسيارات لأضرار "جسيمة" جراء القصف.
ورغم أن قصف الصواريخ يتم في ظروف غاية في التعقيد والخطورة في ظل التحليق المتواصل لطائرة الاستطلاع والمروحيات الحربية، فإنه أسفر عن إصابة عشرات المستوطنين والجنود بجروح مختلفة، فيما تضررت ودمرت عشرات المنازل في المستعمرات والمجمعات التجارية والمصانع، إضافة للمواقع العسكرية.
وفي نظرة سريعة على معدل عمليات إطلاق الصواريخ خلال السنوات الست الماضية نجد تصاعداً مستمراً بنسبة تعادل أكثر من 200% سنوياً.
ورغم بدائية صواريخ القسام وتصنيعها اليدوي، فإن أثرها واضح وجلي على الإسرائيليين الذين لم يخفوا صداه الكبير في تصريحاتهم المتلاحقة.
ووصل الأمر ببعض وسائل الإعلام الغربية لأن تعطيه أبعادا إستراتيجية لها علاقة بموازين القوى السائدة، حين وصفته بأنه الصاروخ البدائي الذي قد يغير وجه الشرق الأوسط، فيما وصفته شبكة CNN بأنه الورقة الشرسة في المنطقة، ومن غير الواضح كيف يمكن لهذه الصواريخ البدائية أن تؤثر في التوازن العسكري الفلسطيني–الإسرائيلي، وتجعل "القوة العالية الإسرائيلية" تقف عاجزة بلا حيلة، فيما أكدت قناة BBC أن هذا الصاروخ يشكل نقلة إستراتيجية تنخر في القوة العسكرية الإسرائيلية الفائقة.
واتفقت جميع الآراء الإسرائيلية السياسية والعسكرية على حد سواء، على اعتبار صواريخ القسام خطراً متصاعداً على قوات الاحتلال والمستوطنات في آن واحد.
فهذه الصواريخ التي اشتهرت باستهدافها لمستوطنة "سديروت" المحاذية لقطاع غزة داخل حدود فلسطين المحتلة عام 48، تملك نقاط قوتها وتفوقها في ضعفها وبدائيتها، إذ يصعب رصدها بالأجهزة التقنية العالية التي يمتلكها جيش الاحتلال، مما أجبر الإسرائيليين على الاعتراف بالعجز عن منع إطلاقها.
وفي هذا السياق قال "آفي ديختر" رئيس جهاز الأمن "الشاباك" السابق ووزير الأمن الداخلي الحالي في تقرير أمني قدمه للحكومة، إن نظام إطلاق صواريخ القسام مرتب على نحو يثير الإعجاب.
فثمة تدرج منظم، يبدأ بالبحث والتطوير، يتلوه إنتاج الأجزاء، فالتركيب، ثم توزيع الأدوار ميدانياً والمسؤولية عن عملية الإطلاق، معتبراً أن وجود الجيش في قطاع غزة لا يساعد بالضرورة على منع إطلاق هذه الصواريخ.
فيما نقل عن رئيس قسم الأبحاث في هيئة الاستخبارات العسكرية "يوسي كوبرفاسر" أن حركة حماس من خلال هذه الصواريخ تواصل محاولاتها لارتكاب هجمات إستراتيجية ضد إسرائيل، ومقاتلوها مازالوا يواصلون إنتاج الوسائل القتالية بما فيها القذائف الصاروخية.
كما أبدى الخبراء العسكريون الإسرائيليون تشاؤماً كبيراً حيال مستقبل التعامل مع هذه الصواريخ المصنعة يدوياً، خاصة بعد أن نجحت في إسقاط نظرية "الحماية من خلال الجدار".
مما جعل محافل أمنية تقلل من جدوى الجدار لأنه لم يعد قادراً على ضمان أمن إسرائيل، فصاروخ القسام حول الجدار إلى وسيلة أقل ملاءمة للوضع، ولو كان الأمر عكس ذلك لما اضطر الجيش لدخول خانيونس ورفح، أو إغلاق الحدود مع مصر.
بل وصل الأمر ببعض التقارير الأمنية للحديث عن عدم قدرة رئيس الوزراء السابق "أرييل شارون" على النوم بسبب مشكلة الصواريخ، التي نجح الفلسطينيون في أن يمطروا بها رؤوس الإسرائيليين، بعد أن استصعب عليهم القيام بعمليات استشهادية داخل المناطق المحتلة عام 48 بسبب الإجراءات الأمنية المشددة.
وقال النائب في الكنيست "يسرائيل حسون" إن إسرائيل أصبحت رهينة لصواريخ حماس! فيما حدد المراسل العسكري "عمير ربابورت" إيجابيات الصاروخ بقوله: رغم أن هناك أجيالا تكنولوجية طويلة تفصل بين السلاح الدقيق الذي يستخدمه الجيش، وبين القذيفة البدائية التي تطلقها حماس على عسقلان، فإنها قنبلة ذكية بفضل قوتها النفسية، لأن قذيفة واحدة أدخلت عشرات آلاف الإسرائيليين إلى دائرة الرعب!.
أما على صعيد الآثار المباشرة للصواريخ على الإسرائيليين، فإنها تتضح في المشاهد التالية:
1- الدخول الدوري للملاجئ تحت الأرض.
2- تعطل الدراسة في جميع المدارس والمؤسسات التعليمية.
3- خلو الشوارع من المارة وكأن المستوطنات تخضع لنظام حظر التجول.
4- ارتفاع معدل الفرار من المستوطنات والتجمعات المستهدفة.
5- إرسال المزيد من الأطباء النفسيين لمعالجة السكان من حالات الهلع والصدمة التي يعانونها.
وقد شكل تصعيد المقاومة لقصفها الصاروخي على مستوطنات غزة وبعض التجمعات الاستيطانية داخل الخط الأخضر المجاورة للقطاع، أزمة سياسية وعسكرية إسرائيلية، في ظل الضغوط التي يمارسها المستوطنون لوقف عمليات القصف التي أصبحت توقع قتلى وجرحى، وتدميراً كبيراً أكثر من ذي قبل، حيث خرجوا في مظاهرات كبيرة في بعض المدن مطالبين بوقفها.
تقييم إجراءات الجيش لمنع الصواريخ
التطور المطرد في تصنيع الصواريخ من جهة، والآثار الإستراتيجية الأمنية والعسكرية من جهة أخرى، دفعت بالمؤسسة العسكرية ممثلة في الجيش للقيام بأكبر وأوسع الحملات العسكرية ضد قطاع غزة.
مثل: أيام الندم، حقل الأشواك، جهنم المتدحرجة، السور الواقي، رحلة بالألوان، المسار الحازم، فارس الليل، قوس قزح، السهم الجنوبي، الطريق الحازم، أول الغيث، وأخيرا الحملة الحالية، استهدفت كلها منع إطلاق صواريخ القسام، وفشلت جميعها في منع إطلاق الصواريخ، التي استمرت في التساقط بين فترة وأخرى، كما استخدم الجيش وسائل عدة لذات الهدف، وهي:
1- قصف الورش الصناعية والمخارط ومعامل الحدادة.
2- تفعيل منظومات الإنذار الأمنية داخل المستوطنات المحاذية للقطاع.
3- الطلب من السلطة الفلسطينية نشر قواتها شمال غزة لمنع إطلاق الصواريخ.
4- توفير أكثر من 20 مليون دولار لاستكمال أجهزة الإنذار المبكر والصوت، وتحصين مباني المستوطنات المحيطة بالقطاع، والتحصين الفوري للمؤسسات والمباني التي أصبحت في مرمى صواريخ القسام، وتركيب صفارات الإنذار والبث عبر جهاز الإنذار المبكر المعروف باسم "فجر أحمر".
ومع ذلك، أصبحت الذراع الإسرائيلية الطويلة عاجزة وعديمة الجدوى في مواجهة ابتكارات المقاومة المتتالية في مجال تطوير الصواريخ، أكثر من ذلك، أخذت الخارجية الإسرائيلية "يدها المقطوعة" وبدأت عملية استجداء لمساعدة دولية، من خلال حملة دبلوماسية قامت بها لوقف إطلاق الصواريخ.
وأقر العديد من التحليلات بعدم القدرة على التغلب على صواريخ القسام، ومنها ما قاله المعلق السياسي "بن كاسيت": يجب الوقوف بشجاعة أمام الحقيقة.. لا يوجد للجيش في هذه اللحظة حل حيال الصواريخ، فقط يمكن احتلال قطاع غزة والنتيجة عشرات القتلى الإسرائيليين، فقدان الزخم السياسي، العودة إلى الركود، فقدان الأمل، وبعد ذلك الزحف مجددا إلى الخارج حيال ضغط دولي.
فيما قال البروفيسور "ميشال فروند": آلاف الإسرائيليين يقبعون في بيوتهم بانتظار صاروخ القسام أن ينزل فوق رؤوسهم، ويخترق أسطح منازلهم التي لا تستطيع أن تقيهم المطر، يقول ضباط الجيش إن الصاروخ غير دقيق، حسنا، لكنه قد يصل رأسك!.
وبعد فشل كافة الحلول الأمنية والمعالجات العسكرية التي حاول ويحاول الجيش ابتكارها لمنع إطلاق الصواريخ، جاءت الحكومة بالحلول الاقتصادية المتمثلة في الوعود بتمويل مالي سخي للمستوطنات وخاصة "سديروت"، ورزمة الدعم الخاصة، والأفضلية الزائدة في مجالات الرفاهية والتعليم والصناعة والصحة والعمالة.
وفي خطوة تأتي في إطار ثني المستوطنين عن الرحيل عنها، وافق الكنيست بالأغلبية على مشروع قانون خاص يمنح سكان المناطق المحاذية لقطاع غزة تسهيلات ضريبية، تصل نسبتها 13%، باعتبارها من خطوط المواجهة، كما صادقت وزارة الدفاع على خطة متعددة الجوانب لتحصين البلدات في محيط غزة، بكلفة 50 مليون دولار.
ومع ذلك لم تفلح سلة الوعود والتسهيلات والمغريات التي أغدقتها الحكومة على المستوطنين في إرساء روح الطمأنينة لديهم، وإقناعهم بالمكوث وعدم الرحيل.
جاء ذلك على لسان أحد سكان بلدة "سديروت" الهدف المفضل لصواريخ المقاومة حين قال: حياتنا هنا تحولت إلى جحيم لا يطاق، لا يمكن العيش على هذا النحو، إننا لا نستطيع إغماض عيوننا طوال الليل، ونبقى نحملق طوال الوقت في السماء خوفا من مفاجآت القسام!.
ــــــــــــــ
*كاتب فلسطيني